8

4.7K 88 8
                                    

=44=
.
خرج من المركز بعد ما عصف فيهم عصف وهو شبه دمرهم ودمر كُل أشغالهم وخططهم في أقل من نص يوم و هالشيء لحاله يكفي إن رسالته لهم توصل وتفهمهم مَن هو! ويفكرون مليون مره قبل لا يلعبون معه من جديد، بس ما خف غضبه، ما قل ولا لدقيقة وحدة، ويزداد هالغضب كُل دقيقة كُل ما مرت ساعة ويزداد معها توتر أعصابه، الطبيعي إن الشخص اللي ما ينام يصيبه سوء مزاج كيف لو هو أصلا صاحب مزاج سيء؟ كيف بيكون حجم المصيبة في حلول الأرق وإنه عيونه ما غفت! ، بس هو ماهو راضي يهدأ، لازم يحط النِقاط على الحروف، لازم يرسي ويرسيها على بر ويوضح لها هو مُتصالح مع الغُموض لكن هي عاشقة للوضوح وهو يعرف هالشيء، توجه لقصر جده وهو ما معه وقت كثير، وتوجه لغُرفتها مُباشرة من أعلمته الشغالة إنها في غرفتها والبنات في جناحهم، توجه لغُرفتها وطرق الباب عدة مرات بدون رد وإضطر يفتحه ويدخل بس ما لقاها، لمح الإضاءة الخافته والشمُوع الكثير بُقرب سريرها وكمية الورود اللي محطوطه في التسريحة وكمية الكُتب جمبها ، جلس على طرف السرير وهو يمسح على ملامحه، وهو في ظرف خمس دقايق صار حافظ لكل تفصيل في غرفتها وعرف نص إهتماماتها وإلتف من سمع صوت الباب وهو يلمحها تدخل منه وتغلق الباب بسرعه،حتى رجفة يدينها أدركها وماخفيت عنه
هو ما أوجعته مُعضلات يومه كُلها بقدر ما أوجعه منظرها الحين قدامه بهالشكل، كيف يتجاوزها وهي بكُل هالبذخ العالي والحاد جداً؟! ، كيف يحاوط هالفُستان جسدها الرقيق ويلتف حول خصرها بالصورة المُوجعة هذي!،
،هي ذابت كُل عظامها من لمحته وتوقفت كُل أنفاسها، وإرتجف رمشها يفضح ربكة قلبها، وجه نظراته لها حزنها المتعالي ذاك هو أول ما قراه في عيونها، يبرز حزنها رُغمًا عن محاولاتها لإخفائه.، هي تجيد تصنُع الضحك وخلق البهجة رغم الركن الفارغ داخلها، يقدر يراهن إنها كانت ثائرة بوجه كل شي وتتمرس التمرد والعناد والقوة، ولكن لابد أن يستسلم الإنسان من وقتٍ للثاني ، أن يستريح، ويشوف هالحياة وهي تعبر من أمامه وكأنها شيءٌ لا يخصه ولا يعود إليه ولا يعنيه وهذا اللي كانت تسويه.. قادر  يلتمس لمعة عيونها التي تنم عن التعب والكثير منه، يفهم رغبتها في الإستلقاء  هي ما تعرف وين ترتمي و كل الأماكن تتطلّب منها الوقوف، وين تروح بكل هذا الكم الهائل من الشعور؟ حتى في لحظات ضعفها ما كانت مُنكسرة،
إرتعش كُل جسدها من نظراته اللي حست للحظة إنها فضحت كل داخلها  هي ما كانت ناقصة شوفته تحديداً ولا في الوقت هذا بالذات لأنه للحين ما صار لها الإستيعاب وكل قواها الجسدية والنفسية خارت....
=45=
.
ما لها قُدرة مُواجهة الحين هي فعلياً وأبداً مو جاهزة، ليش يطلع لها كذا فجأة في منتصف كل شي؟ ، سيء جداً أنه يكون في منتصف كل شي، نطقت بُسخرية حارقة بأخر ما تبقى منها :حيّاك يا زوجي العزيز، قبل لا تقول شيء أنا بقول لك ماله داعي كثرة الكلام، أعرف إنك إنجبرت مثلي وما أنتظر منك شي ولا أطلب منك شيء!،
وقف وهو يتقدم منها لحد ما صارت المسافة بينهم شبه معدومة تشوف إتزانه وصلابته ‏، صلبًا كأنه ما يخشى أي فاجعة، كأن كل الذي يخشاه قد لحقه، ونطق بهدوء :إنتِ باقي ما عرفتي إن السيّف ما ينجبر على شيء وإنه يجبر الدنيا كلها تطيعه فلا تقولين كلام أكبر منك، ورفع كتفه بسخرية مُماثلة :وش نسوي؟ الأقدار ما تدلّل أحد!،هزت رأسها بإيه :أنا ما انتظر الأقدار تدللني انا افرض نفسي عليها!، وكانت بتبتعد عنه وهي فعلياً ما عادت لها قُدرة على الوقوف ‏وأكثر جملة يردّدها عقلها "ما تبغى تعرف شيء بعد الآن، ما تبي تعرف أكثر "، وإختل توازنها لولا إنه أحكم بقبضته على خصرها، كانت تطالعه بعدم وعي وكُل ملامحها توحي بالهشيء إرتفعت يده الثانية لجبينها المُحترق بحرارته وعض شفته  من إتضح له عُمق الدمار داخلها واللي إنعكس على خارجها في شكِل هالحرارة، هي كانت تخاف أنها تنهار في الوقت الخطأ، في المكان الخطأ، أمام الشخص الخطأ، ولكنها نسيت مِقدار الخطر في أن ينهار الشخص أمام نفسه..،
نظر في عيونها اللي تحبس الدمع وتحمر بصورة فظيعة من السخونة ومِن حر جوفها، نظر لعله يهتدي لكن تعاظمت حيرته بعد التأمل :لا تحملين كل ذا، إنتِ بجاهي و وجهي محد بيقربك! هي كانت بدأت تهلوس فعلياً :‏اششش.. أحاول أتذكّر، كيف كنتُ أرجع أوقف إذا إلتَوَى كاحلي وهويْت في قصة مظلمة، عيب أني أنسى هالشيء، ما أعطاها فُرصة تكمل من حملها كُلها ينزلها في سريرها ويغطيها وفتح باب الغُرفة وهي ينزل للمطبخ بإستعجال ويرجع وهو حامل ثلج وموية كل هذا كان تحت أنظار الجد سعود، بقى عندها لحد ما نزلت حرارتها و نامت،خرج من غرفتها وهو يمسح على ملامحه وزفر،
:بالهون عليها ‏ هي لما تفرح تكونُ رقيقة جدًا ، لدرجة إنها قد تُمطرك لو احتضنتها ، ولما تحزن تكونُ حادةً جداً للحد اللي يخليها تجرح و تتحول فيها كلماتها لسكاكين،
هز رأسه بالنفي بهدوء وهو ينطق :ماهيب منها جروح الوقت واللوعة من سود الأيام .. ولا هي ما تجرح،
هز رأسه بتأكيد وش إنت مسوي؟
ضغط على عيونه بتعب فظيع :لو إنها يا سعود صارت على الكيف، ما صرت أنا بين مُرين!،

في وصفها أبيّات القصائِد طامحة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن