وجه ٱخر

57 11 34
                                    

ذات مرة أثناء طريق العودة، حشر ألريك نفسه جانب أيدين متمشيا وانغمسوا في عدة نقاشات حادة كالعادة، فجأة سألها على نحو جدي:"ما هو حلمك؟ أو ماذا تريدين أن تفعلي في المستقبل".

نبست بعد أن تثاءبت وهي المرة العاشرة في طريقهم:"حاليا أن أنام". هي فهمت مقصده بالتأكيد لكنها آثرت الإجابة بتلك الطريقة.

"ماذا؟ أليس لديك أي خطط مستقبلية؟". نظر لها بخوف كأنه يرى شبح شخص توفي من الحرب العالمية الأولى.

زفرت بملل:"لماذا سأخطط للمستقبل بينما قد أموت بعد لحظة ولا أستطيع تنفيذ أي منها".

"غير معقول! وماذا إن عشتي؟ كيف ستمضين دون أي هدف".

"سأخطط لكل يوم بيومه، أرى ما المناسب وأنفذه". أجابت بطبيعية وعقله كاد ينفجر، إنغمس في التفكير عن كيفية تمكنها من البقاء بهذا الهدوء بينما ليس لديها أي فكرة عن خطوتها التالية، ألا تشعر بالأرض مهتزة أسفلها كما يحصل معه إن لم يرتب كل شيء، ألريك بالتحديد وجد الأمر غريبا لأنه شخص منظم إلى حد كبير، قبل أن يأتي أول أيام الأسبوع يكون قد وضع جدولا يقسم به وقته والمهام التي عليه إنجازها خلاله أو للشهر القادم أحيانا، منذ صغره فكر بمستقبله وقرر تخصصه المستقبلي.
"النظرة على وجهك تفضح أنك تمتلك خطة بالفعل، أو أكثر". سخرت وعيناها تجول على وجهه المصدوم.

تنحنح ينظف حنجرته:"طبعا، أريد أن أدرس الهندسة، تعلمين في بعض الدول أصبحت ثقافة استغلال المساحات الصغيرة منتشرة، منذ فترة فكرت بأنها ستكون حقا مفيدة إلى شعبنا، فنحن رغم إمتلاكنا عدة أراضي لكننا نتكاثر أيضا وقد نصل يوما ما إلى استنزاف كل أراضينا، بهذا يمكن استغلال مساحة صغيرة وإنشاء مباني بعدة طوابق وبشقق سكنية تسد الحاجات لكن لا تشغل مكانا كبيرا، هذا هو المجال الذي أريده، إنه شيء أحبه ويفيد أبناء جنسنا في الوقت نفسه".

لم تجدها فكرة سيئة، سألت بنبرة باردة:"أنت تتوقع أن تُرفض كثيرا أليس كذلك؟ فالأفكار الجديدة بكل الحقبات ومهما كانت فائدتها تعرضت لإنتقادت كثيرة وسخرية في بادئ الأمر، لكن لاحقا وصلت إلى نجاحات ساحقة في بعض الأحيان".

مجرد تجاوب أيدين مع الفكرة كان بمثابة مدح كبير بالنسبة إلى ألريك وقد أصبح معتادا على نبرتها الباردة التي تكتسحها حين تريد التكلم بجدية دون سخرية:"بالطبع والآن أصبحت متشجعا وواثقا أكثر".
لم تفهم ماذا يقصد لكنها حركت كتفيها بلا اهتمام.

عندما وصلت أيدين للمدرسة صباحا كانت أوليفيا منغمسة في إجراء تحقيق مع ريا عن سبب حزنها، قد بدت اليوم ذابلة جدا، إعترفت أنها تعاني بعض المشاكل مع أخيها الذي ما زال يضيق الخناق عليها أكثر فأكثر منذ الحادثة، شردت أيدين مفكرة، هل تذهب وتضربه أو تهدده؟ لم تشعر أن الأمر سينفع حيث لا بد أنه يتعرض للكثير من الإهانات والسخرية من حين لآخر لذلك يتعامل مع أخته بهذه الطريقة، مهما كان الوضع وتحت أي ظروف، الإهانة التي توجه لأحد أفراد عائلتنا تجرحنا أولا قبل أن تصل لهم، شعرت عند تلك النقطة أنها عاجزة وما من طريقة تتمكن من مساعدتها بها فنهضت بغضب تبتعد قليلا، جذب إهتمامها ألريك الواقف بالجهة الخلفية من فناء المدرسة، بدى كأنه يتبادل كلمات حادة مع سام وويليام، عندما انتبه لهم عدة طلاب ابتعدوا عن بعضهم لكن ألريك توعد لهم، رد عليه سام بأن يقابله بعد إنتهاء الدوام إن كان يجرؤ، ابتسمت بعدما وجدت أنهم بدؤوا يصبحوا ممتعين قليلا، لذا راقبت في نهاية اليوم بغية مشاهدة ما سوف يحدث، بطريقة ما لم يفاجئها ألريك عندما ذهب حقا إليهم لكن ما تعجبت به عدم إخباره أي من أصدقائه ولا حتى مايكل، بل ذهب وحيدا بينما كل من سام، ويليام وثلاثة آخرين كانوا متجمعين ينتظرونه.

أيدين-الشعلة الصغيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن