~اليومُ الثّامنُ و العشرون~
أخذْتُ أتنفّسُ باضطرابٍ أمامَ بابِ البيت ، و بالي تجوبُه أفكارٌ تذهبُ و تعود ، بعضُها يخيفُني و أكثرُها يرعبُني ، و أقلُّها يحاولُ تغييرَ الدّفّةِ بشعوري نحو الاطمئنان.
و كلُّها خالقُها واحد ، ضوءُ سيّارةٍ يخترقُ النّافذةَ إلى رؤيتي عند منتصفِ اللّيل ، و ينطفئ بعدَ اقترابِه.
هناك قادم ، أخشى أن يكونَ أوليفيه ، و أشكُّ في أنَّه سيهون ، فَقَدْ كلَّمتُه قبلَ دقائق ، و قَدِ اعتذرَ عن إكمالِ الحديثِ لأنَّ لديه عملاً مستعجلاً ، و دون أن يحدّدَ ماهيّةَ هذا العمل.
طُرِقَ البابُ بعدَ هنيهة ، فرحْتُ أحاولُ استراقَ النّظرِ من النّافذة ، إلّا أنَّني و لحلكِ الظّلامِ ما تمكّنْتُ من رؤيةِ شيءٍ حاشى خيالاً أسودَ يتحرّكُ في الأرجاء ، و لن أستطيعَ تمييزَ شيءٍ فيه مُطلَقاً ما لم أخرج في إثره.
وقفْتُ وراءَ خشبِ البابِ مباشرةً ألملمُ شتاتَ شجاعتي و أطالبُ نفسي بها ، ثمَّ و بقوّةٍ نشأتْ من العدم ، قرَّرْتُ أن أسأل:_"من أنت؟"
_"هذا أنا دارسي ، سيهون"
كتمتُ شهقاتي بكلِّ قدرةٍ أمدَّتْني كبريائي ، و حاولْتُ التّعامُلَ مع الحماسِ الغبيّ الغريبِ الذّي شرعَ يجتاحُ صدري مُذْ نطقَ باسمِه.
'ما خطبُكِ يا غبيّة!؟'
خاطبْتُ نفسي أتعاملُ مع اضطرابِها ، و في النّهايةِ ازدردْتُ ريقي و تمسّكْتُ بمقبضِ الباب ، لا أعرفُ ما حدثَ فجأة ، لكنَّني بِتُّ أخشى أن يرحلَ عنّي و أنا مُذْ رأيتُ صورتَه أنتظرُ مقابلتَه_"كيف وجدتَ مكاني؟"
_"افتحي البابَ الآن ، نتحدّثُ لاحقاً"
بدأَتْ ذاكرتي فجأةً تستعيدُ وهجاً متعلّقاً بصوتِه لا بحضورِه ، أذكرُ أنَّني سمعْتُ صوتَه هذا ، غيرَ أنَّني لا أستطيعُ استعادةَ المناسبةِ أو الوقتِ الذّي سمعتُه فيه.
شددْتُ المقبضَ ببطءٍ شديد ، لحظْتُ أنَّ وتيرةَ نبضِ قلبي قَدِ ازدادَتْ على حينِ غرّة ، و هذا نذيرُ شرٍّ قادم.
ظهرَ خيالُه من وراءِ البابِ بعيداً عنه ، و لكن شيئاً ما اتّضحَ فيه ، إذ تستّرَ على دقّةِ ملامحِه ستارُ اللّيل_"ادخل هيّا"
تركْتُ البابَ مفتوحاً و ولجْتُ بسرعةٍ إلى الدّاخلِ أولي جهتَه ظهري ، لا أريدُ أن يريقَ اللّقاءُ الأوّلُ كرامتي ، كما لا أريدُ أن يظهرَ تلهّفي عليه واضحاً.
انتظرْتُ لوهلةٍ و ما أحسستُ بشيء ، فاستدرْتُ أبحثُ عنه ، ثمَّ عُدْتُ إلى البابِ إذ ما رأيتُ أحداً.
أصابَني القلقُ لأكونَ صريحة ، و بسببِه خرجْتُ من البيتِ أبحثُ عنه ، خفْتُ عليه فجأة ، خفْتُ مواجهةَ حقيقةِ أنَّه تركَني و غادر.
مشيتُ خطوتين بعيداً عن الباب ، و إذ بشيءٍ يسحبُني إلى الخلف ، صرخْتُ مذهولةً فأغلقَ فمي ، و هسهسَ بالقربِ من أذني يسكتُني
أنت تقرأ
أربعٌ وَ عِشرُون
Fanfictionمتوقّفة مُؤّقتاً أمامي أربعٌ و عشرون لأندمَ كما ينبغي ، أربعٌ و عشرون لأحلمَ كما أشتهي ، أربعٌ و عشرون لأُفاجَأَ حتى أكتفي و أربعٌ و عشرون لأستسلم.. أربعٌ و عشرون لأعيش .... الطّبيبةُ دارسي مارتن ، في مواجهةِ واقعِها و...