الفصل الخامس عشر
اقترابهما هذا و شعوره المتدفق بالعشق النابع من أعماق قلبه و جوارحه... كل ما يشعر به الآن و ما تملكه يده منها يدفعه بقوة لأن يتشبع بها و يُشبعها به ليسقطا معا في بحر لا قرارة له تغمرهما مياهه و تُنسيهما ما مرا به من ماضٍ... بحر عميق عمق خاص يحجب عنهما العالم الخارجي و يساعده على حفر اسمه بداخلها كما حُفرت هي بداخله من أبد الدهر...
انفاسها السريعة لا تزال تسري كسريان المخدر في اوصاله... كلماتها الخافتة التي اختنقت في تجويف عنقه تكمل صورة حُرم منها منذ زواجهما... ضاعت همسته الخافتة في طيات شعرها الناعم الذي دفن أنفه به يشتمه بنهمٍ كبيرٍ... ارتجافها المحسوس بين كفيه يرسل فيه رعشة تخص قربها منه و لكن للأسف مضطر أن يخرج مما يتمتع به الآن ليرى ما سر هذه الرجفة الغير مطمئنة... همس جوار اذنها بخفوت يقول:
(ما بكِ؟...)زادت من تشبثها به بينما صوتها يهذي بكلمات سريعة مختنقة بسبب اخفائها لوجهها في عنقه... ربت فوق ظهرها برقةٍ و كأنه يهمس لعظامها همسا غير مسموع... رفعت وجهها قليلا عنه لتقول برعب ظاهر في صوتها:
(إنه هناك يا "معاذ"... جوار باب الحمام... كبير جدا )عقد حاجبيه دون أن يفلتها من بين ذراعيه و غصبا اتجهت عيناه إلى باب الحمام و تزامنت مع صوته المستفهم:
(من هو؟!...)تحركت داخل ذراعيه لتصل لجانبه بدلا من صدره ... متشبثة بقميصه بقوة تؤشر هناك بصوت خائف قائلة:
(صرصور يا "معاذ" كبير جدا... شكله مخيف و مقرف!)نظر لها نظرة طويلة بينما هي تتمسك به بكل قوتها... لو تفهم فقط الآن أي شعور تبثه في جوارحه بهذا القرب!... أزاح ذراعا واحدا منها يقول بنبرة مطمئنة:
(لا تخافي لن يؤذيكِ... أنها مجرد صراصير حقل)رفعت رأسها فجأة إليه لتتقابل الأعين في قرب الوجوه الشديد... و رغم كل خوفها الذي قرأه في عينيها الساحرة تمتع بهما... تمتع بنظرتها هذه التي لم ينلها من قبل... بتلألأ بنيتها بقوة لتنعكس بحرية داخل مقلتيه الرمادية... ابتلع ريقه بصعوبة قائلا:
(حسنا اتركيني كي أقتله...)هزت رأسها برفض تقول:
(لا تتركني أرجوك... ربما كان من النوع الطائر و هجم عليّ...)ابتسم غصبا من حديثها فأشاح بوجهه عنها كي لا تلمحه... قال بهدوء حازم بعض الشيء:
("ريهام" أنه مجرد حشرة يمكنكِ دهسها بقدمكِ... دعيني أقتله و نخلص من هذا القلق)
رفعت شفتيها تقول بقرف بينما تفلت يدها من قميصه:
(يا للقرف !!... هل ستدهسه بحذائك هذا؟!)نظر لحذائه البيتي قائلا بتأكيد:
(نعم...)ابتعدت من جانبه لتقف خلفه و كأنها تحتمي من وحش كبير ... قالت بصوت آمر:
(بعدما نتخلص منه اترك هذا الحذاء هنا لا تدخل به غرفتنا أبدا...)
أنت تقرأ
فوق رُبى الحُب(مكتملة)
Romanceرواية بقلم المتألقة آية أحمد حقوق الملكية محفوظة للكاتبة آية آحمد