🌺الفصل الثالث عشر🌺

577 31 0
                                    



الفصل الثالث عشر:


وقف كريم بثبات يُحسد عليه ينظر ببرود مصطنع الى الرجل الذي يشهر السلاح بوجهه بعد أن تعرف عليه...أنه نفس الحقير الذي ضربه من قبل في موقف الشركة
تكلم جمال قائلاً بغلظه:
_ هذا السلاح ليس لدينا أوامر باستخدامه إلا في حالة واحدة وهى عجزنا التام عن أخذ السيدة لذا لا تضطرنا لفعلها و اتركها تأتي معنا بهدوء
ابتسم كريم بهدوء مغيظ بينما عقله في اوج نشاطه ليقول متهكماً:
_ اعتقد انك بت تعلم مع من تتعامل فحاليا انصحك بالتراجع حتى لا اضعك في رأسي و يا ويلك إن فعلت !!!
تكلم جمال بثقته في من يقف خلف ظهره:
_ اعلم جيدا من تكون لكنك انت من تعدى على ما لا يخصه لذا اعذرنا حان وقت رجوع الحق لأصحابه
ثم أشار لأحد رجاله بأخذ رؤى التي كانت تقف بجوار السيارة فتحرك الرجل ولكن قبل أن يتحرك كريم لحمايتها كانت رؤى قد لكمت الرجل بقوه واحترافية أذهلته وجعلت الرجل الاخر يترنح بعد أن أصابت أنفه بشده وجعلتها تنزف حاول كريم التحرك من جديد باتجاهها لكنه وجد أربع سيارات رباعية الدفع تحيطهم ثم نزل منها رجال يبدون كالحرس الخاص واشهروا أسلحتهم في وجه الطرف الآخر مما جعل رؤى تركض لتقف بجواره بينما بدأ التوتر يغزو قلب كريم فما كان منه إلا أن سحب رؤى ليحميها خلف ظهره فيما كانت تتشبث هي بسترته بكل قوتها !!!!
تحدث إحدى الرجال موجهاً حديثه إلى كريم :
_ تفضل سيدى انت والأنسة و نحن سنتولى الأمر من هنا
نظر إليه كريم بينما يده تشتد اكثر فوق خصر فتاته قائلاً بريبه:
_ من انتم؟!!
تكلم الرجل من جديد قائلاً باحترام:
_ لقد أخذنا أوامر من السيد حسام بحراستك وتدخلنا وقت الحاجة
اخفى كريم عجبه لوقت اخر ثم سحب رؤى من خلفه وقام بإدخالها سيارته من جديد بينما كان رجال عمار ينظرون إلى العدد الذي يتخطاهم بوجل وقد أدركوا فشلهم من جديد .
تحرك كريم مغادراً المكان بينما ظل الرجال يواجهون بعضهم ليقول جمال محاولاً تدارك الوضع:
_ ليس لدينا أوامر باستخدام السلاح لكننا لن نتوانى في الدفاع عن نفسنا
ليجيب الاخر قائلاً بتهكم:
_ وكذلك نحن...لذا من الأفضل أن تغادروا الان وتأكدوا اننا سنكون خلف السيد كريم لحظه بلحظه.
انفضوا بعدها كلاً الى سيارته ليمتلئ المكان بغبار رحيلهم القوى كأكبر دليل على كارثة كانت على وشك الحدوث.
ظلت رؤى ترتجف بجواره طوال الطريق مما جعله يمسك يدها قائلاً بمؤازرة وقد تمالك هو الآخر أعصابه :
_ لا تخافِ لقد انتهى الأمر
تكلمت أخيرا منذ أن تحرك بها فقالت بارتعاش شديد:
_هذه المرة الأولى لكنها لن تكون الأخيرة أبداً...عمار لن يمل ولن يهدأ حتى....
قاطعها صوته الواثق بينما يشدد على يديها فيما يقول:
_ اخبرتك من قبل اننى لن اتركك إليه أبداً... كما ألم ترى ما حدث منذ لحظات لقد أرسل ابى خلفنا جيش حراسة دون أن ندري...انتى الان بأمان تام رؤى ، لا داعي لكل هذا الرعب
هتفت فيه وكأنها ملت من هدوئه:
_ ماذا؟!!... ألم تهتز حينما وضع الرجل سلاحه على جبهتك؟!!!!
تكلم كريم بثقته المعهودة:
_ الرجل كان واضحاً...السلاح ما هو إلا وسيلة تهديد لا اكثر
هتفت رؤى من جديد بعد أن تحررت دموعها اثر ما عاشته منذ لحظات:
_ انا لا اصدقك... كيف تكون بمثل هذا الهدوء وانت تراني ادمر لك حياتك؟!!!
اوقف كريم السيارة أمام المنزل وقد حمد ربه على الوصول أخيرا ً ثم التفت لتلك الحمقاء التي تجاوره قائلاً:
_ اخبريني انتى ماذا علّى أن أفعل؟!!!...هل ارتجف ذعراً مثلك ام اتصرف بخسة واسلمك لهم حتى انقذ نفسي؟!!!
قالت رؤى بنشيجها الذي لا ينتهي:
_ لا تتزوجني....انت هكذا تثير جنونه أكثر
تنهد كريم بضجر ليقول حانقاً:
_ للمرة الألف تقريباً....لن استطيع حمايتك بطريقه اخرى...يجب أن تتحملِ وتحملِ اسمى لبعض الوقت...انا اعلم أن الأمر شاق لكن ماذا سنفعل ليس لدينا حل آخر!!!!!
بدأت رؤى بتجفيف دموعها فيما تقول باستنزاف:
_ لقد هلكت من كل ما يحدث معنا
ناولها كريم محرمه ورقية ليتكلم بعدها بهدوء خافيا تماما غضبه وجنونه عنها:
_ امسحِ اثار الدموع هذه فأنا لم ارى من قبل عروس عادت باكيه يوم شرائها لخاتم زواجها ثم من اين اتى كل هذا الرعب فجأة بعد أن لكمتِ الرجل وكسرتِ أنفه؟!!!
اخذت رؤي المحرمة ثم بدأت بتعديل كحل عينيها مما لفت نظره للؤلؤتيها من جديد فيما هتف لسان حاله قائلاً بإعجاب " وكأن عينيكِ بحاجة إلى تزيين!!!!! " لتجيب مقاطعه أفكاره:
_ لقد مارست الملاكمة لفتره طويله قبل ارتدائي للحجاب
سألها ببديهيه:
_ اذن لماذا لم تدافع ِ عن نفسك المرة الماضية؟!!!
اجابته بعد أن عاد هدوئها:
_ حالتي النفسية كانت تحت الصفر وقتها كما أنه ارعبني وانا بمفردي في موقف الشركة
تكلم كريم مستغربا ً ردودها :
_ كنتِ مرتعبة من فرد واحد ولم ترتعبِ من ثمانية أفراد وانتى تضربين صاحبهم!!!!!
هزت رؤى كتفيها دون رد بعد أن كادت تعلق بأنه "كان معها" حتى لا يفهمها بطريقة خاطئة لكنه فهمها بعد لحظات فور أن ترجم احمرار وجنتيها ليبتسم دون تعليق ثم يقول بعدها بلحظات:
_ تلك الرياضة تُمارس بالعقل وليس بالمشاعر
نظرت له رؤى لتقول باستغراب:
_ حديثك يشبه حديث مدربي السابق فقد كان دائماً يقول إنه يجب أن ننحي مشاعرنا جانبا ً وقت مواجهة الخصم...من اين تعرف انت هذا الأمر؟!!!
_ انا أمارسها من حين لآخر
ارتفع حاجبي رؤى ليقول هو بعدها منهيا الأمر:
_ انتى بحاجة لأعاده تأهيل وتدريب مكثف حتى تستطيعين السيطرة على مشاعرك... عموماً سنرى هذا الأمر لاحقاً
نزلوا بعدها ثم دخلا بثبات إلى المنزل وكأن شيئاً لم يكن رغم نظرات حسين القلقة الذي علم بما حدث من حسام منذ قليل فحمد هو ربه أنه الهمه بتلك الفكرة لحماية ابنه و خطيبته.
..........................................
بعد بضعة أيام
_ تبدين مذهله رؤى!!!... كريم سينبهر حين يراكِ
هتفت بها مريم بابتسامه عريضة بينما قالت معجزه التي كانت تجلس طوال الوقت دون حركه بناءاً على أوامر زوجها الصارمة:
_ اختيارك ذكى يا فتاه...الخطوط الذهبية تبدو رائعة مع بشرة وجهك
تأملت رؤى هيئتها من جديد و رغماً عن كل عقدها وعلمها بأن كل ما تمر به مجرد تمثيل ساورها شعور عارم بفرحه لمجرد ارتدائها لهذا الثوب الفخم... واضح أن ما يقال عن احلام الفتيات من أجل هذا الثوب حقيقة!!!!
اخرجها صوت ساندي المازح وقد تخلت اخيراً عن تحفزها اتجاهها:
_ احداهن عيناها تلمع...لا تخبريني انكِ بدأت بتخيلات ليلة الزفاف من الان
اكتسى وجه رؤي بالأحمر بعد ان رمت لها ساندي تلك الملاحظة الوقحة لأنها بالفعل كانت تتخيل رد فعله حين يراها بهذا الثوب فقالت محاوله تشتيت انتباههم عنها:
_ هل اخترتن اثوابكن؟!!!!
تكلمت مريم بفرحه عارمه:
_ أجل سنرتدي نحن الثلاثة نفس اللون
جعدت ساندي أنفها باشمئزاز بينما تقول:
_ اجل...لقد اخترن اللون الوردي الباهت رغماً عن رفضي!!!!
فردت معجزه بعصبية صارت من ردود افعالها الطبيعية:
_ انتى لا يعجبك اي شيء ملّون بلون غير الاحمر حتي اصبحتِ كمصاصي الدماء
انشغلت مريم عن مشاكساتهن الدائمة حين أضاء هاتفها يعلن عن وصول رسالة جديدة ففتحتها ثم بدأت بقراءة كلماته التي تجعلها تعيش في عالم لطالما تمنت أن تعيش فيه.
فكل صديقاتها يعشن حكايتهن الخاصة مع امير احلامهن الا هي ، يومها كان يقتصر على الشركة صباحاً و النادي يوم الخميس و بعض الجلسات المملة في المنزل أو المطاعم إلى أن ظهر هو في حياتها...فقد جعلها تشعر بأنوثتها ولم يتعامل معها على أنها طفله كما يفعل الجميع...يلتهم تفاصيل وجهها بنظراته...يشعرها بأنها من أهم أولوياته حيث لا يمر يوم دون أن يراسلها أو يتصل بها حتى لو لم تجيبه كما تفعل بالعادة بسبب توجسها من شعورها المتنامي بسرعة مخيفة نحوه إلا أنه لا يمل ويرسل لها ما يجعله محتلاً لعالمها وافكارها بالكامل طوال الوقت .
_ مريييييييييييم .....افيقِ من غيمتك الوردية التي سنعرف بعد لحظات مصدرها وهيا حتي نكمل تسوقنا.
انتبهت مريم لتجد رؤى قد غيرت الثوب و ارتدت ملابسها من جديد لتقف قائلة بتوتر:
_ ماذا سنفعل الان؟!!!...ماذا سنشترى؟!!!
غمزت لها ساندي فيما تقول بوقاحة:
_ سنشترى ثياب النوم لها ولكِ لأن من الواضح أن هناك ما لا نعرفه!!!!
احمر وجه مريم لتقول مدافعه بينما تتحرك للخارج معهم:
_ لا والله لا يوجد شيء...و ماذا سيكون يعنى؟!!!!
تكلمت معجزه بمكر:
_ يوجد مثلاً هاتف صغير يطن كل بضعة دقائق برسالة جديده تجعل وجهك هائم بتعابيره الوردية
تأففت مريم بحنق مصطنع لتقول بتلعثم:
_ توقفن عن هذا...انا لا شيء... لا شيء جديد في حياتي
استمرت الفتيات في مشاكسة مريم بينما أضاء هاتف رؤى لتجد كريم يتصل بها فاستقبلت المكالمة ليصلها صوته قائلاً:
_ مرحبا رؤى...هل انتهين؟!!!!
قبل ان تنطق بحرف وجدت صوت الفتيات ارتفع فيما يقلن:
_ هاااااا...و ها هي الأخرى لا يطيق عريسها ابتعادها عنه لساعه واحده
ابعدت رؤي الهاتف قليلا لتهتف بخفوت:
_ اصمتن قليلاً...ماذا تفعلن؟!!!
قالت ساندي بعفوية:
_ سأتصل بمهاب الآن والقنه درساً قاسياً لأنه لم يتصل بي...ما قلة الاهتمام هذه؟!!!!
أعادت رؤى الهاتف الى اذنها ثم قالت بارتباك:
_ عفواً...ماذا كنت تقول؟!!!
تكلم كريم من جديد بينما احتلت الابتسامة وجهه وهو يتخيلها الان بحمرتها التي تعجبه اكثر من اى شيء آخر:
_ اقول هل انتهيتن من التسوق؟!!!!
_ على وشك الانتهاء
قالتها رؤى برسمية جعلته يكتم ضحكته بصعوبة وهو يراها مرتبكة اثر حديثه معها أمام المشاكسات الثلاثة اللاتي يرافقنها فسعل قليلاً ثم قال من جديد:
_ جيد...هل لاحظتِ اي وضع غريب عندك؟!!!
همست رؤى محاوله أن لا يصل صوتها اليهن:
_ لا كل شيء على ما يرام وسنعود في اسرع وقت
قبل ان يودعها وصله صوت مريم الماكر فيما تقول:
_ لا تقلق اخي سنعيد عروستك في اسرع وقت دون أن نلتهم منها شيئاً
بعدها مباشرةً وجد كريم الهاتف مغلق في وجهه فضحك وهو يعلم أن رؤى من أغلقته حتى لا يصله المزيد من التعليقات .
دخلت إليه علا بعد لحظات لتجد وجهه مبتسم على غير العادة فقالت بارتباك:
_ اوراق الشركة التجارية الجديدة سيدي
قال كريم بهدوء وهو يعبث بهاتفه:
_ ضعيهم على المكتب من فضلك علا
ارتدت علا للخلف بصدمه...لقد تكلم بهدوء وقال " من فضلك"... ماذا فعلت رؤى له حتى يكون بمثل هذه الاخلاق العالية؟!!!
رؤي التي اختفت تماماً منذ ظهور تلك الأخبار التي تحدثت عن السيد كريم وفتاته المجهولة التي اعتقد الجميع انها رؤى بعد أن تسرب خبر خطبتهما قبل أن يعلنا عنه لكنها لم تصدق حرف مما كُتب لأنه وبكل بساطة رؤى هيئتها وتعاملها الرسمي مع الجميع يؤكد أنها من المستحيل بأن تمضي بعلاقة شائنه كما أن عمود النور هذا ليس له في النساء من الأساس لقد تعاملت معه منذ افتتاح الشركة و لم تراه يوماً يتحدث مع اي امراه بحميميه أو حتى بعبث ....أجل يمتلك كل الصفات التي تكرها لكنه لم يكن عابث يوما... لكنها متعجبة من هذا الزفاف السريع... متى تعرفا؟!!...متى احبا بعضهما؟!!!!...متى اتفقا وكيف جعلت هذا المتهجم يحبها؟!!!
رفع كريم وجهه إليها عندما اطالت الوقوف فقالت بتلعثم وهى تتحرك شبه راكضه للخارج:
_ مبروك الزفاف سيدى
اومأ كريم لها بهدوء وهو يستغرب تصرفاتها العجيبة ثم عاد لهاتفه من جديد يشاهد اخر اخبار البورصة بذهن سعيد ومشتت.
.................................................. .....
يوم الزفاف
وقف كريم منتظرا ظهورها وقد حان موعد ذهابهم إلى قاعة الزفاف بعد أن عقد قرانه عليها في الأمس.
الى الآن لا يصدق أنه فعلها حقا حتى وإن كان بالزيف!!!
حتى حديثه مع طبيبه لم يفيده كثيرا هذه المرة بعد أن ذهب إليه في ذلك اليوم حين شعر بأن مشاعره خانته للحظه مع رؤي حين عانقها في مكتبه و أراد فعل المزيد ليأتيه جواب طبيبه حين أخبره بأن هذا أمر طبيعي للغاية حيث أن مشاعره بدأت تأخذ مجراها الطبيعي بعد حالة السبات الاجباري التي فرضها عليها منذ وفاة حبيبته السابقة و ان قلبه قد بدأت يميز رؤي عن الجميع لأنها استطاعت بهشاشتها وضعفها أن تضغط على ما كان يفتقده بالضبط في علاقته مع روز مسبقا ً ، فعلاقته مع روز كانت تعتمد على الأخذ اكثر دون العطاء لأنها كانت تستنزف مشاعره دون أن تعطيه الاهتمام المقابل كما أنها بشخصيتها الاستقلالية كانت ابعد ما يكون عن رؤى التي هي النقيض تماماً حيث أنها لجأت إليه في المقام الأول بحثاً عن الحماية والأمان مما أثار فيه مشاعره التي افتقد التنفيس عنها أثناء علاقته السابقة.
لفت انتباهه أخيراً خروجها من إحدى الغرف هي ونوال بصحبة أبيه الذي أصر على تسليمها إليه بيده ليقف هو دون أن يرمش حتي للحظة محدقاً في تلك الحسناء التي أصبحت زوجته!!!
لقد كانت تبدو كأميرة عربية خلابة بثوبها الأبيض المائل للذهبي بينما وضعت لمسات بسيطة من مستحضرات التجميل فقط أثقلت من كحل عينيها الواسعتين مما جعلها تبدو في غاية الحسن في نظره بلؤلؤتيها اللاتي اصبح يعشق النظر اليهن
اقتربت بجوار أبيه المبتسم بدهاء ليضعها حسين بين يديه قائلا ً :
_ من هذه اللحظة بدأت رحلتكما معاً وبإذن الله لن تنتهي أبداً
لم ينصت أياً منهما لما يقال...فهو تائه في أفكاره وتأمله وهي غارقه في خجلها من عينيه التي لا ترحمها.
تكلم كريم أخيرا ً بعد أن أوشكت رؤى على الانهيار من صمته :
_ جاهزة؟!!
اومأت رؤى دون رد فهي لن تنتظر منه مديح أو ثناء علي مظهرها بعد أن تطوعت عينيه بالإجابة
امسك كريم بيدها المرتجفة ليقول بعدها محاولاً التمسك بواجهته الهادئة:
_ هيا بنا
ليتحرك بها نحو المصعد فيما ترافقهم عيون نوال الدامعتين بسعادة لا توصف وهي تري الله قد تقبل دعائها وارسل لابنتها من سيحميها و يحافظ عليها.
بعد لحظات دخلا إلى قاعة الزفاف تزفهما الطبول والمباركات التي تهافتت عليهم من الجميع لينساب بعدها صوت احدي الاغاني الرومانسية فيدرك كريم انه حان وقت الرقصات التي يبغضها لكن رغماً عنه ارتجف قلبه حين امسكها بين يديه واضعاً كفيه على خصرها بينما وضعت هي يديها علي كتفيه فتقترب منه كما لم تفعل من قبل.
مال برأسه هامساً في اذنها :
_ استرخِ قليلاً....جسدك كله متشنج
فتجيبه بنفس الهمس:
_ لا احبذ هذا التحديق ممن حولنا وكأننا نمثل لهم فيلم سينمائي
فيبتسم مكملاً مهمته في ارباكها بينما يهمس لها من جديد مستنشقاً رائحتها العطرة:
_ لا تقلقِ... بضعة ساعات وينتهي التحديق
دقيقتين ووجد كريم مهاب يسحب ساندي لمراقصتها كما وجد أباه يراقص مريم التي كانت تشبه فتيات ديزني بثوبها الوردي وشعرها الذي صفقته بطريقة أنثوية ووضعت فوقه بعض الورود البيضاء كما انضم إليهم فيما بعد رائد و معجزه ليتبعه حسام و زوجته التي تسبقها بطنها .
ابتسم كريم وهو يتذكر موقف سابق حين رأى رؤي تحدق فيه عندما كان يراقص مريم أثناء زفاف مهاب...كم يبدو هذا اليوم بعيدا ً الآن وكأنه مر عليه أعوام لا بضعة أشهر!!!
من كان يظن أنه سيجد نفسه في نفس وضع مهاب السابق الذي سخر منه دائما ً حينما ظل يراقص ساندي طوال الحفل ليفهم الآن أن هذه الطريقة الوحيدة ليبقي فتاته قربه طوال الوقت كما يفعل هو الآن دون أي سيطرة علي مشاعره التي ارتبكت من قربها من جديد وكأنها تسبب له زلزال يهدم كل الحصون التي بناها طوال السنوات الماضية في لمح البصر.
ظل كريم ممسكاً بها إلي أن ظهر صوت ساندي الماكر فيما تقول:
_ اعتقد انه حان وقت رقصتنا رؤي
بالكاد ابعد كريم عينيه عن رؤى ناظراً لتلك المستفزة فيما يسأل بعجب:
_ اي رقصه؟!!!!!
ليجدها سحبت رؤي من بين يديه وفى لحظه تغيرت الالحان الناعمة لأخري مزعجة ليجد رؤي اختفت تماماً من أمام ناظريه وسط تجمع نسائي كبير بينما ظهر من خلفه صوت المستفز الآخر فيما يقول ضاحكاً:
_ لا تبتئس أخي...سأجعل ساندي تعيدها اليك بعد قليل
.....................
_ لا اعلم هل ابارك لك ِ ام اواسيكِ؟!!!!
ضحكت رؤي علي جملة زينه التي ترافقت مع نظرة كريم إليها من بعيد لتقترب منها قائله:
_انه ينظر الينا الأن ولو علم بما تقولين سيركلك خارج القاعة
ليعلو صوت زينه وكأن كريم سيسمعها وسط هذا الضجيج:
_ الف مبروك حبيبتي...لقد اخترتِ زينة الرجال وافضلهم
ضحكت رؤي من قلبها على تلك المجنونة التي اتبعت قولها بتحركها لمنتصف حلقة الرقص ساحبه رؤى معها :
_ اتركينا من كل هذا الهراء وتعالى لنرقص قليلاً...انا مصابه بالكبت منذ بضعة أيام و اريد ان ارفه عن نفسي قليلاً
بعد عدة ساعات كانت مريم تقف وسط الفتيات بوجه شارد بعد أن اختفي عمار طوال الأيام الماضية دون أي خبر...فقط تلك الرسالة اليتيمة التي يواظب على إرسالها لها كل مساء قبل نومها بدقائق حتى أصبحت من ضمن نظامها اليومي المعتاد لكنه توقف تماما عن الاتصال بها أو حتي الظهور حولها في اي مكان.
اجل هي أيضاً كانت منشغلة تماماً بتحضيرات الزفاف لكنها سرقت ساعة لنفسها يوم الخميس الماضي وذهبت إلى النادي على أمل أن تراه لكن محاولتها بائت بالفشل...اخرجتها المجنونة ساندي من أفكارها حينما شدتها مره واحده حتى كادت أن توقعها ارضاً وهى تقول بابتهاج:
_ كل يوم تمتد ابتسامتك مترين ولم تجدي سوي يوم الزفاف لتعبسين فيه!!!!
تحركت مريم جوارها ولكن ما أن وصلا لساحة الرقص حتي توقفت الموسيقى الصاخبة ليسمعن بعدها منسق الحفل يدعو العريسان لتقطيع كعكة الزفاف فتحركت ساندي بضجر فيما تقول:
_لن نتمكن من الرقص في يومنا هذا
ثم رمت نظره ناحية معجزه التي احتجزها رائد بجواره بينما ظلت فيروز تتراقص حولها مغيظه إياها وهى تلف حولها بفستانها الذي يشبه فستان معجزه إلى حد كبير
بعد أن انتهيا من تقطيع الكعكة عادت الموسيقى الحالمة تتهادي من جديد فأمسك بها كريم ناظراً الي أخيه الذي كان واقفاً مبتسماً بغرور بعد أن فرض رأيه على منسق الحفل وجعله يُسّرع فقرة تقطيع الكعكة حتي يستطيع كريم الإمساك بعروسة بعيداً عن حزب النساء.
_ ماذا بكِ...لماذا كل هذا الوجوم؟!!!
همسها كريم في اذنها أثناء رقصتهم التي أعجبته اكثر من اي شيء في الزفاف ليأتيه صوتها المختنق:
_لا شيء
فيسألها كريم بذكاء عما لاحظه منذ بضعة دقائق:
_من تكون تلك المرأة التي كانت تتحدث معك منذ قليل ثم أتت نوال وابعدتها بفظاظة؟!!!!
نظرت له رؤى بغضب دفين ثم قالت:
_زوجة أبي السابقة
اومأ كريم بهدوء متفهماً غضبها لتتكلم بعدها بلحظات قائلة بوداعة غريبه عليها:
_هل سأكون وقحه اذا طلبت منك أن تجعلهم يختصرون بقية الفقرات لأني حقاً تعبت؟!!!
علي عكس ما توقعت ضحك كريم فيما يقول بخبث:
_هذه المرة الأولى التي اري فيها عروس متعجلة لإنهاء حفل زفافها...في العادة يكون هذا رد فعل الرجل...إذا استمع أحدهم الي حديثك ستقعين وقتها في موقف لا تُحسدين عليه
احمر وجه رؤي بشده وقد استوعبت أخيراً ما تفوهت به لتردد بعدها بتشتت:
_انا لم اقصد...انت تفهم...انا اقصد.....
ضحك كريم من جديد وهو يشاهد حمرة الخجل التي تأسره ليقول بعدها:
_ إن جئتِ للحق انا ايضا مرهق للغاية واريد ان ارتاح قليلا
لا تعلم رؤي ما حدث بعدها...فقد أشار كريم الي مهاب بالاقتراب ليهمس له بشيء ما فيغمز له مهاب ضاحكا ً ثم يتحرك بعدها الي مكان ما ثم يصدح صوت منسق الحفل طالباً من فتيات الحفل أن يقفن خلف العروس حتي ترمي باقة الزهور لأحداهن
تحركت ساندي بحماس ليوقفها ذراع مهاب الذي قال بارتياب:
_الي أين تقودك خطواتك بالتحديد؟!!!
حاولت ساندي التملص فيما تقول بنارتيها:
_ابتعد مهاب سيفوتني الإمساك بباقة الزهور
فيشدد مهاب من ذراعيه حولها قائلاً:
_حبيبتي هذا للفتيات اللاتي لم يسبق لهن الزواج
_اعلم... أعلم
تقولها وهي تسعى للإفلات من بين يديه فيسألها بحماقه:
_الستِ زوجتي يا ابنتي؟!!!....لماذا تسعين خلف الباقة؟!!!
رمت رؤي الباقة لتكون من نصيب احدي الفتيات مما جعل ساندي تستشيط غضباً من الغليظ زوجها الذي عرقلها فهتفت بغضب اخفاه صوت الموسيقى حولهم:
_ ما هذه الغلاظة؟!!...لقد اردت الذهاب وامساك الزهور
فيجيبها مهاب بغضب مماثل:
_وانا ماذا سيكون مظهري امام الناس و المرأة التي تزوجتها أمام أعينهم جميعاً ذاهبه لتمسك بباقة العروس على أمل أن تكون هي العروس التالية؟!!!!
فتقول ساندي باستفزاز:
_ الأمر ليس هكذا...انا أردت أن أعيش هذه اللحظة...انا احب الإمساك بالزهور ليس أكثر
فيسحبها مهاب بجواره بعدما لاحظ وقفتهم السخيفة في منتصف القاعة فيما يقول وقد وجد حلاً لمشكلتها العويصة:
_حسناً...لا تغضبِ...استهدي بالله الان وانا سأشتري لكِ افضل باقة زهور وسأظل اقذفها إليكِ طوال الليل لكن لا تفعليها أمام الجميع مره اخري فانتي هكذا تهينين رجولتي يا حمقاء
نظرت له ساندي بطرف عينيها ثم قالت:
_توليب
_ماذا؟!!!
رددها مهاب بحماقة فقالت من جديد:
_احضر زهور التوليب
ثم تحركت مغادرة إياه تمشي بغنج مما جعله يرفعه كفيه قائلاً بتعجب مضحك:
_اصحاب العقول في راحه
...............................
يجلس في مكتبه بصمت مرعب بعدما فر الجميع من حوله حينما لم يسلموا من غضبه
لقد تزوجت اليوم!!!!....
لقد فشل بأخذ ثأره!!!...
لقد هزمته تلك الحقيرة القذرة وجعلت منه أضحوكة أمام من يعرفه ويعرف برغبته بها!!!
أزاح عمار كل محتويات بعنف بينما يزمجر بجنون كحيوان مفترس تم حجزه بداخل قفص دون سبيل للخروج !!!
جلس بعدها على كرسيه مغمضاً عينيه بتعب لتعود تلك اللحظة تطرق رأسه من جديد فبعد أن أبلغه رجاله بما حدث يوم أن ارسلهم لأخذها منه مر اليوم بطبيعية ليفاجئ في اليوم التالي بزيارة من حسين رسلان... زيارة كانت تبدو عابره لكنها حملت له ما يكفي من التحذير من مغبة استكمال طريقه لاسترجاع رؤي لسطوته...
ترددت كلمات حسين من جديد في عقله :
_ نحن رجال أعمال وقد امضينا معظم حياتنا في الخارج أجل...لكننا لم نتخلى يوماً عن اصلنا ومعتقداتنا التي يعود اصلها للجنوب...لم نتخلى عن بعض القيم كالصبر والعفو عن الصغير عندما يخطئ لكن حينما يمس الخطأ نسائنا تختفي عقولنا تماماً وتتوقف عن العمل ولا نتعامل بعدها سوى بطريق واحد...الدم... إذا كنت تعاملت مع رجال الجنوب ستعلم أنهم افضل الرجال اذا أحبوا وصادقوا و العنهم اذا غضبوا أو ثاروا.... لهذا وبكل صبر اخبرك بأني لن ارد هذه المرة علي فعلتك التي بائت بالفشل حينما حاولت التعدي على ابني و زوجته وهذا ما اخبرتك أنه يدعي بالعفو عن الصغير لكن أن تكرر الأمر وهذا ما لا ارجو حدوثه ستعلم بعدها معنى بقية القيم التي حدثتك عنها منذ قليل.
يومها ظل عمار ينظر إليه بلا معنى ليقول بعدها باستخفاف:
_والله انا ما أعلمه عن الرجال بشكل عام أنهم لا يأخذون نساء غيرهم عنوه
ليبتسم حسين رسلان ببرود فيما يقول:
_ وانا لا أرى أن هذا ما حدث...شابين وقعا في الحب وسيتزوجان...هذا كل ما في الأمر وانت ما زلت صغير وتستطيع العثور على حبك الحقيقي دون أن تفرض نفسك علي امرأه لأن هذا ايضا ً عكس شيم الرجال.
ليغادر بعدها تاركاً اياه يتلظى بنيران الغضب والجنون بعدما تأكد من أن الحقيرة أحكمت قيدها حول الشاب و أبيه و فكرة الوصول إليها أصبحت شبه مستحيلة
تنهد عمار بعنف ليجد سوزان بعدها تقف أمامه فبادر بالحديث هاتفاً بعنف:
_ماذا تفعلين هنا؟؟!!... لماذا لم ترحلي؟!!!!... ثم كيف تدخلين دون أن اذن لك؟!!!
لم تعير سوزان غضبه اهتمام بينما داخلها يرتجف خوفاً من ردة فعله على ما تحاول فعله...هي هنا لتقامر... المقامرة الأخيرة التي ستحاول فيها استغلال لحظة ضعفة بعد أن طارت أميرته من قفصه و حلقت لعش جديد محصن بما يكفي لحمايتها منه... والان هي ستخرج بنتيجة واحدة من هذا المكتب إما أن يكون عمار ملك لها الليلة لتعيد علاقتهم من جديد او تخسر المقامرة فتخسر كل شيء...عمار، عملها و ربما حياتها إن تمادي جنونه معها.
اقتربت سوزان ببطيء ثم قالت بصوت ارادته مواسيا ً:
_ ماذا افعل هنا؟!!...اجلس معك .... لماذا لم ارحل؟!!... لأني لم استطع تركك...اما عن الباب فقد طرقته اكثر من مره دون أن تجيب حتي أصابني القلق
ابتسم عمار احدي ابتساماته المرعبة التي كانت ستركض فور أن تراها لو كانت تمتلك واحد بالمائة من العقل لكنها من الواضح أنها اختارت أن تتغابى لتتحرك بعدها نحوه فيما تقول بصوت حاني:
_ انا افهم جيداً معني أن تحب شخصا ً دون أن يبادلك الشعور...انا افهمك...افهم ألمك...لكن بقائك هكذا ترثي ما ضاع منك لن يعيدها إليك...رؤي لم تراك يوما عمار...لم تحبك!!!!
تحرك عمار بمقعده ليواجها حين وقفت أمامه لا يفصلها عنه شيء فاستطردت بعدها بينما تميل إليه:
_انا فقط من احببتك و لازالت...انا فقط التي وهبتك كل شيء دون شروط...قلبي وعقلي وجسدي و روحي....انا فقط عمار...انا فقط
لتميل بعدها اكثر محاولةً الوصول إلى شفتيه حين ابدي لها هو بعض الاستسلام ثم وجدته انتفض بعدها فجأة واقفاً بعد أن داهمت صورة لفتاه سلبت لبه خياله فعاد إلى عقله بعد أن كاد يسمح لسوزان باللعب معه في لحظة ضعف.
ابتعدت سوزان بخوف لترى وجهه يتبدل تماماً حيث غامت عينيه لبعض اللحظات بشيء مختلف ثم ارتدى بعدها أشد أقنعته قسوة فيما يقول:
_اخبرتك من قبل...لا تعبثِ معي من جديد...لكنك لا تتعلمين... لهذا لا اريد رؤيتك في هذه الشركة من جديد..اه...والمرة القادمة لا تعرضِ نفسك بكل هذا السخاء على رجل فقد شعرت بالتقزز للحظه.
نظرت له سوزان بصدمه ليقول مكملاً:
_هل تعتقدين حقاً انني احببتك سوزان؟!!!...انا حقاً ينتابني الفضول و أريد أن أعرف من أين اتيتِ بكل تلك الثقة؟!!!... انتى كنتِ دائما ً بالنسبة لي مجرد امرأه كعشرات النساء اللاتي تعرفت عليهن... أجل اعجبتني ولن أنكر هذا الأمر لكن مستحيل أن يتطور اي شيء له علاقة بك عن فراش نقضي عليه بعض الوقت المميز... الفكرة نفسها غير واردة حلوتي
صرخت فيه سوزان بجنون :
_لا تتعامل معي كساقطة عمار...انا كنت زوجتك
فيرد عمار ببرود احرق روحها:
_ ثانيه واحده...دعينا نعيد المسمى علي مسامعك حتي تستوعبين
ثم أكمل بقسوة مشدداً على كل حرف:
_انتى كنتِ عشيقتي...و الورقة التي وقعنا عليها كانت مجرد ورقة تجعل حصولي عليكِ امر شرعي ليس إلا فلا تجعلِ احلامك تخونك و تصل بك لمكانه مستحيل أن تصلين إليها يوما.
انهي عمار كلماته بأن غرز أصابعه في ذراعها ساحباً إياها لخارج مكتبه فيما يقول بجنون قد فجرته هي في وجهها بكل غباء:
_ اجمعِ الان اشيائك و اياكِ أن المح طيفك في الشركة من جديد وإلا سترين وجهي الآخر و سأجعلك تتمنين الموت من فرط ما سترينه مني
ثم عاد بعدها الي غرفة مكتبه بعدما اغلق الباب خلفه كقذيفه أخرى في وجهها لتبدأ هي بتنفيذ أمره كما العادة دون أن تري أمامها بعدما تشوشت رؤيتها بدموعها لتتحرك بعدها مغادرة مقر الشركة تلملم أذيال خيبتها وقهرها ثم تتوقف بعدها لحظه ممسكه بهاتفها لتطلب رقما معين ثم تقول فور أن جاءها صوت الطرف الآخر:
_لقد اتخذت قراري....انا معك.

نهاية الفصل الثالث عشر

قراءة ممتعة للجميع 💙💙


















بقعة ضوء للكاتبة "هاجر حليم"  مكتملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن