🌺الفصل التاسع🌺

575 33 0
                                    



الفصل التاسع:


_تزوجها
_لا
هتف بها كريم بحده و ملامح متصلبه بينما تبرق عينيه بغضب بارد اوجع قلب حسين عليه وهو يرى معاناة ابنه مجسده أمامه فى أوضح صورها.
عم الصمت عليهما للحظات ثم أردف كريم من جديد بصوت اختفى منه العنف ليحل محله بروده الأوروبي الشهير:
_سأجد اى وسيلة أخرى غير الزواج.....هناك الآف الطرق.....الا هذا
امعن حسين النظر فى عينى ابنه ليقرأ خلف بروده عاصفة من نار....نار مازالت تحرقه وتهشم كل خليه فيه والانكى أنه لا يستطيع أن يتفوه بحرف ليخرج به ابنه من مصابه....فأحيانا يجب أن تكون الحقيقة مدفونه بجوار صاحبها
لكنه يبحث عن امل...قبس ضوء صغير ليضئ به روح ابنه التى غرقت فى ظلمه هو نفسه اختارها وحين رأى رؤى دعى الله أن تكون هى بقعة الضوء الصغيره التى ستنير أيام ابنه...أجل هو تعمد استخدام محنة الفتاه بكل انانيه ليعرض عليه الأمر....فهو ليس بأحمق حتى تفوته تلك الذبذبات التى تتولد تلقائيا ما أن يجتمع أحدهما مع الآخر.....رؤى تشبه كريم بدرجه كبيره....روحها تألفه....والفتاه ذكيه وقد أدركت هذا الشئ لهذا تعمد هو جمعهم فى كل فرصة لكن يبقى هذا العنيد ذو الرأس الصلب....فابنه ايضا لا هو بأحمق ولا غبى لكنه وللأسف يتغابى!!
يخافها....يجدها عثره فى طريق وفاءه لأخرى....لكن مشاعره الحقيقية انكشف بعضها حين وجد الفتاه بخطر.....فهو متأكد أن برغم شهامة ابنه إلا أن الوضع هذه المره خاص لهذا يعطى الأمر كل هذه الأهمية لأنه وبكل بساطة يخص "رؤى".
نهض حسين ليقول منهياً الحوار:
_انت طلبت رأيي وانا اعطيتك إياه..حتى يبتعد هذا الذئب عن الفتاه يجب أن تنتمى هى أيضا وتحتمى خلف قطيع ذئاب.....وانت تعلم جيدا قوة عائلتك....ليس فقط المقربين منا ولكن الآخرين أيضا الذين تمنعهم مشاغلهم عن زيارتنا.....لكن حين يمس الأمر نسائنا ستجد الجميع هنا فى غمضة عين وهذا ما سيجعل هذا الحقير يبتعد ويركض هاربا لأنه يعلم جيدا ً من تكون عائلة رسلان ناهيك عن عائلة المحمدي نسائبنا الذين يسيطرون أيضا على جزء كبير من اقتصاد المدينة....بمعنى اصح نحن قوه عظمى كافيه للتصدى لحوت مثل عمار علام.
تحرك حسين مغادرا غرفة المكتب لكنه توقف ليرمى ورقته الأخيرة داعياً الله أن يحقق ما تصبو روحه إليه:
_ان اردت ان تساعدها يجب ان تأتى بها إلى هنا... والطريقة الوحيدة لجلبها إلى هذا المنزل حيث الامان التام هو زواجك منها حتى ولو كان مجرد زواج صورى....حبر على ورق كما يقولون حتى نتوصل الى مكان إقامة عادل فى كندا وبعدها يتولى هو مسؤلية ما يحدث
خرج حسين من الغرفة فيما ظل كريم ينظر من النافذة بينما ابتسامه متهكمه تتشكل فوق صفحة وجهه.... يتزوجها!!!!!...الا يعلم أبيه انه فكر في كل هذا؟!!!
لكن فكرة الزواج مستبعدة قلبا وقالبا عن الأمر...حتى وإن أعجبته لن يتزوجها...بل لن يتزوج من الأساس.
فالزواج يجب أن يكون مبنى على قرار مشترك بين القلب والعقل وهو قلبه رحل برحيل محبوبته.
هل ينتزع حياة اقرب انسانه إليه ثم يمضي هو كأن شيئاً لم يكن؟!!!!
هل يتزوج وينشئ عائلة بينما مليكة قلبه ترقد تحت التراب؟!!!!!
هل يسعد هو بعد أن قتلها؟!!!!
لا..الا الزواج!!!!...روحه تزوجت بروزى وترملت بعدها وانتهى الأمر
لن يكذب على نفسه ويدعى أن رؤى أيضا لا تؤثر فيه بطريقة ما لكنه يعلم جيدا ً أن كل هذا عبث....نظراتهم المتبادلة بينهما مجرد تسليه له.....فهو فى النهاية رجل وملّ وحدته ورؤى بالنسبة إليه طيف عابر....نسمة هواء بارده تمر على صحراء قلبه لكنها لن تستمر.
كيف يتزوجها؟!!!!
كيف يربطها به وهو مرتبط حتى الالتصاق بأخرى؟!!!
كيف يعطيها لقب كان يعد الايام حتى يسلمه لقطعة قلبه الاثيره....روزى؟!!!!
تنهد كريم بأحباط وتعب وهو يزن الأمر من وجهة نظر أبيه
أبيه أيضا محق!!!!
لن يردع جبار كعمار علام سوى اسم عائلته.... فإذا كان هو نفسه تفاجئ بمدى نفوذ عائلته حين عاد إلى المدينة فكيف بمن عاش فيها عمره كله؟!!!!
تحرك كريم بتعب من أمام النافذة قاصدا غرفته فيما يهمس لنفسه :
" ما الذي ورطت نفسك فيه يا ابن رسلان؟!!!"
.................................................. .................................
_ماذا تفعل هنا؟!!!!!......الم آمرك بأن لا تعد قبل أن تجدها؟!!!!!.....هااااا؟؟!!!!!!
انتفض الرجل برعب حقيقي وهو يواجه الوجه الافظع لسيده.....فمن استغنى عن عمره فقط هو من يواجه عمار علام فى غضبه..... وهذا ليس غضب فقط بل حالة هياج حولت الرجل لأعصار سيقتلعهم جميعا من جذورهم.
حاول الرجل التجلد فخرج صوته رغما عنه مهتزاً متردداً:
_اقسم لك سيدي اننا فعلنا كل ما أمرتنا به وظللنا نبحث عنها طوال الساعات الماضية لكنها كما لو أنها فص ملح وذاب.....لقد استمر بحثنا لأكثر من ثلاث ساعات دون أى نتيجه.
امسك عمار الرجل من تلابيب قميصه وهو يقول بأنفلات تام:
_حياتك وحياة رجالك فى كفه ورؤى علام فى كفه أخرى.....احضرها ايها الوغد قبل أن اصفى جسدك من دمائه.
تكلم الرجل من جديد بصوت يائس :
_لقد اخذت ملابسها واختفت.... بالتأكيد كانت تعلم عن المخطط
افلته عمار بعنف بينما يقول بوحشية:
_اذن انت خائن....لا يعلم بالامر سوى انت ورجالك....احضر لى الخائن والا ستكون ارواحكم جميعاً مقابل فشلكم الذريع.
اومأ الرجل برعب واضح وهو يكاد يركض خارجاً بينما يحمد ربه أنه فلت من بين قبضة الشيطان ولكن صوت عمار القاصف أوقفه فيما يقول:
_كريم رسلان!!!!....اتبع كريم رسلان....من المحتمل أن تكون تلك الحقيرة لجأت إليه.
اومأ الرجل من جديد بطاعه ثم تحرك بسرعه الى خارج هذا القصر الذي يبدو وكأنه عرين لأسد هائج لا سبيل لتهدئته ثم أصدر أوامره بمراقبة كريم رسلان بدأ من الغد.
.................................................. .........................
"لقد قتلتني.... قتلتني مرتين.....انت خائن"
انتفض كريم من فوق فراشه بينما يلعن تلك الظروف التي جعلت هذا الكابوس اللعين يطارده من جديد.
لقد كانت حالته مستقرة بعض الشئ الفترة الماضية بعد انتظامه مع طبيبه لكن تلك الأحداث الأخيرة وكأنها هيجت عقله الباطن من جديد ليخرج له صورتها الملطخة بالدماء
لقد شعر عقله بأستجابة قلبه الخائنه لعرض أبيه الاخير لهذا هاجمته كوابيسه بتلك الضرواه من جديد.
هتف كريم بحنق غبى وكأن روزى تسمعه:
_يكفى روزى.....ارحمينى قليلا لقد هلكت
_هل أصبحت تتحدث مع الهواء أيضا؟!!!!
صوت مريم المتعجب جعله يلتفت إليها بحده ليقول بعدها بغلظه لا يتعامل بها معها ابدا:
_ما الذي أتى بكِ إلى هنا؟!!!!!
دخلت مريم دون أن تهزها حدته ثم قالت بثبات:
_لقد تأخرت اليوم في نومك كثيرا.... جئت لإيقاظك بعد أن أوشك المنبه المسكين على التوسل لك.
نظر كريم إليها بلا مبالاة فيما كان يسحب إحدى المناشف مما جعلها تسطرد من جديد:
_غريبه!!!!.....النوم الثقيل لم يكن من عاداتك ابدا!!!!
أجابها ببرود:
_اذا كنتِ انتهيتِ من وصلة الثرثرة الصباحية فبعد اذنك اريد بعض الخصوصيه حتى استعد
حركت مريم كتفيها بطفوليه بينما تقول أثناء مغادرتها:
_ يوما ما سأكتشف ما تخفيه عنا......وهذا وعد
لم يعيرها كريم اى انتباه ثم تحرك إلى دورة المياه عسي أن يساهم حمامه البارده فى تهدئة أعصابه المتلفه.
............................
من الجهه الاخرى ظلت رؤى جالسه فوق تلك الاريكه التى اتخذتها فراشاً منذ الأمس فهى لم تجرؤ على النوم فوق فراشه.....بل لم تجرؤ على النوم من الأساس!!!!
كيف ستنام وهى مهدده بهذا الشكل؟!!!
حتى مع علمها التام بأن كريم قادر على إيقاف عمار وأبعاده عنها لبعض الوقت إلا أنها مازالت خائفة!!!
ليس من السهل ان يكون الإنسان مشردا بهذا الشكل!!
اللعنه كم شعرت بالخزى من نفسها حين طلبت من كريم أن يجد لها مأوى فى منتصف الليل لكنها لم تملك وقتها رفاهية الاختيار فأضطرت وقتها اللجوء إليه وهو لم يخذلها وركض إليها فور أن علم بما يحدث معها
واجهت رؤى نفسها بأن لخوفها وجه آخر....خوفها على كريم نفسه!!!.....فما ذنبه هو لتضعه فى مواجهه مع شيطان كعمار؟!!!!
مهما بلغت قوة كريم وذكائه إلا أن عمار لا قلب له مما يجعله لا يُقهر لأنه ببساطة لا يملك اى نقطة ضعف يمكن أن يستخدمها احد ضده.
عادت بذاكرتها الى زمن كانت تعتبر فيه عمار صديقها وأخيها الذي لم تلده امها
إلى الآن لا تعلم اين ذهب ذلك الفتى الذي كان يلاعبها هى واميره ويضاحكهم دائما ً؟!!!
لا تعلم متى تحول تحديداً الى ذلك الوحش!!!!!!
او لما اختارها هى حتى يبث فيها سموم لا تعلم من الأساس مصدرها!!!!
ماذا فعلت له حتى يكرهها بهذا الشكل ويسعى للانتقام منها؟!!!!...بل لماذا ينتقم من الاساس؟!!!!
فهو كان يتعامل معها بشكل طبيعي إلى أن ذهبت فى احدى الايام مع أبيها إلى منزل عمها بعد وفاة اميره وفور أن رآها عمار تحولت ملامحه بطريقة ارعبتها حتى أنها كادت تركض من فرط الشراسه التى احتلت نظراته إليها.
ملامحه كانت تحمل من الحقد ما يكفى لدفنها حيه ولكن لماذا؟!!!
وقتها اعتقدت بطفوليتها أن حزنه على وفاة امه وحادث اميره جعله غاضباً من الجميع وأن الأمر لا علاقة لها به من الأساس ولكن حين حاولت بعدها الذهاب للجلوس معه من جديد افزعها ردة فعله حين امسكها من شعرها حتى كاد أن يقتلعه بينما يقول بجنون:
_امك استحقت الموت كافره وانتى أيضا تستحقينه لكن امى واميره لم تستحق أياً منهن تلك النهايه....لكن لا... سأجعل الموت رحمه لن تناليها منى أبداً.....انتى أيضا ستموتين كافره سأظل ورائك حتى تنتهى معلقه بحبل مهترئ كروحك لتخرج منك اخر انفاسك القذره.
يومها ظلت تبكى أمامه بجزع رهيب من كلماته والم شديد اثر شده لشعرها لينظر لها فجأه وكأنه استفاق من حالة الجنون التى كانت تعتريه على صوت بكائها المتوسل فتركها بعنف حتى كادت أن تسقط أرضا لكنها توازنت فى اللحظة الأخيرة ثم انطلقت راكضه نحو الخارج ومن يومها لم تحاول الاقتراب منه من جديد خاصة ً مع نظرة التوعد التى كان يرشقها بها فور أن يراها .
خرجت رؤى من أفكارها على صوت تأوه مكتوم فتحركت بسرعه نحو تلك الغرفة التي نامت بها نوال ثم دخلت وقالت بقلق بالغ وهى ترى وجه نوال شديد الاحمرار وكأنها تكتم الماً لا يوصف:
_ماذا بكِ نوال؟؟!!!!!.....ما الذي يؤلمك؟!!!!
ربتت نوال على كف رؤى التى جلست بجوارها وبدأت بمسح حبيبات العرق التى تكونت فوق جبهتها ثم قالت بثبات تحسد عليه:
_لا شئ حبيبتي....أنه ظهرى....عظام ظهرى تؤلمنى قليلا
نظرت لها رؤى بغير تصديق فمن المستحيل أن يكون كل هذا لمجرد الم فى الظهر فقالت من جديد بصوت يحمل بعض العصبيه:
_نوال هذه ليست المرة الأولى التي اسمع تأوهك فيها...إن كنت امتلك اى معزه فى قلبك اخبرينى بحقيقة الأمر!!!!!
ابتسمت نوال بتعب شديد ثم قالت محاولةً أن تبث الطمأنينة في نفس طفلتها:
_يبدو انتى حملت الحقيبه بطريقة خاطئة لهذا اصابنى كل هذا الألم...لا تقلقِ حبيبتي بعض الوقت وسيزول هذا الألم.
ظلت رؤى تنظر إليها بتكذيب وارتعاب فقالت نوال وهى تغالب وجع رأسها الشديد:
_سأتصل بأحد أبناء خالى واطلب منه أن يأتي ويأخذنا معه إلى قريتنا القديمه حتى نختبئ عن عين عمار لبعض الوقت....ما رأيك حبيبتي؟!!!!
نزلت دموع رؤي لتقول بخوف شديد:
_رأيي أن تخبرني ما بكِ حتى استطيع مساعدتك....هل اجلب لكِ الطبيب؟!!!....ماذا افعل نوال؟!!!
ابتسمت نوال ثم قالت :
_حين ذهبت البارحه الى المطبخ وجدت بعض المسكنات موضوعه فى الثلاجة....اذهبِ واحضرى أحدهم لأتناوله عسي أن يأتي بنتيجه.
على الفور ركضت رؤى ناحية المطبخ بينما ادمعت عيون نوال فيما تقول بمناجاه:
_يا رب أطل في عمرى حتى اطمأن علي ابنتى فقط يا رب.
لحظات وعادت رؤى تحمل المسكن وكأس الماء ثم ساعدت نوال فى الاعتدال وناولتها علاجها بينما ينتفض قلبها برعب جديد وكأنه يخشى خسارة جديده تلوح في الأفق.
.................................................. ............
_ماهذا الجمال؟!!!!!......لقد جعلتِ الحقيبه تبدو مختلفة تماما ً!!!
ابتسمت سحر ثم قالت بحبور:
_اتمنى فقط أن تعجب بها ابنتك
نظرت لها ام مصطفى ثم قالت بأعجاب واضح:
_وهل ابنتى مجنونه حتى لا يعجبها هذا الفن؟!!!!.....اتعلمين؟!!!!....انتى فقط بحاجه لمن يقوم بتمويلك وبعدها ستصبحين ملكة السوق فى صناعة الحقائب المزركشة.
ضحكت سحر بأستمتاع كبير فما أجمل أن يجد الإنسان صدى لمجهوده
ما اجمل ان يشعر بأنه مفيد ومنتج خاصة ً بعد أن كان يتم التعامل معه على أنه حمل زائد فوق كتف أحدهم!!!!
ظلت سحر تتشرب نظرة الاعجاب من معظم فتيات المشغل اللاتى ارتهن ام مصطفى الحقيبتين بأستمتاع ونهم وودت لو أنها تملك أحد تلك الهواتف المحمولة التى تحتوى على عدسة تصوير حتى تلتقط تلك اللحظة وتخلدها للابد بعد أن تجعل كل من اهانها يوماً وقلل من قيمتها يراها .
_ما الذي يحدث هنا؟!!!!
صوت الانسه رانيا اخرج سحر من أفكارها الطفولية بينما تولت ام مصطفى الاجابه حين قالت بمحبه:
_لا شئ ابنتى لقد صنعت سحر حقيبتين لابنتى وكنت اريها للفتيات
نظرت رانيا الى ما تحمله ام مصطفى ثم سألت بسحر بتعجب:
_هل تصنعين تلك الحقائب؟!!!!
اومأت سحر بأبتسامه واسعه لم تستطع التحكم فيها فقالت رانيا من جديد بينما تمسك بواحدة:
_لكنها تبدو قديمه!!!!
اجابتها ام مصطفى من جديد:
_هذه حقيبه قديمه لابنتى وسحر قامت فقط بتزيينها حتى تبدو بهذا الشكل المختلف
اومأت رانيا بتفهم ثم قالت :
_من الواضح انكِ موهوبة فى هذا الأمر...سأستغلك كثيرا الفترة القادمة فى تجهيزات زفافى كما أن هناك سيدة أعمال صغيره يعرفها ابى تود أن تفتح معرض هنا فى المنطقة لهذه المشغولات اليدوية...سأوصي بك لتعملى معها بعد عودة اختك لمكانها
ابتسمت سحر ثم قالت بفرحه عارمه:
_تحت امرك آنستى لقد اقترب الشهر على الانتهاء على كل حال وستعود سهام من جديد وانا سأتفرغ بعدها لك بشكل كامل
ابتسمت رانيا ثم قالت بنبره جديه لبقية الفتيات:
_هيا كل واحدة تعود إلى عملها.....يكفيكن لهو بهذا القدر
عادت كل واحدة منهن إلى عملها فيما جلست ام مصطفى بجوار سحر ثم قالت بعد ذهاب رانيا:
_ايتها المحظوظه....لقد حصلت ِ على عمل جديد قبل مرور ساعه واحده كما أن معارف السيده كثيرين....ابشرى يا فتاه....لقد فُتحت لكِ طاقة القدر.
ضحكت سحر بفرحه بينما تدعو الله أن تكون كل ايامها كهذا اليوم بعد أن وضعت قدمها أخيراً على اول الطريق.
.....................................
_هل وجدتها؟!!!!!
جاءه صوت جمال بينما يقول بأرتباك لم يخف منذ الأمس:
_ليس بعد سيدى!!!!
هتف عمار بعصبية فيما يقول:
_هل انشقت الارض وابتلعتها؟!!!!
_سيدى نحن نبحث عنها في كل مكان منذ الأمس... بالتأكيد سنجدها فى نهاية الأمر
سأل عمار بعصبية مترقبه:
_و كريم رسلان؟!!!!....هل توصلتم الى اى شئ من مراقبتكم له؟!!!
_هو الان في شركته سيدى....لا اعتقد انه يعلم شيئا ً عن الأمر
قال عمار بتشديد على كل حرف:
_استمر بمراقبته....لا يغفل عن عينك للحظه واحده....انا متأكد أن طرف الخيط عند هذا الرجل...ابحث في كل مكان يخصه حتى تصل إليها.
_تحت امرك سيدى سنظل خلفه لحظه بلحظه.
اغلق عمار الهاتف ثم رماه فوق مكتبه بعصبية بينما يحاول التفكير في اى طريقه يستطيع الوصول بها إلى تلك الحقيرة.....لقد اجادت اللعب هذه المره لو كانت حقا تختبئ خلف عائلة رسلان ..فتلك العائلة تتحكم في الكثير من أمور المدينة مما سيجعل مهمته شبه مستحيلة.
عند هذا الخاطر وجد عمار نفسه يزيح كل ما فوق مكتبه جنون حتى أصبحت الأرضية مغطاه بالكامل بأوراقه .
لحظات ودخلت سوزان ثم قالت بصوت ثابت دون أن تهتم للفوضى التى قلبت المكتب :
_مراد زيدان في الخارج بناءاً على موعدكم
تأفف عمار بضجر ثم قال دون أن ينظر لها:
_ادخليه
اومأت بهدوء ثم خرجت ليدخل بعدها مراد قائلاً بمرحه المعتاد:
_صباح العسل ايها ال.....
توقفت كلماته فى حلقه حين رأى الفوضى العارمة التي بثها صديقه في المكان لتتغير نبرته الى التهكم الساخر بينما يقول:
_اى عسل هذا؟!!!!.....عسل اسود فى الصباح الباكر....ماذا حدث معك؟!!!....ماهذا الاعصار الصباحى؟!!!
أشار عمار إليه حين رآه واقفا بجوار الباب دون تحرك ثم قال بعصبية لا تنتهى:
_اجلس مراد وتوقف عن هذرك.....انا لست فى مزاج جيد لأتحمل سخافاتك.
ضحك مراد بخفه ثم أجاب ساخراً بينما يتحرك ليجلس امام عمار:
_لطالما كان مزاجك سئ ومع هذا تحملت كل سخافاتى وبالمناسبة إن كان أحدنا سخيف بل واحمق فهو أنت لأن الغيت موعدين معى من قبل ولم استطع الوصول لسيادتك حتى اتفق معك على الصفقة الجديده.
قاطعه عمار بحده:
_مرااااااد سنناقش الأمر فيما بعد .....انتهينا!!!
نظر له مراد متفحصا ليسأل بتلاعب ماكر:
_هل هناك فتاه جديده استعصت عليك لتكون بمثل هذا الغضب؟!!!
نظر له عمار بملل دون أن يكلف نفسه عناء الرد مما جعل مراد يتأفف حانقاً ثم يقول:
_ماااااااااذا؟!!!!!....ماذا بك؟!!!!......إن كنت لا ترغب في الحديث عن العمل أو عما يضايقك لما لم تلغى الموعد من جديد؟!!!.....انا لست متفرغ لسعادتك حتى تجلسنى هكذا أمامك دون سبب.....انا ايضا لدى عمل على إنهائه.
ابتسم عمار ساخرا ثم قال:
_اى عمل هذا؟!!!!...... بحق الله انت لا تفعل شئ فى شركة اباك سوى التسكع بين اورقتها ومغازلة الموظفات تاركاً كل المسؤولية على ابيك وعمار ابن عمك.
ابتسم مراد بفخر أحمق ثم قال بنبره عابثه:
_وهل هناك عمل افضل من هذا؟!!!!....فستان اسود...تنوره حمراء....شعر غجرى واخر املس.... واحدة ممتلئه وأخرى نحيفه.... استمتاع ما بعده استمتاع يا رجل.
ابتسم عمار بخفه وفى داخله شعور بالحسد والغيرة من صاحبه الذي منذ أن تعرف عليه وهو هكذا....يلهو ويعبث دون أن يرف له جفن....منطلق... لا يهمه ولا يتأثر بأى حديث.... يستمتع بكل ثانيه فى حياته دون أن ينظر للخلف أو حتى للامام.....كل ما يهمه هو لحظته الراهنه وكيف سيستمتع بها ويعيشها....شخص خفيف لم تثقله الحياه بأعبائها بعد... لطالما كان مراد يرمى كل شيء يضايقه خلف ظهره ويتحرك بعدها ليخلق شيئاً آخر يسعده.
بعكسه هو...هو حياته توقفت فى اللحظة التي سكن فيها جسد أخته الصغيره أسفل تلك السيارة...فإن كان موت امه صدمه فموت اميره بتلك الطريقة أمامه دمر بقايا عقله وروحه لينتهي به الأمر الآن شاب فى بداية عقده الثالث لكنه يحمل من الهموم والكآبة ما يحمله رجل سبعينى يحتضر.
تنهد عمار بضجر وداخله يعود من جديد لفراشه ذهبيه اقرب لجنية حكايات مذهله هاربه من إحدى القصص الخيالية القديمه، شفافه كالماء بعيون سماوية تجعل محدثها حائر هل يتمتع بجمال عينيها البريئتين ام يرضى فضوله بتفاصيلها الصغيره الأخرى كوجنتيها المائلتين للاحمرار وكأنها حبتين من الفراولة الطازجة وشفتيها الصغيرتين اللاتى تتحدى القديس بأغوائها البرئ.
لاحت ابتسامه جديده على وجهه وهو يتذكر سلاسلها الذهبيه التى تتركها ورائها منطلقه وحره لتبدو وكأنها سرقت أشعة الشمس لتحتفظ بها بين جدائل شعرها.
_اقطع ذراعى إن لم يكن خلف تلك الابتسامات الحمقاء فتاه!!!!
فى لحظه تشتت السحر ليعود من جديد لواقعه على صوت صديقه الساخر ليقول بغلاظة:
_انت مازالت هنا؟!!!!
ضحك مراد بأستمتاع ثم قال بحماس:
_حدثنى عنها!!
نظر له عمار بطرف عينه ليسأل بمراوغة:
_من؟!!!
_توقف عن الادعاء....انت تعلم من اقصد....فتاتك الجديده
تنحنح عمار فيما ينهى المناقشة بصوت اراده حاد :
_ليس هناك جديده او قديمه وهيا عُد من حيث اتيت....انا لست متفرغ لك
وقف مراد ثم قال مقلدا نبرة صديقه الكئيب:
_سأذهب الآن وان اردت التحدث عن الصفقة أو غيرها انت تعرف أين ستجدنى.
انهى مراد كلماته ثم تحرك مغادرا ليترك عمار الذي عاد من جديد إلى سره الصغير التى بمجرد أن يتخيلها يختفى من حوله كل ما يضيق صدره لا يعلم كيف تركها تمتلك خياله بتلك الطريقة رغم أنه لم يراها سوى مرتين ورغم أنه على وشك الدخول فى حرب طاحنه مع أخيها الكبير.
..............................................
_ابى يجب أن ننهى كل تعاملنا مع هذا الحقير
نظر حسين لأبنه الذي لا يهدئ ولا يمل منذ ان منعه من الذهاب الى شقته حيث ترك رؤى منذ الأمس....ابتسم حسين بتلاعب خفى وهو يري لهفة ابنه واضحة أمامه خاصةً وأن الفتاه لم تجيبه حين اتصل بها منذ قليل وكأن القدر يساعده فى مخططه القادم فما يراه أمامه يجعله متأكد ان ابنه يهوى ببطئ فى عشق جديد... عشق سيجعله يغلق دفاتر قديمه مغبره رقدت فوق قلبه كل تلك السنين الماضية.
تعكر صفو حسين عند تلك النقطة فحاول تغيير مسار أفكاره بقوله:
_اذا أنهينا تعاملاتنا معه الان سيتأكد انك وراء اختفاء ابنة عمه...دعنا نتوارى قليلا حتى نجد طريقه نحمى بها الفتاه دون أن نظهر فى الصورة .
هتف كريم بحنق:
_انا لن اتوارى ولن اختبئ و رؤى سأنتزعها منه رغما عنه
سأل حسين بنبره تتمتع بكل المكر:
_تنتزعها؟!!!!!
وكأن الكلمه فاجئت كريم هو الآخر فقال من جديد بصوت اهدئ قليلا:
_اقصد انى سأنقذها منه مهما كان الثمن
أصدر حسين صوت يدل على تفهمه بينما يمنع ابتسامته بشق الأنفس وهو يري وجه ابنه المحتقن غضبا من نفسه بسبب زلة لسانه .
لحظات ودخل مهاب بينما يقول بجديه:
_اعتقد اننى سأبحث عن مصمم جديد
التفت إليه حسين فأكمل:
_تلك رؤى تتغيب دائما.... اعتقد انه حان الوقت لاستبعادها من الشركه.
تلكئ حسين فى الرد وكأنه يعطى لكريم فرصته حتى يثور من جديد ولم يخيب ظنه حين هتف كريم من جديد فى أخيه:
_اى استبعاد انت الآخر؟!!!.....رؤى لديها أمر طارئ وستعود فور أن ينتهى
استمع مهاب لثورة أخيه الأكبر ثم عاد بنظره لأبيه ليغمز له سائلا بينما يشير برأسه إلى كريم:
_هل فاتنى شئ؟!!!.....ما الذي يحدث هنا؟!!!
كتم حسين ضحكته من جديد ثم قال بصوت عملى:
_رؤى فى اجازه هذه الفترة بأمر منى
سأل مهاب من جديد بنبره فضوليه:
_من اين تعرف تلك الفتاه ابى؟!!!...هل هى من اقاربنا؟!!!
_لا بنى رؤى ابنة اخ صديق قديم لى لهذا انا اعاملها معامله خاصه.
تمتم مهاب بخبث وهو ينظر ناحية كريم بينما يتحرك للخارج:
_لست انت فقط من تعاملها معامله خاصه هنا!!!
نظر كريم له شرزا مما جعله يسرع الى الخارج ويعود لمكتبه وهناك وجد زينه تنتظره بوجه حزين فيما كان يقف بجوارها محمد الذي طلبه هو منذ قليل:
_هل ستصرف رؤى من العمل؟!!!!...صدقنى سيدي انها فتاه جيده للغايه هى فقط حزينه بعد وفاة أبيها!!
نظر لها مهاب ثم قال بجديه يستخدمها نادراً بينما يشير إلي محمد بالجلوس:
_رؤى فى اجازه وحين تعود سننظر فى أمرها والان الى مكتبك وانهى ما طلبته منك .
اومأت زينه ثم تحركت بسرعه أشبه للركض نحو مكتبها فيما قال محمد بنبره قلقه:
_هل هى بخير؟!!!
_من؟!!!
تسائل مهاب بحيره ليسأله محمد من جديد بنبره متلهفه بعض الشئ:
_رؤى!!!...هل قالت سبب تغيبها؟!!!...اعتذر عن فضولى لكنى اريد الاطمئنان عليها
قاطعه صوت كريم الحاد كنصل سكين:
_لا اعتقد انه من خصوصياتك التسائل عن أمر كهذا.
نظر له محمد شرزا...تباً...كم يبغض هذا المستفز!!!
كتم رأيه الشخصي بمهاره حتى لا يكلفه الأمر عمله ثم تجاهل كريم نهائيا ً ونهض موجهاً حديثه لمهاب:
_عفوا سيدى...هل نكمل حديثنا فيما بعد؟!!
ابتسم مهاب بمهنية ليخرج بعدها محمد امام نظرات كريم المشتعلة
_ما هذا اخى؟!!!....لماذا تتعامل معهم بهذا الشكل؟!!!
عاد كريم بنظره الى صوت أخيه المتهكم ليقول بسخرية:
_انا لم آتى اليك حتى اتعلم منك كيف اتعامل مع موظفين الشركه
زفر مهاب بقنوط ليستطرد كريم قائلا من جديد:
_اريدك أن تحل محلى لساعتين سأخرج قليلا ثم اعود فيما بعد
سأل مهاب بعفوية:
_الى اين؟!!!
بنفس السخريه السابقة تلونت نبرة كريم فيما يقول:
_ليس من شأنك...هيا...الى اللقاء
_الى اللقاء جيمس بوند
................................
خرجت رؤى من الغرفة بعد أن نامت نوال اخيرا بفعل المسكن الأخير الذي اضطرت إلى النزول لجلبه من إحدى الصيدليات المجاورة للعماره...ربااااه...كم ارتعبت من أن يراها احد لكنها شجعت نفسها بأنه من المستحيل أن يتوصل عمار الى مكانها لأنه لا يعرف اى شئ بخصوص علاقتها مع كريم!!
"اي علاقه هذه يا رؤى!!!... هل جننتِ يا فتاه؟!!"
وبخت رؤى نفسها بشده على مسار أفكارها...فلا يجب ابدا ان تفسر شهامة كريم بطريقة خاطئة هو يفعل هذا لأنها بمحنه ولأنها هى من طلبت منه المساعده...ماذا كان سيفعل الرجل يعنى؟!!!...هل كان سيتركها؟!!...مستحيل!!!
أمسكت رؤى بهاتفها لتجد خمس مكالمات فائته من كريم و بضعة مكالمات متفرقة من زينه وارقام غريبه و .... عمار!!!!
اللعنه!!!....هل وصلت جرأته لهذا الحد؟!!!
اجفلها رنين الهاتف من جديد بأسم كريم وما أن أجابت حتى جائها صوته الغاضب:
_تباً لكِ...لما لا تردين على الهاتف اللعين؟!!!....انا اتصل بكِ منذ الصباح!!!
ارتبكت رؤى من غضبه الواضح لتجيبه محاولةً تهدأته بصوت مرتجف:
_اسفه... اقسم انى لم اسمعه....لقد كان على الوضع الصامت...لم انتبه الا الآن.
وكأن عاصفته لن تهدأ فسألها من جديد بنفس الغضب:
_هل انتى بخير؟!!!... اقصد ...هل انتم بخير؟!!..هل تحتاجن لشئ أحضره معى؟!!!
سألته بلا تفكير:
_هل انت قادم الان؟!!!
تنهد كريم ليهدئ من نفسه قبل أن يقتل تلك التى لا مسمى لها ثم قال:
_بالتأكيد قادم...وهل سأترككم بمفردكم؟!!
_لا تتعب نفسك...نحن بخير
زفر كريم وغضبه بدأ يعلو من جديد دون سبب واضح لها ثم قال:
_انا فى الطريق رؤى...الى اللقاء
ثم اغلق الخط فى وجهها بكل وقاحه!!!!
ظلت رؤى تنظر الى الهاتف بأستغراب ثم قالت بغضب مماثل :
_ رغم مساعدتك لى فى هذا الظرف لكن انا لن اتوانى عن اخبارك برأيي الشخصي بك...انت بالتأكيد تعانى من انفصام الشخصية ايها المختل.
لحظات و سمعت طرقات على الباب فوضعت حجابها ثم ذهبت لتفتح له بينما تهمس لنفسها:
_هل أتى بطائرة؟!!!...ما هذه السرعة؟!!!
فتحت الباب بعدها ليتوقف كل شئ حولها وتبقى فقط عينان صقريتان تحملان ما يكفى من القسوه والظلام لدفنها حيه!!!
ابتلعت ريقها برعب حين اتاها صوته المرعب قائلاً بأبتسامه مرعبه و حده قاتله:
_مفاااااجأه !!!!!!!

نهاية الفصل التاسع

قراءه ممتعه للجميع 💙💙💙








بقعة ضوء للكاتبة "هاجر حليم"  مكتملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن