الفصل العشرون:
_روزى حية !!!!
تجمدت وقفتهما ليكمل جاك الذي كان مازال علي الطرف الآخر من المكالمة:
_و الان اهدأ و استمع لما سأقول جيداً
لم يجيبه كريم بينما اهتزت وقفته لتسنده رؤى لينادي جاك من جديد:
_كريم هل تسمعني؟!!!!
تكلم كريم بهذيان و كأنه يعاني من كابوس مرعب:
_كيف؟!!!...كيف حيه انا لا افهم!!!!... مستحيل
سحبت رؤي الهاتف من يده ثم ضغطت على مكبر الصوت ليأتي صوت جاك واضحاً لكلاهما:
_ السيد فرانك أشاع قصة موتها بمساعدة هاري حتي يفرق بينكما ، لقد كانت في غيبوبة امتدت لشهور فقام بنقلها إلى مكان آخر مستخدماً نفوذه ثم أعلن وفاتها للجميع وحين عادت لوعيها اخبرها بأنك فسخت الخطبة بسبب جنونها الذي كاد يطيح بحياتك
جلس كريم بترنح علي اقرب مقعد بينما كانت رؤى تقف أمامه مذهولة مما تسمع ليضيف جاك مكملاً مهمته:
_ بعدها بفترة تزوجت من هاري و لديهما الان طفله
وضع كريم وجهه بين كفيه بينما يهمس بتكرار:
_مستحيل ، مستحيل ، كله كذب روزي ليست....
لتشرس ملامحه فجأة بينما يقف هادراً بكل قوته:
_ابـــــــــــــــي !!!!!!!!!!
فهمت رؤى ما يفكر به فركضت و ارتدت سترتها فوق ثوبها و لفت حجابها بسرعه لتجده خارجاً بالفعل ليتوجه بعدها إلى المنزل دون أن يري أمامه !!!!
وصلا بسرعة قياسية نظراً لقيادته المتهورة ليدخل الي المنزل فيجد أباه جالساً بصحبة مريم ليبادرهم حسين مبتسماً دون أن يلاحظ جنون ابنه:
_لقد اتيتما بسرعة!!!!
ثم نظر إلى رؤى الواقفة بتوتر ليقول بعدها بهدوء:
_احمل لكِ خبراً جيداً ابنتي ، لقد .......
قاطعه كريم الذي هتف بجنون:
_هل كنت تعلم؟!!!!!
قطب حسين بحيره:
_اعلم بماذا؟!!!!
هتف كريم وكأنه ممسوس:
_كنت تعلم....خططت مع أبيها لتفرقا بيننا ، تركتني اتلظى بجحيمي ووقفت تشاهد
هتف حسين بحزم:
_اخفض صوتك يا ولد و تحدث كالرجال...عن ماذا تتحدث انت؟!!!
اقترب كريم ليقول بفحيح بينما عينيه تفيض وجعاً:
_اتحدث عن روز....روز التي اوصلت الّي بنفسك خبر موتها الكاذب
اتسعت عينا حسين بصدمه و شهقت مريم التي سألت بصدمه اكبر:
_ كيف هذا؟!!!....هل نجت من الحادث؟!!!
اومأ كريم بألم بينما يعاتب أبيه بحرقه :
_لطالما سألتك عن سرك المتعلق بها وانت في كل مرة صمتت لأكتشف اليوم أنها هي نفسها السر ، لقد سرقت مني سنوات طويلة قضيتها اتعذب وأنا أظن أني قتلتها بينما هي حيه ترزق ، كنت اموت أمامك حين علمت بخبر موتها وانت كنت تعلم أن كل ذلك كذب و صمتت ، تركتني دون أن يرف لك جفن أو حتي تتألم علي حال ابنك الذي دمرته بخطتك اللعينة!!!
وقف حسين كالجبل الشامخ أمامه ليسأل بنبره ظهر بها الألم:
_ هل تصدق حقاً ما تقول؟!!!
هتف كريم بجنون وكأنه فقد السيطرة على نفسه تماماً:
_لطالما كنت تكرهها ، حتي انك لم تعلن أبداً خطبتنا لعائلتك وجعلت الجميع يظن بأنها مجرد فتاه ترافقني بقذارة ، لطالما حاولت منعي من الاقتراب منها ، كنت تراها دائما ً دون المستوى المطلوب .
هتف حسين في المقابل بعد أن أفقده هذا الأحمق تعقله:
_اجل كنت اكرهها....فتاه منحلة تتعامل معك و كأنها تفضلت عليك حين قبلت بك....لما لا ارفضها؟!!!!
هتف كريم:
_كانت تحبني
_لم تفعل...لم تحبك يوماً ، كنت بالنسبة لها مجرد تحدي جديد وحين استعصي عليها امرك عادت لطابعها القذر
نظر كريم إلى أبيه بتشتت ليسأل بعدها بنبرة مختنقة:
_ماذا تقصد؟!!!...ماذا...ماذا تريد ان تقول؟!!!
نظر حسين محدقاً في عين ابنه لعل كلماته توقظه من غفلته:
_كانت حامل...تلك التي تتغني بحبها كانت تحمل خاتمك في يد و بذرة رجل آخر في رحمها
شهقت مريم بمفاجأة و اغمضت رؤى عينيها بألم علي حاله بينما ظل كريم يحدق في وجه أبيه بلا معنى ليهمس بعدها بحرقه:
_انت كاذب
شهقت رؤى هذه المرة حين نزلت صفعة قوية على وجه كريم بينما يقول حسين بقسوة لم تراها مسبقاً:
_اياك أن تقلل من احترامي أو تتخطى حدودك معي من جديد...انت مجرد احمق ضعيف يلهث خلف حقيرة قذرة كانت تحاول استغلاله و انت بكل غباء كنت مستعد تخسر كل شيء لأجلها ، كنت اظنك رجلاً لكنك مجرد فتي لا يعلم قيمة ما يملكه و يبحث عن سراب.
تجمد كريم تماماً بعد صفعة أبيه لتتحرك مريم ممسكه بأبيها بينما أمسكت رؤى بزوجها الذى كان يبدو أنه على وشك أن يرتكب جريمة لتحاول إيصال صوتها لعقله قائله بهدوء هو أبعد ما يكون عنها:
_كريم...انظر الّي ، اهدأ و تعال لنتحدث في الاعلى قليلاً... كريم ... أرجوك
أبعدها كريم بحده ثم صعد إلى الأعلى فتبعته بلا تردد لتجده يحضر حقيبة صغيره و يبحث عن جواز سفره فتسأله بقلق:
_ماذا تفعل؟!!!...الي اين ستذهب؟!!!
أجابها كريم بحده:
_لا تتدخلِ
وقفت رؤى أمامه تحاول منعه من الرحيل بينما تقول بحنق:
_كريم لا تخسر كل شيء من أجل لحظة غضب...اترك جنونك هذا و دعنا نتحدث
هتف كريم بعصبية:
_قلت لكِ لا تتدخلِ هذا الأمر لا يخصك
تحلت رؤى بالصبر لتحاول إقناعه:
_ كريم بالتأكيد عمي لن يكذب في شيء مثل هذا ، انت نفسك حين أخبرتني عنها قلت انها كانت........
وقف كريم أمامها ليقاطعها بقسوة صدمتها:
_لا اعتقد بأنك تملكين الحق لإصدار الأحكام علي غيرك فكلانا نعلم جيدا انكِ لم تكوني يوماً رمزاً للبراءة
شاهد كريم الألم يرتسم جلياً علي وجهها ليكمل قبل أن يرحل:
_ اخرجي نفسك من هذا الأمر تماماً ولا تتدخلِ بما لا يخصك ، انا سأذهب الان و سأثبت لكم جميعا ً بأنها احبتني.
نزلت دموعها لتهمس له باختناق و هي تري اكبر مخاوفها تتحقق أمام عينيها:
_لا تذهب.....
وقف كريم أمام باب الغرفة للحظات قبل أن يتحرك مغادرا ً المكان بما فيه لتجلس رؤى و قد انهارت قواها لتكلم نفسها و هي تمسح دموعها التي لا تتوقف بعنف:
_حمقاء... لماذا تبكين الان؟!!!...منذ متي و اكتمل الأمر معك؟!!...ألم تعتادي بعد؟!!!... هذه ليست المرة الأولى...ليست الأولى
بعد لحظات شعرت رؤى بكف مريم علي كتفها بينما تقول بمواساة:
_لا تبكي....كل شيء سيكون بخير
جففت رؤى دموعها بينما تحاول منع شهقات قلبها المتألم من الخروج للعلن لتهمس بعدها بجمود و قد ارتدت من جديد اقدم اقنعتها و أكثرها بروداً:
_انا سأذهب إلي نوال
رفعت مريم حاجبيها بارتياب فيما تقول:
_الان؟!!...لقد تأخر الوقت كثيرا ً
هزت رؤى رأسها دون معنى ثم نهضت لتبدل ملابسها لتقول مريم بحنانها المعهود:
_مهاب و ساندي قادمين ...سيظلان هما مع أبي و سأذهب انا معك
_ليس هناك داعى مريم ، انا بخير
عارضتها مريم وهي تتحرك نحو الخارج:
_لا تجادلي... سأذهب معك فأنا لم أرى مربيتك منذ عادت الي وعيها سأبدل ملابسي بسرعه ، لا تذهبي بدوني.
_مريم انا سأبيت ليلتي هناك ، لا داعي لمجيئك معي.
حاولت مريم من جديد معها لكن رؤى رفضت بتهذيب فيما تقول:
_تستطيعين الحضور في الغد....لكن الان لا داعي لمبيتك بعيدا عن عمي
هزت مريم رأسها بشفقة فرغم كل ما حدث معها لم تستطع أبداً كره رؤى أو رؤيتها عاجزه بهذا الشكل أمام جنون كريم الذي لا ينتهي
بعد دقائق نزلت رؤى ليوقفها صوت حسين الذي تخلله بعض التعب:
_انتظري قليلا ابنتي حتى يقوم مهاب بإيصالك
نظرت له رؤى بهدوء متألم جعله يكاد يذهب خلف كريم ويضربه من جديد ثم قالت:
_لا داعي عمي....سيارتي في الخارج
_لا...لن تقودي بمفردك في هذه الساعة...انتظري بضع دقائق فقط
اومأت رؤى ولم تصر كثيرا أمام نبرته المتعبة ليجلس بعدها الجميع بهدوء قاتل قطعه حسين حين قال لها بنبرة لا تنم عن شيء:
_بالمناسبة لقد توصلت إلى عادل و أخبرته بكل ما حدث و سيكون هنا في بداية الشهر ، سينتهي أمر ابن عمك نهائيا ً .
توترت مريم وهي تنظر إلي رؤى بترقب تحاول التقاط أي ردة فعل لها لكن لم تجد سوى الجمود لتقول رؤي بعد لحظات:
_ممتاز ، لكن في الأساس انتهى الأمر ، عمار لم يعد يشكل أي خطورة علّي
نظر لها حسين باهتمام فيما يقول:
_متأكدة؟!!!....ام انها احدي الاعيبه؟!!!
ابتسمت رؤى بمرارة ثم قالت بخفوت:
_متأكدة عمي....عمار لم يعد كالسابق ، حتي اني اكتشفت اليوم أنه كان مجرد بيدق في لعبة غبية لم اكن اعلم عنها شيء
نظر لها حسين مستفهماً فقالت محرجة:
_اعتذر منك هذا أمر يخص عائلته ولا أملك أن أفصح عنه
هز حسين رأسه متفهما ً بينما كان قلب مريم في اوج نشاطه يلتهم كل كلمه تقولها رؤى علّه يثبت لعقلها أنه لم يخفق حين حالف من يعشق.
............................
يجلس في المطار خافضاً رأسه بإنهاك واضح منتظراً رحلته التي ستكون بعد عدة ساعات ، يشعر بأنه يعيش في فقاعه مظلمه ولا يستطيع الخروج منها أبدا ً ، يدور و يدور ثم يعود إلى نقطة الصفر من جديد لا يتغير فيه سوى ازدياد ظلمته و وحشته!!!!
قلبه يؤلمه بشدة علي من تركها خلفه بعد أن توسلته ضمنياً بالبقاء لكنه يعلم أنه لن يستطيع أن يقدم لها شيئاً قبل أن ينهي قصته ، سيتعبها و يؤذيها كل لحظه بتساؤلاته التي لن تنتهي إذا لم يكتب لها هو بنفسه نقطة النهاية!!!
عاد صوتها المختنق يخترق أفكاره المبعثرة ليتنهد بألم ثم يمسك هاتفه محاولاً الاتصال بها لكنها لم تجيبه وكأنها أعلنت استسلامها و تخليها عن كل ما يخصه منذ اول دقيقه تركها فيها ، لقد أصبح يعرفها جيدا ً لن تبرء مما فعل معها بسهولة لكنه لا يملك من أمره شيئاً يجب ان يرحل ليفهم ، يجب أن يري الأخرى التي امتلكت فؤاده لسنوات و جلدته بعذاب الضمير حتي أوشك على الجنون ، يجب أن يعرف كل شيء حتي تهدأ نيران قلبه التي تكويه بلا رحمه .
لحظات و أضاء هاتفه ليفتحه بسرعه ظاناً أنها هي ليصله صوت جاك القلق:
_مرحبا....لقد قلقت عليك...كيف وضعك الان؟!!!
ضحك كريم بسخرية متألماً على حاله ليقول بعدها:
_ و كيف سيكون؟!!!... جالساً بمفردي في المطار انتظر موعد طائرتي تاركاً إياها دون أن اقوى على الرجوع!!!!!
سأل جاك بحيره:
_عمن تتحدث؟؟!!...تركت من ؟!!
تنهد كريم بتعب و كأن كل شيء حوله يطبق فوق قلبه :
_ رؤى... اتحدث عن رؤى
_ ومن تكون هذه؟!!
اغمض عينيه متعباً من كل شيء ليجيب بعد لحظات:
_زوجتي
هتف جاك بصدمه واضحة:
_انت متي تزوجت؟!!!
تنهد ثم أجاب:
_منذ فترة بسيطة
لم تنتهي تساؤلات صديقه ليقول بعدها:
_هل تركت زوجتك حتي تلتقي بروز؟!!!
تكلم كريم قائلاً بعصبية:
_ماذا افعل؟!!!....هل اتصرف و كأن شيئاً لم يكن؟!!...هذه سنوات جاك سنوات قضيتهم اهيم بها عشقاً وسنوات أخرى اموت بها ألف مرة ظناً بأني قتلتها لتأتوا في النهاية وتخبروني بأن كل ما عايشته طوال هذه السنوات محض خيال!!!!!
صمت جاك لا يعرف ماذا عليه أن يقول لصديقه الذي هتف من جديد وكأن الجنون تلبسه:
_ لم تحبك ، لم تموت ، متزوجة من عامين ، لديها طفله ، حملت طفل غيرك....ماذا؟!!!...انا ايضا ً بشر و بحاجه الى الراحة!!!!
_وهل سترتاح حين تراها؟!!!!!
اجاب كريم دون لحظة تردد:
_اجل ، سأرتاح حين أراها و تخبرني بكل شيء ، سأرتاح حين اعلم حقيقة كل ما حدث وكل ما اخفاه ابي ، سأرتاح حين ابرء منها تماماً ولن يحدث هذا دون أن أراها.
تنهد جاك بحيره ليقول بعدها بهدوء:
_حسنا...كما تشاء ، سآتي لاصطحابك من المطار ، الي اللقاء
انهى كريم المكالمة ثم جلس من جديد يفكر بكل ما يحيط به...لم يشعر يوماً بالتشوش كما الآن!!!
ليس هيناً أبداً أن يكتشف أن كل ما اعتبره حقيقته الوحيدة لأعوام لا أساس له من الصحة ، كما أن روز لطالما تغنت بحبه في كل فرصة فكيف يمكن أن تكون قد فعلت به ذلك؟!!!
ربااااه سيفقد عقله ولن يصل لنتيجة قبل أن يراها....و سيراها!!!
..............................
_ماذا تفعلين هنا في هذه الساعة؟!!!!
هتفت نوال بصدمه لتجيبها رؤى برتابة:
_جئت إليكِ
دققت نوال في ملامح رؤى التي يظهر عليها الألم جلياً لتسأل من جديد:
_ماذا حدث؟!!...هل تشاجرتِ مع زوجك؟!!!
هزت رؤى رأسها نفياً وهي تكتم دموعها ثم أجابت:
_لا...لقد ظهرت له رحلة عمل سينهيها ثم يعود
تلفتت رؤى لتسأل بهدوء قاتل:
_اين عمار؟!!!...ألم تقولي بأنه سيمضي الليلة هنا؟!!!
اجابتها نوال دون أن يخف قلقها للحظه:
_ذهب ليحضر لنفسه بعض القهوة ، سيعود بعد لحظات
اومأت رؤى دون معني ثم جلست بصمت لتسألها نوال برجاء:
_اخبريني بالله عليكِ بما حدث؟!!!!... لما عدتِ من جديد؟!!!
لم تكد تجيبها رؤى حتي دخل عمار ممسكاً بقهوته لينظر إليها متعجباً ثم سألها هو الآخر:
_ماذا هناك؟!!!... ماذا تفعلين هنا؟!!!!
اغمضت رؤى عينيها بملل لتقول بعدها بنبرة ميته:
_انا هنا لأني أريد البقاء هنا ، لم يحدث شيء و لن يحدث شيء
ثم نظرت إلى عمار قائلة بإيجاز:
_العم عادل قادم في بداية الشهر
ابتسم عمار بخفه و قد فهم مخزى الجملة ليقول بعدها وهو يتحرك للداخل:
_ حسين رسلان ليس هيناً علي الاطلاق
سألتها نوال بترقب:
_هل هذا سبب الشجار؟!!!
سأل عمار باستغراب:
_اى شجار؟!!!
تأففت رؤى بغضب لتقول بعدها:
_اخبرتك بأنه لا يوجد اي شجار ، اذا كنت ِ تريدين رحيلي فقط قولي الأمر بصراحه
نظرت لها نوال ترفع حاجبها باستخفاف ليقول عمار في نهاية الأمر:
_اظن اننا بحاجة إلى كوب قهوة إضافي لأنه من الواضح أن هذه الليلة ستطول
_لا اريد منك شيء
هتفت بها رؤى بغضب لكنه لم يلتفت إليها و اكمل طريقه للخارج تاركاً إياها تتحدث بحرية مع نوال.
..................................
(ظهيرة اليوم التالي)
وصل كريم أخيرا ً الي مدينتها حيث رآها أول مرة!!!!
كانت تبدو وقتها كالخيال ، جمالها الارستقراطي مع طابعها البرى جعلوا منها انثي يعجز اي رجل عن مقاومة سحرها وهو لم يكن يوماً للسحر محصن!!!!
نزل من سيارة جاك ببطيء وكأنه لا يريد الخوض في الأمر أكثر من ذلك ...خائف هو مما سيلقاه !!!!
_هل ترغب بالدخول بمفردك؟!!!
اومأ كريم برهبه لا يعلم متي اكتنفته ثم تحرك نحو منزلها بخطى مترددة بينما قلبه ينبض بوجل ليزيح البوابة الحديدية الصغيرة ويخطو بضعة خطوات ثم يتسمر تماماً أمام ما يري!!!!!
لقد كانت هي!!!... نفس الهيئة وكأن الزمن توقف عندها ، نفس الشعر الاشقر المتموج الطويل ، نفس القوام ، نفس الهالة الأخاذة التي اعتادها منها لكن قلبه!!!!!
قلبه توقف عن الخفق بجنون لرؤيتها!!!
كانت تلاعب ابنتها التي أخبره جاك عنها ، طفله تشبهها لحد كبير بشقرتها و جمال ملامحها
شعر ببعض التوتر من لقائهما بعد كل هذه السنوات لكن الأمر لم يتخطى ذلك ، فقط بعض الترقب لردة فعلها لكن قلبه هادئ ، ساكن كما لم يكن بقربها يوماً!!!!
هل تخطاها حقاً ام أن رهبة وجودها حيه أمامه هي ما خدرت حواسه؟!!!!
التفتت إليه في تلك اللحظة لتتسع عيناها بمفاجأة ثم مالت على الأرض و وضعت طفلتها التي كانت تحملها لتتحرك بعدها ناحيته بثقة لا تفارق خطواتها لتقف أخيرا أمامه ليخرج صوتها المغناج دون اي مجهود فيما تقول:
_ لقد كنت اعلم دائماً ان هذه اللحظة قادمة لا محالة!!!!
ظل كريم علي صمته لا يبدي أي ردة فعل بينما كانت تحدق هي في وجهه تلتهم بعينيها الجشعتين ملامحه بلا هوادة لتتمتم في النهاية مبتسمة بإغواء:
_لقد ازدت وسامة عما اذكر ، ملامحك تبدو انضج و اكثر خشونة مما مضى
حينما احتفظ بصمته اكثر قالت بعفوية حمقاء:
_تعال للداخل....هاري ما زال في العمل
ابتسم كريم ساخراً بقسوة ليسأل بعدها:
_هل كان هو؟!!!!
عادت بنظرها إليه من جديد لتسأل بهدوء:
_من ؟!!!
أعاد سؤاله علي مسامعها بتقزز وفي داخله يتمني أن يكون الجميع كاذب حتي لا تشطر روحه لنصفين:
_هاري؟!!!....هل كنتِ تحملين طفله هو عندما كنا مرتبطين ام شخص آخر؟!!!
امتقع وجهها و قد تطرأ للموضوع بوضوح أصابها بالضيق:
_اجل....كان هاري
التمع جرح رجولته في مقلتيه ليهمس بعدها بألم:
_لماذا فعلتِ ذلك؟!!
نظرت له تحاول البحث عن عذر لذنبها لتقول في النهاية:
_لم يكن الحب طرفاً في الأمر وقتها ، لقد كنت بحاجة إلى......
قاطعها هاتفاً بتقزز:
_رجل!!!!...كنت بحاجة إلى رجل يشبع غريزتك أليس كذلك؟!!!
صمتت و هي تحدق فيه بصدمه دامت للحظات قبل أن تشحذ قوتها من جديد بتقول بلا ذرة ندم:
_ماذا تفعل هنا كريم؟!!!...لما عدت بعد كل تلك السنوات؟!!! ، هل جئت تحاسبني على أمر تركتني من أجله منذ اعوام ليخطر في بالك فجأة انك تريد المواجهة؟!!!!
نظر كريم إليها وقد بدأت صوره جديده تتشكل لها في ذهنه....
هل كانت هكذا دائما ً وغشاوة العشق هي ما خبئت قبح روحها عنه؟!!!!
لفت نظرها محبسه لتقول ساخرة:
_ارى انك تجاوزت الأمر أيضاً....هل تزوجت بحبيبتك الصغيرة بعد أن تخلصت مني؟!!!...ام أن هذه فتاه أخري تناسب معاييرك الصعبة؟!!!
و كأنها تخطت منطقته المحرمة إذ تكلم بقسوة جعلتها تتراجع للخلف:
_ اياكِ أن تتحدث ِ عن زوجتي مره اخرى ، لا تلوثِ سيرتها بحديثك القذر
تأففت روزي بضجر لتسأل من جديد:
_لماذا عدت إليّ الان؟!!!...ماذا تريد مني؟!!!
_جئت لأتأكد من انكِ علي قيد الحياة ولستِ ميته كما أشاع اباكِ فيما مضى؟!!
نظرت له روز بلا فهم لتقول بعدها بلحظات :
_لا أفهم....كيف أشاع؟!!!!
لم يهتم كريم كثيراً بصدمتها ليضيف بعدها:
_ اباكِ نقلك الي هنا أثناء غيبوبتك و أشاع خبر موتك للجميع و ظللت انا اعاني من عذاب الضمير لسنوات لأني كنت اعتقد بأني سبب موتك
صمت قليلاً ليبتسم بعدها بسخرية مريرة ثم أكمل:
_ و الحال أنه كان يتلاعب بي كما سبق و فعلتِ انتى من قبل
في تلك اللحظة دخل جاك الذي قال محاولاً ابعاد كريم:
_سيارة هاري قادمة ، دعنا نرحل دون مشاكل...لسنا بحاجة إلى كل تلك التعقيدات
استجاب له كريم بهدوء لينظر بعدها لروز قائلاً بهدوء:
_الان فقط برأت منكِ ولن يمر حتي طيفك على بالي من جديد ، من هذه اللحظة انتى لا شيء كما كنت أنا لكِ دائما ً.
ثم تحرك مغادرا مع صديقه و داخله يموج برغبة واحده فقط ... يريد أن يعانق رؤى و بقوه ، يريد أن يعتذر منها ألف مرة عما بدر منه وقت غضبه ، يريد أن يمحي بعناقها كل شوائب قلبه ليولد على يديها من جديد ، لكن هل ستتفهم؟!!!
هل سترغب به من جديد بعد أن تركها و رحل؟؟!!!
هو يعرفها جيدا ... لقد ضغط بكل غباء علي عقدتها الأزلية ، حقق مخاوفها بكل غباء حين تركها بعد أن توسلته البقاء...كما أن كبريائها سيكون حائلاً بينهما من هذه اللحظة....
اذاً كيف ستغفر له و تتفهم؟!!!!
رباااااااااه.....
تنهد كريم بألم ثم عاد برأسه للوراء ليهمس بعدها
" لن افرط بكِ مهما كان لؤلؤه....من هذه اللحظة انا ملكك بكل ما للكلمة من معنى و سأفعل كل شيء حتي ارمم ما هدمته في لحظة غباء"
................................
اغلق عمار هاتفه مبتسماً بابتهاج واضح متخيلاً وجه منافسيه في هذه اللحظة لتسأله نوال حين رأت ابتسامته علي غير العادة:
_ تبدو سعيداً بني.... ماذا حدث؟!!!
اقترب منها عمار بألفه لطالما حافظ عليها في تعامله معها و كأنه كان يحمي الخيط الاخير الذي يربطه بنفسه القديمة ليقول و غمازتيه تظهر بعد طول غياب:
_ لقد ربحت مناقصة مهمة للغاية
ابتسمت نوال بحنان فيما تقول:
_الحمد لله هكذا ستعوض خسارتك الماضية
لتضيف بعدها ناصحه بسذاجة:
_فقط اعلم من هؤلاء الذين يرغبون بإيذائك حتي تستطيع التصدي لهم كما يجب
ضحك عمار مربتاً على كتفها ثم قال:
_لا تقلقِ.... لقد بت اعلم بهويتهم جميعاً و تلك المناقصة التي ربحتها زعزعت مراكزهم بوضوح ، من هذه اللحظة لن يجرؤ أحد منهم علي العبث معي من جديد وقد هدمت جميع مخططاتهم فوق رؤوسهم و بالتأكيد الان الخبر وصل إليهم و يصرخون غيظاً.
ضحكت نوال في المقابل وهي ترى كيف بدأ ابنها الذي ربته يعود للحياة من جديد لتقول بعدها بلحظات:
_ألم تتأخر رؤى برأيك؟!!!...هل إحضار القهوة من المقهى المجاور يستحق كل هذا الوقت؟!!
هز عمار كتفيه ليقول بلا مبالاة :
_هي من رفضت مساعدتي ، دعيها اذاً تجلب لنفسها ما تريد حتي ينفعها غضبها
ضربته نوال علي كتفه فيما تقول:
_انت تستحق كل ذلك الغضب فما فعلته ليس بهين أبداً
تبخرت ملامح البهجة من علي وجهه ليقول بعدها بندم واضح:
_اعلم و لا الومها على شيء
شعرت نوال بتأنيب الضمير حين رأت تغير ملامحه لتقول محاولةً إخراجه من حزنه:
_اذهب و ابحث عنها عمار...انا لست مطمئنه لغيابها هذا
اومأ عمار بهدوء لينهض بعدها خارجاً من الغرفة لتتوقف حركته تماماً حين لمح قامة حبيبته الصغيرة في بداية الممر ليسرع ناحيتها دون أن تنتبه هي إليه و قد بدت ساهمه !!!
وقف عمار أمامها يلتهم كل تفصيله في ملامحها بنهم لا ينضب ، لم يقوى على الحديث بينما كانت هي تقف بصدمه لا تعلم ماذا عليها أن تفعل!!!!
توترت اكثر اثر نظراته التي اوشت لها بمدي اشتياقه لتشتت نظرها بعيدا ً عنه ثم حاولت تجاوزه ليمسك بمرفقها هامساً بصوت ابح:
_ ارجوكِ ...لا تذهب ِ
اخترقت نبرة التوسل التي تحدث بها قلبها لتحاول سحب مرفقها بضعف من بين أصابعه ليقول هو من جديد:
_ خمس دقائق...فقط خمس دقائق وإن طلبتِ الرحيل بعدها لن اقف في وجهك أبداً
أخيراً رفعت عينيها إليه ليقول دون إرادة منه:
_اشتقت إليكِ بجنون صغيرتي
تنحت مريم جانباً حين لاحظت وقفتهم السخيفة في منتصف الممر ليتبعها هو دون هوادة ليقول من جديد:
_ تعالي معي الي المقهى المجاور حتي نتحدث براحه
تكلمت أخيرا ً قائله برفض:
_ أخبرني هنا عما تريد ، انا لن اذهب معك لأي مكان
كان يقبض يده بقوه مانعاً إياها من لمسها بشق الأنفس لتهتف هي بحنق تداري به ضعفها الذي كان في أوجه:
_توقف عن النظر لي هكذا ، إن لم تتكلم اتركني لأذهب
خرج صوته متوتراً فيما يقول:
_ انا احبك ، كل ما حدث في الماضي كان نتيجة لسوء فهم كبير... اقسم انى لم احب رؤى يوماً ، لقد كانت مثل اميره بالضبط قبل أن يحدث ما حدث
سألته بغيره لم تستطع كتمها:
_من اميره هذه ايضا ً؟!!!!
ابتسم لها بحنان عندما لاحظ غيرتها ليجيبها بعد لحظات:
_اميره تكون اختي الصغيرة
ابتسمت بألم لتعقب:
_ لم اكن اعلم ان لديك اخت!!!....انا من الأصل لم اعلم عنك شيئاً
امسك بكفها ساحباً إياها معه ناحية غرفة الغسيل لتقول هي بحنق:
_اتركني ...ماذا تفعل؟!!!!
ادخلها ليغلق الباب ثم يقول بحنق مماثل:
_لطالما ترفضين الذهاب معي اذاً سأخبرك هنا ، لن نقف على مرأي من الجميع
كتفت ذراعيها بطفولية :
_حسنا...هيا تحدث
اقترب منها لتقول باندفاع:
_اذا اقتربت مني سأصرخ
ضحك عمار بخفه ليرفع كفيه قائلاً ببراءة:
_ لن اؤذيك ِ جميلتي لا تخافي
ثم بدأ يقص عليها حكايته مختصراً قدر الإمكان ما قد ينفرها اكثر منه ، اخبرها عن مرض امه و ادعاءاتها على أبيه و ام رؤى ، حدثها باختصار عن اميره التي ماتت أمام عينيه ليتفاجأ بها تربت على ذراعه دون أن تتكلم فأمسك بكفها الصغير مقبلاً إياه بشغف ليقول بعدها بعشق:
_ اقسم انى احببتك بحق ، لطالما كانت مشاعري ناحيتك هي الحقيقة الساطعة وسط كل شيء ، حبك أطهر و انقي شيء حدث معي و لن اضحي به مهما كان.
أبعدت مريم يدها عنه لتقول بتوتر:
_دعنا نخرج من هنا قبل ان يأتي أحدهم
امسك بها من جديد قائلاً برجاء:
_اخبريني أولاً بأنكِ غفرتِ لي غبائي
نظرت اليه بإنهاك لتهمس :
_ لا لم اسامحك بعد
اكتسي وجهه بالضيق للحظه قبل أن تنفرج اساريره من جديد حين أضافت بخفوت:
_لكني سأحاول
اقترب منها قائلاً بعيون لامعه:
_و هذا يكفيني الان حبيبتي ، سأنتظرك حتي اخر انفاسي
نظرت له مريم ببراءة تجعله يكاد يعانقها مخبئا ً إياها عن الجميع فهمس من جديد:
_انتى محقة دعينا نخرج من هنا و الافضل ان لا ننفرد من جديد
قطبت مريم بعدم فهم ليفتح هو الباب ويخرج أولاً ثم أخرجها بعد ذلك قائلا ً:
_هيا لنذهب إلي نوال ، اريد ان اخبرها بأمرنا
_لكن....
حاولت الاعتراض ليقول هو من جديد:
_ لا تقلقِ سأصلح كل شيء من اجلك
ثم تحركا الي غرفة نوال التي ابتسمت لمريم بحنان ثم سألت عمار:
_هل وجدت رؤى؟!!!!
قطب عمار باستغراب:
_الم تعد بعد؟؟!!!!!
هزت نوال رأسها نفياً ثم شكرت مريم علي حضورها لتتحدثا قليلاً بينما كان عمار يتصل برؤى ليجد هاتفها مغلقاً ثم صدح صوت هاتفه ليجيب المكالمة ثم يصمت قليلاً قبل أن يستأذن و يذهب دون أي توضيح لمن تنظرن إليه بقلق.نهاية الفصل العشرون
قراءه ممتعه للجميع 💙💙
أنت تقرأ
بقعة ضوء للكاتبة "هاجر حليم" مكتملة
Romanceرواية بقعة ضوء للكاتبة هاجر حليم ولها روايات أخرى إن شاء الله سأقوم بنقلها..لقد أخذت إذن الكاتبة بنقل رواياتها هنا على الواتباد ..قراءة ممتعة للجميع ❤❤