22

3.9K 69 5
                                    

=163=
.
.
و كررها لها مرتين يطلبها تكف دمعها لأنه يشعره بالعجز، ويشعره بسوء فظيع، لكن هي ما كانت تبكي كانت تنهمر، لأنها في الأصل مو كثيرة الدمع لكنه لما يصيبها تنهمر مثل سحابة مُثقلة بالترحال! بأسى لأن كُل شيء تراكم عليها كان شُعورها مثل شعور الشجرة اللي تظلل تحتها الكُل وتكون ذرى لهم من القيض وما عرفت كيف تقول لهم إن الشمس أحرقتها، تذكر كيف كان يمسح دمعها بإبهامه، وكيف جلسها يمد لها المُوية وآخر شيء تذكره إنها كانت منسدحة وهُو جالس عند رأسها وما تذكر اي شيء بعدها إلا إنها صحيت على نوبة هالصُداع الفظيعة ولا رجعت شافته إلا الحيّن ببدلته الرسمية تعرف منها إنه كان في المركز ، رجعت لواقعها وهي تشوف إن السيّارة وقفت أمام البيت وإنهم نزلو ينتظرونها، مسحت على جبينها من فوق النِقاب وهي تمد يدها للباب تحتاج تقعد مع نفسها وترتب الفوضى العارمة اللي داخلها، لكنه نطق بهدوء وهو ينزل شباكها اللي كان بجهتهم :إدخلو إنتو! لمحت عيون ليالي اللي إبتسمت لها بعبط من تحت نِقابها وهي تسحب أختها للداخل، وجهت نظراتها له بإستفهام وصُدمت بإرتكاز أحداقه الحادة عليها بتفحُص يتركها تسأله :إيش فيه؟،
رجع قفل الشباك من الزر عنده وهو يوجه نظره عليها: أكشفِي!،
وسعت أنظارها بعدم تصديق :سيّاف؟، هز رأسه بالنفي وهو يطفي مفتاح السيّارة يوصلها رده إن ما بيكون لهم نزول!، زفرت بضيق تمد يدها وهي تنزل نقابها وطرحتها تُسند رأسها للخلف ما لها حيّل ولا قُدرة للجِدال والنِقاش حالياً معه هي مصدعه ومهلوكة، عضّ شفته من وضحت له كُل ملامحها المُتعبة زي ما توقع ماهي بس عيونها ينطق بشبه حدة : تقولين ما يحتاج صح؟!،
اغمضت عيونها بتعب تنطق بهدوء ما إعتاده منها :ماأخذت قهوة عشان كذا تأزم الوضع ، عقد حواجبه :شلون! ما جابو لك الصبح؟،
نطقت بإيجاب وهي تكشر :إلا!،
وجه أنظاره للطريق وهو يرجع يشغل سيّارته وحك طرف فمه بإبهامه لأنها فهمها ، يفهم كُل حركاتها وكلامها وتعابيرها بصورة تبهره هو نفسه، توقف عند كوفي هو يأخذ منه في العادة ولأنه هو بعد ما يشرب قهوة إلا يسويها بنفسه كان هذا الكوفي أكثر كوفي يرضيه نوعاً ما،
مسحت على وجهها بخفوت وهي تضرب خدودها بشويش :وبعدين جُمان؟ نصحصح شوي حُبي!، ورجعت بنظرها له وهي تشوفه مثبت الجوال على أذنه ويوضح له إنه معصب من تعقيدة حواجبه وفتح الباب يمد لها كوبين القهوة بإيده اليمين ويرفع نظارته الشمسية لأعلى شعره بإيده اليسار: هم يومين ما أزيدهم، تجيب لي كل شيء عنه لو تحفر الأرض بيدينك تفهم؟ وأغلق قبل ما يكون من الطرف الثاني رد!،
=164=
.
.
ميلت شفايفها بعدم إعجاب وهي تثبت الأكواب في محلها وتأخذ واحد منها تحس إنه لو مر يُوم من الصبح للمساء هو ما عصب فيه بتصير معجزة كونية!، ونطقت بتذمر خفيف :كأنهم شغالين تحتك!،
عقد حواجبه يناظرها وعضت شفتها من إستوعبت إنهم فعلا يشتغلون تحته! بس بعد ما يحق له يعصب على القاصي والداني! وقبل ما تقعد تنقد على تصرفاته وكلامه رجعت تشغل نفسها بكوكب القهوة اللي دغدغت ريحته أعماق قلبها وإبتسمت بإنتصار مستحيل وهي ترتشف منها وتنطق بهمس مُنتشي :ايوه جذي يبا جذي! ،
كان كُل هذا تحت أنظاره اللي ما نزلت من عليها اصلا وسمع همسها، شغل السيّارة وهو يمسح على شنبه يبلع إبتسامه مُستحيلة مرته من عفويتها،وكان بيسألها عن وضع لمى لكنه أجل سؤاله من شاف تعبها ونطق وأنظاره على الطريق : نمر البيّت؟، ضغطت على عيونها بتعب فظيع وهي تنطق بتساؤل مُمتن: يصير؟، هز رأسه بإيه فقط بدون أدنى كلمه،
رجعت تغمض عيونها وتسند رأسها على الكرسي تحتاج للراحة وإنها تنعزل في غرفتها ترتب نفسها  وداخلها لأن جيتهم لبيت أبوه كانت غير متوقعه اصلاً وكِل أحداث أمسها اللي تجاهد نفسها ما ترجع تفكر فيها، ففضلت إنها ترتاح الأول ثم بعدها ترجع لهم..
.
= روسيا=
.
دخلت للمكتبه وهي تنطق بتذمر : بابا ودي انزل السعودية! زواج صديقتي قرب لازم اروح ولا تقولي لي ما تقدرين والفترة هذي  صعب اروح وما اعرف إيش! ما اقدر، مره صديقتي وقريبة لي وإنت تقدر تتصرف ما يغلبك هالموضوع رجالك يتصرفون يسون لي أوراقي وكِل شيء !،
غمض عيون بإزعاج يأشر لها بالسكوت :بس يبا بس، فريتي رأسي! ،
ميلت شفايفها تنطق بهدوء : والله بزعل يبه ! لازم اروح!،
هز رأسه بطيب :نشوف يصير خير!،
جلست على الكنبة اللي بقربه وهي لمحت أوراق معينه أخذتها وهي تقرأها ونطقت بذهول :هذولا آل سيّف! كيف كلهم كذا ماشاء الله وش هالنفوذ والقوة ! ،
كشر بإحتقار :الله يقطعهم ويقطع كِل طاري لهم، وأردف بسخرية :هم قوتهم قدام الناس لأن سعود يربطهم ببعض غير كذا مالهم اي ترابط وكل واحد له أسرار لها اول مالها تالي!،
عقدت حواجبها بإستغراب من عُمق كلام أبوها :تعرفهم إنتِ ؟ يعني كلامك ألحين مدري شلون بس..،
قاطعها وهو يهز رأسه :إنجبرت اعرفهم ماهو شيء افتخر فيه! وإبتسم بخبث :
وإذا هم نسو هالمعرفة لزوم نذكرهم فيها! ،
ما نطقت بحرف وهي تستغرب إهتمام ابوها الكبير بهالعائلة وبالفريق تحديداً يجيها فضول كبير  لأنهم مو مثل باقي أعدائه، بس تمنع نفسها من السؤال، ما تحب تصدع رأسها بأشياء ما بتنفعها!،...
=165=
.
.
=بيّت أبو تركي=
.
كان داخل من الخارج وهو مهلوك جداً إضطرو يسوون إجتماعهم الفجر ومن وقتها وهم في المركز، وكان بيتوجه لغرفته على طول ولكن غير كُل خططه من لمح جلوس أمه في الصالة وهي تحتضن كِتابها وشاردة لدرجة إنها ما حست فيه إلا يوم حط رأسه في حجرها : شفيه نور هالبيت سرحان؟،
إبتسمت له بهدوء تنزل كتابها وخللت يدينها في شعره :حيّاك يا يمه، غمض عيونه بإنهاك شديد : آه يا يمه!،
ردت بشبه قلق :بسم الله عليك يا يمه وش فيك؟،
هز رأسه بالنفي :الشقى ولا غير هالشقى!،
ميلت شفايفها بعدم إعجاب : لو إنك متزوج كان الحين عندك زوجتك تداريك وتهتم فيك ما كنت شقيت!
فتح عيونه برجاء :تكفين يأم تركي مو وقت هالموضوع!،
هزت رأسها بالنفي بهواش :متى وقته؟ كلما فتحت معك الموضوع قلت مو وقته!! عجزت فيك اللي في عمرك عيالهم يمشون قدامهم!.. انت في بالك وحدة انت؟ تبي وحدة معينة؟ منتظرها تخلص دراستها او شيء قول لي عادي، اقول على الأقل الخاطر مشغول!!
وسع أنظاره بذهول وإبتسم بخفوت :الخاطر ما فيه إلا إنتِ وبنتك،
قبل ما ترد عليه رفعت أنظارها لرعد اللي كان متوجه لغرفته ولا كان منه النظر لهم :ولد! تعال هنا ليش داخل جذي؟ ما تسلم ولا تقول الحرف،
رفع أكتافه وهو يتقدم نحوهم :والله يا حبيبتي إنتِ كنت جاي بس شميت ريحة هواش وانا مالي صلاح صح؟ بس انتم معشر الأمهات ما تعرفون تهاوشون شخص واحد تسون تحديد الكل! انا شكو اتهاوش وإنتِ اصلا تهاوشين تريك؟،
ما قدرت تمنع ضحكتها وإبتسم يجلس :ايه يبا كذا فديت هالضحكة بس،
عقد تركي حواجبه وهو يرد عليه: أصغر عيالك انا؟،
ميل شفايفه :منت أصغر عيالي يا حبيبي يا تركي يأبو خالد يالعزيز اللذيذ، نيتك حرش انت بس الواحد ما يدلعكم ياخي!!
لو إنها جُمان كان الإبتسامة شاقة حلقك يالخفيف بس انا الشكوى لله لو ذابح لكم احد ما تعاملوني جذي!،
إبتسمت مزن بخفوت وإبتسم تركي بالمثل يغمض عيونه، وأردف رعد بذهول :شوف بس طاريها يخليه يبتسم! ولف لأمه :يمه صارحيني انا ولدكم؟ ولا تبنيتوني عادي علميني الحقيقة ما بتأثر واجد! ،
ضحكت بخفوت : لا عاد تشوف أفلام كثير. بس ،
هز رأسه بالنفي :وبعدين يمه إنتِ تهاوشين تركي عشان ما يبي يتزوج وانا تهاوشيني اذا قلت زوجوني! يعني ليه؟ تركي  بيسوي لكم عرس وانا بسوي كبسة يمه؟ ظلم ظلم!!
ضحكت بخفة : تركي عاقل وكبير ويقدر يفتح بيت، انت كتب دراستك بالعافية تفتحهم يا حبيبي!،
وسع أنظارها بذهول وهو يلمح إبتسامة تركي الساخرة : افا افا يا يمه!! لا انا قايل إني مضطهد في هالبيت لازم اشوف عائلة ثانية تتبناني ويكونون يقدرون العظماء...
=166=
.
.
= بعد ثلاث أسابيع =
.
ضغط على رقمها للمره الثانية وهو بدأت تطق أعصابه فعلياً من عدم ردها عليه لأنه يقلق بكُل ثانية تُمر هو يقلق وألف فِكرة سيئة تعتريه وتبعثر سكونه، للآن يذكر كيف شعر بحريق يلتهم كُل بساتين صدره لما عرف بإنكاستها لما أخبرته جُمان بوضعها!، يذكر كيف كان يشعر إن كُل هالدنيا بهتت في عينه وما عاد يشوف فيها شيء، وكُل شريان فيه صار ينبض بجنون، ويدرك إنه ماعاد يطيق هالبُعد وهالإنتظار اللي ما نال منه سوى الحريق! ما نال منه سوى الوجع اللي يتكاثر داخله كُل ما يشوف حالها و وضعها! وقرر إنه يحط حد لهالشيء، قرر إنها تكُون معه ويكون معها وجمبها وما يهمه أي شيء ثاني من لمحت له جُمان بموافقتها وإنها اعطتها موافقة مبدئية لما كانت في وضع أفضل، لكِن الحين مع هالإنتكاسة هي ما تقدر تأخذ منها قرار ولا رأي ولا يقدرون يسون شيء رسمي أكثر لأنها تُعتبر غير مُستقرة نفسياً ولا يُمكن تأسس حياة أو تختار طريق تسلكه وهي مُو في كامل إتزانها و وعيها!،
لكن كانت مِنه جُملة وحيدة : مدام  صار منها طيف رضى انا راضي اعيش عليه وأبني عليه كل شيء وحتى لو تجي وتهده فوق رأسي انا راضي!،
يعلن بعدها للكل إنها خطيبته وله!، رجع بأنظاره لشاشة جواله وهو يرسل لها كِلمة وحيدة : بجيكِ!،
.
أقفلت جوالها ترميه بقُربها من قرأت رسالته! وهي ترفع نظرها لها: لمى زيّاد بيجيك! ورفعت أكتافها تبتسم لها : لو إنك راده عليه كان أحسن لك، هيّا ألقمي الحين وجهزي نفسك بيجي لك،
رجف كِل جوفها هي تعمدت إنها ما ترد على مكالمته لأنه يوترها! ولأنها تحس بإضطراب غير معقول في كل خلاياها! ،
إبتسمت ليالي بهدوء وهي تركز نظراتها عليها هي ماهي قادرة تصدق إن اختها تتكلم معها وصارت نوعا ما تأخد وتعطي معها في الكلام حتى لو ترد بكلمة وحدة هي راضية، لأنها للحين ما تخطت كيف عاشت أيام مريرة تبكي فيها على وضعها وعلى عدم وعيها بأي شيء حواليها، وإنها كانت ما تعطي اي ردات فعل لكن هالأسبوع تحديدا كان منها تجاوب معها،  كانت تواظب على جلساتها بإنتظام ويا تروح معها هي أو جُمان وبدأت حالتها نوعاً ما تتحسن ولو إنه ضئيل لكنها سعيدة فيه ولا لسعادتها حد، وسعيدة أكثر بكون زيّاد حولها، هي تشوف إن اختها محظوظة فيه لانها تشوفه شُجاع! شُجاع ومُحب وكونه أصر على إنه يكون معها في هالوضع هي تشوف هالشيء عظيم، عظيم جداً وتعرف إن لمى بتتحسن أسرع وإنها تقدر تضمن كُل حياتها معه،
جلست على الكُرسي ورفعت رأسها من دخول جُمان اللي كانت حاملة الآيباد حقها و واضح إنها مُنهمكة في شيء، إبتسمت بحُب شديد كِل يوم يزيد حُبها لجُمان..
=167=
.
.
وما تعرف كيف كانو بيتخطون هالفترة الصعبة لولا الله ثم وجودها الدائم حُولهم، وتطمينها ما تنسى كيف إنها لازمتهم على طول رغم دراستها ومسؤوليتها الثانية إلا إنها كانت تروح مع لمى بعض جلساتها وتمر عليهم أحياناً وهي راجعة من جامعتها :يا حظ اخوي بس ياحظه، رفعت حاجبها لها بإستفسار، هزت رأسها بالنفي  وإبتسمت بعبط :زيّاد بيجي للمى!،
رفعت جُمان حواجبها وإبتسمت وهي تلتف عليها :لا؟ ماشاء الله! وليش جالسة عيني! بتقابلينه ببجامتك؟قومي البسي لأن الغالب بتطلعون!،
وسعت أنظارها بذهول وضحكت جُمان تهز رأسها بإيه! :ليش تعاندينه؟طلعتي روحه يختي ارحميه ! ،
هزت ليالي رأسها بضحكة: يقول إرحم من تولع ما دريت إن هجر المسلم للمسلم حرام؟،
ما ردت عليهم وهي في قلبها طُبول مثل طبول قرية تنذرها بقدوم جيش المُحتل، قامت من عندهم تتوجه للحمام "أكرمكم الله" تغسل وجهها وتحاول تخفف من توترها،
إبتسمت ليّالي بضحكه :حيّ جُمان حيّ جامعة المحبين،
ناظرت لها جُمان بضحكة خافته، وهزت ليالي رأسها :حبيبتي بعد ما سيّاف إقتنع أنا تأكدت إنك عندك تأثير سحري على الكُل،
ما ردت عليها تشتت أنظارها على آيبادها ما شافته من إسبوع كامل وآخر موقف جمعهم في بيتهم قبل أسبوع، آخر حِوار وآخر جلسة واللي كانت أول جلسة تجمعهم يكونون فيها بذاك الهدوء واللي جلست تعيدها في ذاكرتها كثير، نزلت أنظارها لجوالها اللي قاطعها صوت الإشعار فيه واللي كان رسالة من رعد يسألها إذا يجي يأخذها أو بتنام في بيت عمها، وأرسلت له إنها بتنام هنا لكن هي في بالها كانت نية ثانية، وسرحت في تفكيرها للحظات،
إبتسمت ليالي وهي تركِز أنظارها عليها تتأمل كمية العظمة اللي تتجسد فيها وكمية العذوبة في إنها امرأة تعرف لمين تمنح ودها، وتعي مين تهب انتباهها، وإيش الجدير بتمعنها، و الخليق بحبها، امرأة مثلها  مُتزنة تمامًا، تلقائية وهادئة؛ بلا مخاوف ضخمة تمنع خطواتها الجذلة عن الطريق، ولا أحقاد مضنية تثقل أكتافها، وغرور مُعتدل يعطيها هالة من الضوء حولها، هي وديعة بلا تحفز وبلا عُقد ونطقت بعدم وعي :سيّاف محظوظ فيك!،
رفعت جُمان أنظارها لها بإستفهام لأنها ما سمعتها :إيش؟، هزت رأسها بالنفي وهي تتوجه نحو الشباك :ما قلت شيء وشهقت من شافته ينزل من  سيارته :يمه جُمان زيّاد تحت!،
وسعت جُمان أنظارها وهي تتقدم لقربها :وي! ماشاء الله متى وصل!،
ولفت للمى :ياحلو زوجك تحت!،
بردت أطرافها من كلمة جُمان و وقعها الغير عادي عليها ابدا، هو كل هالموضوع بالنسبة لها غير عادي، وهو غير عادي، وكِل ما يخصهم تحت صيغة الجمع يوترها..
=168=
.
.
عدل شماخه وهو يسلم على عمه ويجلس وإبتسم يرد عليه : بأحسن حال الله يبقيك يا عميّ،
إبتسم عبد العزيز وهو ينطق : العشاء عندنا من الحين أعطيك العلم،مد يده لصدره بإعتذار : مره ثانية إن شاء الله، وخيرك واصل بس إنت تعرف سبب جيتي!،
هز رأسه بإيه : الحين أعطيهم خبر ، وإبتسم وهو يخرج ودخل سامي اللي سلم عليه ونطق بتمثيل للجدية : إيه خير حبيبي ابوي يقول طالع مع لمى؟ ترا حدكم بالكثير ثمانية ونص وإنتبه!، إبتسم زيّاد بسخرية :لا والله؟،
هز رأسه بإيه :شدعوه يعني ترا حتى انا اخوها، لو إنه صاحبك كان الحين ضلوعك تتنافض!، ميل شفايفه يبتسم بهدوء وهو يحك ذقنه وطلع جواله يرسل لصاحبه اللي آخر عهده فيه من اسبوع وما يرد لا على رسائله ولا على مكالمته غير رسالة وحيدة كانت تحوي : لا تشغلني!  ضحك مره ثانية وهو يرجع يشوف هالرسالة وهمس يمسح على وجهه :خلقه أضيق من ثقب إبرة،
رجع أنظاره لسامي اللي يسأله :ابوي يقول بتأخذ معك البنات؟،
إبتسم يهز رأسه بإيه وينطق بسخرية : أوامر اخوك يقول لو ما صارت حرمك مالك طلعة معها،
ضحك سامي يرد عليه : ما عليك منه البنات من نفسهم يفهمون،
تقدمت تخرج وخلفها ليالي وجُمان اللي إبتسمو من تقدم يفتح لها الباب وعضت ليالي شفتها تهمس لجُمان :يمه الحب يمه هذا وإحنا ما قلنا يا هادي!، قرصت يدها جُمان : بعدين بعدين! ،
إبتسم بهدوء وهو يلمح سكُونها الشديد، هي حتى في اسوء حالتها هذي تجي لعينه بمنظر عذب، ويهلكه، تهلكه هالبنت الطالعة من أزقة اليأس ومن أمل خاطف كالبرق، ونطق بهدوء : أين الوجهة؟
ما كان منها رد وإبتسمت جُمان : لا تغير خططك إعتبرنا مو موجودين نحن!،
إبتسم يهز رأسه بزين يتوقف عند كوفي معين هو يحبه من زمان وقليل جدا عدد الناس فيه، نزلو ليالي وجُمان بسرعة وهم يدخلون للداخل، إبتسم بهدوء يفتح بابها :مالك نية نزول؟ إذا ما لك نجلس في السيّارة عادي! ،هزت رأسها بالنفي تنزل فكرة إنها معه لحالهم تخوفها وترعبها، إبتسم يمشي جمبها بخطوات مُتقاربة بدون شيء ثاني ماهو مُستعجل على شيء وجودها معه الحين وتحت عينه يكفيه جدا، ونطق وهو يرفع رأسه للسماء الصافية شديدة السواد :‏ياليـل مامرّك شبيه القمر نور؟اللي سنا وجهه كسر هيبة الضي..!،
ناظرته لثواني وبدأت كل ملامحها بالإحمرار من توترها اللي يزيد كُل ثانية تتركه يضحك بخفة : بالهون بالهون!،
أخذ لهم طاولة في احد الزوايا البعيدة نسبياً،
إستجمعت كُل شجاعتها وهي تشبك يدينها وتحاول تجمع كلامها لتنطق وهي تجبر عينه ترتكز عليها :...
=169=
.
.
وهي نصحتها دكتورتها إنها دائماً تكون واضحة وصريحة وتعبر عن رغباتها وشعورها وما تنتظر من أحد يفهمها بالطريقة اللي هو يبيها :أنا مو بخير! أنا منطفية، مو قادرة احس بشيء معين أو أرسى على شعور ثابت، كل شيء عندي ملخبط، واخاف كثير، وما اقدر اتحمل اي مس..،
قاطعها وهو يهز رأسه بالنفي يثبت أنظاره على عيونها وينطق بهدوء : إنتِ مو منطفية إنتِ شمس ما لك جهة، ولا وجهة، ولا وجه غير الضياء!،
وانا أعرف هالشيء لمى اعرف وضعك بالتفصيل وما أطلب منك اي شيء ما أبي منك ولا حتى مُحاولات أنا أبيك إنتِ، وأبي تكونين بخير! هذا المطلوب منك حالياً،
أعرف كُل الأفكار اللي تجي في بالك والتساؤلات بس أعرفي إنّ الله إذا أحب عبدًا أنار له بصيرته، والبصيرة ما  تُستنار إلا بالحزن وبالتعب وقتها يشوف الإنسان حقيقة كُل شيء، حقيقة نفسه، وحال قلبه وصحبته وأهله، حقيقة الدنيا على حالها، فيجعل الله من كل ذرّة حزن ويأس وألم في نفس هالعبد نور يضيء به بصيرته عشان يُدرك هوان الدنيا رغم جمالها وحقيقة الأشياء، وعشان يدرك مدى قوته هو كفرد وإنه يقدر يحارب كل شيء ويقدر يوقف على رجلينه! فهمتي؟..
أبي منك الوضوح يا لمى الوضوح ولا أبي غيره! أبيك تعرفين إني اخترت اكون معك وجمبك بإرادتي الكاملة وعشانك إنت! عشان ذاتك مو عشانك بنت عمي ولا عشانك إخت سيّاف! لأنك لمى!...
إستمر يحاكيها، ويشرح ويوضح أسبابه وداخله بكُل شفافية وهدوء،كان حديثه دافئ يعرف وين يحِل في دمها، وأي جُرح يداوي وأي فراغ يملأ،
وتنهد بعد ما حس إنه هُلك من الكلام ومن نظراتها المُرتكزة عليه تسمع كُل كلمة يقولها ويعرف إنها تستقر داخلها،
شتتت أنظارها لثواني تنطق بتردد : وش بيصير الحين؟،
إبتسم بهدوء : ما بيصير شيء إنتِ لمى وانا زيّاد اللي شوفة وجهك هي أعظم أرباحه الحيّن،
.
إبتسمت ليّالي اللي كانت تسترق النظر لهم بين وهلة والثانية :عاد عرق اللقافة عندي طاق ودي اعرف وش يقولون اخ بس،
إبتسمت لها جُمان ترفع رأسها من آيبادها :أنت شكو؟ خلي الناس في حالها،
إبتسمت ليّالي :مو أنتِ لك يد يختي؟جدي قال سيّاف وافق عشانك وانا متأكدة إنه عشانك، أقولك يحبك ما عنده قلب يرد كلامك!،
ناظرتها لثواني :أشربي قهوتك وإنتِ ساكته،  ترجع أنظارها لأيبادها تذكر لما حاكته وشعرت إنها كانت فظة نوعاً ما لكنه نفسه أسلوبه اللي يستفزها فيه كثير،
_
: يعني  الحين ليش مو موافق؟ مره مالك داعي سيّاف، وش فيها لو أعلن الخطبة في النهاية هو خطبها بطريقة تليق فيها وهي وافقت؟ ما يسوى عليك واقف بينهم كأنك طويق! وميلت شفايفها بزعل فعلي وهي تخرج! وسع أنظاره بذهول :...
=170=
.
.
من إنها فعلياً قالت له هالحكي وزعلت بعد! :هالبنت من وين تجيب هالكلام؟، ضحك سعود وهو يستغفر ويمسح على وجهه من إنها فعليا تقول الكلام ولا تفكر فيه :من وين تجيب هالكلام ولا انت من وين تجيب قلب يرد صاحب هالكلام، ويزعل عينه؟، ميل شفايفه بسخرية هو ما جاب فيه العيد إلا هالعين!،
وإبتسم سعود ينطق :يقولون لأجل عين تكرم مدينة يا سيّاف! ولأجل جُمان تكرم مداين ولا؟،
عض شفته يشتت أنظاره بهمس :وش هي المدانين عند رمش عينها يا سعود! إلا تطيح أرقاب وتعتق رهاين!،

في وصفها أبيّات القصائِد طامحة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن