21

69 3 4
                                    

لم يطل لقائي بالطّبيبِ ييشينغ كثيراً ، بَيدَ أنَّه بلغَ أن أوصلَ لي كثيراً عن شخصيّةِ هذا الرّجلِ المُميّز ، لديه حسٌّ فكاهيٌّ خاصّ ، و أسلوبٌ واثقٌ في إبداءِ الآراءِ إذا ما تطرّقنا إلى العمل ، طبيبٌ مُميَّزٌ حقّاً ، و على حسبِ ما سمعتُ و قرأتُ في الأيّامِ الماضية ، فهو أوّلُ طبيبٍ آسيويٍّ يطّلعُ على عمليّةِ زراعةِ الخلايا الدّماغيّةِ و يجري واحدةً تجريبيّةً في إحدى كليّاتِ الطّبِّ في كوريا الجنوبيّة ، لن يكونَ إلّا زميلي أنا من الآنَ و صاعداً ، لا يُهِمُّني أمرُ البقيّةِ إلى هذا الحدّ.
سأسبقُه و سيهون إلى غرفةِ ماريو كافيليا الطّفلِ المحبوبِ بحسبِ اتّفاقٍ مُحدَثٍ بين المذكورَيْن ، تركناه في مكتبِه و توجّهنا نحو مصعدِ الأطبّاء ، كدتُ أرى نفسي لوهلةٍ و أنا خارجةٌ من مكتبِي السّابقِ و حولي أربعُ طلبة ، ابتسمتُ و لوّحتُ في خيالي للماضي القريب ، ثمَّ تابعتُ طريقي أمام سيهون إلى المصعد

_"ما رأيُكِ بالطّبيبِ ييشينغ إذاً؟"

سألَ سيهون ما إن بدأَ يختارُ الطّابقَ لنا بوساطةِ لوحةِ التّحكّم ، ثمَّ استدارَ نحوي يبحثُ عن الإجابةِ و دون أن يضغطَ زرَّ البدء ، كُنْتُ لا أزالُ أبتسمُ آسيةً في إثرِ ما فقدتُ من نفسي و مكانتي ، و قَدِ استطاعَ رؤيةَ الابتسامةِ في آخرِ عمرِها ، سيحسبُني أسخرُ منه الآن على الأكيد

_"يعجبُني حقّاً ، لو أنَّني رأيتُه قبلما غادرتُ المستشفى لغيّرتُ رأيي"

غيّرْتُ الموضوعَ بسرعةٍ و أشحتُ بنظري لئلّا يلحظَ ارتباكي ، لم أرد إيضاحَ ما أشعرُ به حقّاً أمامه ، فأنا في نظرِه امرأةٌ من حجر ، أنا في الحقيقةِ كذلك أيضاً ، لكنّني أخابرُ في آخرِ أيّامي بعضَ العاطفيّةِ المُفرِطةِ لا أريدُ له أن يلحظَها

_"يعجبُكِ إذاً"

لفتَتْني تمتمتُه مجدّداً ، كانَ قَدْ ضمَّ ساعديه إلى صدرِه ، و أتاهَ ناظريه في أرجاءِ الأرضيّةِ و كأنَّه يتحاشاني أو يفكّرُ في أمرٍ مُزعجٍ ما ، غفلتُ في الواقعِ عن أنَّني أستفزُّه بهذا الكلام ، و لولا فعلتُ لزدتُ فيه ، يبدو الأمرُ مُضحِكاً إلى حدٍّ ما

_"أوّلُ طبيبٍ يجاريني في العالم ، كيف تريدُ ألّا يعجبَني؟"

رفعَ عينيه إلى وجهي بسرعةٍ مُخيفة ، و ظلَّ برهةً محسوسةً يحملقُ فيه على نحوٍ جدّيٍّ أرهبَني إلى حدٍّ ما ، أفلتَ من ثمَّ ضحكةً انفعاليّةً و استدارَ عائداً إلى لوحةِ التّحكّم

_"من يمشي وراءَ أوليفيه يستحقُّ أن يقعَ على رأسه"

'تماماً'
ردّدتُ في جوفي أدعمُ استنتاجَه المُتأخِّرَ ، رافقَني هذا الاستنتاجُ في كاملِ مراحلِ حياتي المُشتركةِ مع أوليفيه ، فهو جذّابٌ في رؤيةِ اثنين ، الخرقاواتِ و المشكلات

أربعٌ وَ عِشرُونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن