الفصل الرابع والعشرون

1K 22 4
                                    

"24"

جالساً ببوهمية عبثية.. رافضاً للواقع ومتوسلاً للخيال!

ساقاه مفرودتان أمامه بلا قدرة على الحراك، شفتاه باردتان فوق لفافة تبغ غير مشتعلة يلجأ لها فقط حين التوتر.. الغضب.. الاحتراق!

الأرض تحته باردة عفنة والجدران رمادية ممتلئة برسومات ونقوش لبائسين كانوا هنا قبله

ظالمين أو مظلومين..

وهو...

هو في قاع البوتقة

امرأته تلاشت.. فقدها بلا منطق!

عروس البحر التي أيقظت ظُلمته، التي نقشت صورتها في قلبه، صغيرته.. ضوءه الذي اختطفه أحدهم.

هي سُكناه الذي رحل

هي ملجأه الذي زال

هي لحظته التي بُترت

هي سعادته التي قُتلت..

هي أصل اللوحة وتفاصيل اللحن ومذاق القُبلة.. قبلها لم يكن يعلم أن للقُبلات مذاق

لم يكن يعلم أن للعبق دفء

أن لـلهفة مكان في قلبه..

قبلها كانت حياته حرب باردة وطلّت هي بالسلام.

ضرب رأسه في الجدار بعجز.. بغضبٍ مكتوم.. برغبة قاتلة في فوهة سلاح.. بسواد مقهور يحيطه كالتموج.. بسرمدية جحيمية عذابها ممتد

عذاب لن ينتهي سوى برؤيتها

وغليل لن يُشفى سوى بالقتل.

حرّكة الباب نبأته بقدوم مريد، مريد الذي تنفس بضيق وبدا وكأنه يبذل جهداً في إتمام عبارته:

-مش هو اللي عملها يا ليث

وفوق الحطام دهس مضطراً:

-أنا مشيته

-برافو!

قالها ليث بنبرة كالظل، غضبٌ من فورته مات مقتولاً. قالها كمن تلقى لتوه قبضة مؤلمة في معدته، وجانب عنقه.. وظهره حتى انكسر.

همّ مريد يُكمل بحدّة:

-مش حضيع وقتي معاه يا ليث، الأهم نجيب اللي عمل كده ونعرف هو مين

بقلب مثقوب خرجت كلماته:

-في دماغي الف فكرة كلهم أسوء من بعض..

إنت عارف إني مش حرتاح لما تقولي انه مش مهند، يا ريته كان مهند على الأقل ده كان تحت أيدي.

ثم تابع بوجع تام:

-دلوقتي انا في دماغي كل مخاوفي.

هي عايشة ولا....

حدّ لمسها..

حدّ آذاها..

ضرب رأسه في الجدار مجدداً وبغضب العالم كله:

قولي أحبك.. الموسم الأول بقلم مروة جمال ومنة القاضي *مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن