الفصل 17
:وصلنا.
أجفلت على نبرة السائق فرفعت رأسها تتلفت حولها لتكتشف بأنها وسط حيها، فلم تستغرب غياب وعيها التام عما حولها.
ما أصابها عظيم ولا تتخيل بأنها ستفلح في تجاوزه يوما ما، وفي خضم غفلتها وانشغالها بعظيم مصابها لم تلاحظ النظرات المتلونة والحائمة حولها ولا الهمسات المستهجنة المتوارية بين الألسنة الماكرة والخبيثة وقد قررت النفوس كالعادة ونصبت لها مقصلة لا ترحم تحت وطأة القيل والقال والخوض في الأعراض دون خشية من الرحمن ولا يوم الحساب.
-ريفان!
انتبهت لصديقتها سوسن التي تركت عربتها تهرول نحوها، لتسألها بقلق وحيرة وغضب لما يحدث معها: ما هذا الذي انتشر عنك في الانترنت يا ريفان؟ لقد صدمت حال رؤيتي للمقطع وكنت أتصل بك ولا تردين.
تشنجت ملامح ريفان وقد وعت أخيرا على وضعها فبدأت تنظر هنا وهناك تبحث عن المزيد من الخذلان وخباثة النفوس وما لم يروه ألعن مما قرروا الحكم عليها بسببه منذ الآن.
:كنت في العمل يا سوسن، عذرا لكن ما نشر ليس صحيحا.
على الأقل ما يريدون الإيحاء به للناس، فكرت ريفان بسرها وسوسن تجيبها بمؤازرة: طبعا ليس صحيحا، لكن لماذا؟ هل تدخلت في شأن أحدهم؟
هزت ريفان رأسها بلا معنى في نفس اللحظة التي أقبل فيها عليهما شقيق سوسن يخاطبها بغضب وملامح مستحقرة: سوسن إلى البيت حالا! لقد حذرتك من الاقتراب منها وأمرتك بقطع علاقتك بها... هل تريدين فضحنا بين الناس؟
التفتت إليه سوسن ترد عليه بعصبية وريفان منطفئة على غير العادة تراقب بصمت: لا تتدخل في حياتي وعلاقاتي، لقد كانت هذه صديقتي منذ الصغر ولم تكن رافضا حين ساعدتني وأمنت لي العربة لأعمل عليها!
تضاعفت عصبيته بينما يقترب أكثر ليرد عليها بسخط: عمل حقير يجعلك عرضة لمن هب ودب مثلها، لست في حاجة إليه فقد خطبت لرجل يستطيع سترك ولقد طلب منك بالفعل ترك العمل!
كانت سوسن ستجيبه بما يثير غضبه أكثر، تستهجن تلونه حسب مصلحته لكن السيد رجب كان الأسبق وقد توفع شجارا مماثلا، لذا راقب الشارع ومنذ مدة من نافذة شقته: اهدا يا حسين ما تفعله لا يليق، وانتبها فأنتما في الشارع.
لم تحرك ريفان ساكنا كأنها انفصلت عن العالم ولم تعد لها علاقة به، وسوسن تنظر إلى رجب تخاطبه بحزم: هل تريد مني ترك العمل لأنك تفكر مثله بأنه عمل حقير أعرض فيه سمعتي لما يشينها؟
بلع الرجل ريقه بينما يمسح على نصف رأسه الذي خف عليه الشعر، يجيبها بمهادنة علّه ينجح في إيقاف الشجار وتهدئة الأوضاع: بالتأكيد لا يا آنسة سوسن، الموضوع أنني أحب لزوجتي الراحة والتركيز على نفسها وبيتها لا أقل ولا أكثر، هل ترضين لي ترك زوجتي عرضة للعمل الشاق وأنا رجل أكسب رزقي بما يرضي الله؟

أنت تقرأ
سلسلة الأزهار و الزمن.. ج4 .. وجيب الريفان ..للكاتبة المبدعة..منى لطيفي ...
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتبة ممنوع النقل و الاقتباس وجيب الريفان * الجزء الرابع من سلسلة أزهار، أسأل الله تعالى أن ييسر لي ويوفقني إلى حسن الطرح والكتابة بما يرضيه واتمامها بخير إن شاء الله، وأهم ما في الأمر أن تكون مفيدة لقارئها. ☆الجزء الأول أشواك...