الفصل السادس والعشرون

911 18 2
                                    


"26"

هو مستنفذ.. فاقد للتحمل تماماً، بالكاد يكلم أحد.. حتى عائلة سَكَن لم يستطع طوال الأيام السابقة التواصل معهم، مكالمة مريد جاءت كـ حد سيف بتر اللحظة

- لقيناها

- عايشة؟

لا يعلم كيف خرجت الحروف من شفتيه، خرجت في غضب.. في خوف.. في عذاب

ومريد يلاحقه قبل أن ينهار :

- عايشة يا ليث.. عايشة

لا يعلم متى ركض بالسيارة وكيف، كل ما يعلمه أنه تعرض لحادث!، فجأة تشوش كل شيء وحين خرج رجل من السيارة المقابلة ليتعارك معه وجد عينان كالدماء واختلال على وضع الاستعداد، حتى أنّه أمسك بتلابيبه وصرخ بحشرجة مقتولة وهو يدفعه على مقدمة السيارة فين سكن!

الوقت يمر...

يتذكر أن أحدهم ضربه بحجر على رأسه والآن هو في سيارة إسعاف بعد فقدان وعي!، انتفض.. شعر بصداع قذفه في خندق.. سأل أو لم يسأل لا يتذكر.. ترك السيارة وهرع نحو سيارته وأكمل طريقه.

رمقه مريد بصدمة وكأنه قادم من تجربة موت:

- حصل إيه؟

- هي فين يا مريد

- اهدى بس

- هي فين؟!

والزعقة فاقدة للاحتمال.. ممر طويل يهرول فيه بينما مريد ينص ما هو مطلوب

- الناس لقيتها مرمية على طريق مهجور، الحالة صعبة طبعاً بس الجسم مفيهوش حروق ولا كدمات..

ثم تنحنح مضطراً:

- مفيش اعتداء جنسي.. الطب الشرعي فحصها و...

قاطعه ليث بحدّة متعبة:

- مش عايز أسمع يا مريد

وفي عرف رجل رأى في مهنته كل ممكن تابع مريد بإصرار:

- لا لازم تسمع وتعرف..

ثم زفر مُكملاً:

- هي فاقدة النُطق.. أنا باتصالاتي نقلتها مستشفى دكتور عاصم هنا علشان تبقى تحت رعايتهم وحراستنا

وهنا بدأ صوت مريد يغيب تماماً كصافرة جهاز إنعاش رجل يرحل،في عينيه الثائرتين ألف قصة وقصة، وفِي عينيها الغائبتين وجع!

سكنه.. سكناه.. ممددة على فراش مشفى وكأنها بين موت وموت!، جسد هزيل ووجه امتلكه شبح..

كأنها توقفت عن الحياة ولكنها حيّة!

آخر كلمات مريد تشتت فور رؤيتها، ركض والركض هنا فاجع جائع.. رفعها في عناق ملهوف، وكأنه يلتهمها في عناق، كان يتنفسها.. أنامله ترتعش ببطء فوق جبهتها.. شفتاه تقتربان ببطء وكأنه يخشى كسرها، عيناه في ضعف.. ضعف تام لا يصدق عودتها إليه.

قولي أحبك.. الموسم الأول بقلم مروة جمال ومنة القاضي *مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن