الفصل الرابع عشر

1K 100 40
                                    

(الفصل الرابع عشر)
بقلم مروة حمدى
$$$$$$$$$$$$$$
ليلاً جميلاً هادئ وسماء سوداء تلألئت بنجومها كمصابيح أضاءت بنورها الظلمة من حولهما، تائهة هى بأفكارها خائفة حائرة حزينة و مشتاقة.
وهو فر هارباً من نفسه ومنها ، ليفأجا بها وقد خرجت من أفكاره لتتجسد أمامه وكأنها أبت أن تنتظر لتسمع منه ذلك القرار.

فتحت عيناها ببطء، تنهدت بثقل، حسمت أمرها بشأنه، لن تلاحقه ولن تفرض وجودها عليه ، إذا تقدم منها أنملة ستتقدم هى أضعافاً و إذا أبتعد خطوة ستبتعد هى عشرة.
صدى صوت رحلت صاحبته عن دنيانا يصدح بأذنها وقد أخبرتها سابقا: من يعشقك بصدق سيعبر لأجلك أميالاً، أعتزى بنفسك وقدريها حتى يعرف قيمتها غيرك ويقدرها.

دعت لها بالرحمة فى مثواها بقلب صادق ، التفت لتعود إلى الأسفل وقد تأخر الوقت بها بالأعلى، وقفت فى مكانها كالمصعوقة وقد سرت قشعريرة بجسدها وهى تراه يقف على بعد منها، يطالعها بعينيه بنظرات لم تستطع أن تفهمها.

وهو هائما بها يتأملها بعقله وحفر بقلبه ملامحها داخله، ورددت جوارحه ما عجز لسانه عن نطقه.
"ماذا تفعلين بى يا فتاة؟ اردت الهروب منكِ حتى أفكر بك، لأجدك هنا أمامى ، تخبرينى صراحا أنه لا مفر منك إلا لك ، لما تلك الدموع يا عزيزتى ، فلقد حطمت بها أخر دفاعاتى ، طبول حرباً تدق الان داخل أضلعى بعدما عصفت هيئتك تلك بوجدانى ، أخبرينى كيف غزوتى قلبى هكذا واحتل عبيرك كامل كيانى؟!"
تنهيدة دافئة خرجت من أعماقه وهو يتطلع لها لا يقوى على الحراك ، غير قادر على العودة وكأنه ما كان وجزء منه يرغب بالتقدم لها وإحتوائها بين أضلعه يزيح عنها تلك الدموع بأنمله ولكنه مقيد بوعد و حدود لا يجب أن يتخطاها مهما كان.
التفت له وليتها ما فعلت، تقابلت الأعين بحديث خاص طويل، منهمم العاتب وهوويتساءل هل يجوز لى العتاب ؟ أم من المفترض بى شكرك مالكى من كنف وهماً أردتنى منه أن أفيق؟!

والأخرى كانت حائرة والان متيقنة لا سبيل له إلا بها، لن يبتعد ولن يسمح لها بالإبتعاد هى الراحة بعد العناء هى الحب بعد الجفاء هى العبير بعد الشقاء.
صمت وفقط الصمت ما يحيط بهما إلا من صوت نسمات الهواء تكسره من الحين للآخر ترجوهما للحديث.

اطرقت برأسها لأسفل قليلا تغمض عينيها وهى تحتجز أكبر قدر من الهواء بداخلها ؛ تستجمع به قواها وشتات نفسها تذكرها بقرارها ، تنهرها بالا تضعف أمامه وتظهر لهفتها عليه من جديد.

رفعت رأسها وقد رسمت على وجهها ملامح جامدة لم تكن جد بارعة بها، جمعت متعلقاتها ، أمسكت بها وهى تضمها إلى صدرها لتدارى بها إضطراب جسدها.
خطت أمامه وهى تحبس أنفاسها، تتساءل لما طالت تلك الأمتار الفاصلة بينا ألا يمكننى أغماض عينى وفتحها لأجد نفسى على فراشى أدثر حالى بعيدا عن عينيه هاتين؟!
وعند هذا الخاطر عقدت حاجبيها بدهشة وعقلها يوجه له آلاف الاسئلة، لما تنظر لى هكذا؟ ألم تكن تتجاهلنى صباحا يا سيد ، ماذا حدث الان؟
شهقة داخلية كتمتها بصعوبة عندما وصل عقلها إلى إستنتاجه التالى: من الممكن أنه يفكر الان اننى هنا بإنتظاره، أو أتصيد الفرص للقاء، ااااخ يالى من حمقاء.
هكذا وصفت نفسها ، لتبتلع ريقها حتى مرت من جواره ولم تكن لتبتعد عنه بخطوة ليوقفها بصوته الرخيم وهو ينادى عليها بنبرة هادئة ودافئة.
"عبير"

وكانت للقلوب رحمهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن