الفصل السابع

6.5K 201 3
                                    

الفصل السابع

يا صباح الخير يا اللي معانا يا اللي معانا...
الكروان غنى و صحانا و صحانا....
و الشمس أهي طالعة و ضحاها....
و الطير أهي سارحه في سماها...
يلا معاها يلا معاها ....
يا صباح الخير يا اللي معانا يا اللي معانا...

على ألحان أغنية أم كلثوم التي تداعب روحها و تشعرها بالحماس كل صباح... وقفت أمام مرآتها بزيها المدرسي و وجهها السعيد... دست دبوس الشعر داخل كعكتها الكبيرة في منتصف رأسها...ثم اتجهت إلى حقيبتها الثقيلة التي حضرتها من الأمس بسعادة كبيرة... عودتها للمدرسة و قبوله الغير مشروط بهذا أزاح حمل ثقيل من فوق صدرها... نظرت في ساعة الحائط لتجدها تؤشر على السادسة و النصف... ارتدت حذاء البيت الزحاف و هرولت للأسفل لتتناول الفطور الذي تدعو الله من ليلة أمس ألا يحتوي على أي لون أبيض!...

أنهى ربط رابطة عنقه بينما خطواتها الصغيرة الناعمة التي تقطع الممر بالخارج تلح عليه في رسم بسمة صغيرة فوق فمه... لقد تجهزت في الليل و تحولت مع أول خيط للصباح كفراشة رقيقة تحمل من النشاط ما يضاهي جمال أجنحتها اللامعة!...

التفت إلى الزوبعة الغاضية التي خرجت من الحمام للتو...وقف "مصطفى" ببنطاله القماشي و جزعه العاري يجفف شعره بنزق و كأنه يدفن وجهه في المنشفة... ألقاها بضجر فوق السرير ثم قال لأخيه الكبير بنبرة ناعسة:
(ما ذنبي أنا كي أفيق من فجر الله!!... كنت أمثل دوما أنني مريض كي توافق أمي بأن أتغيب من المدرسة حتى لا أفيق باكرا!...)

التقط "أحمد" ساعة معصمه من فوق الطاولة يرتديها قائلاً ببرود:
(في الاستيقاظ باكرا فوائد عديدة عليك التعود...)

جز "مصطفى" فوق أسنانه يقول بحنق:
(لا أريدهم اقسم بالله... دع أصحاب النشاط يحرزون هذه الفوائد و اتركني أنام ساعتين إضافيتين)

جذبه أخاه من ذراعه بقوة حتى استقام الأخير واقفا...قال "أحمد" يقر حقيقة:
(يا بني أفهم علينا الاستيقاظ باكرا معها كي لا تشعر بأنها غريبة أو وحيدة هنا...)

رفع "مصطفى" حاجبيه بدهشة ثم وضع يده في خصره العاري يقول بسخرية مازحة:
(من هذه التي تشعر بالوحدة هنا؟!... الفتاة ممتازة في التأقلم ألا تسمع صوت الست أم كلثوم يصدح منذ الفجر يجلجل في البيت كله؟!!!)

لاح شبح ابتسامة فوق ثغر "أحمد" فقال بصراحة:
(لقد اشتقت لصوت الراديو و فقرات الصباح التي تبدأ ببث القرآن الكريم و تنتهي بأغنية صباحية تنشر النشاط بنا...)

لوى "مصطفى" فمه و النعس يسأله أين السرير و لكنه تحامل على نفسه و ارتدى ملابسه يقول بمزاح:
( كانت أيام حلوة... العمل سلب منا الراحة للأسف)

ربت "أحمد" فوق كتف أخيه مؤكدا كلامه... رنين هاتف "مصطفى" جاء ليجلب معه تعجب "أحمد" ...لكن هذه البسمة المشاغبة الحلوة فوق فم أخيه الصغير أكدت له أن المتصل هي غصن الزيتون... لم تكف منذ الأمس عن إرسال الرسائل أو محاولة الاتصال... و هو يعيش دور الخطيب المجروح عاطفيا منها!... و في الواقع هذا الدور أعجبه بشدة...

فوق رُبى الحُب(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن