تلفت حوله.. لا يرى أحدًا وسط كل ذلك الضباب.. هرع يبحث عن النجدة في تلك المنطقة الفارغة المنقطعة عن الناس والأضواء.. سمع صوت خطوات مقبلة نحوه فالتفت سريعًا يهتف ملتاعًا: فيه حد هنا؟!ولكنه لم يجد أحد فأصيب بالإحباط وتسلسل الخوف إلى قلبه.. كيف انتهى به الحال هنا؟!.. ما الذي قاده إلى حيث هكذا مكان؟!
شعر بيد توضع على كتفه لينتفض جسده من الفزع ولكن طمأنه ذلك الصوت الأنثوي المألوف الذي قال:
متخافش.. أنت في أمان يا ساعيتصنم مكانه ولم يقوى جسده على الحراك حتى أنه لم يستطع الإلتفات لمن يتحدث وكأنه شُل.. فقط سمع المتحدث يقول بهدوء تردى صداه في الأرجاء:
متتخلاش عن رسالتك.. أنت لسة باقي في عمرك عمر.. دور كل ساعي فينا بيتلخص فإنه يؤدي رسالته.. ولما أنت تتخلى عنها.. يبقى الباقي في عمرك ملوش لزوم.. الباقي ملوش لزوم يا ساعيابتعد الصوت تدريجيًا ثم اختفى ليلتقط هو أنفاسه المسلوبة ولم يفهم ما قيل فصرخ بحيرة: أنا مش فاهم حاجة.. فين رسالتي؟!
لم يحصل على إجابة بل شعر بأطياف تحوم حوله ينظرون نحوه يهمهمون بما لم يفهم.. نظر لهم بضياع لا يعي عقله ما يحدث.. وجوههم مشوشة الملامح لا يعلم أ العيب فيهم أم في عينيه.. قالوا جميعًا على قلب رجل واحد في صوت أرجف كيانه: رسالتك لازم تعرفها لوحدك يا ساعي
التفوا حوله في حلقة يتمتمون بتلك الجملة يطوفون بسرعة جعلته يشعر بدوار شديد.. شعر بالألم الحارق في رأسه فصرخ: كفاية.. بطلوا.. بطلوا كلام! .. بطلوا كلاااام!
كان كل شئ يدور من تحت قدميه.. ولكن لبرهة شعر بأن صراخه صامت.. فقد اندثرت الأصوت من حوله.. الأطياف.. صوت الرياح الذي اشتد.. حتى صوته.. لم يعد مسموعًا!
كل ما هو مسموع هو تلك الصافرة العالية التي تثير الألم في رأسه والتي أجبرته على فتح عينيه ليجد نفسه طريح فراش غرفة سقفها أبيض وموصل به الكثير من السلوك المتصلة بجهاز تصدر منه تلك الصافرة العالية.. التقطت أذناه صراخًا مستنجدًا.. فنظر حوله بتعب يتفحص الغرفة عله يعرف مصدر الصراخ
اقترب صوت الصارخة ومعها لفيف من ذوي الرداء الأبيض يهرعون إليه.. يتفحصون الأجهزة المتصلة به يرمقونها مبتسمين بغير تصديق يحمدون الله.. في حين بكت تلك السيدة _التي كانت تصرخ قبل برهة_ بدموع الفرح
قال أحدهم لها باندهاش: مش ممكن دي معجزة يا مدام فريال.. دكتور عواد فعلًا حالته كانت حرجة جدا.. بس اللي قدامي دة بيثبت إنه كويس جدًا ويقدر يخرج خلال أيام!
ابتسمت فريال تمسح دموع عينيها تقول بامتنان وسعادة: اللهم لك الحمد.. اللهم لك الحمد
كل ذلك يجري وهو ما زال ينظر لهم ولا يتحدث فقال الطبيب له مبتسمًا: حمدالله ع السلامة يا دكتور
أماء هو يهز رأسه مجيبًا فخرج الجمع الغفير من الغرفة وبقت فريال التي اتجهت نحوه تعدل الوسادة من خلفه حتى لا تؤلم وضعيته غير المريحة جرحه.. تقول مهنئة بسلامته: ألف حمدالله على سلامتك يا دكتور.. أنت طولت في غيبتك أوي
تحدث أخيرًا يقول مضطربًا بصوت مبحوح ومتعب : أنا بقالي كتير هنا؟!
قالت حزينة: شهر.. شهر حصل فيه حاجات كتير أوي يا دكتور.. الدنيا اتقلبت عاليها واطيها.. عبدالقادر باشا حالته الصحية في النازل وكل مدى بتتدهور.. من ساعة ما عنود اختفت واللي جرالك والراجل صحته مش مستحملة.. دة غير البوليس اللي قالب عليهم الدنيا.. دول مش مديين البلاغ اللي اتقدم في عملوا فيك كدة اهتمام قد ما مديينه لعنود واللي معاها.. يا حبايبي حمالين آسية ربنا يفك كربتهم
نظر لوجهها الحزين باضطراب نفسي ولم يستوعب ما قالت فأردف بحيرة: هو أنا ممكن أسألك سؤال؟
أماءت بالإيجاب ولا زال الحزن على وجهها تردف: أكيد يا دكتور اتفضل
أعطته الإذن بالسؤال فصمت لبرهة ثم سأل بحيرة أكبر:
هو أنت مين؟!
________
صليتوا بينا ع النبي🖤
الفصل دة افتتاحي للرواية.. الجزء دة هياخد مجهود جبار أتمنى يتقدر 🤍
أنت تقرأ
الصفر والواحد والتسعة 2 (مكتملة)
Mystery / Thrillerبالرغم من سكوني التام الذي يجعل الناظر إلي يعتقد أنني جثة بلا روح.. بالرغم من إنغلاق عيني اللتين لم أفتحهما لمدة طالت حتى فقد ذويّ الأمل في نهوضي.. بالرغم من كم الضماد الذي يحجب دماء جرح صدري الغائر.. الذي مس قلبي بضرر جائر.. وبالرغم من كل المؤشرات...