وكانت للقلوب رحمة
_١٥_
وأشرقت شمس يوم جديد ملئ بالأحداث والمفاجأت العاصفة لسكان هذا العقار، فعندما تراه من الخارج وأنت تقرأ تلك اللافتة الصغيرة المعلقه على الجانب الأيمن من الباب "آل الجمال" لا يخطر ببالك سو أنه منزل لعائلة مترابطة متحابة، يشعر الفرد فيها بما يعتمر بقلب أخيه، إذا كان فرحًا سعد لأجله و إذا كان حزناً فعل ما بوسعه للتهوين عليه.ولكن من قال قديماً بأن الأبواب المغلقة تخفى خلفها الكثير والكثير كان محقا، نصيحة من ذهب أخبرنا بها أجدادنا سابقا لا تحكم على شئ قبل أن تعايشه بنفسك، وها هم آل الجمال خير مثال.
بالشقة بالدور العلوى، شقة المرحوم فتحى أستيقظت تلك الكريهة من نومها الذى لم تذقه سوى كمقطتفات صغيرة سرقتها من الليل، خلسة من فكرهُا الحائر، وقلبها المشتعل بنار لم تعرف لها سببا.
تململت فى نومها وهى تجبر نفسها على الأفاقة، لتأتى صورته أمامها كتنبيه لها؛ ليدق قلبها بلهفة لرؤياه، هبطت من على الفراش بسرعة، تمشى بدون إتزان، تصطدم بكل شئ يقابلها حتى وصلت إلى نافذتها المفتوحة منذ ليلة أمس، وقفت بها بأعين تشتاق لرؤيا من ملك القلب والجسد، بحثت بأعينها داخل غرفته ، وقد رأف بحالها أو ربما لا؛ تاركاً نافذته مفتوحه_كعادته _بكل صباح عند الأستيقاظ، تبسمت براحة بأن هناك أملا لها، عقدت حاجبيها وهى لا تراه داخل غرفة نومه، تساءلت بهمس.
"هو فين؟ معقولة يكون فى المطبخ ولا فى الصالة؟!!
أشاحت بيديها وهى تحدث نفسها بصوت عالى نسبياً: وأنت هحتار ليه! أروح اشوفه فى أنهى حته من الشباك التانى.همت بالتحرك من مكانها ومالبثت بأن خطت بقدمها خطوة واحدة، لتتوقف قدمها ولم تكمل خطوتها التالية بسبب تلك الضحكات التى هزت جميع أجزاء جسدها بعدما وصلت إلى أذنها مارة بقلبها وقد تسارع تدفق الدماء به لتزيد سرعة دقاته بعنف، أغمضت عينيها و هى تسجل داخلها صوت ضحكته الرنانه؛ تلك الضحكة التى أفتقدتها بشده بالأيام الماضية.
عادت مسرعة لمكان وقوفها من جديد، تتطلع داخل الغرفة أمامها بلهفة وحب وفضول؛عن سبب تلك الضحكات، لم تهتم لهيئتها أو بمظهرها كما كانت تحرص دائما عند رؤيته لها، فأشتياقها له أوقف جميع خلايا عقلها.
عقدت حاجبيها بضيق، تتمتم ببعض الكلمات الغير مفهومة المعبرة عن حنقها وغضبها وقد عرفت الان سبب ضحكاته، وهى تراه يلاعب إبنته بعدما دلف إلى الغرفة حاملا إياها على كتفه وهو يدور بها بالمكان و تلك الصغيرة تضحك بسعادة لا تعلم بتلك الأعين المتابعة لها بغضب يتفاقم كلما أرتفع صوت ضحكاتها.
فى داخل الغرفة تتحدث تلك الصغيرة لأبيها بمرح.
رحمة: كفاية يا بابا دوخت خلاص.
عبد الله بفرحة على سعادتها: هتعملى كده تانى؟!
تهز رأسها ينفى سريع: أبدا، غلطة مش مقصودة ومش هتتكرر تانى.
يهم بإنزالها عن كتفه لتتابع هى بمكر طفولى محبب الى قلبه: أصل دى كانت أخر حبايه بعد ما خلصته كله.
أنت تقرأ
وكانت للقلوب رحمه
Lãng mạn"فاقد الشئ لا يعطيه" بالعكس فبعض الأحيان يكن هو الأكثر عطاء لما فقده . كرحمتنا تلك عانت كثيرا لأسباب لا تعرفها وحرمت من أشياء اخرى تمنتها وعاشت وحيده وهى بين أهلها تعانى مرارة اليتيم ، ترى عندما يجلب لها القدر مايساعدها على الانتقام والاحساس بنشوة...