16

4K 73 5
                                    

=109=
.
رد تركي بإبتسامة :أمداك تشتاق؟
رد رعد بسخرية :ماشاء الله عليك إنت عاد، ما باقي دمعة ما هليتها ورجلك ما تطب البيت لا تسوي لي فيها الصنديد!
ضحك تركي بخفة :شسوي شايب ما عنده غير بنت وحدة وخذوها منه!
هز رعد راسه بأيه :لو إنه واحد غير سيّاف كان كل يوم طاب لها بس الشكوى لله!،
ضحكت مزن :تخاف من سيّاف انت؟
رد عليها بالنفي :شدعوه أخاف منه بس يعني احترام  ولد عمي هذا، وهو مصاب ولازمه راحة وجذي ،
رد تركي بسخرية :إيه مره ما تخاف بسم الله عليك!
زفر وهو يشتت أنظاره :أبي جُمان! ليش نزوجها اصلا باقي بزر البنت! ،
هز رأسه تركي :مافي بزر غيرك والله!،
وسع أنظاره :افا يأخوي افا! ،زوجيني يمه انا بعد جمان مالي احد في هالبيت وما كان في غيرها يفكني من زوجك ولا ولدك هذا وشرهم !،
ضحكت مزن وشد شعره بخفة خالد اللي دخل :وش قلت؟،
قام وهو يسلم عليه: حيّ أبو رعد قلت وحشتنا ما صرنا نشوفك!
هز رأسه بإيه وهم يضحكون عليه، وأردفت مزن وهي تحط يدها على كتف تركي :وإنت متى نزوجك ونفرح؟،
ضحك رعد :هيا ألقم ما كان يفكك منها غير جُمان شوف الحين مين يصرفك!،
رد تركي بإبتسامة :افا يا يمه طفشتي مني؟
هز رعد راسه :ايه ولله الصراحة طفشنا منك! نبي عيالك بعد نطفش منهم ونقضي! وفز من رمى عليه مفاتيحه!
ورد بأسى :وينك يا جمان تشوفين كيف يحاول يشوه ملامحي! اه من نار الغيرة بس!
هز تركي راسه بأسف :ما منك رجاء انت غاسل يدي منك!
نطق خالد بإبتسامة :ما ودكم نروح الكويت؟،
هزو رعد وتركي رأسهم بالنفي في نفس الوقت وذات الرد:بدون جمان؟ وضحكو من نطقهم في ذات الوقت، مسح تركي على وجهه وهو يتنهد بهمس: الله يحفظك يا عين تركي الله يحفظك!
مسحت مزن دمعة سريعة مرتها من ظهر لها تعلق أخوانها الشديد فيها مو بس هي، ونطفت بهدوء :امي توها جات وشهر شهرين بترجع نروح معها إذا ردت!
رعد :روحي إنت وأبوي وعيشو جوكم وجددو شبابكم وعهدكم الأولي، انا وشايبي خلونا عند اختنا هنا! هز تركي راسه بإيه، وضحكو كلهم من إحمرت ملامح مُزن بخجل فظيع..

=قطر =
.
توجه لشركة أبوه اللي طلب منه يجيب له أوراق معينة وعلمه إنه بيقابل المُحامي حقه، نزل من سيارته ودخل وهو يرفع نظارته الشمسية لرأسه ومشى بهدوء يسلم على الناس اللي يعرفهم فيها، وسع أنظاره بذهول من وقعت عينه عليها جالسة في إحدى الكراسي وأنظارها مُتعلقة برجل واقف على مسافة منها يكلم بجواله تقدم نحوها وهو يلقي السلام، رفعت أنظارها له وذُهلت بالمثل من وجوده! ظلت صامته لثواني وردت بعدها بإحراج من أنتبهت إنها ما ردت عليه، إبتسم بخفة وأردف بإستذكار:
‪=110‪=
.
:أحسن الله عزائكِ في جدك وجبر كسركم، قالت لي صديقتك لما تغيبتي عن توزيع الشهادات،
هزت رأسها بهدوء :مشكور إستاذ جواد ما تقصر،بس انا..
قاطعها بهدوء :متفهم لوضعك، ومتى ما رتبتي أمورك مري المبنى وإستلميها ويختمونها لك، قولي معي توصية من جواد آل سيف !،
إبتسمت بهدوء :شكراً مره،
إبتسم لها بالمثل ومر من عندها بدون ما يسأل عن أي شيء آخر، لأنه ما يهتم، وحتى لو كان يهتم فهو مو من النوع الحشري ولا اللي يهمه يعرف أي شيء وكل شيء، طرق باب غرفة الإجتماعات ودخل من سمح له صوت ابوه بالدخول ألقى السلام وهو يجلس بقرب أبوه ويصافح المُحامي ويمد له العقُود اللي طلبها أبوه منه!،ولف يستأذن أبوه إن بيرجع لكن ما قدر من بدأ المحامي ينطق :طال عُمرك في موضوع ثاني انا جاييك عشانه!،
مساعد آل جراح الله يرحمه، عقد محمد حواجبه! وهو يهز رأسه :الله يرحمه ويغفر له! وش فيه؟ ،
أخرج المحامي ظرف : ترك وصية طالب إنها تنفتح في حضورك!، كانت منه ثواني ثواني قليلة يستوعب ويربط فيها المواضيع! في رأسه وشك كثير الشك! وهو ينطق بهدوء : اللي برا حفيدته؟ وسع بندر أنظاره بذهول من معرفته، :تعرفها أنت؟،
لف محمد راسه لولده وهو للآن ما إستوعب شيء! :وش العلم؟!
رفع أكتافه بعدم معرفة! :صدفة! بنت كانت عندي في الورشة وجدها توفى قبل فترة قريبة والحين شفتها برا، وربطت بين كلامه، إبتسم بإعجاب من نباهة وفطنة ولده اللي تعجبه كثير،
وأكمل بندر وهو يتنهد ، يتنهد من الحمل والعبء الثقيل اللي ألقاه مساعد على ظهره، ومن صعوبة وتعقيد الوضع! يمهد لمين ولا مين؟! وش يقول اصلاً؟ :حفيدته بنت مشعل الله يرحمه! ،
قاطعه محمد بإستنكار :مشعل له اولاد؟ تزوج هو؟، وقبل ما يرد!
نطق جواد بإنفعال مُستحيل من تأكدت شكوكه :بنت عمتي مزون! بنت عمتي مزون صح؟ والله إنها هي! ،
تيبست أقدام محمد ونشفت فيه عروقه من نُطق ولده وإنفعاله: وش تخربط أنت؟ بنت مزون متوفية من ١١ سنة!،
هز رأسه بالنفي : والله هي يبه والله! تشبهها والله هي! ،
ونطق بندر وهو يهز رأسه :بنت مزون أختك! مو متوفية! ،
نشف الدم في عروقه وفتح أزرار ثوبه من إنعدمت قُدرة التنفس عنده، مخه توقف عن الإستيعاب!، وكُل خلاياه فقد الاحساس والسيطرة عليهم، اختهم من ١١ سنة تبكي على مين؟ بكت على مين؟ إنهارت ومرضت وتعبوا معها لين تحاول ترجع طبيعية بسبب مين؟ مشعل بنفسه قالهم إنها توفت لما كانت معه في لندن بعد إنفصالهم!، وبنفسه ارسل لهم شهادة الوفاة!، كانت طفلة عمرها ٩ سنوات!، شلون بعد ١١ سنة تطلع حية! ما يقوى لا مخه ولا وعيه ولا قلبه يدرك شيء! كيف بيكون حال مزون؟ كيف تقوى؟!
=111=
.
وين كانت؟ ، كيف عاشت؟ مع مين وتحت يد مين؟ وكثير من الأسئلة والعصف الذهني اللي خلى يده ترتجف وصدره يعلى ويهبط من الصدمه والفجيعة المستحيلة اللي وقعت عليه!،
اردف بندر وهو يحاول يشرح الوضع حسب علمه : إنصاب مشعل بسرطان في الرئة  بعد سنة من أعلن وفاتها لكم وتأزمت حالته لذلك إضطر ينزل من لندن وحطها عند العم مساعد اللي نفسه ما كان يعرف وإكتشف بعد وفاة ولده بسنتين من وصية كان كاتبها له مشعل وإنه يربيها بنفسه وتحت يده! هذا كُل اللي أعرفه وخبرني العم مساعد قبل موته بمدة بسيطة بالهموضوع، واعطاني هالوصية! ومده له الظرف اللي قبل ما يفتحه قام وهو يضرب الطاولة بيده :الله يحرقك يا مساعد انت ولدك الله يحرقكم في قبوركم مثل ما حرقتو قلب اختي! الله.... وإلتفتو كلهم من صوت صُراخها :لا لاااا! لا تدعي على جدي لا تدعي!!، شعر بإن قلبه خُلع من مكانه من شافها، نُسخة مصغرة من أخته في كل شيء! يعني هي حقيقة ما ماتت! وركض نحوها من سقطت على رُكبها في الأرض تحتضن نفسها بإيديها الاثنين! هي سمعت كُل الكلام وتوقف كل كونها، وكل أنفاسها وحتى الدم في عروقها ما عاد يسري، كثيرة كل هالاحداث والمأسي عليها كثيرة! ليش تنوجع هالقد ما تفهم! إيش ذنبها في هالحياة ما تفهم!ودها أنه شي وينتهي مثل وقت وينقضي، مثل عج ويقفاه مطر، ودها أنه ليلٍ أسود تسجّ القدم وتسريه، ودها يكون حلم وتصحى منه.. لكنّه للأسف شعورها البشع والمُر اللي تحسه الحين و واقعها!، كل شي حولها يجيها على هيئة سكاكين تطعن روحها بلا شفقة، هي على شفا حفرة من الموت والجنون تشعر وكأن العالم كُله أتخذ من قلبها مركى، شدت على إحتضانها لنفسها هي في أشد لحظاتها يأس وأكثر فترات عمرها حُزن وما يتردد داخلها غير :"ليه؟"،
إقترب منها لكنها صرخت بهستيريا و إنفجرت بالبكاء :لا تقرب مني!.. لا تقربون مني كلكم!! ما ابي اسمع.. ما ابي اعرف شي.. كلكم كذابين كلكم تكذبون جدي ما يسوي كذا ما يسوي كذا!!
فقدت شهيتها في هالحياة وفقدت إتزانها وحتى إحساسها، نار تحرق روحها وما بقى منها غير رمادها،  تبي الموت وبس  وإنها تلحق جدها، ما تبي تعرف شيء! كيف في لحظة تكتشف إن كُل حياتها كذبة! و وهم! كُل جسدها يرتجف، حنجرتها يترسب فيها البُكاء ويمنع صوتها من العبور، وقفت تتأرجح في وقوفها وحتى نظراتها  فارغة،  نظرات شخص يأس من نفسه ومن الحياة ومن كل شيء، حاولت تثبت خطوتها لكن ما كان منها أي ثبات، كُل شيء أكبر من إحتمالها من صبرها وإدراكها وتهاوى جسدها اللي كان بيرتطم بالأرض لولا ركضه وهو ما يسمح له يسقط ما يسمح له يمس الأرض يتركها تسقط عليه...
=112=
.
صرخ محمد وهو يقترب من ابنه اللي يحملها ويضرب على خدها:ترف!! ترف!!،قام جواد وهو يخرج فيها بخطوات مُتسارعة لسيارته ومعه ابوه ولحقهم حمد اللي إنصدم وهو يشوفه يحملها وصرخ لمحمد :وش فيها!! ، وركب معهم وهو يحاول يفهم من محمد شيء واللي كل كلامه كان :مو وقته مو وقته!،

في وصفها أبيّات القصائِد طامحة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن