الفصل التاسع

932 29 0
                                    

"9"

جسد أنثوي داخل منامة بيتية خضراء مرسوم عليها قشور البطيخ، ورأس صغير تحت خصلات مشعثه كالكارثة، ورجل ضعيف البنية يركض قبل أن تقفز فوقه كطرزان وهي ممسكة بيدها مقص ضخم وهو المستخدم في قطع النباتات وتصرخ في صوت لا يمت للأنوثة بصلة:

⁃ حجِزّ رقبتك يا لؤي!

ابتسامة خفيفة ارتسمت على شفتيه وقد تصور نفسه أحد رواد الكوليسيوم وهو يشاهد أحد مباريات العراك بين سردينة مجففة ووحش!

ضاقت عيناه وهو يتأملها بهمس عابث:

⁃ إيه الوحش ده!

المشهد لم يكن ليمر من تحت ناظره مرور الكرام، في لحظات كان قد قفز من الشرفة القريبة من الأرض بقدر يسمح له ثم تخطي البوابة الصغيرة للفيلا ليجدها ما زالت واثبة فوق جسد المسكين والمقص يكاد يكون ملتفاً حول عنقه وعلى ما يبدو الرغبة في قتله تتدفق لا إرادياً قبل أن تزعق بخشونة:

⁃ ملوخية إيه اللي وحشة!

لم يستطع أن يكبح لسانه فقال بزعيق ساخر:

⁃ حلال الله أكبر

كلاهما رفع رأسه نحوه في لحظة واحدة، بدا الصغير كالمستنجد بينما هي نظرت نحوه شزراً بمنطق ذبيحة أخرى تستحق، اقترب من كلاهما بخيلاء ثم قال بنبرة استفزازية:

⁃ اهدي يا مدام ملوخية ايه بس اللي حتخسروا بعض عشانها.

رمقته كأنه لا شيء قبل أن تستقيم فجأة وبحرفية ظن للحظة أنها اجتزت عنق المسكين بالفعل أطارت رقاب الزهور المسكينة قبل أن تلقي بالمقص أمام كلاهما وتهذر بانفعال سريع:

⁃ ماشوفش وشك تاني.

لؤي يبدو ضعيف الشخصية، أحمق في ظل امرأة أقوى منه، تلك المرة نال خاصية التأمل، فالوجه لطيف ناعم الملامح لا يشبه الأنثى المختبئة خلفه، الجسد متناسق بامتلاء أكثر من جيد في عين رجلٍ خبير، ولؤي على الأرجح ليس زوجها فقد انصرف في خضوع!

لم يكن هو ينوي الانصراف فالمشهد ما زال يمتلك لذة تثير فضوله، تتبع حركتها السريعة بعينيه وهي تحضر كيس ضخم لملمت فيه بقايا الورود قبل أن تحرك رأسها نحوه لتقول باستهانة تامة:

⁃ وإنت ايه اللي موقفك هنا؟ مستني التروماي.

مط شفتيه بابتسامة ساخرة:

⁃ ياااااه ده التروماي ده اتلغى من أيام الاستاذ كمال الشناوي ما كان بيشقط شادية، أنا الحقيقة مستني الملوخية.

دون إن توحي ملامحها بأي تعبير تابعت وهي ترمقه وكأنه كائن غريب:

⁃ اااه إنت جاي تشقط الملوخية.

وقبل أن يلهمه لسانه بـ ردّ ولا ينكر أنه رفع حاجبيه إعجاباً بسرعة اللسان القاذف للـ اللهب الذي سيقطعه لها بطريقته الخاصة تابعت وهي تعود لمنزلها بالبيجامة البطيخية:

قولي أحبك.. الموسم الأول بقلم مروة جمال ومنة القاضي *مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن