الفصل التاسع والعشرين

1.7K 54 0
                                    

تسابق الصغيران فى هبوط الدرج بصخب وصوت ضحكاتهم يعيد بعض من البهجة فى جنبات المنزل الصامت بحزن

أسرعوا نحو والدهم الذى عاد للمنزل مع أذان الفجر بعد أن اطمأن على والده بالمستشفى ورحل هو وأحمد السمرى لينالا قسط من الراحة قبل استئناف مهامهما

رفع فاروق رأسه يستقبلهم بابتسامة مرهقة، لم ينل سوى بضع سويعات من النوم لم توفى احتياجه للراحة لكن رؤيته لأولاده معاً تكفى لتمده بالسعادة والطمأنينة

منذ رحلت والدتهم وزادت علاقته بهم وقويت الرابطة بينهم، أصبح يرغب فى وجودهم معه فى كل مكان ليستمتع بضحكاتهم وشقاوتهم المحببة لنفسه

تقدم فارس وقبل كتف والده بحب واحترام فضمه فاروق إلى صدره وقبل رأسه ثم فعل المثل مع ياسين الذى جاء فى المركز الثانى عمداً بعد سباقهم القصير حتى يسعد شقيقه

حاوطوه فى جلسته الهادئة فى منتصف البهو وهو يتناول كوب من الشاى الساخن وبدأ ياسين الحديث ليطمئن على جده

:- كيف حال چدى يا أبوى ... بدنا نروح نزوره ونطمن عليه

ناظر فاروق ولده الكبير الذى يُظهر جديه ومثالية منذ صغره، فابتسم بوجهه بهدوء قائلاً

:- چدك بخير والحمدلله ... لما يسمحوا بالزيارة هاخدكم تطمنوا عليه

تبادل الصغيران نظرات ذات معنى بينهما ثم وقف فارس أمام والده مباشرة يقول بأسلوبه المشاغب والمحبب فى نفس الوقت

:- هو أنا دلوك مش بطل ومخطوف با أبوى

لوى فاروق ثغره بابتسامة ساخرة فيبدو أنه أمام قائمة من الطلبات الخاصة بصغيرة المشاغب، أتم شرب كوب الشاى الساخن فى يده ثم وضعه على المنضدة أمامه وناظر صغيرة وهو يستند بمرفقه على مسند مقعده وأراح ذقنه فوق كفه وقال بمكر ليختصر الطريق

:- اتفضل يا بطل .. طلباتك

أشار إلى صدره بكفيه الصغيرين وقال بمسكنة

:- دلوك أنا المخطوف وكنت بعيد عنيكم لحالى ولا بخوفت ولا بكيت .... وياسين هو اللى يجعد حدا أمى يومين ويبات فى حضنها كمان ... وأنا البطل ملحجش أجعد وياها ولا أبات حداها ... يرضى مين ده يا أبوى

أرخى فاروق جفنيه وتنهد بشجن ثم فتح جفنيه مرة أخرى، مازلت والدته تضعه فى موقف اختيار بين رضاها وبين قرب زوجته رغم جو السلام الذى بدأ يسود بين العائلتين ويبشر بصلح قريب ورغم ذلك مازال ينكوى أولاده بنار الفراق والشقاق الذى حدث بينهما

جاء صوت ياسين الهادئ يتساءل بحنين

:- ميتا أمى هتعاود الدار يا أبوى!!

التقينا فأشرق الفؤاد بقلم / إيمان سلطانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن