🌺الفصل الثاني عشر🌺

674 34 1
                                    


الفصل الثاني عشر:


دخلت مريم إلى المنزل بملامح مبتسمة وقد الهتها تلك الجلسة عن التفكير فيما يحدث في منزلها
اتسعت ابتسامتها وهى تتذكر مزاحه الذي لا ينتهي معها ونظراته التى لا تمل من التلكؤ فوق صفحة وجهها....لقد استمتعت بصحبته للغايه عكس ما توقعت فى بداية جلستهم.
احمر وجهها حينما تذكرت طريقته في احراجها حينما امسك بها وهى تتأمله بدورها أو بالأحرى وهى تتأمل غمازتيه التى اكتشفت انها تظهر فقط حينما يضحك بخفر...بينما لا تظهر حينما يبتسم بهدوء.
وقتها علق قائلاً بمشاكسه وهو يشير لغمازتيه:
_ماذا؟!!!...هل كنتِ تعتقدين انكِ فقط الحسناء هنا؟!!!...لا...انا ايضا شاب وسيم ولدى إثباتاتي.
_مريومه...اين كنتِ كل هذا؟!!!....لقد تأخرتِ كثيراً اليوم على غير العادة
خرجت مريم من خيالاتها الوردية على صوت أبيها الحنون لتستعيد بعض من هدوئها فيما تقول:
_لقد جلست قليلا مع إحدى معارفي في النادي
ابتسم لها حسين متفهما ثم قال:
_حبيبتي هل يمكن أن اطلب منكِ شيئاً؟!!!
_بالطبع ابى...ماذا هناك؟!!!
تكلم حسين موضحاً فيما يسحبها لغرفة الجلوس:
_رؤى...اريدك ان تصادقيها ابنتي...لا اريدها أن تشعر بيننا بالغربة
كسي وجه مريم الجدية لتسأل بارتياب:
_ما قصة هذه الفتاه ابى؟!!!...لماذا تقيم هنا؟!!!... ولماذا ستتزوج كريم بتلك السرعة والأهم كيف تمكنت من إقناع كريم الرافض لمبدأ الزواج؟!!!!
ابتسم حسين ليقول:
_واحده واحده علّى مريومه...سأخبرك....رؤى تعمل معكم في الشركة واخاكِ من الواضح أنه أحبها أو على الأقل اعجب بها ثم قرر بعدها خطبتها لكن للأسف بعد وفاة والد رؤى وحجز البنك على جميع أملاكهم لم يعد أمام رؤى اى مكان للإقامة مما جعله يحضرها الى هنا وبالطبع وجودها هنا دون أى ارتباط شرعي بأهل المنزل مرفوض تماما لذلك قرر كريم الإسراع بعقد القرآن حتى يكون لها صفه شرعية في المنزل.
سألت مريم من جديد:
_ولماذا تبدو بكل هذا الحزن وكأنها رافضة الزواج؟!!!
أجابها حسين بصبر:
_لأنها وبكل بساطة تمتلك كبرياء لعين يجعلها رافضة تماما لأقامتها هنا قبل عقد القران...لقد اقنعتها بصعوبة على الموافقة بينما كانت هى ستبحث عن اى فندق رخيص الثمن للاقامه فيه.
اكتسي وجه مريم بالشفقه على تلك الفتاه لتسأل بعدها سؤالها الاخير:
_و ماذا عن أقاربها؟!!!!....أليس لديها احد؟!!!!
اجاب حسين متقنا دوره:
_للاسف لم يعد لديها أحد سوى مربيتها التى أتت معها وعمها الذي هو بالمناسبة صديق قديم لى لكنه يقيم الأن فى كندا وهى لا تعرف له عنوان.
اومأت مريم بتفهم وقد نجح أبيها فى اللعب على عواطفها حتى تتقرب من رؤى كما يريد هو وبالطبع لم ينسي بالأمس أن يملى على رؤى تلك القصة الزائفة بعد أن رفضت أن يعلم اى احد بحقيقة زواجها من كريم.
_حسنا ابى...سأحاول التقرب منها... لا تقلق
ربت حسين على شعرها بحنان ليسمع بعدها صوت وصول مهاب الصاخب بينما كانت رؤى تتبعه بهدوء كعادتها مؤخراً:
_ياااااا اهل المنزل....لقد اتييييييت
خرجت له مريم يتبعها أبيها ليجدوه واقفاً يهمس لرؤى بشئ ما بينما تبتسم له هى بأخويه فقالت مريم ممازحه:
_ارى انك استحوذت على عروس منزلنا وفرضت وجودك عليها
نظر لها مهاب بينما يقول ممثلا دور الخائف:
_انا؟!!!....اعوذ بالله من غضب الله...هل تريدين ان يصل الكلام لساندى فتقيم علّى الحد؟!!!
كل ما فى الأمر أن السيد كريم اخبرني بأنه سيذهب لزيارةٍ ما وطلب مني ايصالها معي... والله على ما اقول شهيد.
تكلم حسين اخيرا قائلاً بحنانه المعهود:
_تعالى ابنتي لقد حضروا طعام الغذاء منذ قليل...وانت يا سيد مهاب اتصل بزوجتك واطلب منها الحضور هي أيضاً
ابتسم مهاب كعادته فيما يقول:
_سمعاً وطاعه سيدى سأحضرها في الحال
جلست مريم بجوار رؤى لتقول بصوتها المنخفض:
_اتعلمين... لطالما تمنيت وجود عنصر نسائى معى فى هذا المنزل... من هذه اللحظة انتى صديقتى...و اذا ضايقك كريم بشئ تستطيعين شكوته لأبى لأنني أيضا ً أخافه
ابتسمت لها رؤى قائله بمجاملة:
_يسعدنى هذا الشئ
قالت مريم بمشاكسه:
_يسعدك شكوته لأبى؟!!!
اجابت رؤى على الفور:
_لا اقصد صداقتك
ضحكت مريم برقه ليدخل مهاب فى الحوار كالعادة قائلاً:
_ساندى قادمه...بعد قليل ستكتمل العصابه النسائية فى المنزل...لا ينقصكم سوى وجود معجزة زمانها ليكتمل الفريق
أوضحت مريم قائله:
_معجزه تكون ابنة عمتنا وهى......
قاطعها مهاب قائلاً :
_هى تعرف معجزه...لقد كانتا زميلتان فى نفس الجامعة
تكلمت رؤي بصوتها الهادئ محاولةً التملص من تلك الجلسة:
_سأذهب للاطمئنان على نوال
استأذنت رؤى بهدوء لتغادرهم متوجه نحو غرفتها بينما قال حسين محذرا لمهاب:
_حينما تأتى ساندى اخبرها أن تتمهل قليلا على الفتاه...لا داعى لدخلة القطار التى تدخلها فى الناس
ضحك مهاب غامزاً:
_لا تقلق ابى...اترك امرها علّى...بالمناسبة اريد التحدث معك لدقيقتين
اومأ حسين ثم تحرك معه فيما صعدت مريم لغرفتها حتى تبدل ملابسها
بدأ مهاب حديثه قائلاً بهدوء:
_ابى هل قرأت اخبار اليوم؟!!!
قطب حسين سائلاً باستغراب:
_لا... لماذا؟!!!...ماذا حدث؟!!!
تنهد مهاب ليقول مختصراً:
_لقد تم نشر اشاعه حقيره عن كريم و رؤى فى الجرائد اليوم
زفر حسين بقنوط ليستطرد بعدها مهاب:
_بعد أن علم كريم بالامر صار يزأر كأسد محبوس واخبرني أن من فعلها هو ابن عم رؤى الذي يريد الزواج منها وحينما علمت الفتاه بالأمر فقدت وعيها فى منتصف الشركه...بعدها أجريت انا بعض الاتصالات محاولا سحب الخبر لكن كما تعلم من الصعب جداً سحبه من على شبكة الإنترنت
تنهد حسين بضيق ليقول بعدها:
_حاول قدر امكانك التواصل مع هذه الصحف و هددهم حتى ينشرون اعتذاراً عما فعلوه وابقى رؤى بعيده تماماً عن تلك الضجة لا اريدها أن تتأثر بتلك الاخبار لأنها من الممكن أن تتهور وتذهب إليه...و آه... مريم...لا اريدها أن تشعر بما يحدث من الأساس وإن علمت بالخبر لا تعلم بأن رؤى المقصودة به.
هز مهاب رأسه متفهما ليقول بعدها:
_حسنا ابى لا تقلق...اترك هذا الأمر علّى
بعد عدة دقائق وصلت ساندي التى دخلت بضجه تشبه ضجة زوجها لتخرج رؤى من غرفتها بعد لحظات بصحبة نوال ثم تذهب الى المائدة فتقابلها عيون ساندي المستغربة وجود شخص غريب بداخل المنزل ليتولى مهاب تقديمها قائلاً ببشاشة:
_هذه رؤى خطيبة كريم وهذه السيدة نوال مربيتها
وكأن الحماقة صفه مشتركه في هذا الثنائي تمتمت ساندي بصدمه وهى تحدق في رؤى بغباء تام:
_كريم من؟!!!!
ضحك مهاب ليشدها بجواره قائلاً بضحكته المصطنعة:
_كم كريم لدينا حبيبتي؟!!!... كريم اخى
لتسأل وكأنها استفاقت:
_كريم؟!!!!...سيتزوج؟!!!... اقسم!!!!
نظرت رؤى أرضا ً بضيق مما يحدث أمامها فهى لم تتعرض ابدا لهذا الكم من الاحراج من قبل ليأتي كالعادة صوت منقذها وقد وصل أخيرا ً:
_اقسم بالله سأتزوج رؤى يا ساندي....لا افهم ما الصادم في الأمر؟!!!!!
لتكمل ساندي بغباء:
_وتسأل أيضاً؟!!!!!
تحرك كريم ليجاور رؤى التي لم ترفع نظرها إليه لينهى المحادثة صوت حسين حين دعاهم جميعا للجلوس على المائدة لتناول الطعام
ظلت ساندي تتفحص ملامح رؤى بطريقة واضحة مما جعل مهاب يلكزها بينما يهمس قائلاً:
_ما نهاية عملية كشف الهيئة التى تخضعين لها الفتاه؟!!!
اجابته ساندي بنفس الهمس:
_انا أعرفها....رأيتها من قبل...لكن أين للأسف لا أذكر
حمد مهاب ربه أنها لم تتذكرها ليقول بعدها ملهياً إياها:
_حسنا...توقفِ عن النظر لها بهذه الطريقة الغريبه وكأنك تقتحميها بأشعة عينيكِ...الفتاه أصابها الضيق من تحديقك
لم تعير ساندى حديثه اهتماما لتتكلم مره واحده فيما تسأل رؤى :
_وجهك مألوف بالنسبة لى...هل التقينا من قبل؟!!!!
بدأ مهاب يقرأ اذكاره فى سره بينما نظر كريم قلقاً من رد فعل ساندي المجنونة فهو لا يريد أى شخص أن يتسبب في ضيق رؤى...يكفيها ما هى فيه!!!!
لترسم رؤى الراحة على وجه مهاب والابتسامة على وجهه حينما أجابتها بذكاء:
_لقد كنت زميلة معجزه قريبتك فى الجامعة...من الممكن أن نكون التقينا بشكل عابر
ابتسمت ساندي ثم همت بتكملة تحقيقها ليقاطعها صوت خالها فيما يقول:
_كيف حال والدتك ساندي!!!!
لتنشغل بعدها فى حديثها معه خاصةً وأن مهاب شارك أيضاً في خطة الهائها وان اختلفت الغايه
بينما مال كريم قليلا الذي كان يجلس بجوارها ليسألها بأهتمام:
_هل اصبحتِ افضل؟!!!
اومأت له رؤى دون ان تنطق بكلمة مما جعله يقول مازحا ً:
_لا تقلقِ...ساندي قد تبدو مخيفه بعض الشيء لكنها اليفه للغاية... لن تأكلك
نجح في مسعاه حينما رفعت نظرها إليه قائله بشجاعة:
_ انا لا اخافها
ليسألها بمكر غافلا عن عين أبيه المتابعة فى الخفاء وعن ابتسامة مريم الماكرة:
_وانا؟!!!....هل تخافيني؟!!!
تلون وجهها بحمره خفيفة لتتكلم بعدها بنفس الشجاعة التي لا تناسب خجلها إطلاقا ً:
_إن كنت اخافك لم اكن سأجلس بجوارك يوما!!!
ابتسم لها فيما يقول معجباً بشجاعتها:
_رائع....هكذا بدأنا نتفاهم...فأنا لا اطيق الضعف ولا الضعفاء
سألته من جديد هامسه:
_لقد أخبرتني انك حللت أمر الصحيفة...ماذا فعلت؟!!!!
همس لها قائلاً باختصار:
_سأخبرك فيما بعد فور أن نتخلص من فقرة المراقبة التى نخضع لها
.................................................. .......................
بعد الغذاء استأذنت نوال للدخول إلى غرفتها متعلله بتوعك ظهرها ثم حاولت رؤى أن تتبعها ليوقفها صوت حسين الهادئ فيما يطلب منها موافاته الى مكتبه ليتحدث معها على انفراد
بعد أن اتبعته رؤى سألت ساندي بوضوح:
_ما الذي يحدث هنا بالضبط؟!!!!
تولت مريم الإجابة قائله بابتسامه:
_لدينا حفل زفاف بعد اسبوعين
ظلت ساندي تنظر إليها بصدمه لتقول بعدها:
_هل انا الحمقاء أم أن هناك شئ مريب فيما يحدث؟!!!
تدخل مهاب مازحاً:
_انتى تعرفين رأيي فى سؤالك الاخير فلن اتحدث
لكزته بغضب ليأتي صوت كريم الهادئ فيما يقول:
_انا لا أرى شئ غريب فيما يحدث يتوجب كل هذه الصدمة
لتتكلم ساندى بانطلاقها المعتاد:
_حسنا...انا من العائلة...لهذا سأسأل وبكل وضوح...اولا لماذا اتت عروسك لتقيم معكم في نفس المنزل؟!!!.. ثانياً اين عائلتها؟!!!... ثالثاً والأهم لما كل هذه العجلة لإتمام الزفاف؟!!!
تمنى كريم لو أن باستطاعته قذفها بشيء حتى تصمت قليلاً وتتوقف عن فضولها الذي يبغضه لكنه اخفى أمنيته بداخله ليجيبها بسلاسة:
_اولا.. رؤى تقيم هنا لأنى انا من طلبت منها ذلك بل وطلبت من أبى أن يقنعها أيضاً بعد وفاة والدها وخسارتها لكل شئ... ثانياً رؤى ليس لديها أقارب هنا فى المدينة...اما ثالثاً والأهم فأنا أريد أن احتفظ بإجابتها لنفسي.
استطرد بعدها وهو يري ملامحها المغتاظة من أسلوبه:
_هل هناك أسئلة أخرى ترغبين بطرحها ام اكتفيتِ؟!!!
نفثت ساندي نيران غضب عينيها بوجهه لتقول بسماجه تشبه سماجته:
_لا...اكتفيت من اخباركم...مبروك الزفاف
ابتسم كريم لها مغيظاً دون أى رد مما جعل مهاب ينفجر ضحكاً وهو يري وجه ساندى الممتقع غضباً من أخيه المستفز لتنهض ساندى قائله بعصبية:
_على ماذا تضحك انت الاخر؟!!!!
فيسحبها مهاب لتجلس بجواره من جديد فيما يهمس لها:
_على فضولك الذي اصابك الآن وانتى تعلمين جيدا ً انكِ لن تجرؤِ على سؤاله السؤال الأهم الذي يتراقص فى عينيك الان...هيا حبيبتي...اتلى الشهادتين ثم اسأليه عن روزى وقصة حبه الاسطوريه معها...لانى وبكل صراحه سأجن لأفهم كيف أوقعته تلك الخمريه بسحرها وجعلته اخيرا يمضي قدما في حياته بعد أن فقدنا جميعاً الأمل.
صمتت ساندي كليا بينما حقا تكاد تجن لتفهم كيف انتزعت تلك الفتاه روزى من قلب كريم بل وجعلته متلهفاً لإتمام زفافه عليها بكل تلك السرعه...بينما كان كريم يراقب كل ما يحدث بأستمتاع ما بعده استمتاع فيما ظل عقله مرابطا ً مع باب غرفه المكتب.
(في المكتب)
جلست رؤى أمام حسين ليبدأ هو حديثه قائلاً بهدوء:
_لقد اخبرنى مهاب بما حدث اليوم في الشركه والاخبار التى طالتك انتى وكريم
نكست رؤى رأسها بخزى لتجد يديه الحنونتين ترفعان وجهها فيما يقول بحزم ابوى:
_اياك أن تنكس ِ رأسك من جديد...لقد خلقنا الله أعزه ولا يجب أن نسمح لأى مخلوق أن يجعلنا ننحني أو ننكس رأسنا من أجله
نزلت دمعه على وجنتها بينما تقول بتعب:
_انا أسفه...لا اعلم كيف اعتذر منكم على هذا الوضع الذي ورطكم به؟!!!... لقد طلبت من كريم أن يتركنى اذهب إليه حتى امنع شره عنكم لكنه رفض و اوقفنى.
تكلم حسين بصوته الحانى:
_ وإن كان تركك و إن كنتِ فعلتيها لم اكن لأسامحكما قط...انتى هنا تحت مسؤليتى وفى حمايتى انا وذهابك واستسلامك بهذه الطريقة يعد أهانه شديدة لى...هل انا فى نظرك رجل عاجز و ضعيف حتى لا اقوى على حماية اهل بيتى؟!!!
تمتمت رؤى بأنهاك:
_العفو منك...انا لم اقصد ذلك...انا فقط.....
قاطعها حسين مكملاً:
_اعلم...اعلم ابنتي لهذا سنبدأ فى التحضيرات من اليوم...اريدك اجمل عروس دخلت لهذا المنزل...اريدك بقوتك التى كنتِ تشهريها فى وجه كريم حينما كان يغضبك فى العمل..انا تحدثت مع شركة تنظيم أعراس وسيأتون اليوم حتى نتفق على كل شيء ليبدأوا بعملهم من الغد..اما انتى ليس مطلوب منكِ سوى أن تختارى فستان زفافك وان تبتاعى كل ما تحتاجينه واعدك ابنتى انى سأجعل كل شئ على ما يرام وانى سأخلصك تماما من هذا الكابوس.
ابتسمت له رؤى بأمتنان فاض من عينيها ليكمل قائلاً بمزاح:
_والان لندعو العريس حتى اخبركما معا بخطواتنا القادمة
سرت قشعريرة على طول عمودها الفقرى اثر كلمته الماكره التى قصد بها احراجها لتجد كريم بعد لحظات يدخل المكتب وكأنه كان ينتظر خلف الباب
جلس كريم ليبادر حسين قائلاً:
_من هذه اللحظة رؤى ستظهر معك فى كل مكان كأعلان واضح لزفافكما المرتقب كما يجب أن تضع خاتمك حول اصبعها فى اقرب وقت... الليله مثلا اذهبا واشتريا حلقات الخطبة
استطرد بعدها ناظرا لكريم:
_وهذا سيكون ردنا (الوحيد) على الخبر الذي اشاعه عمار...لا تحاول الاقتراب منه بأى شكل الفترة القادمة كما أن رؤى سيكون يومها الاخير فى الشركه غداً وبعدها ستظل هنا لتشرف على التحضيرات مع عمتك.... ستذهب غدا فقط حتى يري الجميع خاتمك فى اصبعها وهى تدخل بجوارك لبهو الشركه....اتفقنا؟!!!
اومأ كريم بهدوء ليخرج حسين بعدها قائلاً:
_امكثا هنا قليلاً حتى نعطى من فى الخارج انطباع صحيح عما يحدث...آه.. صحيح...رؤى ابنتى...اظهرى بعض السعاده لان الجميع يشك بوجودك هنا رغماً عنكِ...وانت بنى الكلام لك ايضا...بمعنى اصح...لقد بدأ دوركم من هذه اللحظة.
بعد خروج حسين التفتت رؤى لتسأله من جديد:
_ماذا فعلت بأمر الصحيفة؟!!!!
أجابها كريم بثقه:
_لقد حللت الأمر وسيتم نشر اعتذار فى الغد
ترددت رؤى قليلاً فقال كريم مشجعا ً:
_ماذا هناك؟!!!...تحدثِ براحه كما تشائين
شتت رؤى نظرها لتسأله بصوت هامس:
_منذ علمت عائلتك بالأمر وهم يظهرون صدمه لفكرة زواجك بحد ذاتها اكثر حتى من صدمتهم بإقامتي هنا...هلا توضح لى الأمر؟!!!
هل تصلبت ملامحه ام خُيل لها الأمر؟!!!!
تحدث كريم قائلاً بإيجاز:
_لقد احببت فتاه وقمت بخطبتها حينما كنت أقيم بلندن لكنها توفيت ومن وقتها لم ادخل فى اى علاقه أخرى لهذا فاجأهم أمر زواجنا.
ظلت ملامح رؤى على صدمتها لتتمتم بعدها بأعتذار حقيقى:
_انا آسفة...لم اقصد مضايقك... البقاء لله
اومأ كريم بلا رد وقد اصابه الضيق حينما تحدث معها هى عن روزى وقد شعر أنه حقا يخونها بأرتباطه بغيرها حتى ولو كان ارتباط صوري بهدف المساعدة!!
أخرجه صوتها الهامس حينما قالت من جديد:
_هناك أمر آخر!!!
عاد بأنتباهه إليها لتشتت هى نظرها فى كل مكان هرباً من عينيه فيما تكمل:
_اين سأمكث بعد الزفاف؟!!!!
فى لحظه انتشلته من الضيق الذي كان يحل عليه ليجد نفسه كابتاً ابتسامته بشق الأنفس وهو يري وجهها الذي يزينه الخجل فأجابها ببديهيه:
_بالطبع ستمكثين بغرفتى
ابتسم حقا حين كبتت شهقتها ليوضح بعدها:
_من المفترض أن زواجنا حقيقى أمام الجميع حتى اخوتى لا يعلمون بحقيقة الأمر لهذا سنتصرف بطريقة طبيعية كأى زوجين.
ظلت رؤى على صمتها بينما عقلها يعمل فى اوج نشاطه
كيف ستنام بجواره؟!!!!
الأمر بالنسبة لها لا يتوقف عند الخجل فقط بل أيضا ً هناك كوابيسها اللعينه...هل من المعقول أن تشاركه أمر كهذا؟!!!!
مستحيل!!!!!
اجابتها المنطقية لهذا السؤال... مستحيل أن تعرى روحها أمامه بهذه الطريقة... مستحيل أن تجعله يقترب منها لهذه الدرجة... مستحيل أن تشاركه كوابيسها ومخاوفها.
حاولت رؤى من جديد:
_الا يوجد حل آخر لهذا الأمر؟!!!
لم يفهم كريم بالطبع السبب وراء رفضها فقال بنبرة جامده:
_سألتينى منذ قليل عن سبب صدمتهم بخبر الزواج واخبرتك السبب والان سأخبرك أن نفس السبب هو ما لن يجعلنى اقترب منك فى اى وضع
انتبهت رؤى له لتقول بصوت طفولى:
_انا لم اقصد هذا...انا فقط...لا استطيع النوم بجوار أحد
أعجبه تغطيتها لخجلها بهتافها الطفولى فوقف قائلاً بهدوء:
_اعتادى كما سأعتاد... وعموما هذا الأمر مؤقت...كما انى لن آكلك
لم يعطيها فرصة للرد حينما تحرك مغادرا المكتب ثم عاد بعد لحظات قائلاً:
_استعدى حتى نخرج لنشتري خاتم الزواج
ثم غادر من جديد تاركاً إياها فريسه لرهاب من نوع آخر...رهاب الانتماء... لقد اعتادت طوال حياتها أن تبقى مسافةً آمنه بينها وبين الناس لأنها أصبحت تعلم يقيناً أن لا أحد يدوم لها..
فالجميع رحل... أمها.. أبيها...من كانت تعتبرهم اخوتها...حتى من كانت تظنهم صديقاتها ابتعدوا عنها بعد أن ارتدت الحجاب وكأنها أصبحت شخصية أخرى لا يرغبون بالتواصل معها مما اباقاها وحيده بكل ما للكلمة من معنى...وهذا الأمر اراحها فيما بعد واعتادت عليه!!
لكنها الآن وجدت نفسها فى وسط عالم جديد... بعلاقات جديده...أب ، صديقه ، زوج وعائله كامله بانتظارها لتكون جزءا منها بينما هى اعتادت وحدتها بل وآلفتها .
تمتمت رؤى فى نفسها
"من الواضح أن الأمر سيكون اصعب بكثير مما تخيلت"
تحركت بعدها لتبدل ملابسها قبل أن يظهر الوجه الاخر لكريم ويبدأ في الهتاف فوق رأسها كما العاده.
.................................................. ........
بينما كان كريم ومهاب يجلسان مع والدهما كانت ساندى تحاول بكل الطرق أن تفهم من مريم حقيقة ما يحدث لأن كل الهذر الذي هذره كريم لم يدخل ذمتها بقرش واحد وبينما كانت تثرثر فوق رأس مريم كانت مريم تسبح في عالم آخر
لقد بعث لها أول رساله!!!
احمر وجهها من جديد حينما تذكرت ملمس يده عندما سحب هاتفها من بين يديها ليسجل عليه رقمه فيما يهمس لعينيها:
_لن اتحمل انتظارك حتى الخميس المقبل...سأحدثك دائما ً حتى لو لم تجيبى...سأذكرك فقط بوجودي حولك .
عادت مريم وقرأت الرساله للمره التى لا تعلم عددها فيما تزين ثغرها ابتسامتها الحالمه
" ترى هل تفكرين بى الآن كما هو الحال عندي منذ أن تركتك؟!!"
"ماذا تملكين أيتها الناعمة يجعل عقلي يفر دائما ً وأبداً إليكِ؟!!"
_هاااااااااااى...مرييييييييييم...اين ذهبت ِ بعقلك؟!!..ولما تبتسمين كالبلهاء هكذا؟!!!
عادت مريم لواقعها على صوت مفرقعات العيد المسمى مجازاً بصوت ساندي لتقول بعدها بصوت ضجر:
_توقفى عن الصراخ...ماذا تريدين؟!!!
نظرت لها ساندي بناريه فيما تقول بتوعد:
_سأتصل بمعجزة وسنجلسك هكذا فى المنتصف ثم سنبدأ باستجوابك عن حقيقة هذه الرساله التى جعلت وجهك يتلون بألوان الطيف امامى...لكن الان لدينا الأهم
تنهدت مريم بإنهاك ثم قالت:
_ماذا هناك؟!!!...اتحفينى
ردت ساندى بتلقائية:
_لدينا عروس جديده ب أن نعرف كل شيء حولها...سأكلم معجزه واطلب منها ان تأتى حتى تقابلها وجهاً لوجه... فأنا لم اصدقها حين اخبرتنى أنى رأيتها في لقاء عابر.
لم تعى ساندى أثناء حديثها لدخول رؤى اليهم من جديد بعد أن ارتدت ثيابها ولا للصمت المطبق الذي سيطر على الرجال الجالسين فى الإتجاه الآخر مما جعل صوتها واضح للعيان بجملتها الاخيره.
تبادل كريم ومهاب نظراتهم المتفهمه ليصدح صوت كريم الحاد موجهاً حديثه لساندى:
_رؤى ليست مضطرة للكذب عليكِ ساندى ، كما أنها ليست بحاجة لكشف الهيئة الذي تخططين إليه مع مريم ومعجزه
حاولت ساندي الدفاع عن نفسها ليأتيها صوت رؤى هذه المره ببرود يشبه برود كريم الى درجة كبيرة بينما تقول بتوبيخ مبطن:
_انا لا اخفى شئ...كما اننى لست غاضبه منك فقد حدثتنى معجزه من قبل عن طباعك السيئة مع الغرباء كما اخبرتني ايضاً ساره زوجة حسام عن هذا الأمر من قبل بعد أن عانت معك بسبب هذا الأمر أيضاً.
امتقع وجه ساندى و هربت بعينيها لتجد مهاب يحدق بغضب صامت بينما كانت عيون السيد حسين تنظر الى رؤى ببعض الفخر مما جعلها تهمس بأعتذار:
_انا لم اقصد اى سوء...انا فقط....
أكملت رؤى بدلاً منها بصوت هادئ:
_مستغربه الأمر... أليس كذلك؟!!!...لا بأس...عموما ستعتادين علّى قريبا ً...ومن يعلم؟!!!قد نصبح اصدقاء أيضاً بعدما اكتشفت اننا نحمل الكثير من الطباع المشتركه فأنا أيضاً لا أعطى الامان لأى شخص عابر.
اتسعت إبتسامة حسين وهو يري تلك الصغيره تحارب من أجل كرامتها وفى نفس الوقت تحاول الاقتراب من ساندي دون أن تتنازل عن كبريائها فيما اخفى كريم ابتسامته التى هددت بالبزوغ وهو يري ساندى تنظر لرؤى وكأنها معلمتها التى قامت بتوبيخها أمام ولى أمرها
تكلم كريم أخيرا ً منهياً الموقف:
_حسناً...بما انك انتهيتِ هل نذهب؟!!!!
اومأت رؤى بهدوء ثم غادرت بصحبته بينما ظلت ساندي تنظر للوجوه الصامته أمامها لتهتف فجأة بحنق:
_ماذا؟!!!!....انا لم اقصد اى شئ سئ وهى تفهمت الأمر وانتهينا
ابتسم حسين ثم قال كاتما ضحكته على شكلها الطفولى:
_حسنا ابنتى فهمنا قصدك...لا داعى لكل هذا العنف
فلتت ضحكه من مريم وهى ترى ساندي مازالت على وقفتها وكأنها تتلقى العقاب
رمتها ساندى بنظره غاضبه فأنطلقت ضحكة مريم فيما تقول:
_لم يبقى سوى أن ترفعي يديكِ لأعلى حتى يكتمل عقابك
زمجرت ساندى بغضب ثم نظرت بعدها إلى مهاب بأستجداء فقال شامتاً:
_اخبرتك من اول لحظه أن تظهري تقبلك للأمر بهدوء انتى من جلبتِ التوبيخ لنفسك
.................................................. .......
_هذا اخر تصميم نزل الأسواق سيدتي سيعجبك كثيراً
رت رؤى الى الخاتم الذي أصر الصائغ على أن يريهم إياه بعد أن كانت اختارت تصميم اخر اكثر بساطة من هذا الخاتم المبهرج بكل تلك الفصوص الملونه فقالت من جديد محاولةً أن تنهى الأمر:
_شكراً لك...لقد اتخذت قراري... اريد هذا التصميم من فضلك
تدخل كريم حين رأى حرصها على اختيار خاتم بسيط حتى لا تكلفه فقال بهدوء بعدما لفت انتباهه خاتم اخر يحمل تصميم جميل للغايه رغم بساطته:
_هلا تجلب هذا الخاتم من فضلك؟!!
تحرك الصائغ ليلبى طلبه بينما قالت رؤى متبرمه:
_لقد اعجبني هذا الخاتم
نظر لها كريم بطرف عينه فيما يقول ساخراً:
_اجل بالطبع...لقد اخترتِ ارخص واخف خاتم وبالمصادفة البحته أصبح تصميمه هو التصميم الذى تبحثين عنه
تململت رؤى فى وقفتها فجائها صوته من جديد بعدما امسك بالخاتم الذي قام بأختياره:
_جربى هذا....هذا افضل من تلك الحلقة الفارغة التى تحسبينها خاتم
ادخلت رؤى الخاتم حول اصبعها بقنوط بينما مازال صوت كبريائها يلح عليها بالخاتم الاخر لكنه لم يعطيها فرصة للاعتراض حينما التفت الى الصائغ المنتظر الرأي الأخير ثم قال:
_سنأخذ هذا التصميم
أوشكت رؤى على الرفض فجاءها صوته الهامس بحنق:
_برأيي أن تتركِ عقلك ينعم فى عطله لبعض الوقت حتى لا يتحفنا باختيارات اخرى تماثل هذا الاختيار الفخم فقط من أجل توفير بضعة قروش
رفعت نظرها إليه بغيظ فقال مكملاً:
_كما أن هذا الخاتم اعجبك أكثر فلا تنكري الأمر وهو يظهر الان على صفحة وجهك
اختار كريم بعدها حلقة رجالية وارتداها بهدوء ثم غادرا فيما بعد لكنه لم يتأخذ طريق المنزل كما توقعت بل سلك طريقاً معاكسا فقالت بتوتر:
_الى اين سنذهب؟!!!
التفت اليها كريم قائلاً بوجه صعُب عليها فهمه:
_بما اننا على وشك الزواج اعتقد انه حان الوقت لأعرف عنكِ كل شئ
ابتلعت رؤى ريقها بتوتر ليأتيها صوته الهادئ من جديد قائلاً بدعم:
_لا تقلقِ...مهما كان ما ستقولينه اليوم لن اتخلى عنك بعد أن بدأت طريقي معك كما اننى رأيت لمحه من أسلوب حياتك من قبل يوم رأيتك اول مره ...كل ما اريد ان أفهمه هو كيف تحولتِ من تلك الفتاه لنقيضها تماماً كما أرى.
بعدها بدقائق تبعته رؤى الى داخل احدى المطاعم الشهيرة في المدينة وبعد أن جلسا وطلب كلا منهما مشروبه تكلم كريم من جديد قائلاً بوضوح:
_انا اعلم ان زواجنا صوري لكن كما اخبرتك أنه بالنسبة للجميع زواج طبيعي لهذا اريدك ان تخبريني بكل ما يتعلق بك.
تنهدت رؤى بتعب شديد ثم بدأت تقص عليه كل مراحل حياتها بدءاً من طفولتها التى تدمرت بانتحار امها مروراً بتخبطاتها المراهقة ولم تنسي بالطبع أن تذكر علاقتها القديمة ببيت عمها التى انتهت بمأساويه بعد رحيل اميره لتنهى قصتها البائسة قائله بتعب:
_وبعد أن تأكدت من أن انحلالى ما هو إلا مغناطيس كوارث قد وضعته فوق رأسي خاصةً بعد أن تعرضت لذاك الموقف البشع مع ذاك الحقير الذي حدثتك عنه قررت ان اتغير وان انهى تماماً علاقتي بكل شئ أوصلني لتلك النقطة ليتطور الأمر مع الوقت لأجد نفسي فجأة محجبه وملتزمة اكثر بأمور ديني داعيه الله أن يغفر لي ذلاتى القديمة.
ظل كريم على صمته لفترة وبداخله شعور قوى يتعاظم تجاهها
من اين اتت بكل هذه القوه التى تتحلى بها؟!!!
كيف تجلس أمامه الان وتتحدث بكل شجاعة عن أشياء لو كان هو من تعرض لها لنكس رأسه خزيا من نفسه قبل الجميع؟!!!...لو كان شخص آخر وتعرض لكل ما تعرضت له هى لكان حارب باستماته حتى يخفى تلك الفترة عن من حوله
لقد تحدثت بكل قوة عن فترة ضعفها التى اتجهت فيها لكل تلك التصرفات المنحلة التى رأى لمحه منها عندما ظنت أن فى التمرد تكمن القوه!!!!
ابتسم كريم لها من قلبه قائلاً بصوت اجش بينما امتدت يده تعانق يديها الموضوعة فوق الطاولة:
_تأكدي ان كل ما قلتيه لم يزدك في عيني سوى احتراماً لكِ...انا حقا ً فخور بانتمائك لي حتى ولو كان بالاسم فقط
ابتسمت له رؤى بهدوء بينما تستغرب رد فعله على ما قصته عليه منذ قليل فترك يدها بعد لحظات ثم نهض قائلاً:
_هيا لنعد إلى المنزل فمن الغد لدينا اياماً حافله
نهضت رؤى بدورها ثم ركبت السيارة بجواره وبعض أن قطعا نصف الطريق تقريباً تفاجئا بسيارتين تقطعان عليهم الطريق مما دب الفزع في قلب رؤى وهى تتخيل ابشع السيناريوهات المحتملة ليضطر كريم بعدها لإيقاف سيارته وعندما هم بالنزول أوقفته يدها فيما تقول برعب:
_هؤلاء رجال عمار...اتركنى اذهب معهم حتى لا يقومون بإيذائك
ربت كريم على كفها ليقول بعدها محاولاً طمأنتها رغم صعوبة الموقف:
_لا تخافِ...لن اسمح بحدوث ما قد يؤذيكِ...اياكِ أن تنزلِ من السيارة مهما حدث
ثم تركها ونزل من السيارة ليجد فوهة مسدس موضوعه على جبهته بينما البقيه يشهرون أسلحتهم عليه وعلى رؤى.



نهاية الفصل الثاني عشر

قراءة ممتعة للجميع 💙💙



بقعة ضوء للكاتبة "هاجر حليم"  مكتملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن