رسالة

44 8 75
                                    

"إن كان لديك الجرأة الكافية لمعرفة ما يحدث قابلينا في الغابة خارج الحدود متى ما أردتِ سنكون بانتظارك". الورقة على سريرها حملت جملة واحدة بلا أي تفاصيل أخرى والذي كان مُدهشا أكثر أنها ما إن وضعتها منتهية من قراءتها اختفت أثار الحبر عنها كأنه لم يوجد.
بغض النظر عن تحديها في الرسالة ما يجعلها مستعدة إلى رمي نفسها في بئر حتى، لن تؤجل عملا كهذا أبدا ففكرة أن أحدهم اقتحم خصوصيتها بكل وقاحة كانت تجعل كل قطرة من دمائها تغلي، وبرؤيتها مظهر باودر يستند جانبا كأنه يشاهد ردة فعلها بعد أن تقرأ الورقة تم دفعها بلا تردد أو تفكير ثانية أخرى.
غادرت المنزل دون إعلام أحد تسارع خطواتها بغية لقاء هؤلاء الحقراء الذين تشعر بهم منذ فترة يلاحقونها، لكن هل توقعت أن يصل الامر إلى هذا الحد؟ إلى داخل منزلها؟ قطعا لا.

نقلت أنظارها بين الشجر الفارع وسماء الليل التي بدأت تصبغ باللون الكحلي، إلى الآن لا أثر يدل على وجود أي شخص، تعمقت في الغابة أكثر ما يجعلها أبعد عن حدود مدينتها.
لاح أمامها هيئة ثلاث رجال بوشاح أبيض يغطي أكتافهم ورؤوسهم، عقدت حاجبيها وقد ساورها شك ما فورا عن هويتهم، إلا أنها لم تظهر علامات توتر وتكلمت بنبرة حادة:"أنتم من أرسلوا تلك الرسالة أليس كذلك؟"
عندما اقتربت منهم بان لها أجساد ثلاثة ٱخرون يبدون أصغر سنا يستندون على جذوع الشجر بشكل متخفي نسبيا.

"صحيح". اقترب أحد الرجال بصوت ودود، استرسل:"نحن وفد من شعب السحرة، نريد أن نطلب منك الإنضمام إلينا فنحن على علم بالشعلة التي تمتلكينها ونهتم كثيرا لها".
تصلبت أكتافها واتخذت خطوتين إلى الوراء تحافظ على تعابيرها الباردة.

استلم شخص آخر زمام الحديث:"يمكنك إعتبار الأمر كصفقة، سوف نعلمك تطوير قواكي إلى ذروتها، كما أعدك أنكِ ستجدين كل الحب والتقدير في كنفنا، نحن نحترم كل فرد يحمل ولو ذرة سحر واحدة ونعتبره فردا من عائلتنا، على عكس أبناء جنسكِ الذين نبذوك من صغرك والذين قد يعرضون حياتك للخطر بمجرد علمهم بما تملكين، معنا ستصلي إلى أعظم نسخة من نفسك وإن أردت يمكننا القيام بتعهد سحري بأننا لن نؤذي أي من عائلتك ومن تهتمين لهم".

ما لفت نظر أيدين من كلامه الكثير أمرين، معرفته بطفولتها بطريقة ما فقد أشار إلى معاناتها السابقة والشيء الثاني، الكذبة التي قالها، قرار منع تواجد الهجائن كان نابعا منهم بشكل أساسي، السحرة كانوا أكثر المصممين على تلك القواعد ثم اتفق الجنسان على تطبيقها وفرض عقوبة على العلاقات بينهم والآن هو يحاول إلقاء كل اللوم على مصاصي الدماء، إثر ذلك رفعت رأسها ببرود:"وماذا إن رفضت؟"

"لن ترفضي". أجابها بابتسامة تبدو لطيفة لكنها بالنسبة لها مثيرة للأعصاب.

ببطؤ أظهرت ابتسامة جانبية ثم تحدته:"سأفعل، لا أريد الذهاب معكم".

أيدين-الشعلة الصغيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن