🍂الخاتمة🍂

834 42 11
                                    

الخاتمة:

(بعد عدة أسابيع)
وقف عمار يتلقى التهاني والتبريكات بوجه يشع سعادة لمن يعرفه فأخيراً قد ظفر بأجمل ما تمني .. مريم .. اول من دقت باب قلبه و جعلت منه مسكناً لها ، فتاته التي سيحرص دائماً علي سعادتها مهما كلفه الأمر .
فبعد أن مر ذلك اليوم البغيض علي قلبه حين عاد عمه عادل لم يعد يفصل بينه وبين سعادته سوى لحظات !!
حتي أنه لم يبالي بتقريع عمه المبطن لما فعله مع رؤى ..
ابتسم عمار ساخراً حين تذكر حديث عمه عن العائلة و الترابط .. الرجل الذي لم يحضر جنازة أياً من اخويه يحدثه عن الترابط الأسري!!!!
لكنه تحمل وصبر و لم يخطئ بحرف حتي يصل في النهاية الي مبتغاه و يحصل على جائزته الأكبر و رغم أنه عارض فكرة الخطبة تماماً الا ان السيد حسين وقف له بصلابة و رفض عقد القران معللاً أنهما بحاجة إلى أن يتعرفا من جديد دون قيود فأستسلم للأمر في النهاية و أعتبره فترة اختبار جديده عليه أن يثبت فيها نفسه لمريم و عائلتها و ها هو أخيراً يقف منتظراً ظهور جميلته التي لا يعلم لما اصبحت تهوى تعذيبه بالانتظار!!!
آلمه موضع جرحه قليلاً فذكر نفسه أن كل ما حدث معه يعتبر تكفيراً لذنوبه القديمة فهو رغم كل شيء استحق العقاب لأنه لم يبحث ابداً عن الحقيقة بل أصدر حكمه و باشر بتنفيذه بمن ليس لها ذنب .. لكنه تعلم درسه جيدا ً ...
الانتقام يولد الظلام .. يغذي شعور الوحشة و الصقيع ، يصيب صاحبه بغشاوة تجعله يتخبط في وسط نيران كرهه دون أن يجد من يمد له يد العون و يسحبه من مستودع السواد الذي يغرق فيه!!
لكنه كان محظوظاً ... بعث الله إليه من انتشلته من بؤرته السوداء التي كادت أن تسحق روحه بظلامها لدرجة أنها جعلته يعفو عن سوزان بعد أن وجدها !!!
أجل.. من أجل مريم فعلها ، لن يغرق نفسه بذنوب جديده حتي لا يطالها اي اذي .
_ هل تنتظر احداً ؟!!!!
التفت عمار الي مراد الذي كان يقف خلفه يشاكسه كالعادة فقال بغلظه:
_ ابتعد عني الليلة تماماً ، فلا ينقصني سخافتك انت الآخر .. يكفيني وجود المدعو كريم بنظراته المستفزة مثله
ضحك مراد بصخب ثم رمي نظره الي كريم الذي كان ملهياً في حديثه مع بعض الرجال لتعلو فجأة اصوات الزغاريد حين طلت أخيرا ً مريم بفستانها الذي ينافس لون عينيها زرقةً لتتعلق عينا عمار بها بفتنه ثم يفيق علي لكزه من مراد ليدرك بأنه تسمر مكانه و لم يتحرك ليجاورها كما يجب أن يفعل !!
تحرك بعدها عمار ناحية مريم التي كانت تكاد تذوب خجلاً و هي تري نظرات عمار المفضوحة أمام الجميع الذين كانوا يحدقون بهما بينما تطلق بعض الفتيات التنهدات الحالمة مما اربكها أكثر و أكثر
_ من اين اتيتِ بكل هذا الحُسن؟!!!
همسة عمار المبهورة حفزت من ثقتها بنفسها لترفع عينيها إليه فيضيف هو متنهداً بإحباط:
_ ليته كان عقد قران .. سامحهم الله علي تعذيبي بهذا الشكل
ضحكت مريم بخجل ممزوج بسعادة التمعت في مقلتيها ليتبادلا بعدها الخواتم وسط تصفيق حار من الحضور ليلثم عمار جبهتها فيما يهمس بقهر:
_ الا يمكن تحويل الليلة لعقد قرآن؟!! ... هذه القبلة لا تكفي...
لكزته مريم بخفه ليضحك قائلاً بفرحه ظهرت جلياً للعيان:
_ لا يهم ، سأعوض نفسي فيما بعد .. يكفيني قربك الان
بارك لهما حسين الذي عانق مريم بشده للحظات قبل أن يصافح عمار قائلاً بتهديد يخفي بين طياته الرجاء:
_ اتمنى ان لا تجعلني اندم يوما ً
تفهم عمار قلق حسين ليقول بوعد:
_ لا تقلق سيدي .. ستكون دائماً في عيني و قلبي
ابتسم له حسين راضياً ليتبعه العاصفة الضاحكة المسماة مجازاً بـمهاب الذي احتضن مريم ليحملها بعدها من خصرها رافعا ً إياها بذراع واحد إلى مستوي رأسه فيما يقول ضاحكاً بسعادة:
_ و اخيراً رأيتك عروساً يا حبة عيني
لتضحك مريم بسعادة وهي تشدد من تمسكها به أمام نظرات عمار الغيورة ، فهو كان الأولى بحملها و عناقها هذا لكن هذه العائلة مازالت تنتقم منه علي الأغلب بما يفعلون !!!
اقتربت بعده نوال التي عانقته بدموعها التي لم تتناسب إطلاقا ً مع ابتسامتها المتسعة ليضحك لها عمار سائلاً بمشاكسه:
_ هل انتى سعيدة ام حزينة يا نوال؟!! .. انا لا استطيع التحديد الان!!!
ضحكت نوال ثم عانقته من جديد مما جعل عينيه تدمع بتأثر و هو يراها تمنحه ما افتقده دائماً فنوال جعلته لم تجعله يشعر للحظه أنه بلا عائله ، بل كانت حوله دائماً تقف في صفه و تناصره قدر ما تستطيع.
و اخيرا ً وقف كريم امام عمار ليصافحه ببرود ثم لثم رأس مريم بحنان ليهمس لها بشيء لم يسمعه عمار الذي أرسل كريم اليه نظره تحذيرية اخيره قبل أن يبتعد و هو ممسكا ً بخصر امرأته و كأنه يوصل إليه رساله أخري فحواها " ممنوع الاقتراب "
_ ماذا همس لكِ؟!!!
سأل عمار مريم بفضول لتضحك قائله برقه:
_ لقد جعلني اعده بأن اذهب اليه أولاً في حالة حدوث أي مشكلة
لوى عمار شفتيه بنزق ليمسك بكفها لاثماً إياها بعشق قبل أن يسحبها معه ليراقصها بنعومة تليق بها .
...........
وقفت رؤى بعد أن تركها كريم ليستقبل أحد أصدقائه فيما كانت تراقب الثنائي الراقص أمامها بابتسامة مشرقة .
تشعر أنها ولدت اليوم من جديد .. كل شيء حولها يخبرها بأن القادم لم يعد فيه مآسي كما كان دائماً ، بل هناك حياه ...
حياه جديده تبدأ أمامها و حياة أخرى تشعر أنها بدأت تنمو في احشائها
اغمضت رؤى عينيها تدعو الله أن يكمل فرحتها الليلة ، فهي اشترت الاختبار لكنها لم تجرؤ علي استخدامه قبل الحفل و أجلت الأمر للمساء بعد انتهاء الحفل.
اخرجها من شرودها ذراع كريم الذي أصبح كقطعه زائدة من جسدها بالتفافه المستمر حول خصرها لتنظر هي إليه حين قال غامزاً:
_ تعالي معي لؤلؤتي
لم تسأله و تحركت معه ناحية الحديقة الخلفية للمنزل ليقول بعدها بمكر محبب الي قلبها:
_ لقد حضرت لكِ مفاجأة لكن أريد المقابل أولاً
نظرت له رؤى بعدم فهم لتسأل بعدها:
_ اي مفاجأة؟!!
رفع إصبعه ليمرره علي وجنتها فيما يكرر:
_ المقابل أولاً
رفعت رؤى كتفيها بغنج ثم قالت:
_ و لما اعطيك مقابل لشيء لا اعلمه ؟!!! ... اخبرني أولاً
حرك كريم رأسه برفض بينما يعض علي شفتيه ثم يكرر دون ملل:
_ المقابل أولاً
ضحكت رؤى برقه لتقترب منه الي ان اختلطت انفاسهما فأغمض هو عينيه منتظراً لتهمس أمام شفتيه في اللحظة الأخيرة بمكر:
_ إذاً لا يوجد مقابل
ثم تركته عائده ليوقفها ذراعه بحزم وهو يضمها إليه ليأخذ بدلاً من المقابل عشراً فيما يقول مشاكساً :
_ انتى امرأة لا تأتي بالأدب بل بالإجبار لهذا سأخذ المقابل كما اريد ولن أخبرك بالمفاجأة الا قبل حدوثها بلحظات
رفعت رؤى كتفيها بعدم اكتراث و هي تتقبل منه كل شيء ثم همست بخفوت لاهث وهى تسند جبينها فوق قلبه كما تحب ان تفعل:
_ انا ايضا ً لدي علي الأغلب مفاجأة لك .. لكن ليس الآن
ضحك كريم سائلا ً بشقاوة:
_ هل تبحثين عن مقابل؟!!!
ضحكت بسعادة أصبحت مرافقة لها طوال بقائها معه لتقول بعدها:
_ لنؤجل تلك المقايضات لوقت آخر و دعنا نعود للحفل الان حتي لا يلاحظ أحد غيابنا
استند كريم بظهره الي أحد الأشجار ليشدد ذراعه حول خصرها أكثر:
_هل تريدين العودة للحفل؟!!!
اومأت رؤى برقه ليقترب بوجهه من جديد قائلاً بضحك:
_ اعطيني المقابل حتي اتركك
ضحكت رؤى فيما تسأل بخجل:
_ ألم تكتفي؟!!
_ انا لا اكتفي منكِ أبداً لؤلؤتي لهذا لا تعتمدي علي ذلك الأمر
اقتربت رؤى منه لتفيض عليه بما أراد و أكثر ليهمس لها بين شفتيها:
_ اعشقك لؤلؤتي
فتهمس له رؤى في المقابل:
_ و انا اعشقك حبيب قلبي لكن أرجوك هيا نعود الي الحفل
أبعدها كريم علي مضض ثم بدأ يمسح شفتيها التي تلطخت بسببه فيما يقول ضاحكاً:
_ هناك مقابل اخر فور أن تعلمي بما حضرته لكِ
ضحكت رؤى ثم بدأت بدفعه أمامها حتي يعودان من جديد قبل أن يلاحظ أحد ما يحدث فلا تسلم من التعليقات الوقحة التي يصبغونها عليها بلا حياء
.............................
احتل وجه سحر ابتسامه واسعه وهى تفتح المحل بعد أن قامت ببعض التوسعات به بمالها الخاص لتصبح شريكه رسميه لمعجزه و ليس فقط بالمجهود بينما كانت سهام تقفز حولها بسعادة غامرة فيما تقول:
_ لقد أصبحت ِ من أصحاب رؤوس الأموال اختي
ضحكت سحر بخفر ثم دخلت بينما تقول:
_ ادعى لمعجزه لولاها لما قمنا بافتتاح المكان ابداً .. أتعلمين لقد رأيتها الاسبوع الماضي و كانت تبدو متعبه للغاية ، اعتقد أنها أصبحت علي وشك الولادة .
ابتسمت سهام ثم قالت بحماس:
_ ربنا يديم عليها فرحتها ، و الان كيف سنحتفل بهذه المناسبة أو بالأحرى المناسبتين ؟!!!
فهمت سحر مقصد أختها فهي منذ فتره ليست ببعيده أجرت اول عمليه و بإذن الله ستكون الاخيرة فقالت مبتسمة :
_ لقد احتفلنا و انتهى الأمر سهام أما اليوم فسنبقي لنهاية اليوم في المحل لذلك لا اعتقد اننا سنفعل أي شيء مميز
قطبت سهام بعدم رضا لتدخل بعد عدة دقائق آيات فيما تقول ببشاشة ملازمة لها :
_ صباح الخير علي اهل الخير... هل افتقدني أحد هنا ام احفظ ماء وجهي و اذهب في صمت؟!!
شاكستها سهام ضاحكه:
_ لن اكذب و اقول اني اشتقت اليك ِ خاصةً و انكِ كنتِ معي بالأمس فقط
اصطنعت آيات العبوس فيما تعقب:
_ سيئة الطباع
بعدها بدأت آيات تساعدهن في ترتيب بعض الاغراض رغم رفض سحر ليرن هاتفها بعدها فتجيب وهي تنظر الى سحر بمكر:
_ مرحباً أخي .. لا انا مع سهام في محل أختها .. حسناً لا تقلق سأنتظرك
ثم أغلقت لتقول بعدها بعفوية مصطنعة:
_ اخي سيمر حتي يقلني الي المنزل
لم تعقب سحر بشيء بينما قالت سهام بمكر مشابه:
_ حفظه الله لكم ، إنه اخ رائع
تمتمت آيات بفخر :
_ انه كذلك بالفعل .. محظوظة من ستحظى به ، أتعلمين لقد عرضت عليه عمتي أكثر من عروس لكنه كان دائماً يقول إنه لن يتزوج الا حين يجد من تألفها روحه و حين يجدها لن يتركها تضيع من بين يديه أبداً .. انتى لا تعلمين كم هو عنيد و صبور .. حين يصمم علي أمراً ما لا يتركه أبداً
كانت سحر تحاول إلهاء نفسها عن ما تحاول آيات أن تسمعها إياه لكن رغماً عنها كانت تشعر بزهو أنثوي لم يساورها من قبل و هي تري عبدالرحمن يعلى من قيمتها ويحارب من أجلها بكل هذا التصميم ، حتي إنه كاد يكون حشر نفسه حشراً الايام الماضية في توسيعات المحل ، لكنه لم يكن منفراً ابداً ، بل كان دافئا ً .. حنوناً ، يلمس القلب .. يتحدث بقوه و حزم لكن عينيه تفيض حناناً و مراعاة .
يُشعرها بأنها ابنته من كثرة ما يهتم براحتها دون أن يفرض وجوده عليها أو يسألها من جديد عن رأيها في طلب الزواج .
اغمضت سحر عينيها ثم سألت نفسها بخفوت
" هل انا مستعده ؟!! ... هل استطيع المجازفة من جديد؟!! .. هل هو حقاً كما يبدو أم أن له وجه آخر يخفيه كما كان عزت؟!!! "
لا .. لا مستحيل أن يكون مثل عزت ، عزت كان يهين اخته أمامها دون خجل أو مراعاه ، أما عبد الرحمن يشهد الجميع له بحسن الخلق و حتي اختيه تعشقنه عشقاً و كأنه فارسهن المغوار .. آه لطالما تمنت أن يكون هناك من يكون فارساً لها في حياتها لكنها عاشت حياه تأكدت فيها أن عليها أن تكون هي فيها الفارس و المنقذ و الحامي لنفسها حيث لا مكان لهم في هذا الواقع بل هناك ذئاب .. ذئاب تغدر و تنهش حتي في أقرب الناس لها .
والان بعد أن اعتادت استقلاليتها ظهر عبد الرحمن يعيد إليها طيف حلمها القديم دون أن يشعر، ماذا تفعل الان؟!!
هل ترضى بواقعها ام تركض خلف حلمها القديم مجددا ً ؟!!!
_ السلام عليكم
انتشلها صوته الهادئ من حيرتها لتلتفت ترد تحيته بتردد حاولت إخفاءه لتقول آيات بمكر جعل عبد الرحمن ينظر إليها بتأنيب:
_ انتظرني لحظات أخي .. سأذهب للمحل المجاور احضر بعض الاغراض ثم اعود بسرعة
ودون أن تعطيه فرصة للرد كانت تركض للخارج هي و سهام ليقول بعدها معتذراً من سحر التي كانت تقف بملامح خجله مما تفعل اخته:
_ اعتذر منكِ علي ما تفعله آيات .. هي مندفعة بعض الشيء و عقلها صغير لكن لا تقلقِ لن اسمح لها بالضغط عليكِ مجدداً .
تحرك بعدها نحو الخارج فيما يقول:
_ سأنتظرها في الخارج حتي تعود
_انتظر ..
همستها سحر بخفوت لينظر لها عبد الرحمن مستفهماً فاستطردت بخجل:
_ تفضل أجلس .. تستطيع انتظارها هنا ، كما أني لست متضايقة منها علي الاطلاق، انا اعتبرها مثل سهام بالضبط لذلك لا داعي لتوبيخها كما تنوى .
لم يجلس عبدالرحمن كما طلبت منه بل تحرك ناحيتها فيما يقول مبتسماً:
_ انا أيضا ً أعتبر سهام أختي الصغيرة و بإذن الله سأراعيها هي أيضاً وسط اخوتي و لن افرقها عنهن أبداً .
شتت سحر نظراتها بعيدا عنه وهي تفطن لحديثه الذي كان يحمل وعداً خجول بين طياته كما كان يحمل لهجة اليقين بأن مصيرهم لبعضهما في النهاية
_ هل هناك أمرا ً جديد؟!!
سألها عبدالرحمن بترقب فنظرت له باستفهام ليوضح قائلا ً:
_ عينيكِ تنظر بطريقة جديدة ، في البداية كنتِ تنظرين إلّي بيقين و كأنك تطلبين مني بحزم أن أبتعد و انسي طلبي لكن الان اري في عينيك ِ تردد خجول ، تساؤلات تبحثين لها عن إجابة ، وكأنك توصلتِ لقرار و تريدين مني أن اطمئنك و أخبرك بأنك لن تندمين !!!
توسعت عيناها بتفاجئ بسيط .. نصف كلامه حقيقة لكن النصف الاخـ......
قاطع أفكارها من جديد قائلاً بوعد:
_ أقسم بالله لن تندمين ، انا لست مثله كما تخبرك شكوكك وإن كنت مثله كنت ابتعدت منذ زمن لكني ما زلت هنا أطالب بمكان صغير في قلبك ، مكان صغير سأجعله واحةً خضراء التجئ إليها في نهاية كل يوم تمتص تعبي و حملي ، كما سأهديكِ قلبي بأكمله تزرعين فيه ما شئت ِ .
نظرت له سحر بتردد و قد بدأ ينسف شكوكها ببطيء فأكمل هو ضاحكاً:
_ تزوجيني و دعينا نختبر نجاح العملية التي قمتِ بإجرائها منذ فتره علي الأقل
شهقت سحر بخجل و توردت وجنتيها من وقاحته المفاجئة لينهي هو حديثه قائلاً برزانه مخالفه تماماً لما قاله منذ لحظات:
_ انا وضعت أمامك كل أسباب القبول لذلك لن استطيع ان آتي بعرضي مجددا ً .. أحتاج إلى إجابة الآن و صدقيني إن كانت لا لن اعترض طريقك من جديد لكن سيظل بابي بانتظارك إن احتجتِ لوجودي .
ظلت سحر صامته لا تقوي علي الرفض أو القبول!!!
انه يخبرها بكل صراحه أن هذه فرصتها الأخيرة معه ولن يكرر عرضه من جديد إن رفضت
ماذا تفعل الآن؟!!!
هل تتركه يرحل فيجد نفسه مع غيرها ام تتمسك ببقعة الضوء الصغيرة التي يعرضها عليها فتنير بها ظُلمة حياتها ؟!!!!
لأول مره تقع في هذه الحيرة لأنها دائماً كانت مصيره و لم تكن أبداً مخيره كما الان لذلك رعبها اكبر!!!!
لا ... ستجازف معه لمره اخيره دون أن تتخلي عن واقعها بأي شكل .. ستقبل لكن إن كان يريدها حقاً سيوافق علي شرطها الأهم .. ستكمل عملها و لن تتركه أبداً بعد الزواج ، فعملها هو ضمانتها الوحيدة في هذه الحياة إذا حدث و خذلها هو الآخر.
فهم عبدالرحمن صمتها خطأً فتلون وجهه بالإحراج و الحزن ليهمس بخفوت هادئ :
_ فهمت .. و كما وعدتك سأظل خلفك أن احتجتِ في اي وقت
تحرك بعدها ناوياً الرحيل بلا رجعه ليوقفه صوتها الخافت:
_ عبدالرحمن .. انتظر!!!
تسمرت قدماه في الارض وهو يسمع منها اسمه مجرداً لأول مره ثم التفت إليها دون أن ينطق بحرف لتهز هي رأسها بالموافقة فيلتمع الامل بمقلتيه ليسألها بتحشرج:
_ هل وافقتِ علي زواجنا؟!!!!
اومأت له من جديد فأبتسم بسعادة غامرة ليقول بعدها بسرعة:
_ سأذهب لأحضر المأذون في الحال
_انتظر عبدالرحمن
قالتها من جديد بصوت خجول ليقول هو بينما يحارب نفسه كي لا يقترب منها:
_ إسمي عبده و زواجنا الخميس القادم حتي اضمن أن لا تتراجعي من جديد
شهقت سحر حين انطلقت زغاريد سهام و آيات بلا خجل أمام المحل ليضحك عبدالرحمن مقترباً منهن فيما يقول بتأنيب:
_ هل كنتن تسترقن السمع يا مشاكسات؟!!
لكنهن كانتا في وادٍ اخر حيث تعلقت آيات برقبته وهي تهتف بسعادة كما ركضت سهام لتعانق سحر التي كانت تنظر لما يحدث بذهول وقلب يتراقص بأمل جديد يداعبه لتلتقي عينيها بعينيه فيغمزها محركاً شفتيه دون صوت
" أحبك "
فتلتمع عينيها بدموع لم تسمح لها بالهطول بينما تهز رأسها له دون أن تدري علي ماذا توافق بالضبط!!!!
.............................
دخلت رؤى الي غرفتها قبل انتهاء الحفل بدقائق بعد أن غلبها حماسها لإجراء اختبار الحمل فاستغلت انشغال كريم عنها ثم أخرجت الاختبار حيث خبئته بينما قلبها يصدر ضجيجا ً من الحماس و الخوف!!!
بعد فتره قصيره كانت تجلس بينما جسدها كله يرتجف فيما كانت عيناها تلمعان كألف نجم في السماء .. رباه لطالما حلمت بهذه اللحظة !!!
الان ستعطي طفلها كل ما تمنت و افتقدت ، لن تتركه للحظه واحدة بعيدا عن عينيها!!
من قال ان فاقد الشيء لا يعطيه؟!!!
بل يعطيه !! .. يعطيه و ببذخ أيضاً
تعالت ضحكاتها بسعادة وهي تحتضن اختبار الحمل بجنون دون أن تفطن لأنها تأخرت الا بعد أن سمعت طرقات كريم علي الباب مع هتافه القلق لتخبئ " غنيمتها " ثم مسحت دموعها بسرعة و خرجت له أمام نظراته المستغربة ليسألها بقلق:
_ ماذا بكِ حبيبتي؟!! ... انا هنا منذ عدة دقائق و انتى بالداخل ولا يصدر لكِ صوت!!!
نظرت له رؤى بابتسامة مشرقه جلبت ابتسامه أكثر اشراقاً لشفتيه ليسألها من جديد:
_ ما هذا الصمت؟!! .. قولي شيء
دمعت عيناها مجدداً دون أن تختفي ابتسامتها للحظه ثم قالت:
_ أحبك
نظر لها بعشق ليردد خلفها ضاحكاً:
_ أحبك أكثر ، لكن ماذا بكِ؟!!
هتفت رؤى كالمجنونة وهي تتعلق بعنقه:
_ أحبك .. أحبك.. احبك كثيرا .. كثييييييييييييييراً
ضحك كريم علي جنونها لتلتف يده حول خصرها فيما يرفعها لمستواه قائلاً بمشاكسه:
_ هل فعلتِ شيئاً وتبحثين عن طريقه لتفادي العقاب ام ماذا؟!! .. انا لست مطمئناً لكِ !!!
تعالت ضحكات رؤى أكثر لتهمس له بعد أن ابتعدت حتي تري عينيه:
_ انا حامل
ارتفاع حاجبيه بصدمه كان الدليل الوحيد علي استماعه لها ليسأل بعدها بتعثر متتالي احمق:
_ كيـ..ـف؟!! ....مـ..ـتي؟!! .... حقاً؟!! .. الآن؟!!
اتسعت ابتسامتها لتنقلب الي ضحكه عالية حين حملها من خصرها مجدداً ليدور بها حول نفسه بينما يهتف بسعادة:
_ لؤلؤه أخري .. ستهديني لؤلؤه أخري
و في لحظه انقلبت سعادته لقلق بالغ حيث انزلها بسرعة فيما يقول بجزع مضحك:
_ لا .. لا داعي للغباء الان ، ارتاحي حبيبتي و لا تتحركِ
نظرت له رؤى بعشق ممتزج بضحكاتها التي لا تنتهي حين وضعها فوق الفراش ببطيء لتقول بعدها بينما تحاول النهوض:
_ يجب أن أخبر نوال
أعادها من جديد للفراش فيما يقول بحزم:
_ انتظري سأناديها إليكِ لكن لا تتحركِ انتى
ضحكت رؤى فيما تقول:
_ لا تبالغ الان .. لقد كنا نرقص معاً منذ قليل و لم يحدث لي شيء
تحرك لينادي نوال بينما يجيبها:
_ و مع ذلك الحذر واجب
هزت رؤى رأسها بيأس لتجد فجأة جميع سكان المنزل بغرفتها بعد أن قام كريم بمناداة الجميع ثم هتف مره واحده أمام نظراتهم المستغربة:
_ رؤى حاااامل
شهقت مريم بسعادة بينما انطلقت خطوات نوال إليها لتعانقها دون أن تسيطر على دموعها التي تدفقت وهي تري ابنتها أخيرا ً و هي تلمس السعادة بيديها ، أما حسين فقد عانق كريم مباركاً له بسعادة بالغة ثم عانق رؤى أيضاً فيما يقول لها بخفوت:
_ منذ أول يوم رأيتك فيه و انا اشعر ان مكانك في بيتي
ضحكت له رؤى بتأثر بالغ لتقول مريم مازحه وهي تتصنع الغيرة:
_ هل تحاولين سرقة الاضواء مني يوم خطبتي؟!!!
ضحكت رؤى وهي تتلقي عناق مريم أيضاً ليخرج الجميع بعد دقائق طويلة تاركين وراءهم كريم الذي جلس أمامها قائلاً بحنان:
_ احبك
احتضنت رؤى وجنته بينما تبتسم بسعادة ثم سألت فجأة:
_ ألم تقل انك حضرت لي مفاجأة منذ قليل؟!!! .. هيا أخبرني
ضرب كريم علي جبهته هاتفا ً:
_ تباً .. لقد نسيت تماماً
ثم نظر إلي بطنها المسطحة ليقول بعدها بقلق:
_ لكن لا اعلم إن كان الأمر مناسبا ً لكِ الآن!!!!
_ أخبرني
هتفت بها رؤى بحنق ليقول كريم بإحباط:
_ لقد جهزت لكِ رحلة شهر عسل جديدة لكن لا اعلم إن كنتِ تستطيعين الذهاب الآن ام ...
قاطعته رؤى بغضب:
_ انا اريد الذهاب و لا تقلق انا مجرد امرأه حامل ، لست أعاني من اي مرض يمنعني من الذهاب لرحله معك
_لكن رؤى...
قالها بصوت متوتر لتقاطعه من جديد بحزم:
_ سنذهب كريم .. دعنا نرفه عن نفسنا قليلاً كما أن طفلنا سيكون معنا أيضاً.. أليس هذا رائع؟!!
اومأ كريم بغير اقتناع لتسأله بحماس:
_ متي موعد الرحلة؟!!!
_ غداً الساعة العاشرة صباحاً
ابتسمت رؤى قائله بفرحه بينما تصفق بحماس:
_ ممتاز .. ستكون اجمل رحله قضيتها في عمري كله
عانقها كريم مجدداً فيما يقول:
_ بل ستكون الأجمل لي علي الاطلاق لؤلؤتي
لفت ذراعيها حول عنقه بينما تقول بتأثر:
_ اشعر الآن أني أكثر نساء الأرض حظاً لأني وجدتك
ضمها إليه يتنفس عبيرها ليهمس بخفوت:
_ فتاه تشبه القمر في سحرها .. الشمس في ضيها ، بعيون لؤلؤيه و ضحكه فاتنه ، دافئة ، ناعمه ، هشة و في قمة القوه .. هشمت قوقعتي التي سلبت النور من حياتي و اهدتني بدلاً منها بيتاً يدخله الضوء من كل جانب و من كل عقلك تقولين انكِ انتى المحظوظة هنا؟!!! .. إن كنتِ انتى محظوظة فأنا اذاً ملك الحظ السعيد
ربت علي بطنها لمره اخيره بحنان ثم رفع رأسه بعينين تفيض عشقاً فيما يقول:
_انا ملك اللآلئ
.................................
نظرت له فيما تقول بذهول:
_ حقاً ؟!! ... اول موعد معك بعد خطبتنا تجلبني الي المقابر؟!!!
ضحك عمار بخفه ثم التفت لها قائلاً:
_ انزلي من السيارة أولاً وبعدها نتحدث
هزت رأسها بيأس منه ثم نزلت كما طلب لتجد يده بانتظار يدها ليتحركا معاً في هذا المكان الذي أصابها بالوحشة والخوف لتقول بخفوت يشع قلقاً:
_ هل وجودنا هنا الان ضروري؟!!!
شدد عمار علي كفها بين يديه ليجيبها بهدوء:
_ فقط خمس دقائق و سنذهب .. لا تخافي حبيبتي
ابتلعت مريم اعتراضها ليدخل بها الي مدفن عائلته قائلاً بملامح صافيه:
_ اردت حضورك الي هنا لأقدمك الي عائلتي
التفت إليها ليمد ذراعه إليها فتمسكت به لتجاوره فيما يستطرد وهو ينظر لمقابر عائلته:
_ في هذا المكان قتلت عمار و أحييت بدلاً منه شيطان لا يعرف للرحمة معني .. الي هنا كنت آتي لزيارة جثمان عائلتي و روحي القديمة ، هنا بليت بانتقامي و قتلت انسانيتي التي كانت تغافلني في بعض الأحيان وتعود لتظهر علي السطح ، في كل مره تسربت فيها أي مشاعر للرحمة أو المغفرة كنت اعود إلي هنا
التفت برأسه إليها ليتطلع في عينيها المتأثرين بما يقول ليحتضن وجنتيها قائلاً:
_ هنا كانت بؤرتي السوداء التي نسفها ضيائك ، دخلتي دون أن تدخلي و وجدتي عمار القديم و نفضتي عنه غبار الإثم و الكراهية بلمسه واحدة منكِ ، ثم عدتِ و وضعتيه أمامي كمرآه رأيت فيها ما كنت و ما أصبحت لتزرعيه من جديد بين جنبات قلبي فيسري طهر روح صبي في الثالثة عشر في اوردتي التي سممها البغض و الهم .
أسند جبهته فوق جبهتها ثم أضاف:
_ كل هذا بلمسه واحدة منكِ .. فتاه تقف باكيه بجوار الباب سلبت قلبي من اول لمحه ، رفعتِ عينيكِ البريئتين تنظرين إلّي بخوف و فضول لتطالعني في عينيك ِ صورتي المثقلة بالذنوب فأقف عاجزاً هل أهرب منكِ بعد أن رأيت حقيقتي عاريه دون أي تزيين في عينيكِ ام أهرب إليكِ ، الي نقائك الذي لم تلطخه الحياة بعد؟!!!
دمعت عيناها بتأثر لتهمس له ضاحكه بخفوت:
_ انت تضيف إلّي لمحه ملائكيه لا اعتقد انني املكها من الأساس .. انا فقط مجرد فتاة تحبك
نفي برأسه مشدداً على كل حرف:
_ ابداً لستِ مجرد فتاة ، انتى جنتي ، جنتي التي نُفيت منها في صغري و عشت هائماً و انا ابحث عنها حتى التقيتها بين يديك صدفه .. انتى دنياي مريم ، بوجودك يصبح كل شيء مثالي و تستوي الحياه في نظري ، انتى قطعتي الناقصة التي كملت روحي لتهبني الحياة .
مال ليقبل زاوية ثغرها فيما يهمس بعشق:
_ بل انتى الحياة
حاول تقبيلها لتبتعد عنه هامسه اسمه بعتاب فيتركها علي مضض فيما يقول:
_ لم يكن سيخسر اباكِ شيئاً ان كان عقد قراننا بدل هذه الخطبة التي لا تروى الظمأ
ضحكت مريم برقه ثم قالت:
_ انا كنت يائسة تماماً من موافقته لذلك انا ممتنه بما وصلنا إليه الي الان
قبل كفها بعاطفة ليهمس في المقابل:
_ و أنا أيضاً ممتن لموافقته و لوجودك في حياتي.
أمسك بها ليتحركا معاً كفاً في كف نحو الخارج بعد أن نفث عمار آخر سمومه بعيدا ً عن روحه التي انارها بقاء حبيبته جواره .. اميره صغيره تملك من أمره ما لا يملك أحدا ً و سيحرص دائماً علي بقائها حوله تحميه بفطرتها النقية من كل ظلمات نفسه ..

_ تمت _

اتمنى تكون عجبتكم الرواية و متشكرة جدا لكل واحدة اخدت من وقتها و تابعت معايا 😘😘😘😘😘










🎉 لقد انتهيت من قراءة بقعة ضوء للكاتبة "هاجر حليم" مكتملة 🎉
بقعة ضوء للكاتبة "هاجر حليم"  مكتملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن