الفصل السابع:
بعد يومين
كانت تجلس بهدوء تام فوق إحدى المقاعد وكأن كل ما يدور حولها لا يتعلق بها ابدا...نظراتها طبيعيه لمن لا يعرفها رغم أنها تكاد تصرخ جزعا على ما ينتظرها الايام القادمه.
هى ليست حمقاء وتعلم جيدا أن وجود ابيها على قيد الحياة كان يمثل لها ضمانه ولو بسيطه...ضمانه تحميها من جنون عمار.
عمار الذى حضر إلى المستشفى بعد بضعة ساعات من فصل ابيها عن الاجهزه...فبرغم كل التعب والارهاق الذى كانت تعاني منه اثر ما حدث معها إلا أنها أصرت أن تنهى الامر ... فوجود ابيها بهذا الشكل لا يفيدها بشئ...أن يكون حياً ميتاً أمر يزيد من الاحمال فوق كتفيها وهى تحمل ما يكفى!!!!!!
بعدها استلموا جثة ابيها دون أن يعيرها عمار نظره واحده وكأنه أشفق عليها من منظرها المزرى آنذاك فأبتلع كلماته السامه ولم يعيدها على مسامعها كعادته أو أنه ببساطة اصبح يعلم أنه لم يعد بحاجة لأى كلمه ليثبت قدرته عليها...فهى الان وحيده تماما وإن اراد عمار تدميرها لن يمنعه عنها شئ.
_البقاء لله
أخرجها صوت المعزيين من هاويتها السحيقة التى سقطت بها بلا اى مقاومه...فبدون اى تزيين للكلمات وبدون اى اطاله للحديث هى تعبت...
تعبت من كونها بمفردها فى هذه الدنيا...
تعبت من رحيل الجميع عنها
تعبت من سرقة الموت لكل من جاورها يوما
تعبت من وحدتها ، من شقائها ، من بحثها عن امان أصبحت شبه متأكدة من أنها لن تجده ابدا
تعبت من قتال عمار الذى ينتهى دائما بفوزه ومن الواضح أن هذه المرة لن تختلف عن غيرها
ربتت نوال على كتفها لتنبهها لرحيل اخر المعزيين فنهضت وصافحتهم بلا تركيز ثم دخلت الى غرفتها باحثه عن وحده أصبحت تألفها وتخافها.
وضعت رؤى جسدها فوق فراشها الجديد بعد أن انتقلت إلى بيت جدها بعد أن حجز المصرف على كل أملاك أبيها ثم اغمضت عينيها بأرهاق الى ان جاءها صوت نوال الحنون فيما تقول:
_ابنتى...يجب أن تأكلِ شيئا ً...على هذا الحال ستسقطين فاقده وعيك فى اى لحظه.
_لا اريد نوال.....لست جائعه
قالت نوال بمهادنه:
_على الأقل اشربى كأس الحليب هذا...من أجل خاطرى ابنتى
فتحت رؤى عينيها الواسعتين ثم نظرت الى نوال التى ابتسمت لها مشجعه فنهضت وامسكت كأس الحليب لتشربه
صوت رساله نبهها الى هاتفها الذي تركته منذ يومين دون أن تلقى اى نظره عليه الى أن انتهى شحنه ثم أعادت نوال شحنه منذ قليل حين رأته....أمسكت رؤى الهاتف لتجد اكثر من رساله بأنتظارها.
"اين انتى؟!!!....لماذا لا تردين على هاتفك رؤى؟!!!...لماذا لم تأتي اليوم ايضا؟!!!....السيد كريم سيطردك بهذا الشكل يا حمقاء"
عرفت رؤى المرسل دون أن يكون ظاهرا اسمه أو بالأحرى اسمها
ثرثره مبعثره يساوى زينه
"رؤى هذا اليوم الثاني لكِ....على الأقل افتحِ هاتفك حتى نحدثك ونعرف ما حدث معك لنتدبر اى حجه تبعد بها شر المدير عنك....حدثينى فور أن تصلك رسالتى... بالمناسبة انا زينه"
ابتسمت رؤى بسخريه....وهل يخفى القمر؟!!!
رساله اخيره من رقم مختلف فتحتها
"البقاء لله....إن احتجتِ الى شئ اخبرينى....هذا رقمى الخاص... كريم رسلان"
رفعت رؤى حاجبيها بتعجب....كيف يمكن لشخص أن تتغير معاملته معها هكذا ودون اى مقدمات؟!!!
هل شعر بالشفقة عليها حين رآها تصارع كلب عمار بمفردها؟!!!!
هل يشفق عليها من وحدتها التى تنهل من روحها رويدا رويدا إلى أن يأتي يوماً فتقضى عليها و تخرجها من جسدها بلا رجعه؟!!
ابتسمت رؤى بألم فيما تقول:
_اذا كنت انا نفسي أشفق على نفسي مما يحدث لها....فهل اتعجب من شفقته هو؟!!
_من هو؟!!!....عن من تتحدثين؟!!!
انتبهت رؤى إلى وجود نوال وقد نسيتها فى خضم أفكارها التى لا تنتهي فقالت بهدوء:
_لا احد نوال....سأخبرك فيما بعد
ربتت نوال على رأسها ثم نهضت قائله:
_سأتركك تنامين الان فأنتى بحاجة إلى بعض الراحة بعد كل ما رأيتى
ابتسمت رؤى ثم اغمضت عينيها وكأنها كانت بحاجه لدعوه من نوال حتى تغرق فى سباتها.
.................................................. .........
خرج كريم من عيادة الطبيب النفسي وركب سيارته منطلقا الى المطار حتى يكون فى استقبال زوجى اليمام مهاب وساندى... فموعد وصولهم قد اقترب للغايه وهو لم يشعر بمرور الوقت أثناء جلسته الجديده مع طبيبه
أعاد كريم نصيحة الطبيب من جديد في رأسه بينما يشعر أن مجرد تفكيره فى الأمر يعد خيانه سافره لروزى
"اتعلم ما هى مشكلتك الحقيقة؟!!...انك أوقفت حياتك على حدث معين ولم تخرج منه الى الان...حسنا اعلم أن فقدان من تحب بهذه الطريقة قد سبب لك ندب لن يختفى بسهوله الا اذا وتذكر جيدا الا اذا اخفيته انت بنفسك وهذا سيكون عن طريق خوضك لتجربه جديده...انا لا اقول لك اذهب وابحث عن فتاه تتزوجها...من الممكن أن تنشئ صداقات جديدة...توسع شبكة علاقاتك الاجتماعية...اعطى فرصه لأحداهن بالدخول الى حياتك... المهم أن تخرج من الإطار الذي وضعت نفسك به من يوم الحادث...وصدقنى سيكون الأمر اقل وطأة عليك خاصةً وانك شخصية مرنه تقر بعطبها وتبحث ايضا عن العلاج بسبب نشأتك الأجنبية."
شتم كريم نفسه حين تذكر وجهها الذي لم يفارق خياله فور أن نطق الطبيب بتلك الكلمات وكأن عقله يخبره بأنها أكثر من مناسبة لتلك التجربة....لكن مستحيل أن يورطها معه في تجربة لا يعلم أن كانت ستنجح ام لا...هى لا ذنب لها فى ما يعانيه هو....لكنها معجبة به...اجل هو ليس احمق حتى يتغافل عن نظراتها إليه...هو اعجبها كما اعجبت......اللعنه ما الذي يفكر فيه الان؟!!!
لا....هو لا يكن لها اى مشاعر سواء كانت اعجاب أو غيره...كما انه ساعدها فقط لأنها كانت بمفردها ذلك اليوم ولو كانت اى فتاه أخرى بمكانها كان سيتصرف بنفس الشكل...واجه كريم نفسه بقوله....... لكنك لم تكن ستشعر بنفس الغضب
لقد أراد حقا قتل ذلك الحقير الذي تجرأ ووضع يده عليها...
تأفف كريم بضغط وحنق...فتلك الفتاه أصبحت حقا تمثل له هاجساً الفترة الماضية...طوال الوقت يتسائل عن حالها خاصةً بعد وفاة والدها... دائما يتسائل بغضب من سيقف للحقير ابن عمها اذا اراد اذيتها من جديد؟!!... من سيمنع عنها أذاه وهى بمفردها وبمثل هذا الضعف؟!!!
اتبع كريم حدسه فأمسك بهاتفه محاولا الاتصال بها من جديد لكن وجد هاتفها مغلق كالعاده فرمى الهاتف بأهمال فيما يقول:
_اللعنه على هذا الطبيب الاخرق وعلى أفكاره الغبيه التى يزرعها برأسي
لحظات وتوقف كريم أمام المطار ليبتسم بمفاجأة حين رأى رائد ابن عمته ومعجزه زوجته المجنونه يقفان بأنتظار وصول مهاب وساندى
قالت معجزه حين رأته:
_لو كنت تأخرت عشر دقائق أخرى كنت ستعود خالى الوفاض....لقد وصلت الطائره وزوج الحمقى قادمان فى اى لحظه
صافح كريم رائد فيما يقول لمعجزه:
_اذن من الجيد أن لحقت بكم
ابتسم رائد فيما يقول:
_اذا سمعتك ساندى وانتى تنعتيها بالحمقاء ستقتلك....انتى تعلمين أنها لديها حساسية من هذا اللقب
ضحكت معجزه بينما تقول بتأكيد:
_اراهنك أن مهاب امطرها بهذا اللقب صباحا ومساءاً حتى نسيت اسمها
استمر الزوجين فى حديثهما غافلين عن كريم الذي ينظر اليهم ورغما عنه ينتابه احساس بالحسد وهو يقارن هيئتهما الان بهيئتهما التى رآها حين عاد إلى الوطن.
فهو حين قابل رائد ومعجزه وقت استقراره فى الوطن منذ عامين تقريبا لم يكون اياً منهما بهذا الانطلاق بل عالعكس تماما...فمعجزه كانت تبدو كالطفله التائهة المنطويه بينما كان رائد يبدو اكبر من عمره بكثير بهدوءه المبالغ فيه...اما الان فيبدوان وكأن الحياه دبت فيهما فلا يتوقف أحدهما عن الكلام مع الآخر ابدا......كما انه لاحظ اكثر من مره تلك النظره التى يهديها أحدهم للاخر دون قصد وكأنه يخبره بلا كلام أنه يمثل له الحياه.
انتبه كريم من أفكاره على صوت أخيه وزوجته المرتفع فها هما اعلانا عن وصولهما بكل ما للكلمة من معنى!!!
ابتسم كريم وهو يعانق مهاب بينما يربت مهاب على ظهره بقوه فيما كانت ساندى تمطر معجزه وأخيها بالقبلات وكأنهما كانا غائبان لسنوات بعدها ركب كلاً منهما سيارته منطلقين الى منزل والدهم حيث ينتظرهم الجميع
_اين البقيه؟!!!
هتف بها مهاب لينظر له كريم قائلا بهدوء:
_لقد كان لدى عمل لذا لم استطع جلب مريم معى أما ابيك فأنت تعلم
قاطعه مهاب مكملا:
_مشوار المطار يؤلم ظهره
هز كريم رأسه ليجد أخيه اخرج هاتفه ليعبث فيه قليلا وهو يعيد تشغيل الشريحة المحليه ليتصل بأبيه:
_مرحبا سيد حسين....أجل أجل نحن في طريقنا إليكم.... لاااااااااااا....اى مبيت؟!!.....هم بضع ساعات ثم آخذ زوجتى واذهب الى بيتى الصغير...حسنا سنتحدث حينما نصل...الى اللقاء.
ابتسم مهاب حين رأى ساندي قد نامت من جديد فقال لكريم ممازحا بينما يشير إليها:
_لقد كانت نائمة طوال الرحلة فى الطائرة....لا اعلم ماهى مشكلتها مع المواصلات فور أن نركب اى وسيلة تنقل اجدها بهذا الشكل وكأن أحدهم غنى لها تهويده أو حكى لها قصة ما قبل النوم.
ضحك كريم بهدوء ليسأل مهاب بمشاكسه:
_اذاً...ما اخر الاخبار؟!!!...هل قتلت احد الموظفين ام اكتفيت بطرد نصف الفريق كما سمعت؟!!!
ضحك كريم متهكما فيما يقول:
_لقد كان فريق فاشل وانا اهتممت بالامر طردت العناصر الضعيفه وأتيت بمن هم اقوى...لقد قمت بتنظيم قسمك حتى لا تواجه صعوبات مع أبى وقت عودتك.
قال مهاب بلا مبالاة:
_سنرى....فور أن تستقر امورى سأعود إلى الشركه
هتف كريم بغيظ:
_اى إستقرار؟!!!.... استيقظ مهاب انت كنت فى رحله لم تكن مهاجراً مع عروسك العتيده
_اخفض صوتك ستوقظ الحمقاء ولن يستطيع أحد ايقافها عن شتمك
_شتمى؟!!!
ضحك مهاب فيما يقول:
_هذه الفتاه لا تكره شئ فى حياتها كما تكره أن يوقظها أحدهم من النوم وقتها تتحول لشخصيه جديده من شخصياتها التى لا تنتهي
لم يعلق كريم فيما رنت فى أذنه جملة مهاب الاخيره ليذهب عقله لفتاه أخرى تمثل المعنى الحرفى لتلك الجمله فحقاً رؤى علام شخصياتها لا تنتهي.
وصلوا جميعا الى المنزل وفيما كان مهاب يحاول إيقاظ ساندى تفاجئ بمعجزة وهى تطلق نفيرا متواصلا بسيارة زوجها بينما تضحك بأستمتاع مما افزع ساندى
_هل تعلمين انتى ايضا بعادتها تلك؟!!!
تكلمت معجزه ضاحكه وهى تتحرك بأتجاههم:
_لقد عانيت معها كثيييييييييرا بسبب نومها هذا
خرجت ساندي من السيارة فيما تقول بتهكم:
_انتم اسخف اثنين قابلتهم فى حياتى
قال مهاب ببراءة:
_وما ذنبى انا؟!!!
قالت ساندي بناريه وهى تحاول ضرب معجزه:
_ذنبك انك لم توقفها عن سخافتها
تدخل رائد ممازحا:
_ابتعدى عن زوجتى ايتها الشرسه
هتفت ساندي بطفوليه وهى تضرب الارض بقدميها:
_بالمناسبه انا اختك إن كنت لا تذكر انصفني مره واحده عليها
اغاظتها معجزه وهى تقترب من رائد فيما تقول بدلال متعمد:
_مستحيييييييييل
تأففت ساندى فأقترب مهاب منها محاوطا ً خصرها فيما يقول:
_ابشري يا فتاه لقد أصبح لكِ زوج ينصفك انتى ايضا
استمروا جميعا فى ممازحة ساندى أثناء دخولهم الى المنزل ثم خرج حسين ومريم لأستقبالهم دون أن يلاحظ اياً منهم ذاك الواقف خفيه حاملا معه آلة تصوير ويقوم بألتقاط الصور لهم جميعاً.
.................................................. ......................
جلست سحر أمام ماكينة الخياطة التى تعمل عليها بدلاً من اختها فى مشغل الحاج مؤمن...الرجل الذي لم تقابله منذ عملها فى المكان الا مره واحده لكنها كانت كفيلة بأن تؤكد لها مدى طيب اصله وأخلاقه العاليه...يكفى أنه رفض غلق المشغل ببعد وفاة زوجته التى كانت هى صاحبته وبعد وفاتها أصبح يقسم وقته بين عمله هو وبين إشرافه على المشغل بمساعدة ابنته رانيا التى عرفت انها ستتزوج عما قريب لذا قل حضورها الى المشغل هى الأخرى هذه الفترة
عادت سحر بذاكرتها الى ذلك اليوم حيث طلبت من عزت أن تنفصل عنه فهى كانت تجلس بهدوء تام تنتظر حضور عزت وهى تدعو الله أن لا يظهر أمامه اى ضعف منها فهى رأت منه كل ما رأت بسبب ضعفها المخزى أمامه...فهى لطالما أحبته واعتبرته قشة نجاتها من حياتها البائسة مع حسنيه زوجة ابيها وهو أيضا لطالما اخبرها انها زوجته وحبيبته وكل عائلته لكن عندما وضعهم الله فى ذاك الاختبار ظهر وجهه الحقيقي...فهو حتى لم يستمع إليها ولم يستمع الى كلام الطبيب فى امكانية شفائها وبنسبه عاليه فهى كانت تتمنى منه فى تلك اللحظة أن يخبرها بحبه وأنه سيظل معها يدعمها لكنه صدمها حين عقب على كلام الطبيب بنزق:
_ومن لديه الطاقه والمال للركض فى سكة العلاج خلف امل من الممكن أن لا يحدث ابداً؟!!
يومها شعرت بكسره لم تشعرها يوما فكلامه هذا كان أشد وقعاً عليها من مرضها نفسه حتى انها لمحت نظرة شفقه من الطبيب نفسه على حالها لكنها تغافلت ليصدمها بعدها من جديد بزواجه من اخرى بعد فتره قصيره للغايه من معرفتهم للأمر.
دخل عزت إلى المنزل بملامح هادئة... لامباليه ولا كأنه قد تركها لأكثر من شهرين دون مال ودون حتى أن يسأل عن حالها
جلس عزت فيما يقول بملامح مرهقه:
_مرحبا سحر....كيف حالك؟!!
أخفت سحر ابتسامة سخريه كادت أن تخرج منها رداً على سؤاله فهى لا يجب أن تستفزه الان ابدا حتى تحصل على طلاقها منه فأجابته بهدوء بارد:
_الحمد لله
تلاعب عزت بهاتفه فيما يقول بلا تركيز:
_ماذا اردتِ منى؟!!!...لما طلبتِ منى الحضور بكل ذلك الاصرار؟!!!
شجعت سحر نفسها و ذكرتها بكل لحظة ألم مرت عليها بسببه وتخليه عنها فى اشد أوقاتها احتياجاً له ثم قالت مره واحده بصوت قوى:
_انا اريد ان اتطلق منك
انتبه عزت اليها اخيرا بينما ظل صامتاً ينظر إليها بلا تعبير معين ليقول بعدها بنبره عاديه:
_هل انتى متأكدة؟!!!
لم تستطع سحر أن تخفى ابتسامتها الساخره تلك المره وهى ترى فى عينيه أنه ارتاح لأنها هى من طلبت الأمر... واضح أنه فعل معها كل هذا طوال الشهرين الماضيين حتى يجعلها تطلب منه الطلاق بنفسها حتى لا يكون مسؤول عن بيتين .
_اجل عزت....نحن نصيبنا انتهى معاً
قالتها بكل اختناق وقد ثارت كرامتها بسبب نظرة عينيه التي ذبحتها ذبحاً
وقف بعدها عزت قائلا بصوت سبب لها انهياراً داخلياً من لامبالاته:
_حسنا سحر كما تريدين.....انتى طالق...اعتبرِ المنزل منزلك حتى تدبرين امرك وسأمر عليكِ غدا حتى ننهى الأمر.
خرجت سحر من أفكارها العقيمه على نقرات فوق مكينتها سببتها اصابع وئام إحدى عاملات المشغل لتقول لها بضجر:
_صار لى اكثر من ساعه اسألك أن كنت ستأكلين معنا شطائر ام لا وانتى كعادتك بوادى اخر...استيقظِ قليلا قبل أن تأتي الانسه رانيا وتلقنك درساً عن مخاطر الشرود فى العمل
ابتسمت سحر بود فيما تقول بصوتها الهادئ كما العاده:
_لا أريد.....انا لست جائعه...شكراً لكِ
هزت وئام كتفيها بلا مبالاة ثم تركتها حتى تذهب لتحضر الشطائر بينما ظلت سحر جالسه تدعو الله أن يوفق اختها فى اختباراتها التى بدأت اليوم...فرغم أنها تعلم بمدى الجهد الذي تبذله سهام إلا أنها تخاف أن يحدث طارئ يعرقل دراستها.
_رباااااااه....هل صنعتِ هذه القطعه الان؟!!!
نظرت سحر الى إحدى عاملات المشغل ثم قالت بصوت ودود:
_اجل يا ام مصطفى...لقد عملت عليها منذ الصباح واوشكت على الانتهاء منها
ابتسمت ام مصطفى وهى تربت على كتف سحر بينما تقول بطيبه:
_ما شاء الله....يدك تلتف بالحرير يا ابنتى...كم هى رائعه...انا متأكدة انها ستعجب الانسه رانيا كثيرا
_هل اصنع لكِ شالاً بنفس التصميم؟!!
ضحكت ام مصطفى قائله:
_وهل انا فتاه فى الثامنة عشر حتى ارتدى شالاً يحمل هذا التصميم الشبابى...والله اذا رآنى الحاج ارتدى شيئا ً كهذا سيكسر رجلى قبل أن اخطى بها باب المنزل
ضحكت سحر فقالت أم مصطفي من جديد:
_ما رأيك أن أحضر لكِ حقيبة ابنتى لتضعى عليها موهبتك؟!! ...ابنتى تحب الحقائب المصنوعة يدويا بشده ولكن كل شئ بحسابه
ابتسمت سحر ثم قالت :
_اتركِ أمر المال جانباً.... سنتحدث به فيما بعد....احضرى الحقيبه التى تريدين وانا سأجعلها وكأنها حقيبه أخرى تختلف إطلاقا عن تلك التى احضرتيها.
مازحتها ام مصطفى فيما تقول:
_خففِ حماسك علينا يا فتاه قليلا...لكن اتعرفين انا متأكدة أن ابنتى سيعجبها الأمر كثيرا وستجلب لكِ صديقاتها ايضا...فهن مجنونات بتلك المشغولات اليدوية.
_إن شاء الله خالتى سيعجبها.
دعت سحر أن يوفقها الله فى هذا الأمر حتى يكون لها مصدر رزق بعد أن تترك العمل فى هذا المشغل فور انتهاء اختها من اختباراتها حتى لا تضطر أن تخوض حربا جديده مع وجه البومه حسنيه حول مصاريف المنزل.
.................................................. ..........................
_هذا كل ما استطعت الوصول إليه سيدى
تناول عمار الملف منه ثم فتحه ليهتف لاعناً:
_اللعنه....هل انتهى رجال الأرض حتى تتشاجر مع كريم رسلان ايها الغبى؟!!!...الا تعلم من هو؟!!...تباً لك ايها الاحمق
حاول الرجل الدفاع عن نفسه ليهتف عمار من جديد:
_اغرب عن وجهى قبل أن اقتلك الان...واياك أن تجعله يلمح طيفك من جديد....هل فهمت؟!!
_فهمت سيدى....بعد اذنك
بعد مغادرته رمى عمار الملف فوق سطح المكتب بغضب.... عائلة رسلان؟!!!....اذا كان ما يفكر فيه صحيحا وتلك الحقيرة استطاعت حقا اغواء كريم رسلان سيضطر وقتها لتغيير كل خططته... فمحاربة عائلة كعائلة رسلان أمر صعب للغاية خاصة ً وان عائلة المحمدي ايضا ستناصرهم بحكم القرابة التى تجمع بينهم....تباً حسام رسلان بمفرده يمتلك جيش رجال على أشد استعداد بأن يفدوه بأرواحهم....اللعنه عليكِ ايتها الحقيرة....لكن لا...لن يمكنها من هزيمته بل سيسرع فيما ينوى عليه حتى يربطها به إلى الأبد قبل حتى أن يتأكد من شكوكه حولها هى وابن رسلان.
تناول الملف من جديد ثم بدأ بتقليب الصفحات الموجودة أمامه حتى استوقفته صوره أيقظت كل خلاياه العصبية.....
انها هى!!!!!!
العصفوره الصغيره التى حاول بكل الطرق العثور عليها دون فائدة حتى ظن أن عقله الباطن إبتدع وجودها حتى يهون عليه وحدته
بدأ يقرأ المكتوب اسفل الصوره التى ظهرت فيها وهى تحتضن مهاب رسلان ليقطب اولا ثم يشتم بعدها وهو يقذف الملف على طول ذراعه
اللعنه!!!!
هل انتهت الصدف السوداء حتى يكتشف انها أخته؟!!!!
اخت الرجل الذي من المحتمل أن يكون أشد أعدائه الفتره القادمه إذا ثبتت ظنونه حول علاقته بالحقيره رؤى!!!!
تباً....تباً....تباً...
لما كل شئ يعانده اليوم؟!!!!...حتى الفراشه الصغيره التى انست وحشة روحه لأيام ااصبحت كحلم مستحيل الان!!!!!
مسح عمار على وجهه محاولا تهدأة اعصابه المشدودة حتى يتمكن من التفكير بشكل جيد...حسنا اول شئ يجب أن يتأكد من طبيعة علاقة تلك الافعى الصغيره مع كريم رسلان...وان كان حقا بينهما اى علاقة يجب أن يدمرها دون أن يظهر حتى بالصوره... بعدها سيأخذ تلك اللعينه لبيت الجبل ويجبرها على الزواج منه حتى يكون بينهما رباط شرعى يقيدها به.
التوت شفتي عمار بخبث فيما يقول:
_اما انتى يا فراشه فسيكون لقائنا مختلف تماما هذه المره.
.................................................. .....................................
انتهت رؤى من ارتداء حجابها استعداداً لعودتها الى العمل من جديد....فقط تدعو الله أن لا يكون ذلك المجنون قد فصلها عن العمل بعد كل تلك الفترة التى غابتها الايام الماضية فهو فى النهاية نصف أجنبى والاجانب يقدسون العمل فوق كل شيء...حسنا اذا استهدفها اليوم ستلجئ للسيد حسين وهو بالتأكيد سيراعى ويقدر تلك الظروف التي مرت بها.
تناولت رؤى حقيبتها ثم خرجت من الغرفه لتجد نوال تقف ممسكه بطاولة الطعام وتستند عليها بأعياء واضح...تسارعت خطوات رؤى بأتجاهها فيما تقول بقلق شديد:
_ماذا بكِ نوال؟!!!....هل انتى بخير؟!!
رفعت نوال رأسها وابتسمت إليها ثم ربتت على كتفها فيما تقول يكذب:
_لا بالطبع لست بخير...فعدم تناولك للطعام افقدنى انا ايضا شهيتى والان انظرى لم اعد استطيع حمل حتى بضعة اطباق من الإرهاق واصابنى الدوار.
اجلستها رؤى بسرعه فوق إحدى المقاعد فيما تقول بقلق غاضب:
_وما دخلك انتى بى؟!!!...صحتك اهم من اى شئ نوال....من فضلك لا تربطى مواعيد طعامك بى من جديد.
قالت نوال بعناد:
_لا....لن اكل حتى تأكلين معى
جلست رؤى بجوارها ثم أمسكت بأحدي الشطائر التى صنعتها نوال فى الصباح وبدأت تطعم نوال بينما لم يفارق القلق نظراتها ...اخذت نوال الشطيره من يد رؤى فيما تقول:
_يا ابنتى تناول انتى طعامك.....انا لست مرهقه لهذا الحد
تناولت رؤى شطيرة أخرى ثم بدأت بتناولها فيما تقول:
_لا تكررى هذا الأمر من جديد نوال ارجوكِ
ربتت نوال على كتفها محاولة ً تهدأتها ثم قالت:
_عدينى انك ستهتمين بنفسك اولا ً
لم تفهم رؤى مخزى الكلام فقالت بعفوية:
_اعدك لن اهمل طعامى من جديد....اتفقنا؟!!
ابتسمت نوال بأمومه ثم هزت رأسها بهدوء بينما فى داخلها طوفان من القلق حول مصير ابنتها الذى لم يعد له ملامح.
أنهت رؤى طعامها ثم ودعت نوال مع سيل من النصائح بأن لا ترهق نفسها وان تخلد للنوم قليلا.
بعد رحيلها وقفت نوال والحزن يرسم لوحته فوق محياها فيما تقول بمناجاه والدموع ترهق عيناها:
_احفظها يا الله....و اطل فى عمرى حتى اطمأن عليها....احفظ ابنتى يا الله.
.................................................. ............
_يا اللللللللللله....الحمد لله انكِ عدتِ اخيرا....لقد طال غيابك هذه المرة يا فتاه
نظرت رؤى إلى زينه بابتسامة تحجب الكثير ثم قالتبهدوء:
_لا تقلقِ....لن تشتاقِ الى من جديد فأنا تفرغت اليكم تماما
تفحصتها زينه بعين خبيره ثم قالت بأعجاب :
_فقدانك للوزن واضح...لقد أصبحت ِ رشيقه للغايه...لكن لماذا ترتدين الاسود؟!!
اجابتها رؤى باختصار وهى تتحرك لتجلس فوق مقعدها:
_والدى توفى
شهقت زينه بصوت مرتفع فنهرتها رؤى لتخفض صوتها لكن لا حياة لمن تنادي
_ماذا؟!!!.....متى؟!!!...لماذا لم تخبرني؟!!!...هل كان مريض؟!!....الهذا كنتِ تغلقين هاتفك بأستمرار الفتره الماضيه؟!!!...تبا لك لماذا لم تخبرني؟!!!
قالت رؤى بتعجب واضح:
_اهدأى قليلا زينه...ثم انتى لا تعرفين أبى من الأساس حتى تتأثرين بخبر وفاته هكذا
اجابتها زينه ببساطه غريبه:
_وماذا أن لم اقابله ابدا؟!!!....الا يكفى أنه اباكِ حتى احزن عليه
ابتسمت رؤى من تلك الطفله التى تجلس امامها ثم قالت بصدق:
_اتعلمين؟!!...لقد قابلت اشكالاً والواناً من البشر...لكن مثلك انتى لم ارى
رفعت زينه كتفيها لتقول بأقرار مضحك:
_نُسخى لا تنزل كثيرا فى الأسواق....لكن اتركينا من كل هذا...هل انتى بخير؟!!...وانا من اعتقدت أنكِ اختفيتِ حتى تفقدى بعض الوزن الزائد.....لكنك يا حبيبتي فقدتيه كله من الحزن والقهر على ابيكِ
ضحكت رؤى على أفكار زينه الغريبه ثم بدأت بأخراج بعض الأوراق لتقاطعها زينه بأبتهاج فيما تقول:
_سأخبرك بأمر سيدخل السرور الى نفسك....لقد عاد مديرنا الصغير الينا من جديد
رفعت رؤى رأسها فيما تسأل بحيره:
_اى مدير؟!!!
وقفت زينه أمام مكتب رؤى لتصفق بحماس غريب ثم أوضحت:
_السيد مهااااب..... افضل مدير حدث فى تاريخ البشرية...كم هو رائع....لقد انتهت اجازته اخيراً وعاد الينا منذ البارحه....اخيراااا انتهى حكم الطاغية.
_زينه اصمتى
_ولماذا اصمت؟!!! فأخيرا لن يوبخنى كل صباح دون سبب...اتعلمين لو كان الأمر بيدى لأستبدلت اخر حرف فى اسمه وحولته من الميم الى الهاء ف "كريه" تليق اكثر به.
لم تجد رؤى طريقه اخرى تصمت بها تلك الغبيه فقالت بصوت مرتفع فيما تنظر لخلف زينه:
_صباح الخير سيد كريم
رفعت زينه حاجبيها بجزع ولم تستجر ِ حتى أن تستدير لتواجهه فيما ظل كريم صامت بينما تنفث عيناه لهيب ازرق اخاف رؤى على مستقبل زميلتها لكن فى لحظه خمدت تلك النيران ليقول كريم بصوت عملى بارد:
_صباح النور....بما أن مهاب عاد اخيرا اذن سأجرى إجراء بسيط....انسه زينه هلا تنظرين الى من فضلك؟!!!
التفتت زينه ببطئ شديد وما كادت أن تفعل....اللعنه عليها وعلى لسانها الذي يحتاج إلى القطع
_انتى ستنتقلين للعمل معى بدءاً من اليوم...وكبدايه مخصوم منكِ اسبوع
قالت زينه بأحتجاج:
_لكن انا مصممه...ماذا سأفعل بمكاتب الاداره؟!!!
تكلم كريم بمنطق "شركتى وانا حر بها"
_ستساعدين فى أعمال السكرتارية.... وبالمناسبة أصبحوا اسبوعين خصم لأنك تناقشينِ فى الأمر
امتلئت عينى زينه بدموع الغضب والقهر فيما تقول:
_لكن انا....
لم تكمل زينه جملتها حين رفع كريم حاجبه بأستفزاز وهو يوحى لها أنه ينتظر كلمه اخرى ليزيد من ايام الخصم فصمتت فيما كانت تدعو عليه بداخلها
اكمل كريم بلا تعبير:
_انسه رؤى....اريدك فى مكتبى بعد عشر دقائق
هزت رؤى رأسها بسرعه وقلق فأعاد نظره الى زينه التى تمنع دموعها بمعجزة ثم قال بتوعد بارد:
_من الواضح أن فترة عملنا معاً ستزداد انسه زينه لهذا اعتبرى هذا تحذيري الاخير لكِ
خرج كريم لتهتف زينه بحنق:
_اللعنه....لماذا يحدث هذا معى دائما؟!!!!!
قالت رؤي بتوبيخ:
_تستحقين....كم مره قمنا بتحذيرك أن لا تتحدثِ بكل تلك الراحه وكأنك فى منزلك...احمدى ربك أنه لم يقم بطردك حتى الان وتوقفِ عن تلك العاده الغبيه واحفظِ لسانك قليلا.
جلست زينه فوق مقعدها بغم شديد...فهى منذ قليل كانت تحتفل بأنتهاء مدة عمله معهم وعودة أخيه لكنه كالعاده أبى أن يتركها دون أن ينغص عليها فرحتها.
همست زينه بصوت مهموم وهى تضع يدها على وجنتها كالمطلقات:
_اللعنه عليك
وضعت يدها بسرعه فوق فمها ثم نظرت حولها خوفاً من أن يظهر لها من جديد بخصومات وعقاب أشد....تباً ما هذا الإرهاب؟!!!... ستتحدث للسيد مهاب....فيجب أن ينقذها أحدهم من براثن هذا المرعب.
لم تعى زينه لذهاب رؤى المضطرب الى مكتب كريم فكل ما كان يشغل بالها كيف ستتخلص من عقابه...هى لا يهمها الخصم بذره كما يرعبها ذهابها للعمل تحت أمرته من جديد.
بعدها لمحت مرور مهاب من أمام المكتب فقفزت كالمجنونه فيما تهتف بحمق::
_سيد مهااااااب......انقذنى
.................................................. .......................
ذهبت رؤى الى مكتب كريم بتردد شديد....تقدم خطوه وتؤخر خطوتين...لا تعلم لما أصبحت تخاف اقترابه منها....حسنا هى فى البداية كانت تستمتع بمراقبته....كان يجذبها بوسامته وردود أفعاله التى تذكرها بأبطالها المفضلين خاصةً وهو يشبههم بوسامته الأوروبية بالاخص عيونه الضيقة التى ترسل نظراتها الحاده للجميع وان كان حتى دون قصد منه.
كان يعجبها....لكن لم يكن للامر اى علاقة بالمشاعر
لكن الفتره الاخيره حين لاحظت بعض الاهتمام الذي يفلت منه خاصةً بعد أن خلصها من يد عمار أصبحت تخافه...هى ليست اهلا للحب على الاطلاق....لا تستطيع أن تخوض اى علاقة خاصة ً فى تلك المرحلة....فمن جهة هناك شيطانها الذى يسمى عمار ومن جهه اخرى هناك هى باضطراباتها التى لا تنتهي...بحق الله هى لم تنام ليله كامله الى الان....فكيف ستكون مستقرة نفسياً حتى تقدم على تلك الفعله المجنونه وتسلم مقاليد قلبها لاحدهم؟!!!
وبخت رؤى نفسها بشده.... الرجل لم يطلب سوى رؤيتها فى مكتبه فى وسط نهار عمل لسبب لا يعلمه إلا الله وهى تضع فرضيات لا أساس لها.
دخلت رؤى إلى المكتب لتجد فتاتين احداهن مريم رسلان بنفسها!!!!!
كيف لم تراها من قبل؟!!!.... وماذا تفعل مع المساعده من الأساس؟!!!
أخفت رؤى تعجبها ثم قالت بهدوء:
_السيد كريم طلب رؤيتى
طلبت منها علا الانتظار حتى تتأكد ثم لحظات وسمحت لها بالدخول الى عرين الاسد كما خطر على بال رؤى فى تلك اللحظة.
_تعالى رؤى
صدمها حديثه معها دون القاب لكنها ابت أن تظهر له توجسها فتحركت بوجهه واثقه ابتدعتها حتى تخفى خلفها ارتعاشة أطرافها ترقبا في حضوره
ابتسم كريم فى داخله وهو يراها تبرز دفاعيتها في وجهه وكأنه متحرش يترصدها
كل هذا لأنه ناداها بأسمها مجردا؟!!!!
جلست رؤى أمامه ليقول بهدوء فيما يتظاهر بتفحص عدة أوراق موضوعه أمامه:
_البقاء لله....كيف حالك الان؟!!!
هل ناداها الى هنا ليتبادل معها حديث ودى؟!!!!
تكلمت رؤى بصوت خافت بينما ظهرت نبرتها المتحيره له بوضوح:
_الحمد لله.... شكرا لك
رفع كريم نظره إليها مما جعلها تشعر وكأن سهما اخترقها...تبا له ولعينيه الحادتين!!!!!
هتفت بها فى داخلها دون أن يظهر شئ على ملامحها فإنه كانت استفادت شئ من تجاربها التى لا تعد ولا تحصى فهى استفادت كيف تخفى مشاعرها ببراعه
حمقاء......
هذا ما كان يفكر فيه للتو....تظن أنها حصينه وذكيه بما يكفي حتى تخفى نفسها خلف تلك الواجهه القوية التى تشهرها منذ الصباح فى وجه الجميع لكنه يقرأ حيرتها من تصرفه بل وجزعها من اقترابه ايضا.
رحمها كريم من أفكارها المتلاطمة ليقول بهدوء حذر:
_ هل تعرض لكِ أحدهم من جديد؟!!!
شعرت رؤى بالخزي الشديد من هذا الحوار فقالت باقتضاب:
_لا......شكرا لاهتمامك
قال كريم بصوت اقوى:
_اسمعى...انا اريد مساعدتك......وكما ترين انتِ الان بمفردك......وعلى حسب ما اخبرتينى به فأبن عمك لن يتوقف ابدا.....لهذا وبعيدا عن كل الحساسيات التي تتعاملين بها مع الجميع.... ارجو منك إخباري بكل جديد يحدث في هذا الأمر.....وصدقينى لن اسمح له بمس شعره منكِ دون ارادتك.
_لماذا؟!!!..... لماذا تفعل كل هذا؟!!!!
سألته بوضوح فأجاب بعد فتره حاول فيها يستجمع اجابه منطقية لسؤالها:
_اخبرتك....لأنك بمفردك....ولأنى إن كنت أكره شيئا ً في هذه الحياه فأنا أكره أن يفرض أحدهم نفسه على امرأة لا تريده.
لم تقتنع رؤي بإجابته كثيرا لكنها رغبت بأنهاء ذلك الحوار المتعب لأعصابها فنهضت مما جعله ينهض هو الاخر ثم قالت بامتنان يخفى الكثير من الخجل وإحساس اخر لا تريد أن تفكر في احتمالية وجوده من الاساس:
_شكرا لك من جديد....شكرا لاهتمامك
اومأ لها كريم وهو يتفحص وجهها بطريقة اربكتها لكن قبل أن تغادر اقتحم المكان عاصفه ضاحكه تتمثل في مهاب الذي كان يضحك على شيء ما تقوله مريم من الخارج لكنه توقف تماما أمام وجه رؤى المحرج ووجه كريم الممتقع من افعال أخيه المستهترة فقال باعتذار كاذب وهو ينقل بصره بينهما بتفحص مرح :
_اعتذر....لقد اعتقدت أنك بمفردك
توقفت عينيه فوق رؤى ليقول بمفاجأة:
_انا اعرفك....انت هي اليس كذلك؟!!!....ربااااه... لقد تغيرتِ كثيرا....كيف حالك؟!!.... ماذا تفعلين هنا؟!!!
لم تستطع رؤى أن تجيبه بشيء سوى بابتسامة مهزوزة لتستأذن بعدها بسرعه وتتحرك خارجه من المكتب فقال مهاب مازحاً:
_هل قاطعت عليكم شيئاً شيقاً؟!!!
لم يبالى كريم بمعاني اخيه المبطنة فيما يسأل بصوت مترقب:
_من اين تعرفها انت؟!!!!!
ضحك مهاب ثم اغلق باب المكتب ليقول بينما يجلس أمام أخيه:
_انت ايضا تعرفها...هذه رقيه على ما اعتقد..... إحدى صديقات معجزه....الا تذكر تلك الفتاه التي جعلت ساندي تكاد تجن غيظاً في حفل عيد ميلاد معجزه؟!!!
حين لاحظ عدم تذكره بعد هتف بضحك:
_انتبه قليلا يا رجل....لقد راقصتك أو بالأحرى كانت تراقصني وانت سحبتها من يدى لتراقصها بدلا منى....لقد اختلفت كثيرا....لكن كيف انسي وجه الفتاه التي جعلت حمقائي تتحدث بعد عنااااء؟!!!!!!
لم ينتبه مهاب وسط هذرة الذي لا ينتهي الى ملامح أخيه المغلقة بتفكير عميق.... لقد تذكرها....الخليعة على قول ساندي....ربااااه لقد تغيرت حقاً... كيف تعرف مهاب اليها؟!!!
لقد كانت مختلفة شكلا وتفصيلا وقت رآها في الحفل...تبا لقد ظنها عاهره تحاول الايقاع بأخيه فوجهها كان مغطى بالألوان وعينيها بلون مختلف حتى شعرها كان مصبوغ بلون دخاني اثار نفوره.
شعر كريم لأول مره انه يهوى في لعبه لا يفهم قواعدها.... فتلك الفتاه صندوق اسرار متحرك على الارض وما أشد حماسه الان لاكتشاف أسرارها وحل الغازها.... ابتسم كريم بمكر بينما يقول بداخله:
_لقد بدأتِ تثيرين اهتمامي حقا يا لؤلؤه....لنرى من اين ستبدأ اسرارك!!!!!نهاية الفصل السابع
قراءة ممتعة للجميع🧡🧡
أنت تقرأ
بقعة ضوء للكاتبة "هاجر حليم" مكتملة
Romanceرواية بقعة ضوء للكاتبة هاجر حليم ولها روايات أخرى إن شاء الله سأقوم بنقلها..لقد أخذت إذن الكاتبة بنقل رواياتها هنا على الواتباد ..قراءة ممتعة للجميع ❤❤