الفصل الرابع

1.1K 26 3
                                    


"4"

الحياة تحمل خطورة مُعقدّة، لا يدركها سوى من اكتوى بألمها.

هل يجوز أن تطلق عُصفوراً في غابة من الذئاب، واذا امتلك العصفور الحماقة ليخسر نفسه فتلك المرة هو لن يسمح بالفقدان!

تركها وغاب، وضع فرماناً قاسياً بالعُزلة، لا خروج من المنزل.. ولا زيارات!

كان يعلم أنها عنيدة بما فيه الكفاية لترضخ!

نعم.. فالمعاندة الروتينية ستمثل اعتراض زاعق.. تشتيت أوامر.. أما هي لا، فعلتها وكأنها تقول له بعينين ثابتتين هذا لا شيء.

مرّ شهر كامل، حادثها بهما ربما ثلاث مرّات كانت الحوار فيهما بين غريبين فتوقف عن الاتصال، أمّا هي فببساطة كانت أسعد!

هو لا يعلم عنها كثيراً، لا يعلم عنها شيء..

سكن تتحمّل!

وسكن تفضل العُزلة، ترتاح مع كوب شاي صباحي وقلم فحمي هو ثروتها ودفتر رسم أبيض، ترسم خيالها.. أحلامها ربما، ترسم وترسم وترسم فتملأ عُزلتها بشغفها.

في البداية كانت تشعر بالضيق من وجود مفيدة، فهي امرأة صارمة غادرتها الابتسامة منذ زمن.. لا تتحدث معها تقريباً سوى بالعبارة المعتادة عن موعد الطعام، تقدم لها رفاهية لا تعتادها مثل العصير الطازج دون موعد، تجهيز الحمام، ترتيب خزانة ملابسها والحرص على وجود المياة الباردة والأزهار صباحاً على الكومود.

ابتسمت ساخرة وهي تدرك أن مفيدة أجمل ما في زيجتها!

حتى جاء صباح أصابها الملل، أخذت دفترها المنغمش بخطوطها الصباحية وتحركت بعفوية نحو المطبخ وهي تقول بتردد ما زال يرهب العجوز:

⁃أنا عايزة أعمل الغدا النهاردة

قالتها فجأة، بدت متحفزة وحائرة ولديها شعور ضخم بالغربة رغم أنها سيدة المنزل.

تنهدت مفيدة ولأول مرة تلمح منها شبه ابتسامة شبيهة بالشفقة قبل أن تردّ بأدب هاديء:

⁃حضرتك مش محتاجة تقوليلي، ده بيتك

بدت الكلمة حقاً غريبة، بيتها!

في زيجة طبيعية منزل وزوج ومائدة طعام محروق مباحة لعروس جديد وطفل مُنتظر.

راحة.. والأهم حرية!

تلكأت عيناها جوار أفكارها بينما لاحقتها مفيدة بالكلمات:

⁃هنا في أغلب اللي تحتاجيه ولو محتاجة حاجة تانية أبعت السواق يشتري

⁃شكراً أنا حاتصرف

ردّت بتعجل هاديء بينما انسحبت مفيدة لتقوم بترتيب الطابق المحظور كما أصبحت تطلق عليه، الطابق الغير مباح لها دخوله..

قولي أحبك.. الموسم الأول بقلم مروة جمال ومنة القاضي *مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن