الفصل التاسع عشر

2.1K 91 11
                                    


الفصل 19

رفض الطبيب منحه تصريحا للزيارة بأدب بعدما سرد عليه تفاصيل الإصابة و صعوبة إجراء العملية الجراحية لكسر عموده الفقري في الوقت الحالي بسبب النزيف الدماغي والذي رغم صغره وعدم احتياجه لتدخل جراحي مستعجل لكنه أفقده قدرته على الحديث حاليا، فعاد إلى صديقيه في قاعة الانتظار غير موفق في تحديد شعوره، مرتاح لأنه غير مستعد للقائه بعد أم قلقا عليه ويرغب بالتأكد من سلامته.... سلامته؟!

:كيف حاله يا همام؟

أجفله شبل الذي نهض عن الكرسي فتبعه صهيب ينظران إليه بفضول واهتمام، فأسقط ذراعيه إلى جانبيه، يرد عليهما: أصيب في رأسه وعموده الفقري وخيروه بين عملية جراحية بنسبة كبيرة من المخاطر بأن يتفاقم وضع النزيف الدماغي بسبب إصابة الرأس أو المعالجة مع نسبة لا بأس بها من أن لا يتمكن من المشي مجددا واختار العملية وللأسف ساءت الأمور وفقد القدرة على النطق وأصيب بشلل رباعي.

:شفاه الله وعافاه، إنها الأقدار وليس لنا سوى التسليم والحمد لله.

عقب صهيب بكلمات مواسية وشبل يهز رأسه بخفة يعلم يقينا ما يدور داخل صدر صديقه من أفكار ومشاعر: شكرا لكما، يمكنكما الانصراف، فأنا سأبقى إلى أن أراه ولن أغادر حتى الصباح إن شاء الله.

بدت ملامح صهيب مشفقة ومتضامنة بينما يربت على ذراعه ويعتذر إليه: إذا احتجت لأي شيء اتصل بي، عن اذنكما، السلام عليكم.

وغادر دون سؤال شبل إن كان سيغادر هو الآخر، متأكدا من أنه لن يترك صديقه.

تنهد همام بينما يجلس على أحد كراسي غرفة الانتظار، فنظر إليه شبل لبرهة قبل أن يجاوره ويشاكسه بقول مرح قد يفلح بالترويح عنه قليلا: أختك ووالدك في يوم واحد، سأبدأ بتصديق نكتة صهيب عن العين والحسد.

لوح همام بأصابعه دون رد يحدق بالفراغ أمامه، فتابع شبل بنفس المزاج الطريف الواجم: على الأقل المصائب تأتي مجتمعة ثم تمر بعواصفها وأنت على قدر المسؤولية.

حرك رأسه بلا معنى ثم رد عليه بوجوم: لا أظن ذلك.

قطب شبل جبينه ثم نظر إليه يتأمل ملامحه الجامدة ثم عبر عن ما يجول بداخله: أنت على قدر عالي من المسؤولية يا همام، لقد كنت أفضل مني منذ تعرفت إليك.

نظر إليه همام حائرا ومهتما بطريقة فاجأته بحديث صديقه الذي تابع بصدق وصفاء نابع من صميم قلبه: لو قارنا ظروفنا، عائلتي محيط داعم والحمد لله يدفع بي نحو الطريق المستقيم والتصرف برزانة وحكمة بينما محيطك كان يدفع بك نحو الجهة المعاكسة بكل قوة وإجبار، فقدت والدي لكن عمي كان حاضرا لدعمي بفضل الله وأنت فقدت والدتك وشقيقتك وتغيرت حياتك بين ليلة وضحاها ومع كل ما سبق ذكره كنتُ من يتصرف بحمق كثيرا خلال سنواتنا الأولى في المعهد وبعدها في العمل، ومرات عدة تهورت فيها أو تجرأت على أن أجرب التهور وأنت كنت تردني بتكشيرة وجهك دون كلمات كأنك تزدري تصرفاتي، فأتراجع خجلا من نفسي.

سلسلة الأزهار و الزمن.. ج4 .. وجيب الريفان ..للكاتبة المبدعة..منى لطيفي ...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن