الفصل الثالث و العشرون
أخبرتك ذات مرة أنه حينما أحب أمنح بكل ما فيّ... و حينما أكره أسلب بقوة كل ما كان ليّ... و إن كان قلبي معلقا بك فبيدي لا بيدك أفتت خلاياه و أنثره في هواء البرية بقسوة لأشفيه... شفاء تظن أنه سقم و لكن ما الذي إذا سقم الفؤاد يداويه؟!... فبحق يوما منحتك به الحياة لآخذن ثمن دمعاتي من نبض قلبك حتى أنهيه!... و أقف على رفاتك بأعين راضية فاليوم مكان رفاتي تأتيه!... تطأه قدمك ليس زائرا و إنما ساكنا و من ظلمة قبر الألم تسقيه... فإذا تشبع و اختلط بحبات الثرى مُنحت أنا راحةً عن كل ما عاشه رفاتي تغنيه... يا قاتلا جاء يومك فكن مستعداً فاليوم يعود الحق لمالكيه...
.......................................
عيناه تملكتها بنظرة متوسلة راجية... لم يفكر يوما أنه بعد عودتها يفقدها!... لم يشيء يوما أن يصور حياتها بعيد عنه... لم يعتقد يوما أن هناك ألم يفوق ألم فراقها كالذي يشعره الآن!... ملامحها التي تخشبت أمام عينه تنظر بها إلى "أدهم" جوارها... جسدها الذي يراقب لغته بتدقيق و يلمح الذهول ينضح من جوانبه... لا شيء بها يتحرك سوى خصلاتها القصيرة و التي تحجب عنه رؤية عينيها... فقط ليطمئن قلبه بأنها رافضة ما عرض عليها... فقط ليلمح ذكرى واحدة لهما تطوف بين جفنيها... فقط لتُشعره بأن طريقه ليس مسدودا إليها... اعطني حياتي و لا تكوني قاسية كما كنت أنا... لا تتركي يدي تماما و دعِ هذا الترابط الخفي المتهالك بيننا... لا تقتلي قلب تعلق بكِ رغم حقارته معكِ... لا يا "رُبى" ... أتوسل لكِ لا!!
(آه... آااااااااه)
صرختها المدوية دقت فوق رؤوسهم كناقوس الخطر... أجبرتهم أن يخرجوا من صدمتهم عنوة لينظروا جميعهم لها... تشبثت بيد زوجها بقوة بينما صوتها لا ينفك يعلو و يعلو بألم مميت... اتسعت عينا "مصطفى" بخوف فتحدث بصوت مرتعد عصبي:
(ماذا يا "ندى"؟!... هل تلدين حقا؟!)زادت صرخاتها العالية لتتمسك بكل قوتها في ذراعه ... تبكي بألم يعتصر جسدها بكل جبروت... صاحت ببكاء لم تفلح في السيطرة عليه تطلب المساعدة منه برجاء:
(أرجوك يا "مصطفى" ساعدني... أنا أموت من الألم)انتفضت "رُبى" من مكانها لتقترب منها بأعين شاخصة... لم تجرب ألم الولادة من قبل و كم مرة مرت عليها و هي ترتعد من فكرة تجربة هذا الألم... و لكن ببساطة حُرمت ممن كان سيمنحها تجربة كل هذا... توتر صوتها حينما خرج مهزوزا تقول بخوف:
("ندى" بماذا تشعرين تحديدا؟)اعتصرت كف زوجها بين يديها بينما ترمق "رُبى" بنظرات متألمة باكية فقالت بصوت صارخ:
(ألم... ألم رهيب أسفل بطني و أشعر برغبتي في دخول الحمام... و ظهري يتفتت أنا...)صمتت بصدمة حينما نظرت أسفلها لتجد بضع قطرات من الماء تتساقط ببطء و بعدها ازداد الأمر... صرخت بزوجها بقلق تقول:
(لقد ... نزل الماء!!!... "مصطفى" لقد نزل ماء ابنك أفعل شيء)
أنت تقرأ
فوق رُبى الحُب(مكتملة)
Romanceرواية بقلم المتألقة آية أحمد حقوق الملكية محفوظة للكاتبة آية آحمد