عودة

49 10 48
                                    

كلاود قفز عدة مرات يحاول التشبث بها حين كانت غاضبة، عندما لم تعره إهتماما اكتفى باللحاق بها بصمت طيلة الطريق، مشت إلى أن وصلت إلى الشاطئ القريب من مدينتهم، جلست تعانقه أخيرا وأخذ يمسح رأسه ببطنها ويفتح ذراعيه كأنه يحاول التخفيف عنها.
حدقت بالأمواج بحاجبين معقودين، الإنهاك اكتسح جسدها وعقلها الذي غرق في دوامة أفكار، جدتها التي لم تتخذ صفها، ذكرياتها المزعجة وتلك المرأة مع خبرها، هل كان عليها الظهور فجأة وإعلان أنها على وشك الموت؟  أخفضت رأسها متنهدة:"هل كل شيء يتآمر علي فجأة؟"

"تبدين كمجرمة هاربة حقيقية مع خروجك من المدينة والجلوس هنا هكذا". خرج صوت ألريك من العدم، تلفتت تراه يجلس جانبها بهدوء، أرادت لكمه وشتمه بمختلف أنواع الإهانات لكنها كانت أكسل من ذلك لذا زفرت تجر نفسها وتترك مسافة بينهما كإعلان عن عدم رغبتها بتواجده لكنه اقترب أكثر يحشر نفسه بها مبتسما.
ألريك كان يراقبها من بعيد إثر الحادثة، لم يعلم ماذا حدث بالمنزل لكنه رآها تخرج بصورة غاضبة كأنها تشاجرت مع جدتها، ظن أنه شيء على علاقة بالحادثة لذا فسر:"نحن ندرك أنكِ لست من الفاعلة وستظهر الحقيقة عاجلا أم آجلا لذا لا تنزعجي".

سخرت بلا مبالاة:"نظراتكم عنت العكس تماما، رغم ذلك لا أهتم".

حينها فقط ربط الأحداث ببعضها واستوعب، ألهذا كانت غاضبة منهم؟ سارع يشرح:"بالطبع لم نشك بك، كان الجميع مصعوقا من المنظر، ثم خفنا من أن تثبت التهمة عليك بعد كل المشاكل التي افتعلتها، لهذا كنت أخبرك دائما أن تنتبهي لأفعالك وأن تتوقفي عن التصرف بطيش".

"لا يمنكها إثبات شيء علي بتلك الحجج الغبية التي قالتها، ولا يهمني إن شككتم بي أم لا". قالت كأنها تخبر نفسها أكثر من إخبارها له.

شعر أنها لم تقتنع بما قال فاسترسل:"تعلمين أن ريا كادت تغيب عن الوعي بدما رحلتي؟"

حينها فقط استدارت تنظر له، أكمل:"إنها بخير الآن". 
تنهد يتأمل جانب وجهها:"كما أخبرتك سابقا، أنا أثق بك، لهذا السبب آمنت بأن تصرفتاك مع ألمى لها سبب، إني أبرر لك بعقلي دائما وأحاول إختلاق أي حجة للدفاع عنك حتى لو كان خطؤك واضح كوضوح الشمس، سوف أتخذ صفك لو اجتمع كوكب بأكمله على إدانتك، لو أتيت اليوم وادعيتي أنك من دفعها، كنت سأكذِّبُك وأبقى متمسكا بك، شخصا سيء أم جيد كنت ستجديني أدعمك دائما". بوتيرة هادئة تكلم ألريك ورغم صعوبة إعلانه هذه المشاعر، مع ذلك حين أنهى شعر بارتياح غريب، لطالما أراد توضيح مكانتها بالنسبة له.

أيدين استمعت دون اظهار ردة فعل إنما في داخلها تساءلت لماذا هذا الشخص المتمسك بمعاييره الأخلاقية وقواعده الذهبية يقرر حقا اتخاذ جانبها مع العلم بوجود عشرات الحجج التي تدفعه إلى كرهها، هل يتذكرها؟ في كل الحالات قررت أن تزيح هذا العبئ عنه فإن كان يتنازل عن سعيه للمثالية من أجلها يستحق أن يعرف الحقيقة على الأقل، كما أنها شعرت برغبة غير معهودة، رغبة إفصاح القليل عن ما بداخلها:"أتريد أن تعرف أسبابي حقا؟"
رغم تعجبه أشار بنعم فورا.   

أيدين-الشعلة الصغيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن