الفصل العاشر

1K 29 2
                                    


"10"

عُزلة باردة..

كان هذا هو التعبير الأنسب للمساحة الواسعة أمامها، جدران خشنة الطلاء بلون وجه قهوة باهت، ألواح رسم مصفوفة في أركان متعددة ومغطاة بشراشف بيضاء وكأنه موطن أشباح، ركن آخر به أدوات رسم وحامل لوحات ومقعد وجرامافون!

أجاب بابتسامة بائسة حتى قبل أن ترمقه بنظرة دهشة:

-كانت هديتي ليها، أصل أنا كنت كلاسيكي ممل

نطقها بزفرة رجل يكره أخطاءه ثم تحرك بخطوات متسارعة لركن آخر به خزانة ضخمة فتحها على مصراعيها:

-أعتقد هنا حتلاقي كل اللي تحتاجيه وأي حاجة تانية أكتبيها في ورقة وابعتي السواق يجيبهالك

حروفه تمر ببرود عملي، لم ينظر نحوها.. بدا غارقاً في ذكريات أليمة، ليث آخر لا يريد أن يتذكره.

تابع ببرود جاف:

-أنا أخدت منك دفتر رجعتهولك مرسم كامل.. بس مش علشان أعوضك لا.. علشان إنتِ موهوبة بجد

جاوبت أخيراً،

جاوبت بعد أن ظنت أن الصمت ابتلعها..

جاوبت بحروف أُنثى ولم تكن غيرة لا.. كانت حنكة لا تحتاج إلى تفكير:

-وهي كانت موهوبة؟

أي مار بالسرد سيوقن أن المكان كان يخص امرأة..

امرأة تنتمي له!

رد بانفعال متوازن مشتتاً حزنه:

-كانت... كده كده هي مش موجودة دلوقت

ابتلعت ريقها في صمود وإصرار تلاه فيما بعده من حروف:

-هي مين؟

رد باتراً:

-حتفرق معاكِ في إيه؟

جاوبت بنفس الصمود الهاديء:

⁃-من حقي أعرف أنا باستخدم مرسم مين

استدار بملامح جامدة:

-حالياً هو بتاعك إنتِ، كل اللي باقي منها ذكرى في اللوحات المركونة دي

ثم انفلتت منه عبارة عاطفية رغماً عنه:

-جميلة كانت بتسيب جزء منها في كل لوحة

وبعزم غريب واجهها، بعاطفة سوداء تمكنت منه وقلب مشتت قد يرتاح في الهروب:

-جميلة؛ حبيبتي، ومرات مُهنّد!

***

دعونا نبدأ الحكاية، بسرد جديد.. وحبكة لمن يهمه الأمر!

هل هي مجرد امرأة في مدار رجل، أم روح تستحق مدارها الخاص..

سكن تتحمل!

لا.. بل سكن تركض!

دوماً ما أرادت الهروب من هذا العالم، دوماً ما اختنقت بجدران الصندوق، والصناديق يا أعزائي أنواع..

قولي أحبك.. الموسم الأول بقلم مروة جمال ومنة القاضي *مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن