الفصل الخامس عشر

1.5K 83 5
                                    


بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل 15

قابلته رائحة عطِرة ما إن فتح باب الشقة استحسنها وسكنت لها خلجاته فتوجه باحثا عنها في المكان الذي ظن بأنه سيجدها فيها، غرفة نومهما لكنه لم يجدها هناك فاستدار متوجها إلى غرفة الجلوس بعد أن مر على المطبخ الخالي منها أيضا.

توقف على عتبة الباب مقطبا، يتابع ما تحاول فعله وقد شغلته عما جهزته على الطاولة الدائرية من تزيين خلاب بطقم أطباق متماثلة اللون والنقوش، طبقين مسطحين وآخرين عميقين للحساء ثم آخرين أصغر للتمر والبيض ثم طبقين آخرين صغيرين للزبادي حولهم حاملات شموع عطرية على شكل ورود ذهبية اللون متناسقة مع الطقم الأبيض المنقوش بزخرفة ذهبية اللون وحاملة أخرى أكبر على شكل وردة أيضا مليئة بأوراق الورود العطرية.

استغرب عبوس ملامحها بينما تذر ما تتعامل معه بمشقة كل مرة، ترفع يدها لتعيد خصلاتها خلفا، ولم يحضر البسمة التي يبدو عليه سيألفها سوى سرعة تحركها كالعادة أو ليكون أكثر صوابا بُطء تحركها.

نزع خفيه وتقدم ليقترب منها بينما يلقي السلام، فأصدرت صوتا ناعما من بين أسنانها وأرخت كفيها ترد عليه السلام وتشكو إليه بنعومة ورقة لا يظن بأنه رأى أو سمع مثلهما من قبل: عليكم السلام.. هذا الشيء قاسٍ ولا يعمل وكاد أن يجرح أصابعي، أظن أنه سيسبب لي كدمات براحة كفي.

ارتفع حاجباه بينما يلتقط منها الولاعة على شكل مسدس طويل رفيع وتأمله قليلا بينما هي تكمل برقة عابسة: كنت أريد إشعال الشموع لكنني لم أستطع!

حرك رأسه قليلا لينفض عنه انبهار وفضول دواخله بقربها، هذا الكيان الغريب والمختلف عما تعود عليه، ثم جرب تشغيلها وحين لم يستجب له ذلك الزر الذي يتم الضغط عليه أدرك بأنها مغلقة، ففتح الزر الأصغر تحت الولاعة ثم أشعلها لتتفاجأ بل تفاجأ كل شيء فيها، عيناها السوداوين اللتان فتحتهما على وسعهما وشفتيها اللتين تفارقتا عن بعضهما وجل تعبير وجهها المتسم بالذهول والذي تغير مرة واحدة لبسمة واسعة ملأت جميع قسماتها تعقب بانبهار وإعجاب لمعت لهما نظراتها بشعور أرضاه وملأ شيئا ما داخله لا يعرف التعبير عنه جيدا ليفهمه: شغلتها! أنت بطل!

اتسعت بسمته وحرك يده ليشعل الشمع بينما يرد عليها ببعض المرح المدغدغ لصدره: إنها ولاعة يا ليلى، لا تبالغي! لكن...

ثم تلكأ يكمل بعد أن وضع الولاعة على سطح الطاولة: شكرا لك.

:أعد قولها!

نظر إليها ليجدها تميل رأسها تسنده على راحة كفها بينما تتأمله بنفس النظرات التي تثير فيه إحساسا مغايرا لما يعرفه سابقا: شكرا لك؟

سألها، فأومأت ببطء بينما تجيبه برقة: اسمي!

دقق النظر بها فخجلت وأسدلت جفنيها تصغي لاسمها بنبرته الهادئة اللبقة : سيدة ليلى، الطاولة جميلة جدا.

سلسلة الأزهار و الزمن.. ج4 .. وجيب الريفان ..للكاتبة المبدعة..منى لطيفي ...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن