32-حاضر مُعدَّل

122 21 0
                                    

وقفت تنتظره على بوابة الجامعة.. فلديهم الكثير لينجزوه اليوم بخصوص مناقشتها لرسالة "الدكتوراه"

أخرجت عنود هاتفها تتصل بعابد لتصلها الأخبار عبر إشعارات عما تصدر قائمة الأحداث الأكثر شيوعًا وهو:
"دخول شركات الجارحي في مزاد علني"

وعلى جانب آخر
كان جالسًا بهيبته المعهودة على مكتبه الفخم بأمريكا ينظر عبر الزجاج على السماء الصافية ذات الشمس الساطعة يحتسي قهوته ينظر في الساعة.. كان من المفترض أن تأتيه الأخبار منذ مدة ولكن وكعادة المنتظر دائمًا ما يأتي متأخرًا

فقد قرر منذ ثلاث سنوات أن ينفذ وصية سلوى بإنماء مشروعها ثم تصفية أملاكه في مصر والرحيل.. وها هو الآن يعرض ممتلكاته في مزاد عالمي ويترك مشروع سلوى الضخم تحت إمرة عابد وعامر

أتاه الطرق على باب الغرفة فأذن للطارق بالدخول لتدلف إحدى مساعداته تقول جادة بلغة أجنبية: سيد عتمان.. لقد تم تجهيز المزاد.. موعدنا الليلة

أماء عتمان مجيبًا يزفر براحة.. وأخيرًا حدث ما كان يخطط له.. وأخيرًا سيرتاح من عذابه

صرفها فخرجت مغلقة الباب خلفها بينما رمق هو تلك الصورة القابعة على مكتبه بحنين.. صورة سلوى.. الشيئ الوحيد الذي تبقى له منها.. شعر أنها تنظر له مؤنبة وكأنها تتهمه فابتلع لعابه الجاف بتوتر يقلب الصورة
ولكنه صُدم بما رأى.. إنها سلوى!
تقف أمامه بأعين مستنكرة!
كيف!

سمع صوتها يتخلل إلى أذنه تقول معاتبة: بتبيع ذكرياتنا.. عايز تتنساني يا عتمان!

تراجع بكرسيه يرمقها مصدومًا يردف: سلوى!.. أنت..

كتفت هي ذراعيها تبتسم بانزعاج تردف بهدوء: أنا ايه..

همس بشوق يكاد يقتله: وحشتيني.. أنت وحشتيني

_عتمان أنت ليه بتعمل كدة.. أنت عارف لما تصفي أملاكك في مصر هيحصل ايه
قالت هي معاتبة فأردف هو بتعب: هرتاح يا سلوى.. على الأقل مش هيبقى قدامي كل حاجة تفكرني بخيبتي في حياتي اللي باظت بسبب أقرب الناس ليا.. هنسى الوجع اللي في قلبي من يوم ما فارقتي

اقتربت سلوى تقول حانية: بس أنا مفارقتش يا عتمان.. أنا لسة عايشة.. عايشة هنا.. وهفضل هنا لحد مانت تجيلي

أشارت إلى قلبه قاصدة مكانها فأغمض عيناه لتسقط دموعه يزفر أنفاسه الثقيلة بحرارة ينفى قائلًا: مش هقدر يا سلوى..مش هقدر أرجع تاني.. مش هقدر أبدأ تاني.. أنا خلاص انتهيت

همست هي منهية: كل نهاية بداية جديدة يا عتمان.. وأنت عندك كتير.. أتمنى تفتح عينيك وتشوفه قبل ما تخسره بايديك

فتح عينيه بالفعل ليجدها قد اختفت فنظر حوله يبحث عنها ولكنها قد رحلت.. ليبتسم حزينًا يدرك أنه كان فقط يتوهم وجودها.. ليجلس على الكرسي يلتف به ليواجه السماء مرة أخرى يتنهد يعلم أنه لم يتبقى له سوى طيف لها في عقله فقط وفي قلبه أيضًا.

الصفر والواحد والتسعة 2 (مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن