~اليومُ الرّابعُ و العشرون~
صحوتُ على نداءاتٍ خافتةٍ صادرةٍ من وراءِ الباب ، مرَّتْ إلى خيالي بشكلِ ترانيمِ طفلٍ صغيرٍ بادئ ذي بدء ، ثمَّ استحالَتْ نداءاتٍ مُحبّبةٍ بصوتٍ قريبٍ إلى قلبي.
نهضْتُ ببطءٍ ريثما استذكرْتُ مبيتَ سيهون في الكوخ ، كُنْتُ فيما سبقَ أردُّ صوتَه إلى الأحلام ، ثمَّ و متأكّدةً من وجودِه توجَّهْتُ نحو البابِ أستكشفُ خطبَه ، و إذ به يقفُ أمامَ البابِ و يبدو عليه التّأهّبُ للمغادرة_"صباحُ الخيرِ دارسي"
_"صباحُ الخير"
عقدْتُ ساعديّ و وقفْتُ ساكنةَ المظهرِ أجهّزُ في خاطري كافّةَ أنواعِ الأقاويلِ و الحججِ لأنهالَ بها عليه إذا ما أبلغَني بأنَّه راحل ، من قسوةِ الجوِّ و حتّى باكرِ الوقت ، كلُّ شيءٍ سأحيلُه حجّةً و لو كانَتْ واهية ، فأنا و لوهلةٍ بتُّ أهابُ فراقَه ، ليس لأنَّني تعلّقْتُ به بسرعةٍ كما يبدو ، و لكن لأنَّ الوحدةَ باتَتْ قادرةً على قتلي أكثرَ بكثيرٍ من عللِ جسدي
_"جهّزي نفسَكِ بسرعة ، سنغادر"
_"نغادر؟"
_"ألا تريدين حضورَ عمليّةِ الطّبيبِ هوغو الأُولى؟"
رفعْتُ حاجبيّ متفاجئةً أحدّقُ فيه ، أطالبُه بشرحٍ سريعٍ و موجزٍ لما حدث ، فما نلتُ منه إلّا دفعةً بسيطةً نحو داخلِ الغرفةِ أغلقَ من بعدِها عليّ الباب ، حاولْتُ فتحَه من بعدِ ما أفقتُ لما فعل ، و إذ به قَدْ أوصدَه ، و احتجزَني رهينةً لتنفيذِ رغبتِه.
استسلمْتُ في نهايةِ المطافِ و رُحْتُ أنفّذُ رغبتَه ، و في أثناءِ كُنتُ أفعل ، بدأتُ أحاولُ استعادةَ ذكرى واحدةٍ تعينُني على استيعابِ بلوغِه معلومةً كهذه ، أعني رغبتي في حضورِ عمليّةِ هوغو الأُولى ، لكنَّني ما أفلحت.
أيُعقَلُ أنَّني بدأتُ أفقدُ ذاكرتي؟
تساءلتُ بشيءٍ من الخوف ، ثمَّ تغافلْتُ عن الأمر ، و رُحْتُ أختارُ ما يمكنُ أن أحتاجَه في يومٍ سأقضيه في باريس.
.
.حملْتُ حقيبَتِي الصُّغرى و سِرْتُ نحو الخارجِ أبحثُ عنه ، و بعدَ بعضِ تنقّلاتٍ أقدمَ عليها نظري في الصّالةِ وقعَ عليه ، كانَ ينتظرُني أمامَ بابِ البيتِ غارقاً انتباهُه في شاشةِ هاتفِه ، و وقتَما قربتُه رفعَ رأسَه إليّ ، و ابتسم
_"جاهزة؟"
همهمْتُ له مؤكّدة ، فانطلقَ يسبقُني نحو التّرّاسِ ينتظرُني فيه ريثما أوصدُ بابَ الكوخ ، و من بعدِ ما أنهيتُ سحبتُه نحو سيّارتي أرفضُ فكرةَ المجيءِ بسيّارتِه في الوقتِ الحاليّ ، فَقَدْ ركنَها بعيداً عن الأحراجِ في جهةِ الشّمالِ نتيجةً لتكاثفِ الثّلجِ في الطّريقِ الأصليّ ، و لو شئنا الإتيانَ بها فعلينا إطالةُ طريقِنا.
سلّمتُه مقعدَ القيادةِ راضيةً و دون مناقشات ، فنحن ذاهبان إلى باريس فقط ، لا أودُّ أن نضمّنَ المقبرةَ في رحلتِنا إذا ما عادَتِ الأعراضُ إلى جسدي.
شغّلَ أغنيةً من اختيارِه في مذياعِ السّيّارةِ من بعدِ ما وصلَ به هاتفه ، فرُحْتُ أستمعُ لها بفضولٍ أبحثُ فيها عن مباطنِ حُبِّه و إعجابِه ، وجدتُها من نمطٍ يروقُ من في العشريناتِ أكثرَ ممّا قَدْ يروقُ رجلاً مشارفاً على الأربعينات ، يبدو أنَّ داخلَه ما يزالُ يافعاً ، و يرفضُ أن يكبرَ و يسودَّ كما فعلَ داخلي مُذْ بلغتُ سنَّ النّضوج
أنت تقرأ
أربعٌ وَ عِشرُون
Fanfictionمتوقّفة مُؤّقتاً أمامي أربعٌ و عشرون لأندمَ كما ينبغي ، أربعٌ و عشرون لأحلمَ كما أشتهي ، أربعٌ و عشرون لأُفاجَأَ حتى أكتفي و أربعٌ و عشرون لأستسلم.. أربعٌ و عشرون لأعيش .... الطّبيبةُ دارسي مارتن ، في مواجهةِ واقعِها و...