15

56 3 4
                                    

~اليومُ الثّالثُ و العشرون~

أوليفيه ، ميشيل ، سيهون ، و هوغو.
العناصرُ الذّكوريّةُ هذه في حياتي هي أكثرُ ما أفكّرُ فيه و أكثرُ ما يثيرُ قلقي ، و على الرَّغمِ من الفهمِ الشّائعِ المُتعلِّقِ بقوّتِها ، فأنا لا أرى من هذه القوّةِ إلّا كونَها قناعاً مخادعاً ، يخفي صاحبُه خلفه ألفَ ضعفٍ و مائةَ علّة ، و يواجهُ لأجلِ الحفاظِ عليه عشرين إعاقةً تحولُ ما بينه و بين الصّفاءِ و تمنعُه عنه.
كُنْتُ قَدْ عُدْتُ إلى منزلي يومَ أمسٍ برفقةِ طبيبي الحديثِ الحذق ، أعني الطبيبَ أوه طبعاً ، نظّفْتُه على نحوٍ حسنٍ  و رتّبتُه ، ثمَّ اتّصلْتُ بميشيل أسألُه لقائي في كوخي بعدَ يومين اثنين ، أي في يومِ غدٍ إذا ما تحدّثنا بصيغةِ الحاضر.
يُفتَرَضُ أن أعودَ و سيهون إلى الجبلِ نحضرُ ما بقيَ لنا هناك ، أهمَّ أغراضي ، سيّارتَه و لونا مساعدتي ، أسبقُ الذّكرِ لضرورتِه ، و أخيرُه لأجلِ الرّعايةِ بي و استكمالِ ما بدأناه.
أطفأتُ المُنبِّهَ بُعَيْدَ صدورِ أُولى رنّاتِه ، و أخذْتُ أُحِضّرُ جسدي لإعلانِ الاستفاقة ، يجبُ عليه في هذا اليومِ احتمالُ كثيرٍ من الضّغوطِ و الأعباء ، و كثيرٍ كثيرٍ من الهمومِ و الغموم.
حملْتُ هاتفي و أضأتُ شاشتَه ، فظهرَ إشعارُ رسالةٍ من أوليفيه ، رسالةٍ لا تحوي غيرَ نقطةٍ واحدة ، يسألُني بها التّواصُلَ معه دونَ أن يعربَ عن رغبتِه على نحوٍ واضح ، بتُّ أحفظُ حركاته.
تنهّدْتُ متضجّرة ، ثمَّ نفّذْتُ رغبتَه و اتّصلْتُ به ، و في أثناءِ انتظارِ أن أجابَ اتّصالي ، بتُّ أفكّرُ فيه على نحوٍ غريبٍ مباغت ، كرجلٍ و ليس كزميل

_"كنتُ أعلم!"

_"أوليفيه؟"

أنهى أوليفيه الاتّصالَ فوراً و دون تركِ شرحٍ لكلماتِه أو حتّى قولِ غيرِها ، فعلٌ جعلني أدركُ أنَّ قدري أمسى أمامَ واحدٍ من خيارين ، إمّا ألعوبةٌ يحيكُها زميلي هذا ، و إلّا فانتظارٌ فارغٌ لتوضيحِ خطأٍ قَدِ ارتكبه

.
.
.

طُرِقَ البابُ بعدَ انتصافِ الظّهر ؛ كُنْتُ أشربُ كوبَ الشّايِ في المطبخِ و أقرأُ أخبارَ اليومِ في موقعِ المدينةِ الإخباريِّ على الانترنت ، و لحظةَ سمعتُه نهضْتُ على استعجال ، لا أعرفُ السّبب ، لكنَّ حماسةً قَدْ أصابتْني.
فتحْتُ البابَ شيئاً فشيئاً حتّى أطلَّ من ورائه الطّارقُ و أنهى حماستي ، لا أميّزُ حقَّ السّببِ في أنَّه فعل ، لكنَّني أردُّه إلى عبوسِ وجهِه و إنهاكِه

_"ادخل أوليفيه"

استدرْتُ من فورِي و دخلْتُ قبله ، أخافُ أن يقدمَ على حركةٍ غبيّةٍ كما في المرّاتِ السّابقةِ التّي زارَني فيها و أنا وحدي ، و لذا تركْتُ ما بيننا مسافةً احترازيّة

أربعٌ وَ عِشرُونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن