الفصل السادس عشر
رمضان أهلا مرحبا رمضان
الذكر فيك يطيب والقرآن
بالنور جئت وبالسرور
ولم يزل لك في نفوس الصالحين مكان
يتلون آيات الكتاب
وما لهم إلا بآيات الكتاب أمان
فظلامهم حتى نهايته سقا
وصباحهم من بدره إيمان
والسالكون سبيله أهل له
والناس فوق بساطه إخوان
يمشي الغني إلى الفقير بقلب ذا حب له
وبقلب ذا إحسان
إن يسكت الشيطان في نفسيهما صوت الضمير
تكلم الإنسانعلى صوت ابتهالات "النقشبندي" يتحرك الجميع في ساعات الفجر الأولى... يستعدون ببهجة و إشراق لاستقبال أول يوم في شهر رمضان... يتجهزون ليُحضّروا السحور و في قلوبهم تتبلور نفحة من نفحات الإيمان... فيه يزداد قلب المُسلم خشوعًا و بروحانياته تتجلى الرحمة و يُمنح الغفران...
بعدما ايقظتها "حنان" قبل قليل لتستعد للنزول حيث طاولة الطعام و هي تشعر بالتوتر... فقط ساعات قليلة تفصلها عن أول امتحان من الثانوية العامة!... قلبها ينبض بمعدل ألف نبضة في اللحظة الواحدة و عقلها يشت من كثرة التفكير... لقد تعبت طيلة أشهر الدراسة و اجتهدت و بعد ساعات معدودة سترى نتيجة تعبها... فتحت باب غرفتها بوجهٍ شاحب غزا اللون الأصفر عليه ليزيد من الإرهاق فيه... كانت متيبسة بشكل كبير و كأنها مسحوبة حيث وفاتها... لأول مرة لا تشعر ببهجة رمضان ... هذا الشهر الفضيل الذي تنخلع فيه من الدنيا و ما بها لتستوطن غرفتها تُصلي و تبتهل علّ الله يغفر ما اقترفته من ذنوب.... وصلت للسلم و قد وصلها أصوات الجدة و حماتها مختلطة مع صوت "النقشبندي"... سحبت نفسًا كبيرًا في محاولة لأن تبعد خوفها قليلا كي لا تقابلهم بهذا الوجه المتعكر...بعدما اقتربت منهن ابتسمت بسمة مرتعشة تقول بصوتها الخافت:
(مبارك عليكن الشهر)ابتسمت لها "دلال" تقول بصوتها العجوز:
(مبارك علينا جميعا... جعلنا الله ممن يغتنمونه و غفر لنا ذنوبنا)جلست فوق كرسيها ببسمة مرتعشة و بعدها رفعت انظارها حيث "سوزان" التي قالت بمحبة متضامنة:
(تبدين خائفة... سيقف الله جواركِ و يجبر خاطركِ إن شاء الله)اومأت لها بهدوء متوتر... غصبا كل عصب في جسدها يرتعش ... ساعات تفصلها عن حلمها الذي حلمته مرارا ... ساعات ستحدد مصيرها في المستقبل ... تنهدت بثقل و وضعت وجهها في طبقها منتظرة سكب الطعام... لكن صوته العالي نسبيا لفت انتباهها بالكامل... التفتت تنظر له بأعين مترقبة لقد كان مسافرا قبل أيام عند "أحمد" في المدينة الساحلية ... متى وصل؟!...
تقدم منهن "مصطفى" ليغلق هاتفه و يبتسم بسمة عريضة قائلا بينما يحتل مكانه:
(رمضان مبارك عليكن سيداتي...)تبادلن معه التحية و هي منشغلة تماما في التفكير فيه!... لقد مر خمسة و أربعون يوما و لم يعد بعد!!... خمسة و أربعون يوما و هو بعيد عن عينيها فقط يهاتفها كل يوم تقريبا يطمئن على حالها و يشجعها و أيضا يعتذر عن عدم تواجده في هذه الفترة المصيرية... لكن رؤية أخيه الصغير الآن دفعت كل الأمل المختزن بداخلها لتقول بلهفة عالية بينما تنظر حولها تبحث عنه:
(هل عاد "أحمد" ؟!!)
أنت تقرأ
فوق رُبى الحُب(مكتملة)
Romanceرواية بقلم المتألقة آية أحمد حقوق الملكية محفوظة للكاتبة آية آحمد