الفصل الثاني و العشرون:
قبل ان يتفوه كريم بحرف جاء صوت رجل آخر لم يتعرف عليه كان يقف خلفه قائلاً:
_هكذا نكون قد انتهينا من كل الترتيبات و لن يحدث أي لغط في الغد بإذن الله ، لقد اتفقت مع رجالي على كل شيء.
التفت إليه كريم يحدق فيه بغرابة ليتكلم حسام:
_شكراً لك ياسر ، لكن كما اتفقنا لا اريد ان يصل الأمر للصحافة بأي شكل
تكلم الرجل بجدية تظهر فوق ملامحه الخشنة:
_ لا تقلق ، سنعيد قريبتك في الغد و بأقل الخسائر دون أن يدرك أحدهم انها اختطفت من الأساس
هتف كريم مقاطعاً الحوار:
_هلا يخبرني احكم ماذا يحدث هنا بالضبط؟!!!...من التي اختطفت؟!!
ودع حسام رفيقه ليكون حسين اول المتحدثين:
_ لقد قام أحد أعداء عمار باختطاف رؤى اليوم
اتسعت عينا كريم بصدمه دون أن يستطيع التفوه بحرف واحد ليقول بعد دقيقه كامله من الصمت:
_كيف؟!!.... كيف اختطفت يعني؟!!...لماذا؟!!
لتلتمع عينيه فجأة بجنون فيهجم علي عمار صارخاً بكل قوته:
_ماذا فعلت بزوجتي ايها الحقير؟!!!... بالتأكيد انت خلف كل ما يحدث!!!!!
أبعده عمار بحده ليهتف في المقابل:
_توقف عن الجنون.... انا لا علاقة لي بحقارة أكرم
تدخل مهاب و حسام الذي عاد من جديد بينهما بينما كان كريم يهتف بانفلات:
_كاذب....كاذب حقير.... اقسم اني سأقتلك إن لم تعيدها الان
هتف حسين بحزم:
_انتهينا
ثم نظر إلى كريم قائلاً:
_استمع لما سأقول جيداً....حتي نعيدها يجب أن نكون جميعا في قمة الهدوء و الاتزان
هتف كريم بحرقه وهو يلوح بيديه كالمجنون:
_اي اتزان ابي؟!!!...اي اتزان وانت تخبرني بأن زوجتي مخطوفه دون أن اعلم؟!!!
لم يهتم حسين بألم ابنه ليقول :
_انت من رحل ، والان اجلس بهدوء حتي تفهم كل ما حدث
نظر كريم إلى عمار بعداء واضح ليهتف بتهديد واضح:
_ اقسم بالله إن تأكدت من انك خلف كل ما يحدث لن ارحمك للحظه واحده
نظر له عمار باستخفاف ليقول بعدها:
_علي حسب معلوماتي المتواضعة انت ايضا ً قد تقابلت مع اكرم الألفي مسبقاً
اعتصر كريم ذاكرته ليقول بعد دقائق باهتزاز:
_ الرجل الذي عرض ضعف قيمة عقد التعامل معك في مقابل فسخ عقدك
اومأ عمار موافقاً ليشرح بعدها:
_ حين فشلت كل أساليب اكرم في تدمير شركتي لجئ لأقذر شيء ، خطف رؤي حتي يستطيع الوصول إلي ليقتلني انا
_ ولما لم يفعلها مباشرةً ؟!!؟....ما حاجته لرؤي؟!!!
التوت شفتي عمار بامتعاض ليجيبه ساخراً:
_ والله تستطيع سؤاله عن ذلك حين تراه ، لكن اعتقد انه فقد تعقله بعد آخر خساره و يريد أن ينتقم مني أولا ً قبل أن يقتلني لهذا لم يلجئ لقاتل مأجور و استخدم هذه الحيلة الرخيصة.
نظر له كريم ليهتف بحقد:
_لطالما كان وجودك في حياتها لعنة ، دمرت طفولتها و شبابها والان ها انت تدمر ما تبقي منها بجعلها تدفع ثمن ذنوبك و اخطائك التي لا تنتهي
امتقع وجه عمار حين قال كريم كل ما كان يدور بعقله دون تزيين!!!
هو حقاً لم يؤذي أحدا ً كما اذاها ، والان أيضاً لا يعلم ما الذي تتعرض له بسببه ومن تحت رأسه.
استأذن عمار مغادرا ً ليترك كريم وعائلته في الداخل ثم وقف قبل أن يركب سيارته ناظراً للأعلى حيث شرفة حبيبته التي كانت تقف باكيه ليبتسم لها مودعاً ملوحاً بيده بطريقة قد تكاد تكون غير مرئية بينما يهمس :
_ أن كتب الله لي النجاة لن اتركك بعدها للحظه مريم
ليحدق بعدها في عينيها محركاً شفتيه :
_احبك
لم تسمعها لكن قلبها سمع همسته فنبض بجنون لتهز رأسها إليه و كأنها تعطيه الجواب فيبتسم هو بحنان ليركب بعدها سيارته ويرحل مبتعداً عن عينيها التي كانت ترجوه البقاء لتنزل دموعها من جديد بخوف مما سيحدث في الغد
.....................................
_لماذا لم يتصل بي احداً؟!!!...كيف يحدث كل هذا دون أن يكون لي خبر؟!!!
تلون وجه حسام بالحرج لينهض قائلاً بتهذيب:
_ انا سأذهب الان خالي وسأعود مجددا في الصباح
ربت حسين على كتف حسام قائلاً بامتنان دون أن يعير ابنه نظره واحده:
_شكراً لك بني ، اتعبناك معنا كثيراً اليوم
_ لا تقل ذلك خالي نحن عائلة وبإذن الله سنعيد رؤى بدون مشاكل
تنهد حسين مشفقاً ليقول بعدها:
_سمع الله منك بني
كان كريم يغلى كمرجل ليهتف من جديد:
_هلا يجيبني احدكم؟!!!... ان لم اكن عدت الليلة هل كنتم ستتركونني بجهلي لما يحدث لزوجتي؟!!!!
التزم مهاب الصمت فهو يعطي كريم كل الحق في الغضب ، فمهما حدث كان يجب أن يخبروه بما يدور لكن إصرار أبيه وقف في طريقه!!!!
جاء صوت أبيهم بارداً كالصقيع:
_بالطبع كنا سنتركك دون خبر ، و هل همك أمرها من قبل حتي تتأثر الان؟!!!
هتف كريم بحرقه ظهرت في صوته واضحة للعيان:
_ ابي لا تفعل بي ذلك....انت تعلم جيدا ً اني أحببتها
لان قلب حسين لأبنه قليلاً دون أن يظهر علي وجهه اي انفعال ليقول بعدها بخيبة أمل واضحة:
_ للأسف لم تفعل كريم!!! ، انت فقط تقبلت الهدية التي أهداها اليك القدر، لم تكن بالنسبة إليك اكثر من مجرد مسكن لألآم قلبك ، وحين انتفت حاجتها بظهور تلك اللعينة لفظتها بكل برود دون أن يرف لك جفن أو حتي ترأف بحالها .
حاول مهاب أن يقلل من حدة الموقف ليوقفه حسين مكملاً:
_ لقد رأى الجميع كيف رحلت بعدك بدقائق معدودة الي المستشفى ، لقد رأى الجميع كسرتها ، دموعها التي كانت تكتمها بكل اباء لكنها لم تقلل أبداً من جرح كرامتها ، لكن لا بأس عمها قادم في بداية الشهر ، اي بعد اسبوعين علي الاكثر و وقتها ستحدد هي مصير علاقتها معك.
امتقع وجه كريم و تلون بالذنب لينكس رأسه هامساً:
_ انا اعلم انني جرحتها ابي ، أدرك جيداً عظم ما فعلته لكن ضع نفسك في مكاني ... ماذا ستفعل أن اكتشفت فجأة أن كل ركائز حياتك مهترئة؟!!! ، ماذا كنت ستفعل أن وجدت اكبر ذنب جلدت به نفسك لأعوام يظهر و يتجلى اليك من العدم ؟!!!.... كيف كنت تريد مني ان اتصرف بعد أن علمت أن من مت بسببها لسنوات حية؟!!!...كيف تريد مني أن اتقبل بكل سهولة أن من ظننت أنها مالكة قلبي ما هي إلا خائنة؟!!!!...أجل أخطأت فيما قلت و فيما فعلت لكني كنت منهار
جلس كريم بهم فوق الأريكة الجلدية ليهمس بعدها بألم:
_ لما لا تشعرون بي؟!!!...انا عشقت روز بكل جوارحي ، غشاوة عشقي لها سيطرت علّى تماماً ، لم أري بها عيب واحد حتي!!!!....حتي حينما بدأت علاقتنا بالفتور كنت اظن انها فترة و ستمر ثم يعود كل شيء كما كان.
رفع كريم نظره الي ابيه الذي يستمع إليه بهدوء معاكس تماماً لاحتراقه من أجل ابنه:
_ انا مت حرفياً في ذلك اليوم حين اوصلت الي في المستشفى خبر موتها ، ظللت ميتاً لأعوام و قلبي اصابه الصدأ منذ اختفائها من حياتي لتأتي رؤى في النهاية و تعيدني للحياة من جديد ، رؤى الوحيدة التي اخترقت كل حصوني دون مجهود يذكر، هي من ذكرتني بأني انسان يشعر ويحب!!
وقف كريم محدقاً في عين أبيه قائلاً بيقين:
_ قد أتقبل منك كل ما قلت الا اتهامك لي بعدم حبها ، انا اعشق زوجتي و لن ارضي بغيرها أبداً ، رؤى هي من احببت وانا ذهبت فقط من أجل أن ابرأ من ذنبي القديم ، ذهابي لم يكن له أي علاقة بالحب لأن الحب بالنسبة لي يعني اسماً واحداً فقط.....رؤى
تركهم كريم بعدها ليصعد الي غرفته فيما التوت شفتي حسين بشبه ابتسامه ليعلق مهاب:
_ لقد حلت رؤى عقدة لسانه ، ألم اخبرك يا ابي أنهما خلقا من أجل بعضهما؟!!...لا اعتقد الان ان هناك داعى لمساندة رؤى في قرار رحيلها ، فأنت تري بنفسك لقد تغير!!!
ومضت عينا حسين ليقول بغموض:
_ تغير.... لكني لن اتراجع عن معاقبته
نظر له مهاب متسائلا ً:
_ وكيف ستفعل ذلك؟!!!!!
التفت حسين ليهز رأسه فيما يقول:
_ عندما تعود رؤي ستري كل شيء بنفسك
..............................
دخل غرفته ليصفعه وجود رؤي بكل شيء حوله !!!!
ثوبها الذي اهداه إليها في حفلتهم البائسة كان ملقي بإهمال فوق المقعد و بجواره الحذاء و العقد!!!!
لقد تركت له كل شيء قبل رحيلها !!!
قلبه يحترق بجمرات عذابه و جهله بمكانها الان!!!
تري كيف هي؟!!!
هل تبكي من الخوف ام تواجه مختطفيها بصلابة؟!!!!
هل اذاها هؤلاء الانذال؟!!!
هل اعطوها غطاءً يكفيها شر البرد ام تركوها بلا ذرة ضمير؟!!!
دمعت عيناه بعجز و هو يسب نفسه ألف مرة علي تركها ، لو كان موجودا ً لما حدث أياً من هذا و لم يكن سيتركها تتحرك بمفردها أبداً !!!!
نظر حوله الي الوحشة التي تركتها تبتلع مكانه من بعدها
تري كيف سيعيش إن حدث لها شيء أو إن رفضت الرجوع؟!!!
لم يعد يستطيع تخيل حياته من دونها ، هي من أضافت البهجة لحياته المقفرة ، هي التي ساعدته ليتخطى ماضية قبلها كما ساعدها هو لتخطي مخاوفها.
هل يمكن ان تنسي كل شيء من أجل خطأ واحد؟!!!
هل سينسف ذنبه كل رصيده معها لتقصيه في النهاية من حياتها؟!!!
لا...لن يسمح لها بالسفر مع عمها و تركه ، لن يترك كبريائها يتحكم في تصرفاتها و سيفعل المستحيل حتي يرد كرامتها أمام الجميع فلا تتركه!!!!
امسك بالثوب محتضناً إياه فيما يهمس بألم بين طياته:
_ انا اسف حبيبتي.... اقسم أن اعوضك عن كل شيء ، فقط كونى بخير... بضعة ساعات و سأعيدك الي هنا حتي وإن كلفني الأمر حياتي فلا حياة لي من دونك لؤلؤتي....لا حياة لي.
ظل كريم بعدها يتأمل صورها التي تملئ هاتفه دون أن تعلم هي ، لقد سرقهم منذ شهر العسل حين رآهم لأول مرة !!!!
ظلت أنامله تتحرك فوق صورها فيما يهمس بألم:
_ إن لم يكن هذا حبا ً فماذا يكون؟!!!
..................................
(اليوم التالي)
خرج عمار بسيارته الي العنوان الذي بعثه إليه اكرم بينما كان عقله يكاد ينفجر من كثرة التكهنات!!!
الحقير أرسل إليه عنوان ميدان مزدحم على أن يرسل إليه بقية التعليمات فور وصوله حتي يضمن أن لا تتعرض خطته للفشل ، كما علم من السيد حسين انه أرسل رسالة من هاتف رؤى الي زوجها يخبرهم باختصار انها بخير و ستبات ليلتها بجوار مربيتها .
شتم عمار بغضب و هو يتخيل افظع السيناريوهات التي من الممكن أن تكون حدثت لرؤى ثم حادت نظراته الي ساعة معصمه التي هي عبارة عن جهاز تتبع حتي يكون ياسر خلفه لحظه بلحظه ليمني نفسه بعدها أن تمر تلك الساعات القادمة علي خير .
اضاء هاتفه برسالة جديده فأستقبلها ظاناً انها من اكرم
" اعتني بنفسك جيدا ً.....انا انتظرك "
تنهد عمار مبتسماً ليبعث إليها رده
" وانا احبك "
ليصل أخيراً الي ذلك الميدان المكتظ فينزل من سيارته ملتفتاً حوله عسي أن يجد أياً من رجال أكرم لتصله رساله جديده
" ارمي هاتفك في الصندوق الموجود علي يسارك ثم اذهب بعدها لذلك الهاتف العمومي المجاور لمطعم الوجبات السريعة ، و خذ الهاتف الآخر "
كما توقع!!!
لقد أخذ اكرم كافة الاحتياطات اللازمة حتي لا يتعرض لأي مشكلة ، رمي عمار هاتفه ثم نفذ كل المطلوب ليأخذ في النهاية ذلك الهاتف قديم الطراز الذي أضاء فور أن أمسك به ليفتح عمار الرسالة الجديدة
" هناك سيارة رباعية الدفع علي يمينك في نهاية الشارع ، ستجد رجالي هناك ...لا تقم بأي فعل احمق والا حبيبتك هي من ستدفع الثمن "
حاول عمار التزام الهدوء ليتحرك ناحية السيارة فور أن رآها ليجد ثلاثة رجال تعرف على أحدهم ثم ركب معهم السيارة لينطلقوا بعدها نحو المجهول.
مر بعض الوقت ليجد عمار نفسه علي أطراف المدينة حيث امتدت حولهم بعض المناطق الصحراوية لتقف السيارة أخيرا ً أمام مكان مهجور بدا لعمار كمخزن قديم لينزل بعدها ثم قام أحد الرجال بتفتيشه بحثاً عن سلاح أو ما شابه ذلك ليدخل بعدها الي المكان الذي تميز بإضاءته الضعيفة ليجد نفسه في النهاية أمام اكرم الألفي الذي فتح ذراعيه مبتسماً كمختل فور أن رآه فيما يهتف مرحباً به:
_ و اخيــــــــــــــراً شرفنا ابن الأكابر ، مر الكثير من الوقت علي اخر مره تقابلنا فيها وجهاً لوجه !!!!!
لم يهتز عمار لكثرة الرجال المسلحين الموجودين حوله فيما يرد بسخرية:
_ إن كنت اشتقت الّي فأنت تعلم جيدا ً اين ستجدني ، لم تكن بحاجة للتصرف بجبن و نذالة و تختطف ابنة عمي !!!!
اصطنع اكرم الامتعاض ثم قال:
_ ما زلت كما انت ...متعجرف ، قذر...لكن لا تقلق سأخلصك من كل تلك العجرفة الان
لم يهتم عمار كثيراً لحديثه ليسأل بعدها بنبرة حادة:
_ اين رؤى؟!!!
ضحك اكرم ساخراً ليسأل في المقابل:
_ بهذه السرعة؟!!!....لم نتحدث بعد؟!!!
_ لا يوجد بيننا حديث قبل أن اراها أولاً...انت اشترطت حضوري لتركها و ها انا أمامك ، و الان اين هي؟!!!
ابتسم اكرم بتلاعب ثم قال:
_ هذه الفتاه ستدمرك يوماً ما....أو لنقل دمرتك بما أن حبك لها جلبك الي هنا و انتهي الأمر!!!
تنهد عمار ثم قال بضيق:
_ بلا كثرة حديث أكرم....اين رؤى؟!!!
أشار أكرم إليه ليتبعه عمار بينما بدأ القلق يغزو قلبه علي ابنة عمه التي لا يعلم كيف سيكون حالها الان ؟!!
دخلا لممر ضيق انتهي بغرفة صغيره فتح اكرم بابها ليجد عمار رؤى ملقاه أمامه فوق اريكه قذرة بينما قام هذا الحقير بتقييدها و تكميم فمها فتحرك بسرعة ناحيتها بينما كانت رؤى و للمرة الأولى في حياتها ممتنه لرؤية عمار أمامها:
_ هل انتى بخير؟!!!...هل تعرض أحدهم اليكِ؟!!!
هزت رؤى رأسها نفياً و الخوف بدأ ينجلي بعد الشيء من قلبها لتنظر لعمار متوعدة فيبتسم هو بخفه لا تليق تماماً بما هم فيه ليهمس بعدها مازحاً :
_ نخرج أولاً من هنا ثم افعلِ ما تريدين يا مغناطيس المشاكل
مغناطيس المشاكل!!!
هذا ما كان يلقبها به عمار في طفولتها حينما كانت تلجئ إليه إذا وقعت في كارثة أو افتعلت شقاوة !!!!!
نظرت اليه رؤى لتشعر للحظه أنها عادت لطفولتها الأمنه قبل أن تنهدم كل دنياها فوق رأسها
فك عمار قيد يدها ثم ازال الشريط اللاصق من فوق فم رؤى لتهمس له بعدها بحنق:
_ اللعنة عليك و علي صلة قرابتنا
التوت شفتي عمار بامتعاض ثم قال هامساً:
_ لا فائدة...ناكرة للجميل
قاطع تواصلهم البسيط صوت اكرم الذي هتف بملل:
_ ألن ينتهي ذلك الامر؟!!!
ثم أمر أحد رجاله قائلاً:
_ أحضر الاوراق
التفت إليه عمار لينظر إليه اكرم بمكر فيما يقول:
_ اولاً حسنائك لن تخرج من هنا قبل أن توقع انت على ما اريد
قطب عمار سائلاً:
_ و ماذا تريد انت ؟!!!!
اتسعت ابتسامته البشعة فيما يقول:
_ ستون بالمائة من أسهم شركتك
_ هل انت مجنون؟!!!!
هتف بها عمار بغضب دون أن يدرى ماذا عليه أن يفعل؟!!
فهو يجب أن يخرج رؤى أولاً قبل حدوث أي اشتباك لكن هذا المختل لا يظهر أي نيه لإنهاء الأمر بسلام!!!!
اقترب اكرم قائلاً بغضب و قد تجلي جنونه أخيرا ً:
_ هذا ما لدي...إن كنت تريد حقاً إنقاذ حبيبتك من بين يدي رجالي ستوقع علي ما اريد و بدون نقاش و إلا.....
لم يكمل اكرم جملته بتلاعب ليشير الي أحد رجاله فيقترب من رؤى التي اخفاها عمار خلف ظهره بينما تمسكت هي به و كأنه خيط نجاتها الوحيد ليقول بعدها عمار متوعداً:
_ اقسم بالله إن حاول أحدكم و لو لمجرد المحاولة أن يقترب منها لن.....
قاطعه اكرم ضاحكاً بسخرية فيما يقول بثقه:
_ انت لست في وضع لأطلاق التهديدات الفارغة يا ابن علام
ابتسم عمار بخفه ثم قال بثقة أشد:
_ هل انت متأكد؟!!!
ثم و في لحظة ضغط عمار علي ساعته ليجد اكرم قوات الشرطة تتهافت عليه من كل صوب مما أفقده صوابه ليضغط على زناد سلاحه فيمسك عمار برؤى حامياً إياها قدر استطاعته ثم ركض بها بعيداً عن الرصاصات التي انطلق صوتها في المكان كالرعد بعد أن بدأ رجال أكرم بمهاجمة قوات الشرطة .
_ الي اين تظن نفسك ذاهباً؟!!!
هتف بها مهاب بينما يمسك أخيه الذي كان علي وشك دخول المخزن دون أي تردد منذ أن انطلقت أصوات الرصاص حولهم
_ زوجتي بالداخل...هل سأقف انا هنا كالجبناء تاركاً إياها بمفردها تواجه موتها؟!!!
هتف به حسين موبخاً:
_كريم لا تفقد عقلك...الا تري ما يحدث؟!!!
_ اري أبي و لهذا يجب أن اتدخل...هذه رؤي بحق الله!!!!!
تدخل الشرطي الذي اوكله ياسر بمهمة ابقائهم في الخارج:
_ سيد كريم من فضلك انت هكذا تعرض نفسك و زوجتك للخطر
امسكاه كلاهما ليبعد ذراعاهما مصطنعاً التراجع:
_ حسنا حسنا توقفا عن دفعي و تقييدي بهذا الشكل
ليتحرك معهم الي الوراء قليلا ثم وفي غفلةٍ منهم ركض ناحية باب المخزن ليدخل متجاهلاً نداء الجميع ، فمن تهمه بالداخل وسط امطار من الرصاص و لن يتركها مهما تطرف الأمر.
كان عمار يحاوط جسد رؤى بالكامل بينما كانت هي ترتجف برعب بين ذراعيه ليهدئها قائلاً:
_ لا تقلقي لقد سقط معظم رجاله....لا تخافي انتهى الأمر
جاء صوت اكرم الذي كان يقف أمامه مباشرة ً كمجنون فقد كل ما يملك:
_ لا لم ينتهي ...ولن ينتهي قبل أن اقتلك
لكن قبل أن يضغط على الزناد عاجله كريم بلكمه جعلته يفقد توازنه ويسقط سلاحه ارضاً فأستغل عمار التهاء رجال أكرم بالهرب من رجال الشرطة فنهض هو الآخر تاركاً رؤى ارضاً ثم بدأ يلقن أكرم درس عمره مع كريم الذي كان لا يري أمامه غير لون الدماء في هذه اللحظة لتوقفهم صرخة رؤى المتألمة حين اصيبت بعيار طائش في ذراعها ليهرعا إليها تاركين اكرم الذي استغل الموقف ليستل سلاحه و يشهره عليهم لتلمحه رؤى فتصرخ من جديد:
_احترسااااااا
ليضيع هتافها مع سقوط جسد عمار بعد أن أزاح كريم بعيداً ليتلقى هو الرصاصة في جانبه و تتدفق دمائه بغزارة .
قام بعدها اكرم بتصويب فوهة سلاحه ناحية كريم و قد أثاره منظر الدماء أكثر فتحول لمختل لكن أحد القناصة اصابه ليسقط هو الآخر هامداً ....
زحفت رؤى ناحية جسد عمار هاتفه باسمه ليفتح عينيه بصعوبة هامسا ً بتقطع:
_ لقد سددت ديني يا.... مغناطيس المشاكل
نظرت رؤى لدمائه التي لا تتوقف بفزع فيما تقول متجاهلة ألم ذراعها:
_ توقف عن الكلام....اصمت ...سينقذونك لا تخف
انضم كريم إليهم و قد توقف ضرب الرصاص أخيرا ً بعد أن سقط جميع رجال أكرم ليبتسم عمار متألماً فيما يقول بهمس متقطع و قد بدأ يغيب عن الوعي:
_ اخبري..ــها...بأنــ..ـي....احبـــ...بتـ...ـها
ثم اغمض عينيه مستسلماً لظلامه ليمسك كريم برؤى التي بدأت تصرخ باسمه بجنون بينما حاوطتهم رجال الشرطة ليقول ياسر محاولاً طمأنتها:
_ رجال الإسعاف في الخارج لا تقلقي سيدتي
كانت رؤى منفصلة تماماً عنهم بينما تهز جسد عمار صارخة ببكاء يقطع نياط القلب:
_ لاااااااا....لا تمت.... عمااااااار...لا تمت أرجوك....انا لم اسامحك بعد... أرجوك ارجوك لا تفعل ذلك بي....لا تتركني.... عمااااااار!!!!
اخفاها كريم في حضنه بينما دخل المسعفون و بدأوا بفحص جسده قبل أن يحملوه فوق النقالة ليقول أحدهم :
_ الدماء لا تتوقف ...لقد أصيب في كليته علي الأغلب...هيا اسرعوا حتي لا يفقد المزيد
نهضت رؤى تركض خلفهم بينما ذراعها يكاد يصرخ الماً مما فيه فأمسكها كريم قائلاً بقلق:
_ ذراعك ينزف رؤى...هيا لنأخذك انتى أيضاً الي المستشفى
أبعدته رؤى لتقول بعدها محاولةً التحرك:
_ سأذهب مع عمار
مسح كريم دموعها السائلة فيما يحاول اقناعها:
_ حبيبتي نحن لن نتركه لكن أتركي الرجال يقومون بعملهم حتي ينقذوه و اركبي انتى معي حتي اخذك للمستشفى
لمحت رؤى سيارة الإسعاف تنطلق بعمار ثم لمحت حسين قادماً باتجاههم فركضت إليه والقت نفسها بين ذراعيه التي استقبلتها بترحاب بينما ظلت تهذر ببكاء لا يتوقف:
_ خذني من هنا ابي ارجوك....خذني لعمار....سيموت بمفرده
وقف كريم مبهوتاً من ردة فعلها!!!!!
لقد نحته تماماً من عالمها بينما ركضت لأبيه تتوسله حرفياً أن يأخذها للأخر الذي افتداه بدمائه!!!!
تجاهل كريم ما تفعله فكل ما يهمه الان هو أن يذهب بها إلي المستشفى حتي يعالج ذراعها قبل أن تسوء حالته أكثر.
ادخلها حسين السيارة لينطلقوا جميعاً خلف سيارة الإسعاف بينما ظل حسين يضغط فوق جرح ذراعها حتي لا تنزف اكثر ليسألها كريم بتوتر قد ألم به اثر تجاهلها التام لوجوده:
_ هل فعلوا بكِ شيئاً؟!!!...هل قاموا بإيذائك بأي طريقة؟!!!
اجابته رؤى بخفوت مقتضب:
_ انا بخير
ربت حسين الذي كان يجاورها علي رأسها مبتسماً فيما يقول:
_ الحمد لله انكِ عدتِ سالمه ابنتي
ابتسمت له رؤى بمجاملة ليضيف بعدها:
_ إن شاء الله سينقذون ابن عمك ، لا تقلقي ابنتي
تمتمت رؤى:
_ إن شاء الله ...سيعود ...عمار بالأخص سيعود ، لطالما كان موجود ، يختفي قليلا ثم يعود من جديد
شعر كريم بلحظه انها ترمي الكلام إليه لكنه فضل الصمت في تلك اللحظة حتي يطمأن عليها أولاً .
وصلوا أخيرا ً الي المستشفى ليدخلوا بعمار الذي كانت حالته تزداد خطورة مع الوقت الي الطوارئ ليعاينه الطبيب ثم يوجه أوامره بسرعة لتحضير غرفة العمليات حتي يخرجوا الرصاصة من جسده ، فيما وصلت رؤى بعده بدقائق لتهرول باتجاه الطبيب فور أن رأتهم ينقلون جسد عمار المستسلم فوق النقالة لتسأل بفزع:
_ الي اين تأخذونه؟!!....هل سيعيش؟!!!
نظر الطبيب إلى ذراعها المصاب ثم قال بنبرة مهنيه سريعة:
_ لقد أصابت الرصاصة كليته اليسرى و الان سننقله الي غرفة العمليات حتي نستخرجها و نوقف النزيف الداخلي .
اومأت رؤى بقلق ليفحص الطبيب ذراعها بحركة سريعة ثم يلتفت الى احد الممرضات قائلاً:
_ اعتني بذراع الأنسة و ضمدوا جرحها ... الرصاصة لم تخترق ذراعها لحسن الحظ ، مجرد جرح سطحي
ثم تحرك تاركاً رؤى تنظر في أثره بقلق لتأخذها الممرضة فيما بعد لتبدأ بتنظيف جرحها و تضميده ليدخل إليها كريم بعد أن انتهت الممرضة من عملها فيقول بهدوء:
_ كيف اصبحتِ لؤلؤه؟!!....هل تتألمين؟!!!!
رفعت رؤى نظرها إليه ببرود لتتجاهل وجوده كلياً فتغمض عينيها بإرهاق دون أن تبدل جلستها فيقترب هو منها مدركاً أن اوان عقابه قد حل ليقول من جديد:
_ رؤى....الن تتحدثي معي علي الأقل؟!!!...لقد كدت أموت جزعاً عليكِ...ارجوكِ قولي اي شيء ، لا تصمتِ هكذا!!!!!!
لم تجيبه رؤى بشيء و لم تفتح عيونها حتي ليضع هو كفه حول وجنتها كما يحب أن يفعل فتفتح عينيها أخيراً ثم تبعد يده بحده فيما تقول بغضب:
_ ماذا تفعل انت؟!!!.....ابتعد عني!!!
لم يهتم كريم لهتافها البارد ليقول بعدها بصوت مازال الخوف يحتل طياته:
_ مستحيل أن أبتعد عنك ِ من جديد....لن اكرر غبائي مهما حدث ولن اتركك بمفردك حتي لو طلبتِ انتى.
نظرت له رؤى بقسوة فيما تقول بسخرية:
_حقاً ؟!!!!....و ما الذي يجبرك علي البقاء مع واحدة مثلي؟!!
فهم كريم انها تلمح لما قاله ليقول معتذراً بحرارة:
_ اقسم اني لم اقصد أبداً ما قلته لك ِ في ذلك اليوم... لقد تغابيت ، صدمتي مما حدث لغت عقلي تماماً و جعلتني غاضباً لا أرى أمامي .
هتفت رؤى بغضب لم يخف للحظه:
_ بالضبط ....كنت غاضب فقلت حقيقة شعورك ناحيتي دون تزييف ، اعترف كريم انك تراني اقل منك و لا ارقي لمستواك ، اعترف أن كل ما عشته معي كان شيء وليد اللحظة ، شيء هش للغاية مع اول نسمة هواء تطاير بلا قيمة!!!!!
اختنق صوتها رغماً عنها حين أكملت بجرح:
_ انت لم تحبني أبداً
حاول كريم لمسها من جديد لتبعده بإباء فيما تهمس ببرود:
_ قلت لك لا تلمسني....انا لست بحاجة إلى شفقتك
امسك كريم بيديها رغماً عنها فيما يقول بجنون:
_ عن أي شفقه تتحدثين انتى؟!!!...وهل انتى بحاجة لمن يشفق عليكِ؟!!!...انا احبك رؤى و اعلم جيدا انك تحبيني بنفس القدر و الا لما تألمتِ لهذه الدرجة!!!!... اجل أخطأت لكن اقسم لكِ اني رحلت فقط لأتأكد مما قيل ...كان يجب أن أفهم رؤى ، انتى بالتحديد يجب ان تصدقيني بعد ما رأيت ِ بنفسك كل ما كنت اعانيه بسببها .
أبعدت رؤى يده عنها لتهمس بعدها بجمود:
_ انتهى الأمر كريم ، لا أظن أننا سنستطيع أن.....
قاطعها كريم سائلاً بصدمه واضحة:
_ هل ستتركين كل ما جمعكِ بي من أجل خطأ واحد؟!!!!
ظهر صوت أبيه الذي استمع الى نهاية الحوار ففضل التدخل قبل أن يصلا لنهاية الطريق اذا تمكن العناد من كلا منهما فقال:
_ كريم...اتركها ترتاح قليلا ً ، لقد مرت بما يكفي منذ الليلة الماضية
نظر لها كريم قبل أن يقول بغضب و تصميم:
_ لم ينتهي الأمر رؤى....انا لن اتركك بكل تلك السهولة التي تظنين
ثم خرج بعدها تاركاً إياها مع أبيه الذي اقترب منها قائلاً بقوه:
_ اثأري منه كما تشائين....لن امانع
فلتت ابتسامه من ثغرها ليربت على حجابها قائلاً:
_ الان فقط بدأت اطمأن انكِ بخير ، ابتسمي هكذا دائما ً
اتسعت ابتسامتها اكثر ثم قالت بصدق:
_ انت افضل شيء حدث لي في هذا الدنيا....ادامك الله لي ابي
عقب حسين باستغراب:
_ اول مره تناديني بأبي!!!!!
رفعت رؤى كتفيها ثم قالت:
_ حين كنت محتجزه في ذلك المخزن القذر لم افكر بأي مخرج سوى بك انت...لا اعلم لماذا لكن كنت متأكدة بأنك لن تسمح أبداً بأن يصيبني مكروه ، حتي أنني خفت من أن يتحكم غرور عمار به فلا يطلب مساعدتك فيكون مصيري بعدها اسوء
رفعت بعدها نظرها اليه قائله بتقدير:
_ انت ابي الذي لطالما تخيلته دائما ً ، و من هذه اللحظة لن اناديك سوي بأبي
ضحك حسين بخفه ليلثم جبينها ليقاطع حديثهم صوت مهاب الضاحك:
_ بهدوء قليلاً علي الشاب...لقد ذهب و النيران تكاد تخرج منه بعد أن رأي ذلك المشهد العاطفي
ضحك حسين فيما يقول :
_ احترم نفسك يا ولد ، لا ينقصنا جنونك انت الاخر
رفع مهاب كفيه لأعلي فيما يقول مازحاً:
_ و الله انا اقول ما رأيت و لن استعجب اذا اصر كريم أن يعيشا بمفردهما فأنا نفسي شعرت بالغيرة للحظه
_ اصمت ايها الاحمق ما الذي تقوله؟!!!
قالها حسين حين رأى وجه رؤى المصدوم ليجيب مهاب بعفوية:
_ امزح ابي....امزح
_ لا تمزح معها هكذا من جديد
اومأ مهاب فيما يقول:
_ حسنا ً اعتذر رؤى ...و الحمد لله على سلامتك بالمناسبة
اومأت رؤى له ثم سألت:
_ هل هناك اي خبر عن عمار؟!!؟
أجابها مهاب و هو يمسك بهاتفه:
_لقد صعد كريم ليتفقد وضعه
شرحت رؤى لحسين المتعجب من تصرف كريم:
_ عمار تلقي الرصاصة بدلاً من كريم...لقد ازاحه من أمام اكرم
ارتفع حاجبي حسين بصدمه ليقول بعدها:
_ هل حقاً فعل ذلك؟!!!
اومأت رؤى بهدوء ليقول مهاب وهو يتحرك للخارج:
_ لقد وصلت ساندي و مريم سأذهب لأحضرهن
ثم خرج ليعود بعد دقائق بصحبة الفتيات لتسأل مريم بلهفة وقلق واضحين:
_ هل حدث شيء؟!!!!....هل أصيب أحد؟!!!!
رفعت رؤى ذراعها المضمد ليقول حسين بعدها:
_ لقد أصيبت رؤى بجرح سطحي اما عمار فهو الآن في غرفة العمليات بعد أن أصابه الحقير في كليتـ....... مريم!!!!!!
هتف بها حسين وهو يركض ناحية مريم التي سقطت ارضاً ليكون اسم عمار آخر ما تفوهت به قبل أن يلفها الظلام تماماً ..نهاية الفصل الثاني و العشرون
قراءه سعيده 💙💙
أنت تقرأ
بقعة ضوء للكاتبة "هاجر حليم" مكتملة
Romanceرواية بقعة ضوء للكاتبة هاجر حليم ولها روايات أخرى إن شاء الله سأقوم بنقلها..لقد أخذت إذن الكاتبة بنقل رواياتها هنا على الواتباد ..قراءة ممتعة للجميع ❤❤