الفصل الخامس والعشرون

724 66 38
                                    

وكانت للقلوب رحمة
بقلم مروة حمدى
الفصل ٢٥
رجل سليط غليظ بليت به بحكم العادات والتقاليد، ذاقت على يده انواع من العذاب، رضيت بنصيبها فى الدنيا، أكتفت بأولادها، حاطت عليهم بإجنحتها،تراعيهم تهتم بهم وكأنهم درعا لها، لكنه استكتر عليها أن يكون وليدها هو حاميها، غشى من المستقبل؛ كسر همته وذله حتى لا يقوى على رفع عينه به عندما يكبر.

أحبائى منزل عائلة الجمال لا يخلو من المفأجات، كل شخص منهم له حكاية خاصة به، دور بحياة الاخر،يجعلك تتساءل من الظالم ومن المظلوم؟
لذا لنتعرف سويا على تلك السيدة التى تمتلك هذا المنزل،وتذكروا جيدا ان  للحكاية دائما بقية.
عزيزة الجمال من فرع  آل الجمال القاطنة بأحد قرى صعيد مصر، أسرة ميسورة الحال ولكنها ليست بذلك الثراء الفاحش الذى تظنهم عليهم، بيت وكم قطعة من الأراضى و مواشى، فالحقيقة هى ثروة إذا بيعت، ولكن اصل الفلاح المصرى الاصيل يرتبط بأرضه تحت مقولة " الأرض عرض"
لا يتم بيعها الا فى أقصى الظروف، كما أن هناك شيئا أخر بعض العادات بتلك القرى، لا تورث الفتيات بل تراضى عن طريق هدايا وزيارات عائلية فى أوقات معينه من السنة، كانت أسرة عزيزة أحدى هذه الأسر، هذا بالبداية.

ثانيا بعض العائلات لا تدع فتياتهن  يذهبن إلى المدرسة، وعائلة عزيزة كانت أحدى تلك العائلات، لذا هى لم تذهب إلى المدرسة؛ فأضحت لا تعلم القراءة والكتابة، بمعنى أصح وأدق أميه.

ثالثا هناك قوانين ببعض القرى ولأجل سوء حظ تلك المسكينه فلقد كانت قريتها أحدهم؛ الفتاة تتزوج من ابن عمها إذا ما تقدم لخطبتها، حتى لو كان مستواه التعليمي أقل منها بكثير، ابن عمها هو أولى بفتاة العائلة عن الغريب، وإذا ما تقدم أثنين من أبناء عمومتنا لها؛ تختار الأقرب صله بالدم.
أما إذا كان الاثنين على نفس الصلة وقتها أباها وليس هى من بختار،وتحت هذا الشعار بدأت معاناة تلك العزيزة، ولكن لندعنا نتعرف عليها بشبابها، كيف كانت يا ترى ؟

هى عزيزة، وبالفعل عزيزة قلب أباها المقربة له، فتاة لأخين من الشباب، كانت مدللة من البيت بأكمله سواء والدها أو أخوتها أو حتى أمها، كانت مدللة بحق ولكن الدلال هنا يتمثل بطبطبه على الرأس، إحضار شئ تفضله وتحبه، لكن أن ما قصرت يوما فى واجباتها فإنها ترى أعين حمراء؛ تشتعل من الغضب؛ ملقية خلفها كل الحب والمعزة ، ليلوح أمام أعينها فقط التقصير.

كانت وقتها بالخامسة عشر من عمرها،. فتاة قمحية اللون، ذات جسد متناسق على الرغم من إمتلائه بعض الشئ، ذات ملامح مصرية أصيله، مطيعة هادئة، لا تعرف سوا ثلاث كلمات" نعم وأجل، سأفعل." كانت حياتها هادئة حتى أتى ذلك اليوم.

تجلس الزوجة جوار زوجها بعد تناول وجبه الغداء، تقدم له كوب من الشاى الساخن وهى تحاوره بأمر ما.
الزوجة: جماعة الحج حسين بعتونا نحضر حنه فاطنة بتهم بالدار يوم الخميس الجاى.
الزوج: عارف ماهما شيعولى انا كمان ، روحى دول ولاد عمنا والناس جريبة.
الزوجة: كان بدى اخد عزيزة معاى.
الزوج بعصبية شديدة:  عايزة تاخدى البت لمطرح الحريم بتتصغرن  فيه ترجص وتغنى، عايزة تفسدى البت وتفتحى  عنيه   اتخبلتى يااك.
الزوجة: انا رايدة اجوزها
الزوج: هها البت لسه صغار على الحديث ده.
الزوجة: البت قفلت الخمستاشر وبت عمها ال أصغر منها بحول اتجوزت وقت حصاد القمح وهى شالت الله اكبر.
الزوج: البت تجعد فى دار ابوها مكرمة والنصيب يجئ لحد عيندها.
الزوجة: وكيف ده يحصل والبت لا بتطلع ولا بتدخل ولا حد بيشوفها من أساسه.
الزوج بتهكم: يعنى الفرح ال رايحله هو ال عيجوزها عاد.
الزوجة بتبرير: لهَ، ما اجصدش أكده، حريم العيلة كلاتهم هيكون هناك يجاملوا، ساعيتها هيندروها ويعرفوا أن عندى عروسة على وش جواز، وما تعرفش وقتها النصيب فين.
الزوج: لع، مش لادد علي أخلى بتى فرجه للناس واجول مين حداه عريس يا خلج.
الزوجة بنفاذ صبر: يا را جل  يعنى انا هخلى بتى فرجه، انا بس هعمل كيف الخلج واخدها معاى كمان البت  لا بتطلع ولا بتدخل اهو تتفسحلها هبابه.
الزوج: وهو يشيح بيده: اعملى الى يلد عليكى ما توجعيش دماغى.
الزوجة بابتسامة وقد وصلت إلى ما أرادت: ايوووا خليك بعيد إكده ولا إكده دى أمور حريم الرجالة لهاش صالح بيها.

ذهبت الى ابنتها الجالسة أمام الفرن، تقم بوضع الخبز داخله ويداها مملوءة بالعجين، كذلك الأمر ملابسها، تمتلىء بالدقيق، تعمل بجد وهى تدندن بسعادة لا تلقى بالا لأى شئ أخر.

والدة عزيزة: يا عزيزة ليكى عندى خبر هيعجبك ويفرحك جوى.
عزيزة وهى. تهب من مجلسها: خيرا يا مااى.
والدتها: أنتى مش كنتى قولتيلى قبل سابق عايزة تتفرطى شوية حد بيت عمك أو حد من جرايبنا.
عزيزة يترقب: ايوه وابويا زعق علي وقتها.
والدتها: بوم الخميس هنروحوا حنه فاطنة بت عمك.
عزيزة : صح احلفى ياماى ابويا وافج؟!
والدتها: ها، يعنى عكدب عليكى يا مخبولة، يالاعاودى كملى خبيز.
قالتها ورحلت عنها، تمتم داخلها: ليرزقك ربنا بابن الحلال، صاحب نصيبك عاجل غير أجل يا بتى.

وفى نفس التوقيت، تغلق ام سيد الهاتف وهى تنهى مكالمتها التى تلقتها من الصعيد، بدعوتها إلى حضور حفل زفاف أحد أبناء عمومتها، يوم الخميس المقبل.

فرع ال الجمال البحرى، العائلة تعيش فى القاهرة منذ سنوات، أتت لها الدعوة لحضور الحفل، اغتمنت الفرصة من أجل المجئ الى موطن الأسرة بدون أثارة الاسئلة حول رجوعها، لديها اثنان من الأبناء أحدهم عاقل رزين، يحمل العمل على كتفه، زاهد فى صنف النساء اجمع.
لا ضرر منه يصونها ويراعاها، يهتم بها نعم الابن البار هو وكان هذا الابن هو سيد، لديها ابن أخر يسمى ب خليل، يصغر سيد ببضعة أعوام، يختلف عنه فى الطباع كثيرا ، دائما ما يثير لها المشاكل، ينجذب للسيدات بسرعة، تورط باكثر من علاقة مشبوهه، تخشى ذات يوم أن ياتى لها بفتاة قاهرية، لا تلائم طبيعة حياتهم بل لا تستطيع تحمل طباع خليل والتى هى أمه من جلبته إلى هذة الدنيا لا تطيقها.

كثرت مشاكله، عينه التى تنقاد وراء أى سيدة جميلة، تهوره، لسانه وقد أصبح لا ينطق الا بأبشع كلمات، السب واللعن لا يفارقه ليل نهار، يتأخر بالرجوع إلى المنزل بشكل يومى، كثرت مشاكله مع أخاه الاكبر، حتى وصل الأمر ذات مرة إلى أن تتطور المشكلة بينهما الى صدام وتلاحم بالأيدى ثم شجار؛ إجتمع على اثره الجيران، حتى يفضوا ما بينهم وتتم المصالحة.
وقتها أتت سيدة من سيدات الحى وقد أختلت بها بعد رحيل الجميع، تهون عليها وتوازرها ليأتى إلى خاطرها تلك الفكرة، وقد أصبحت الشعار الرسمي لأى عائلة بها ابن عاق.

مالت على أذنها تصب بها كلماتها: ايه رايك يام سيد يختى ما تجوزيه!
ام سيد: ايه جواز ايه وهو على حاله ده ال لا يسر عدو ولا حبيب؟!
_اسمعى منى بس ، الجواز هو ال هيصلح حاله، ست تستناه فى فرشته هتغنيه عن بنات الليل وقلالات الحياة ال بيروحوله المعرض والورشة، ساعتها هيتعدل ولما يكرمه بعيال يتسلسلوا فى رقبته مش هيكون فاضى يبص وراه حتى.
_صمتت توزن الحديث بعقلها تسألها: ايه رايك نخطبله مين من ال حوالينا تنفع له؟
_حمحمت المرأة بحرج لتقول لها: الحقيقة ولا واحدة.
_ام سيدة بصدمة: ايه ما فيش وحدة عدلة تنفع تكون مرات ابنى؟
_همست المرأة: وانتى صادقة إبنك ال مينفعش يبقى جوز لحد.
_بتقولى ايه مش سمعاكى على صوتك شويه.
_السيدة: بقول ان البنات هنا خفاف الطبع وابنك محتاج وحده راسية ورزينة من اساس متين تتحمل طبعه وما تشكيش تطبخ تكنس تغسل تكون تخلف وتربى العيال واخر الليل عروسة مستنياه.
_ام سيد بحيرة: واجيب وحده زى دى من فين؟
_الجارة: جرا ايه يام سيد؟ انتوا من الصعيد والبنات هناك كتير ما تقوليليش مش هتعرفى تختارى وحده لابنك، كمان  المسافة بعيدة ومش هيعرفوا عن طبع إبنك وصيته الزفت ال مالى المنطقة.

_ام سيد وقد راقها هذا الحل كثيرا: طب وابنه الكبير؟ مش يعيبوا عليا لو جوزت الصغير قبل الكبير؟
نهرتها بحده: ليه فؤاد شاء الله هو كان بنت؟
ام سيد بابتسامة وقد راقها الحل كثيرا: تصدقى عندك حق.
الجارة: ولما يتم الموضوع  ماتنسيش حلاوتى.
_ام سيد وهى تشير على عينيها: كل ال تطلبيه واكتر.

نعم يا سادة هذا هو معظم الحال، الان اى أسر لديها ابن لا تقوى على تقويمه، سى الطبع والطباع، ردئ الخلق، يلقوا بفتاة محتشمة صابرة محتسبة بطريقه والمسير للضحك أيضا؛ عند اختيار تلك المنشودة، التى كتب عليها العذاب، أن تفعل ما لم يقدر على فعله أعتى الرجال، أن تكون متدينه، ملتزمة يشهد بأخلاقها الجميع فى حين أن عريس الزمان هذا من الممكن أن يكون من مدمنى المخدرات ولا يعرف للصلاة سبيلا.
بعد إغلاق الهاتف ابتسامة ماكرة رسمت على محياها، لقد أتى الحل لها على طبق من ذهب، ستذهب وتختار من بين الفتيات فى حفل الحناء حيث تجتمع النساء ووقتها لن يشك بها أحد.

أتى يوم الخميس سريعا، ارتدت تلك العزيزة اجمل ثيابها، جمعت شعرها على ضقيرتبن بعدما ربطت حجاب ريفى على شعرها، إطلالة تقليديه معظمها كمعظم الفتيات هناك، ولكن اهم ما كان يميزها هو تلك السعادة اللامعة، الظاهر أثرها جليا على وجهها.

اجتمعت النساء. وكان الحفل مبهج، بسيط والكل سعيد، جلست عزيزة بجانب والدتها وراقبتها بعض الأعين بهمس، تتساءل عنها، فتلك العزيزة عزيزة الخروج من المنزل، وهناك أعين متابعة لها أيضا وقد راقها قلة خبرتها الواضحة للعيان فى منتصف النهار من طريقة جلستها، نظرتها لما يدور حولها، وهى منبهرة.
جهلها على ما تفعله الفتيات بسنها من رقص وغناء، تمايلها على السيدة التى تجاورها من الحين للآخر تسألها وقد عرفت فيما بعد أنها والدتها، رأت فيها عروس ملائمة لابنها خليل، صحيح أن ملامحها ليست بالجذابة ولكن  يكفيها طيب اخلاقها وأصلها الكريم، هى الفتاة التى ترغب بها، كما أنها لن يطلب والديها الكثير بحكم القرابة وطبيعة الحال فى هذة القرى.
كما أنها من حديث من يعرفها مطيعة، لن تفتعل المشكلات، ستخدمها وترعى المنزل وترعاها، ابتسمت برضا عليها، مقررة داخلها بأن لن تترك القرية الا وهى زوجة لابنها.

قامت من مجلسها لتجلس جوار والدة عزيزة بعدما فرغ أحد الأماكن جوارها، مالت عليها وتبادلا أطراف الحديث، تصطدم والدة فتحى من عمرها ولكنها علمت أن هذا الأمر طبيعى هنا.
نعم يا سادة من الطبيعى أن تتزوج الفتاة بسن صغير للغاية، زواج يدعى زواج السنة، وهو يعتبر فى محل الزواج العرفى حتى تبلغ الفتاة سن الرشد
ولضمان تحويل الزواج إلى شرعي وقتها ، شيك مصرفى بدون أرقام يؤخذ على العريس يمنحه طريقة لتأديبه ما إذا أراد الخديعة.
جلست السيدات جوار بعضهن البعض ، كل واحدة تميز وتعد مميزات وصفات ابنها او بنتها للأخرى.
اتفق السيدتان فى تلك الجلسة على كل شئ ولم يتبقى سوا إجتماع الرجال، كالعادة السارية فى مثل كثير من هذة القرى.
عريس يعيش بالقاهرة ابن عمها ومن العائلة ميسور الحال،لم يفكر والدها كثيرا قبل أن يوافق، وها هى فتاة صغيرة تحمل عروس، أصبحت بين ليلة وضحاها هى العروس، لا تعى شيئا مما يدور حولها، فقط سعادتها بالجلباب الأبيض اللامع، تلك الزينة التى وضعت على وجهها، الصخب والاغانى واجتماع الأهل والجيران بمنزلهم، الدلال الزائد المتحصلة عليه، كل هذا الأمور جعلتها سعيدة للغاية حتى أتى اليوم المنتظر.

قامت الام بترحيل الفتيات من الغرفة عقب تجهيزيها للسفر حتى يتسنى للام الحديث مع ابنتها، أغلقت الباب خلفهن، جلست على الفراش جوارها وأخذت تتلو عليها قائمة من واجبات وحقوق يجب أن تؤديها، تخبرها بأنها الان على اسم زوج، له عليها حق الطاعة ، اقتربت والدتها من أذنها تقص عليها ما سيحدث تلك الليلة وكيف يجدر التعامل،ان تكون هادئة الا يرفع صوتها ، مستسلمة له .

وقفت بحيرة وقلق وخوف امام منزلها وهى ترى رجل يتقدم جموع الرجال يمسك بيدها ، دق قلبها له ولا تعلم لما، مشاعر جديدة على جميلتنا الصغيرة.
خطت بأولى خطواتها داخل هذا المنزل، تسير برجفة وانتفاضة بسائر جسدا، حاولت التركيز تكرار حديث والدتها مرة تلو الأخرى بداخلها تقوى به عزيمتها، لم يمض وقت طويل، تجد نفسها بغرفة أمام شاب فى الثلاثين من عمره.

ينظر لها متفرساّ لجسدها، يقترب منها ببط، يزيح الحجاب عن وجهها، انقبضت ملامح وجهه، انكمشت تعابيره ليعلو صوته يصرخ  بالنداء على الجميع.
  بينما هى دي للرب بأوصلها منه ومن تلك الصرخات ، اجتمع أهل البيت بأكملهم حتى يعلموا ماذا هنالك؟!
وقف الجميع أمام باب الغرفة؛ يشعرون بالحرج، ينادى عليهم حتى يدلفوا إليه، ليفعلوا على مضض ، لتأخذ اكبر صفعة بحياتنا وهى وردة بمقتبل عمرها، يشير عليها بتقليل.
_ايه ده ياما؟
_عروستك يا بنى.
_خير فى ايه؟
كان هذا هو السؤال الوحيد الخارج من فم سيد وهو يولى ظهره للباب دون أن يدخل.
ليجيب أخاه بضيق قائلا.
_تعالى يا خويا وشوف عروسة البين ال وقعتنى فيها امك.
خنجر نافذ بمنتصف قلبها وقد لقبها بالبشعة، كانت هادئه لم يصدر عنها اى صوت حتى أته وصفه لعا، صوت شهقات متتالية خرجت منها.
أقترب وهو يرفع يده بالهواء، متوعدا لها قائلا" هشش اسكتي والا هسكتك بطريقتى"
صمتت سريعا برعب منه تهز رأسها بالموافقة، راقه هذا الفعل منها وكثير، ليبدأ بالنظر لها بطريقة أخرى وقد سلك عقله طريقا اخر، يسلكه وهو يفكر بها متفرسا بجسدها الانثوي المهلك بعكس وجهها.

ما الضرر من وجودها داخل منزله ، تحت قدمه وبالخارج يفعل هو ما يريد مع اجمل الجميلات، نظر لها بتقيم مكملا حديث نفسه.

"بت صغيرة وهشكلها على ايدى"

حاولت والدته الحديث وإخراجه من شروده، ليمرر يده على فمه بشهوة، يشير لهم بيده بالخروج.
الام: مش انت ال ناديت.
خليل: اتحركى ياما عريس وعايز يختلى بعروسته.

تهم الام بالحديث يوقفها ابنها سيد وقد شعر بالحرج من كلمات اخيه لياخذها ويرحل بينما تلك الواقفة لا تزال لا تعرف معنى تلك الكلمة.

تركوها تواجه مصيرها ، نزع عنها ملابسها بعشوائية، تعامل معها كما الحيوانات، لم يأخذ بعين الاعتبار صغر سنها وقلت خبرتها فى هذا الدنيا، كانت تبكى بضعف، وقد تكورت قبضتها الصغيرة، تحاول دفعه عنها بحمية غريزية ولكن هيهات، فلقد كان كالثور الهائج.

ومن هنا أصبحت معاناتها معه ، استقبلت ضربه لها، اهانتها، كان يتفنن فى جعلها المخطئة فى كل ما يحدث، حتى عندما تزوج اخيه،  كان معجبا بتلك العروس الجميلة، كيف كان يصفها وهو معها بالفراش، أقسمت أكثر من مرة أنهت تشعر به وهو معها يفكر بأحد أخر.
فى الحقيقة لم تكن تهتم ابدا وقد كان هذا الأمر بمثابة واجب توديه، أنجبت وشعرت بنفسها انثى، وقد لعبت الأمومة الفطرية بداخلها وهى تحمله طفلها بعد الولادة سعيدة هامسه
" نورت دنيتى بمجيتك يا عبدالله "
وهكذا كانت تمرر له كل شئ من أجل ابناءها بفم مغلق ، ولكن أن يصفع ابنه عن قصد، بغرض إذلاله، صفعة جعلت نار قلبها تستعر، لتقف فى مواجهة معه لأول مرة منذ زواجها تخرج كل ما بها من قهر وحزن ودموع، صرخت بوجهه ولا تنكر تلك الراحة التى كانت تشعر بها وهى توجه له اصبع الاتهام، بكل ما يحدث معها هى وابنائها.
كيف رفع حذاءه من قدمه واخذ يكيل لها الضربات بلا رحمة، تسبب بكدمات فى سائر جسدها.
كان كالمجذ ب وهو يشير لها على يدها التى رفعتها بوجهه ينهال عليها بالحذاء وهو يلقى عليها بكلماته، لتقف الكلمات وهو يغتصب روحها قبل جسدها، مؤكدا لها على مكانتها بهذا المنزل.

مر الوقت ليقم من عليها، يخبرها بأن تخرج ثياب نزيفة له، غير مهتم ب حالها؟ مرضت، مصدومة، تشعر بالتعب ، فقط هو والأخرى تلك ما هى إلا عبارة عن اله تجيب فقط .


عادت من شروطها ناظرة إلى سقف الغرفة ودموعها تملئ وجهها، وهى تتذكر كل ما مر عليها منذ وطت قدمها ارض هذا المنزل، حاولت النهوض بصعوبة من مكانها وهى تشعر بالألم بكامل جسدها، ولكنها لا تقوى على قول لا لذلك الظالم.

وضعت له ملابسه، ذهبت إلى الحمام الاخر، بعد وقت خرجت وهى تكتم شهقاتها من الالم، تحمد الله على عدم وجود ابنها فى هذة اللحظة، صرخة موجوعة خرجت منها وهى تمسك ذراعها بألم ، ليأتى صوت من خلفها قلق مرتعب، اقلقها وزاد من توترها هى الأخرى.
كان هذا صوت عبدالله وهو يسأل. والدته بقلق عن حالها وما بها، أقترب منها وعينه تمشطها، وقفتها الغير مستقيمة كمن يعرج، اللون الاحمر بوجهها، طريقة حملها ملابسها.
طريقة التى تمسك بها ذراعها وهى تكتم المها ، ليعيد عبدالله سؤاله عليها من جديد: مالك ياما؟ فيكى ايه ؟

مررت يدها على وجه لتقول بكذب اجادته من كثرة جلوسها مع زوجها" ولا حاجة يا قلب امك وقعت بس على السلم انا ونازلة"

تنفس بصعوبه وهو ينظر ليدها غير مقتنع ولكن لا يوجد أمامه حل اخر، نادى على عمه سيد الذى أتى مسرعا وذهبت برفقتهم الى الطبيب بعدما رأى سيد ذراعها وقد تورم واصطبغ لونه بالازرق، وقد قام بعمل جبيرة لها؛ قائلا لهم أنه ليس كسر هو فقط شرخ ،حاول الطبيب سؤالها عن سر تلك الكدمات التى تملئ ذراعها لتقف بسرعه، ترجوه بعينيها بالا يفعل، يفهم عليها الطبيب سريعا .
مودعا إياهم داعيا لهم داخله بالسلام، ومنذ وقتها وهى لم تجرؤ على الحديث معه من الاساس، إذا كانت من البداية تخشاه وتخافه قيراط فهى الان تخافة على الاربع وعشرون، هذا الرجل لا امان له،  يمكن أن يعيد فعلته تلك أمام ابنائها وقتها الموت اهون عليها.

عادت من شرودها على يد ربطت على. كتفها ولم يكن سوى يد عبير التى سالتها بقلق عليها بعدما طال صمتها،

أنتى كويسة يا ستى؟

أجابت الجدة بإماءة من رأسها، ليستفل عماد هذة الفرصة كما قرر منذ وقت محاولا اصلاح  العلاقة ما بين جدته وخاله ، يخبرها بأن رحمة لا تجلس مع أيا من كريمة أو انتصار أن خاله يغشى عليها من الهواء، لذا فهى برفقته فى أغلب الوقت، ألقى لها بمفاجاته بأن خاله قام بتغيير موعد عطلته الأسبوعية بالعمل حتى يستطيع قضاء اكبر وقت مع ابنته.
استمعت إلى حفيدها وقد قررت فعل شئ ما.
استغفروا

وكانت للقلوب رحمهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن