الجزء الأخير من الفصل الأخير

1.6K 89 4
                                    


الجزء الأخير من الفصل الأخير

بخطوات متمهلة توجه إلى غرفة عمته، إصابته تعيق من رغبته القوية بالتحرر من الألم والعودة إلى نشاطه المعتاد، لكنه أذكى من أن يتسرع بحمق ويسبب لنفسه أذى أكبر لذا يمنح نفسه مجالا واسعا للراحة والتعافي.

:روفّا، هل أنت مستيقظة؟

دق الباب الموارب بخفة فأتاه ردها قبل أن تظهر له بينما تفتح الباب تدعوه للدخول ببسمة محبة: أجل، أدخل بني... الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه.

نطقت الحمد بخشوع صادق تكرره منذ أن علمت بإصابته يوم عودته مع شبل من الجنوب، بكت كثيرا وبعدها سجدت لله شكرا أن أنقذه الله، فلا تتخيل فقدان أحد أبناء شقيقها عثمان ليس وابنها رحيل حي يرزق وتنتظر بلهفة أم عودته برفقة زوجها... زوجها الذي يتصل بها كل يوم ليؤكد لها قرب عودته بخبر يسعد قلبها ويعيد إليهما حياتهما المسلوبة منهما فينبض قلبها ببهجة مغايرة وفرحة عارمة تحيا على أملها بلقاء فلذة كبدها لتعتذر إليه عن تقصيرها بحقه حينها فقط قد يهدأ وجع قلبها ويسكن اللهيب المحرق بصميم فؤادها.

أجلسته على سريرها ليريح جسده ثم جلست جواره، تتفقده بعين الطبيبة ثم تلقي نظرة على جرحه جانب خصره، فتبتسم مستحسنة تعافيه تلهج بالحمد مجددا: الحمد لله الجرح في طور التعافي، سيكون كل شيء بخير إن شاء الله.

ابتسم لها برقة يعاملها بها دوما بينما يجيبها بلطف: لا تقلقي علي روفا، إنها فرصتي لأحصل على عطلة طويلة أرتاح فيها واستمتع برفقتكم.

اتسعت بسمتها المبتهجة بينما تجيبه: أنا لا أصدق يا فراس، أنت وعماد هنا وشبل أيضا ور... رحيل ابني حي وسيأتي به والده... أحيانا كثيرة أخشى أن أفرط في الاستسلام لسعادتي ثم اكتشف بأنها وهم...

دمعت مقلتاها، فربت على كفها يشاركها حماسها وخوفها، يتلهف لمعرفة اخبار عن رحيل وفي نفس الوقت يخشى أن يكون الأمر مجرد وهم كما تقول عمته، فيخفي خوفه ويبدي سعادته ولهفته رأفة بها: بما أن جعفر الأصيل قال بأنه سيأتي به فالأمر بات حقيقة وأنا متلهف مثلك للقاء به.

هزت رأسها تستفسر منه برجاء وملامحها تتلون بالشجن: هل سيسامحني يا فراس؟ هل سيغفر لي اهمالي له وعدم مراقبته طوال الوقت؟ هل سيغفر لي عدم سعيي للبحث عنه والشعور به حي طوال السنوات الماضية؟ أنا والدته ولم...

أمسكت بصدرها تتهم نفسها بما يفوق طاقتها، فسحب فراس يديها يضمهما بينما يبثها بعض الدعم النفسي: روفا اهدئي، أنت لم تقصري بحقه، بل اهتممت به جيدا ولعبه بالحديقة قرب المنزل أمر طبيعي يفعله جميع الأطفال وأهاليهم يأمنون عليهم، لم تعلموا نهائيا بأن هناك خطرا يهدد أمن أطفال العائلة، لو راودكم مجرد شك لاتخذتم التدابير اللازمة لحمياتنا جميعا... لا تجلدي نفسك روفا بما يفوق طاقتك وليس بيدك إنها أقدار وليس لنا سوى التسليم.

سلسلة الأزهار و الزمن.. ج4 .. وجيب الريفان ..للكاتبة المبدعة..منى لطيفي ...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن