الفصل الثالث عشر

1K 100 35
                                    

💞وكانت للقلوب رحمة 💞
الفصل الثالث عشر.
بقلم مروة حمدي
$$$$$$$$$$$
مستلقية بالفراش تحتضن وسادتها وعينها سابحة فى الفراغ، تتنهد بصوت مسموع وهى تستعيد ما حدث معها داخل عقلها كمشهد سينمائى ، كلما أنتهى بدأ من جديد.
لمعت عيناها ببريق جديد عليها تزامنا مع تلك الدقة التى أعلنت عن إستيقاظ ذلك الراقد بصدرها، وضعت يدها عليه تلقائيا من شدتها وهى حائرة لا تعرف ما هذا الألم الذى تشعر به، أنشقت إبتسامة صغيرة على وجهها وهى تعتدل فى جلستها تتذكر نظراته لها ، ضحكته العابثة، شئ ما يجعلها لا تخرجه من تفكيرها منذ أن رأيته ولكنها لا تعرف ماهو.
عادت الدقات تعلو وتعلو بداخلها لتعود للإستلقاء مرة أخرى على الفراش وهى  تغمض عينيها وقد بدأ عرضها الخاص للمرة التى لا تعرف عددها.
أبتسمت بتشفى وفخر  بنفسها عندما تذكرت هيئة ذلك الوقح وهو راقد على الأرض يتلوى من الألم.
أغمضت عينيها بضيق وهى تتذكر ما حدث بعد ذلك.
صديقتها بصراخ عالى: حاااسبى يا نور حاسبى وراكى.
التفت سريعا للخلف لتقابلها نظرات ذلك الفتى وهى تقذف نحوها سهام مشتعلة من غضبه ؛ لم تهتز لها ولكن ما أصابها برجفة خفيفة فى جسدها هو رفعه لتلك السكين الصغيرة بيده؛ توعده لها وهو يوجهها باتجاه معدتها جعلها تغمض عينيها كرد فعل طبيعى فى تلك الحالة.
لم تشعر بأى شئ ،لا شئ لا ألم ولا صوت ، هدوء فقط استمر لثانتين لتفتح أعينيها ببطء ترى ما يحدث لتفتحهما على الأخير وهى ترى ذلك الحائط البشرى وقد وقف كالسد المنيع بينها وبين ذلك الفتى، نظرت إلى ظهره المولى لها  بدهشة،  تتساءل من أين جاء هذا؟
خرجت من تساؤلاتها على صوت صراخ الفتى، مدت رأسها من خلفه حتى تشاهد لما يصرخ هذا بهذا الشكل التى تخجل هى الفتاة من الصراخ مثله، لتتسع إبتسامتها وهى ترى ذلك الشخص قابض على يده الممسكة بالسلاح بقوة بيد واحده والأخر يحاول إفلات يده من بين قبضته بإستخدام اليد الأخرى ، لتسمع صوت صغير ينم عن إبتسامة صغيرة ساخرة  أقتضبها ذاك الشخص سريعاً وهو يشتد فى قوة قبضته ليقع السكين أرضا ويعلو صوت الصراخ الذى تحول لعويل فجاءة، تقسم من لون وجه الفتى وطريقة إمساكه بيده بعدما تركها هذا الشخص أنه كسر له ساعده من مجرد ضغطه عليه.
ترنح الفتى للخلف وهو ينظر لذلك الشخص برعب، ليهرول مسرعا غير قادر على الركض يقع بين كل خطوة وأخرى تلاحقه نظرات ذلك الشخص ونظراتها الساخرة.
صديقتها من الخلف وقد أقتربت منها بعدما كانت تقف على بعد خائفة مما يحدث، تهزها من كتفها وهى لا تزال تتأمل ظهر ذلك الرجل تتوق للتعرف على ملامح وجه ذاك القوى الشهم من وجهه نظرها.
صديقتها وهى تتلفت حولها تهزها من كتفها مرة أخرى  بخفه تحدثها بهمس: كفاية كده يا نور خلينا نمشى الناس بتتفرج علينا .
حادت بعينيها عنه لها بإستنكار وقد تذكرت فعلتها معها تهم بالرد عليها بالرد المناسب لموقفها المتخاذل الضعيف ليوقفها صوت رجولى ذو بحة مميزة أخترقت أذنها وأجبرتها على الألتفاف لصاحب ذلك الصوت بفضول قاتل لم تعهده بنفسها قبلاً.
الشخص: الأنسة عندها حق الوقفة الطويلة دى فى نص الشارع غلط عليكم يا أنسة.
كتمت شهقة صغيرة كادت أن تخرج من بين شفتيها وهى تنظر له مشدوهه،  لم تستمع لحديثه وهى تناظره  بأعين سحب منها الحياء وأحتلها الفضول لإستكشاف ذلك الذى يقف أمامها، منقذها لم تلحظ تلك إلابتسامة الصغيرة التى خرجت منه عليها.
أخرجتها من تأملاتها له صديقتها: شكرا ليك يا عم لو حد غيرك كان قال أنا مالى ،بعد إذن حضرتك هنمشى.
نظرت لها بإستنكار وهى تنهرها بداخلها: عم ،عن أى عم تتحدثين يا حمقاء ، أقسمى لى أن لك عما يشبه هذا أو حتى قريبا بل أنتى العم يا أيتها العمياء.
عادت بنظرها له سريعا تعلق على حديث صديقتها: تشكريه على أيه  حضرتك؟ وطالما هو كان سامع وشايف من الاول ما أدخلش ليه غير فى الأخر؟!
ألتقط أنفاسها بعدما ألقت بحديثها بوجهه دفعة واحده، لتنظر له بعدها بقوة تكمل حديثها المتناقض كليا مع حديثها السابق وهى تقول.
على العموم شكرا ليك على تدخلك فى الوقت المناسب يا أستاااذ.
أتكت على حروف كلمتها الأخيرة برسالة واضحة منها أنها لا تراه عماً كتلك التى تجاورها،وصلت رسالتها له كاملة  ليؤم برأسه بحركة صغيرة مع ضحكه خفيفة.
الشخص: ههه لا شكر على واجب يا..
صمت لبرهة وهو يناظرها ليغمز لها بعينه متابعا: يا غزال.
قالها ورحل من أمامها تاركا إياها تنظر فى أثره بفم مفتوح تحول تدريجيا لإيتسامة ملئت وجهها، وصديقتها من الخلف تنظر فى أثره وهى تشير عليه ببلاهه.
صديقتها: شوفى الراجل! بعد مالحقك من ال بيعاكسك راح عاكسك هو.
لم ترد عليها لا تزال تنظر فى أثره وقد غاب عن أعينها.
لكزة خفيفة على كتفها مع سؤال خرج بلهجه حادة تعرف صوت صاحبها عن ظهر قلب.
_الهانم واقفة كده ليه فى نص الشارع؟!
إبتلعت ريقها بصعوبة وعلى الرغم من أنها تكبره ألا أنها تخشاه وبشده حتى ولو لم تظهر ذلك، إستدارت ببطء حتى وقفت أمامه تحاول تجميع قوتها أمامه تهم بالرد بثبات لتسبقها تلك البلهاء صديقتها .
صديقتها : أصل كان فى حد بيعااا...
صمتت ولم تتابع أثر ضغطها على قدمها.
نورهان : ابدا يا عماد وحده صحبتنا كانت واقفة سلمنا عليها ومشيت.
عماد بحاجب مرفوع: فى نص الشارع ! على العموم كلامنا فى البيت يالا قدامى وانتى كمان تعالى أوصلك بطريقنا الوقت أتاخر .
يسير خلفهم لتميل عليها صديقتها: أنتى ليه ما قولتليش ال حصل ؟
نورهان: عايزة اقول لعماد أن صايع رفع عليا مطوة لولا واحد ماعرفهوش وقفله يا هبلة علشان يبقى اخر يوم أشوف فيه الشارع .
صديقتها: عندك حق ، خلاص الحمد لله انا وصلت.
علت صوتها قليلا: شكرا ليك يا عماد .
هز رأسه لها ، يقف بإنتظار أخته التى اقتربت منها تحادثها بصوت واطئ.
نورهان: فى حاجة كنت عايزة أقولهالك و نسيتها لما شفت عماد وأفتكرتها دلوقتى .
صديقتها وهى تعقد حاجبيها: ايه هى؟!
نورهان بابتسامة مستفزة: مش عايزة أعرفك تانى.
ولت ظهرها ورحلت خلف أخاها بعد إلقاء جملتها تلك.
عادت من شرودها وهى تختطف ابتسامات صغيرة تتذكره تفاصيله التى مشطتها بعيناها  طوله ، جسده العريض المتناسق، ملامح وجهه الحادة هيئته التى تنم عن رجولة طاغية حتى ذلك الجرح فوق عيناه لم يزده بنظرها سوا وسامة ، تلك الخصلات البيضاء المتفرقة القليلة التى أختلطت بخصلات شعره وذقنه السوداء قد سلبت منها لبها.
تنهيده حالمه خرجت منها وهى تعود لإغماض عينيها من جديد تتساءل برقة غير معهودة منها: يا من لم أعرف له أسماً من أى حلم من أحلامى خرجت أنت يا منقذى؟ ترى هل من لقاءٍ قريب؟
$$$$$$$$$$$$$
بينما بمكان أخر جالس هو على كرسيه يدور حول نفسه بمقعده المتحرك، يبتسم ابتسامات صغيرة صافية من حين لأخر تخرج من قلبه بصدق ، منذ فترة طويلة وهو يضحك على تلك الفتاة وعلى نظرتها المتفحصة بل المتغزلة فيه ، قوتها وعنفوانها أعجباه بشده ، توقف عن التحرك بكرسيه فجاءة وهو يتذكر تلك اللحظه التى دارت له بوجهها ليرى تلك الملامح عن قرب لم تكن أجمل ما رأى وهو رأى الكثيرات ولكنها الوحيدة التى أرغمته بنظراتها على التوقف والتمهل والتمعن بها ، شفاه مكتنزة صغيرة عيون كالقهوة بلونها ومذاقها مزينة بكحلا أسود لا يعلم اتضعه هى ام رسمته تلك الرموش الكثيفة التى غطت عينيها وكأن الطبيعة أقسمت ألا تزيدها ألا فتنه.
هز رأسه عن ذلك المجرى الذى أتخذته أفكاره فتلك الفتاة صغيرة وكما يبدو صغيرة للغاية، هو يهوى النساء ولكنه يفضل الثلاثينات وبشده فهو عمر النضج والأنوثة الكاملة، وهنا عاد الابتسام مرة أخرى يتمتم لنفسه.
_بس البت غزال ، هههههههههههه الغزال نور.
"يا معلم الرجالة جاهزة"
كان هذا نداء أحد العاملين لديه ليخرجه من تفكيره وهو يحمحم نافضا إياها من أفكاره وهو يقم من مجلسه يضع سلاحه ببنطاله:  ليلة وخلصت خلاص وما أعتقدتش أننا هنتقابل تانى يا غزال .
على بصوته وهو يتحدث إلى الرجال المحيطين به : يالا على العربية خلينا نخلص .
$$$$$$$$$$$$$$$$
وضع ابنته بالفراش بعدما دثرها جيدا، وضع قبله على جبينها برفق وهو ينظر لها بشفقة على ماآلت إليه أمورها، مدرستها صباحا ثم تتناول معه طعام من الشارع وليس منزلى معد خصيصا لها بحب ، استذكارها لدروسها وسط ضوضاء الطرق والصياح ثم وقوفها لتعلم مهنة والدها بشغف لم يقدر على تجاهله، لتعود معه أخر اليوم تساعده على إعداد وجبه بسيطة لكليهما يتناولها معا.
ربط على شعرها بحنان وهو يهمس لها بدفء: سامحينى يا بنتى انا كنت خايف على أمى وعليها ماكنتش أعرف أن ده كله هيحصل والله كان غصب عنى ، روحي راحت معاها يا رحمة انا لو بعافر وماسك فى الدنيا دى فده علشانك أنتى بس يا بنتى علشان ما أسبكيش وسط تعابين مش هيرحموكى حتى فى أحلامك، أنتى بنت عمرى كله و أخر ذكرى منها و أمانتها ليا ، سامحينى يا رحمة سامحينى.
هبطت دمعه حاره من عينيه وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة ممسكا بصدره بيده يشعر أن الألم يعتصره وكأن قفص الصدرى قد أخذ يضيق على قلبه.
وهى كالعادة تقف بالنافذة تنظر له  وهى تراه يوليها ظهره يميل على إبنته يقبل جبهتها ، لتضييق حاجبيها بضيق تتمتم ببضع كلمات وهى تشيح بيدها لتسقط تلك المزهرية الموجوده على المنضدة أسفل النافذة  لتصدر صوتا جعلها تشهق بخوف وهى تهبط سريعا إلى أسفل حتى لا يراها .
وقد كان ذلك الصوت  كإنذار له يسحبه من تلك الدوامة التى خذت تعصف به ليعود عقله للوعى سريعا منبها إياه بأن هناك إنتقاما  مقيدا به كدين لها عن قهرة قلبها التى أودت بحياتها لتغيم عيناه بسحابه سوداء غطت على دموعه التى توقفت ملبيه لنداء العقل تزامنا مع إحتدام معالم وجهه وهو يشتد على قبضته وقد برزت عروقه ليقم من جلسته وهو لا يزال يوليها ظهره يتحرك حتى وقف أمام المراءه وقد ظهر له جزء صغير من النافذة أمامه كان كافيا لأن يراها بوضوح .

وكانت للقلوب رحمهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن