الفصل الرابع و العشرون

89 4 0
                                    

هندمت خُصلاتها بتوتر لتأخذ حقيبة يدها قائلة:-
_انا أتأخرت ،لازم أمشي

نهض من على المضجع لـ يغلق الباب وهو يهتف بشئٍ من الجديه:-
_عودي نفسك يا نهلة أما تدوسي ف حاجه تكمليها للأخر.
تفوه بها وهو يتجه نحوها و بالفعل أكملت معه مسار خطيئتها لينتهي بها الأمر بتناول جرعتها المخدرة بعدما تركها ليأخذ هاتفه ،شعر بإختلال توازنها ف هتف:-
_نهلة كفايه كده ،قومي روحي يلا

نهضت لتترنح خُطاها حتى أنها إكتفت بإرتداء ملابسها دون أن تُهندم خصلاتها أو ثوبها خرجت إلى الرواق ف خلعت حذائها العالي من جديده و أكملت السير إلى الخارج عارية القدمين تمسك حذائها بيدها ،لم تقف لها سيارات الأُجرة ف كانت حالتها المُزرية كفيله لـ شرح ما هي عليه من ثمالة ،تتداخل الصور أمامها و يصعب عليها الرؤية شئٍ ف شئ ،ضربات قلبها المُضطربه و اللون الازرق الذي حاصر شفتيها ،سقطت بمكانها و إلتف حولها قلة من السائرين نظرًا لذاك الوقت المُتأخر ،هتف أحدهم بحزم:-
_نطلب الإسعاف محدش يشيلها يا جماعه

___________

طرقه الباب كاد أن يكسر اخشابه الواهيه ،وثبت لتفتح له بذُعر ليدلف وهو يصيح بها:-
_نايمه و تليفونها مقفول ها ،فين مراتي يا غفران

نظرت لساعة الحائط خلسةً لتجدها الثالثه صباحًا ، فَـ عاد نظرها إليه مُتمتمه بنبرة متقطعة:-
_هي نزلت اتخانقنا ونزلت

إقترب منها ليمسكها من معصمها قائلًا بـ توعد:-
_إنتِ عارفه إني هعرف بطريقتي.

_سابت رسالة وانا ف الشغل عشان اقولك كده ،ماشوفتهاش النهارده.
تفوهت بها غفران و هي تلهث من الخوف لتنتهي وهي تزدرد ريقها بصعوبة ريثما إحتقن وجهه فَـ رمقها بغضبٍ و رحل ليوصد الباب من خلفه بـ قوةٍ أرجفتها ،إستقلت على الأرض بمكانها أثناء إعتلاء نشيجها بشكلٍ ملحوظ ،خائفه على ما سيُصيب شقيتها فوق ما قد أصابها بالفعل ...

___________

حقيبة يدها قد أفصحت عن هويتها بسهولة لكن كانوا بحاجه لرقم هاتف لـ يبلغون عن الحادث ،رفضت الإسعاف نقلها لأن الحياة تخلت عنها و روحها تجردت منها هاجره إياها بنفسٍ غير راضية ،غطاءٍ ابيض قد وضعَ عليها بعدما إنتهى الطبيب من فحصها و أكد أن نبضاتها قد توقفت بشكل نهائي، و عندما جائت الشرطة فور إطلاع إحدى الضباط عليها تمتم بنبرة واثقه:-
_دي تبقى مرات شريك شاهين ابو الوفى شوفتهم ف حفله تخص شركته.

ليُجيب زميله:-
_طب كويس ،أوصل لحد من أُسرتها عشان نكمل إجراءات.

إبتعد قليلًا ليُخرج هاتفه من أجل الاتصال بـ شاهين و بقيا الآخر مع باقي طاقم العمل يُتابعهم وقد منعو الإقتراب من جُثتها ...

________

يغمره النوم العميق بجانب زوجته التي لازالت مُستيقظه ،رن هاتفه برغم خاص فَـ إستيقظ على صوته ليُجيب بتثاقل بنبرة ناعسه:-
_ايوه انا ،خير

_زوجة فؤاد شريكك توفت overdose ، أستسمحك في رقم زوجها من فضلك.

شاهين بهدوء:-
_تمام اقفل يا فندم و هتلاقيه ف رساله دلوقتي
أغلق الخط لتتسائل زوجته عن المُتصل قائلة:-
_خير مين ده و عايز ايه.

_نهلة أخدت جرعة مخدرات زايده.
تفوه بها بهدوء بعدما تلاشى النوم من عيناه ريثما أطالت النظر إليه بلا إستيعاب و من ثم تسائلت:-
_طب ما تاخد و إحنا مالنا.

إستوقفت نفسها بعدما أدركت كلماته لـ تُردف بنبرة مُرتجفه:-
_قصدك حصلها حاجه.

ضمها إلى صدره وهو يتنهد و يمرر يدها على خصلاتها لـ يقول:-
_تمارا أهدي إحنا مش ف إيدنا حاجه.

بكت بكل طاقتها ولازال يُمسد خصلاتها لتُتمتم أثناء بُكائها:-
_فكرنا أما نبعد عنها كلنا هتفوق يا شاهين ،راحت خلاص كده.

لم يتفوه بكلمة فقط أراد أن يُهدئ من روعها دون جدوى ،ف ظل الوضع على ما هو عليه بجانب أخذه للهاتف لـ يُراسل المُتصل السابق برقم فؤاد و من ثم قد أغلق الهاتف و وضعه جانبًا ريثما إعتدلت هي لـ تهتف بلهفه:-
_طب غفران ،لا لازم أبلغ غفران دي ملهاش الا أُختها ،خليني اروحلها عشان خاطري.

أمَأ إليها بالموافقه لـ ينهض من الفراش مُتجهًا الى خزانة الملابس و قد أخرج ثوبًا لها و حجاب باللون الاسود و من ثم وضع بجانبهم قميصًا و بنطال كلاسيكي يحملان نفس اللون لـ يهتف بهدوء:-
_إلبسي و هروح معاكي مينفعش أسيبك ف الوقت ده.

_____________

ترك الباب مُجددًا جعل رجفتها تزداد لتنكمش في نفسها وهي تصيح بغضب:-
_مش هفتح تاني قولتلك ماكانتش عندي
تفوهت بها و أكملت وتيرة بُكائها ليأتيها صوت أنثوي من خلف الباب لم تُحدد صاحبته لكنها هرولت مُسرعة لـ فتحه فَـ وجدت تمارا و خلفها يقف زوجها ،وزعت نظرها بينهما لتهتف بتوتر :-
_تمارا هو في حاجه

ولجت إلى الداخل ليتبعها الآخر و بعدما جلسوا على الأريكة و جاورتهم في مقعد بسيط بنفس التصميم تسائل شاهين:-
_هو محدش كلمك.

غفران بإستنكار :-
_حد يكلمني ليه ،أنكل فؤاد و نهلة اتخانقو تاني ، تبادلت النظرات بينهم لينتهي بهِ الأمر قائلًا:-
_شدي حيلك يا غفران

لم تتفوه بكلمة و لم تبكي أيضًا ،كلماته قد صعقت قلبها إنتشلها من شرودها مُتمتمًا:-
_اجهزي عشان نشوفها فين و نروح.

_هي ماتت إزاي.
تفوهت بها بنبرة مُرتجفه وسط إنهمار دموعها ،لكنهما لم يُلقيان عليها الإجابه فَـ خمنها عقلها و في الوقت ذاته إستنكرها بل إستنكر موتها من الأساس ،جال بخاطرها أنها حتمًا ستعود و ستذهب توقعاتها هباءً ليكن هذا ليس إلا سرابًا لا يمُت للواقع ،عقلها مُحاصر بغدقة ظنونها و الستر يُحتم عليها بالصمت لا مفر هُنا من واقع موتها و من طريقة إهدار روحها في سبيل هذيان أرادت أن تحظى بهِ ف هلكت و أهدمت معها ما تبقى من حصون شقيقتها الصغيره.

يُتبع...









لحن الهوىٰ لم يشدو حيث تعيش القصص. اكتشف الآن