=19=
.
:لمى !! حاكيني طيب إرفعي رأسك! ،هزت رأسها بالنفي وهي ما زالت تبكي وتتوالى شهقاتها، تحِس بحرقة وخوف فظيعين، لأنها تحِب جُمان،تحبها لأنها أكثر وحدة تعاملها بكل لُطف العالم وتداريها بكلامها ونظراتها وكل شيء، تحِس إن جُمان مخلوقة من الليّن من كثرة ما هي أبسط شي منها يواسي بشكل حنون جداً، رد بحنية مُفرطة تشبه أطباعه :لا تبكين! ، لا تبكين جُمان بخير ما راح يصيبها شيء وبترجع في أسرع وقت ما رفعت رأسها أبدا وهي ترد عليه :إنت تكذب كلكم ما تعرفون هي وين ولا إيش صاير معها كِلكم ما تدرون! لا تكذب!، ليش ما أخذوني انا طيب؟؟ ونطقت بأخر صوت باكي فيها: والله عادي ياخذوني والله! بس جُما.. قاطعها :ما ياخذون ولا أحد! لا تقولين يأخذوني لمى لا تنطقين هالكلام مرة ثانية! محد يقربك ولا يمس منك شيء إنتِ لمى بنت آل سيف وأخت السيف! وإنتِ مو مجنونة ولا ناقصة ولا أحد يقدر يقولك شيء غير كذا لمى! ينقطع لسان اللي يقول غير كذا! هزت رأسها بالنفي هي هالمرة تنفجر تنفجر من كِل شيء كانت كاتمته داخلها :تعرف وش كلهم قالو لي بالمدرسة؟ قالو لي إنتِ مجنونة لاني كنت اروح للدكتور النفسي، وقالو لي إني ملبوسة وفيني مس عشان.. عشان....وشهقت بقوة وهي أنفاسها تنقطع مو قادرة تتكلم من كثر البكاء والتعب كل شي تِراكم عليها بصورة تفوق إحتمالها تفوق إحتمالها بكثير هي تختنق بكلمات ما تعرف كيف تطلعها، صغيرة وجداً على كل هالمُعاناة اللي تعيشها توها دخلت عامها ال ١٨ من شهرين، يحس إنه قلبه تفتفت من القهر، من الغبن، من إن كل هالذبول يحيطها، هو يعرف وضعها وحاكته جُمان عنها وبدأ يوريها كيف تتصرف معها، لكن الآن وهو يشوفها ويشهد على إنهيار يجزم إنه بسيط قدام اللي تحمله في صدرها ويعرف إنها مو بكامل وعيها، يشعر بثقل الأرض كله فيه، مسحت دموعها بعنف وهي تِتمتم :بس تدري؟ اصلا عادي تعودت، ما تفرق، انا اصلا مافي أحد اعتذر لي عن الطريقة اللي عاملوني فيها ولا الكلام اللي قالوه لي بس كلهم لاموني لما إكتئبت، لما مرضت، لما انعزلت، كلهم لامو ردود فعلي ونقدو علي!، رد بهدوء وهو يركز أنظاره في عيونها :اعتيادك على الألم ما يلغيه يا لمى، اي شي تخبينه داخلك ما يموت، يستمر وينمو!.. أنا اعتذر لك نيابة عن كُل هالعالم أنا آسف !..
=20=تحس بدوخة فظيعة ورُعب فظيع الظلام بدأ يغطي المكان ومافيه غير شُباك واحد تعرف منه إن الشمس غربت، هي من الصبح ما دخلت شي بجوفها طلعت وحتى قهوتها ما شربتها الصداع بيقضي عليها، جثة العامل ما زالت أمامها وكل شعور بشع ممكن تحس فيه عاشته، طاقتها بدأت تخور وكثير، وإستهلكت كل ثباتها ، لها ساعات محبوسة هنا، كل مافيها ضاق وحتى جوالها اللي حاولت تتصل فيه على أخوها أو الشرطة ما كان فيه شبكة و وضح لها قد إيش المكان اللي هي فيه بعيد ومهجور! وما تنتظر إلا رحمة ربها بها،هي بدأت تُجن فعلياً بدأت تصل للجنون مافي جمبها ولا حتى قطرة موية تمسح فيها الدم اللي على يديها، قلبت في شنط المُسعفين وهي تمسح اللي تقدر عليه من بقايا القُطن نزعت نِقابها لأنها ما عاد لها قُدرة حتى على التنفُس، بعد ما أقفلو عليها رجعو سحبو المُسعفين بس ما سحبو جثة العامل كأنهم مصرين يخلونها تعيش هالحرب النفسية هي ما يرعبها منظر الجُثث لكن يرعبها إنه توفى قدامها بدون ما تقدر تحرك ساكن، توفى بدم بارد وأُطلق عليه الرصاص وكأنه مجرد دُمية، هي طول سنين دراستها وللحين تتعب وتدرس وتعرف إن أغلى شي هي روح البني آدم، إنه الشي اللي يستحق يحمونه ويحاولون فيه بدون تهاون بدون إستلام ويقاتلون عشانه لأخر رمق ، هم بعد الله يرجعون الحياة لصاحبها بكل ما يقدرون واللي قدامها يزهقون هالروح بضغطة زر بدون ما يرف لهم جفن، رجف رمشها وكل ما فيها وهي تستوعب، هي رغم إنها إعتادت هالشيء بس ما زال يقتلها في كل مره يفقد فيها شخص حياته وما يقدرون ينقذونه! حطت رأسها على رُكبها وهي تحاكي نفسها: ، لا لا ما راح ننهار جُمان مو الحين مو الحين! تكفين أبوس رأسك....
:طال عمرك وش بنسوي فيها؟، رد بهدوء ما بنسوي شوي لعب على الخفيف هم بيسون أي شيء عشانها وعشان حياتها، بنخليهم يسوون اللي نبيه وبعدها.. ضحك بهدوء بنأخذ حياتها! ،قاطعه :بس طويل العمر قال لا تقربونها؟ رد عليه بإستهزاء :جاسم مسوي رجل شريف وما يقرب للحريم بس انا؟ وش علي انا! انا اللي في راسي بسويه وما علي مِن أحد، هز راسه وهو يخرج من عنده :تم طال عمرك.....
=21=
.
.
سجد وهو يلصق رأسه مع الأرض، يرتجي رحمته اللي وسعت كل شيء، يناجي بآخر عرق في قلبه، نفذ صبره وقوته :ياربّ،! يا ملاذ الخائفين يا رجاء البائسين يا وليّ! ياربّ إحفظها، يارب لا يمسها سوء فيمسني أضعافه، أختي يالله، إبنة قلبي وشمعة بيتنا، ردها سالمة!، ياربّ! أسألك يالله ما يجها شيء، يالله إني أستودعها فيك! ،سلم من صلاته وهو يلمح كتف إبن عمه المُلتصق بقربه، يشهد إحمرار ملامحه والغضب المستحيل اللي يعتريه هو إعتاد يشوفه غاضب وصامت للدرجة تخليه يجزم إنه ما يعرف شكل ملامحه الضاحكُة لكن هالمره غضبه مُخيف، مُرعب، غضب مستحيل يشد كل عروقه وأعصابه تنهد بأخر رجاء فيه :ياربّ!،
زفر وهو يمسح على جبينه، يفكر ويشعر إنه خلاياه كُلها تصرخ من الضغط وكثرة التفكير هو يتحمل كل شي في الدنيا إلا شعور الإنتظار، يشعر إنه واقف على جمر ويمر الوقت عليه مثل الجحيم، ظل يصارع ويقاسي طوال عمره وكل سنينه ما هزه شيء لأنه يعرف قسوة هالعالم اللي هو فيه وطبيعة الأعمال والأشخاص فيها، بس هي ما تعرف، هي أطهر وأنعم من إنها تقاسي شيء زي هذا من إنها تكون وسيلة لتصفية حسابات، وتكون ضحية لإجرام ناس ما يخافون الله وخانو ربهم و وطنهم ،أرسلو له قائمة بطلبات أحدها إنهم يفكون سراح سالم وبعض من رجالهم الباقين، وطلبو مبلغ ماليّ يعرف إنهم مالهم حاجة فيه ولكنهم فقط يبون يذلونهم ويشعرونهم بالإهانة، طلبو إنهم يسمحون لشحنة مُخدراتِ تدخل لقلب الرياض ويعرف إنه ما راح يتحقق من طلباتهم شيء، يعرف إنه بيلقاها وكل رجواه إنها ما تُصاب بخدش، إنه ما يمسها ضئيل الضرر، هو ما راح يسكت ويحلف ويقسم بأغلظ الأيمان إن كل صبره وكل هالوقت بيطلعه من عيونهم، وبيصيبهم زمهرير جهنمه ولا يبالي لكنه للحين ساكن ويوزن الأمور بعقله، ساكن بس كل مافيه يصرخ، وده يحرق كل شي أمامه وكل شخص ما راح يهدى باله قبل ما تكون قدامه قبل ما يتأكد من سلامتها بنفسه، ما راح يهديه شيء إلا إن نظراته تقع على عيونها،فز تركيّ جمبه وهو يطلع جواله من جيبه وينطق بإستعجال :....
أنت تقرأ
في وصفها أبيّات القصائِد طامحة
Romanceالبطل سيّاف عسكري رتبته فريق، تنخطف بنت عمه الدكتورة جُمان وتثور أعصابه عليها فيضطر إنه يتزوجها بدافع حمايتها ولكن السبب الحقيقي مجهول للجميع ومعروف له هو فقط.. قاعدة احاول الحق وانسخ البارتات عشان الحق الكاتبة واصير انسخ اول بأول الكاتبة العنود، ه...