🌺الفصل الرابع عشر🌺

533 26 0
                                    



الفصل الرابع عشر:


ظل كريم يتأمل في ملامح رؤى الساكنة بعد ان غفت ثم ابتسم وهو يسترجع احداث الليلة بالكامل فبعد أن انتهى الحفل صعدا الي جناحهم الخاص بالفندق لتظل رؤي واقفه مكانها بتوتر شديد ليبادرها هو قائلاً بهدوء فيما يحاول بث الطمأنينة في نفسها:
_ بإمكانك تبديل ملابسك في دورة المياه...فغالبا هذا الثوب قد أثار ضيقك رغم تصميمه الرائع
على الفور هزت رؤى رأسها مستحسنه الفكرة لتتحرك بسرعه عابثه في حقيبةٍ ما ثم توجهت إلى دورة المياه فتختفي فيها لأكثر من نصف ساعة حتى أوشك على طرق الباب للاطمئنان عليها لكنها ظهرت أخيرا فيما ترتدي منامه قطنيه تحمل رسومات الاطفال مما جعله يكتم ضحكته على هيئتها الأقرب لهيئة طفله ثم صعد بعينيه ليجدها قد وضعت حجابها أيضا ً على رأسها و إن كان بإهمال بعض الشيء حتي تهدلت بعض خصلات شعرها الاسود على جانب رأسها بينما تبدو عينيها حمراء بعض الشيء!!!!
هل كانت تبكي؟!!!!
قال محاولاً أن يجعلها تألف وجوده حولها لتطمأن حتى يستطيع أن يفهم منها ما حل عليها:
_ لا أرى داعي للحجاب...ستكتمين انفاسك دون سبب...كما اننى أصبحت زوجك وبإمكانك الجلوس معي دون حجاب.
هزت رؤى رأسها دون معني فقال من جديد بينما يتحرك باتجاه طاولة الطعام:
_انا جائع...إن كنتِ أنتِ أيضا ً جائعه لن امانع المشاركة.
تحركت رؤي لتجلس أمامه فقال بصراحة:
_انا لا افضل التوتر في التعامل...اهدأى أولاً ثم اخبريني ما الذي ابكاكِ من جديد ويوم زفافك أيضا ً ؟!!!
أمسكت رؤي بكأس الماء لترتشف منه بتوتر ثم قالت بإيجاز وهي تتلاعب به:
_ليس بي شيء...انا فقط لست معتادة على وضعنا الجديد
_هل ضايقتك تلك المرأة بشيء؟!!!...ماذا قالت لكِ؟!!!
لم تتظاهر رؤي بعدم الفهم لتجيبه بعد لحظات بينما تضغط أصابعها على الكأس دون أن تشعر:
_لم تقل شيئاً جديداً....فقط تمنت لي الا اتحول لنسخه جديده من أمي
اومأ كريم دون أن يجد ما يواسيه بها فتكلمت هي من جديد وقد هدأ توترها بعض الشيء:
_انا حقا مجهده للغاية و اريد ان انام حتي أكتفي.
ابتسم لها كريم بينما لم يستطع منع فضوله حين سألها:
_رؤى...كيف ادخلتِ تلك المنامة الى الغرفة في حضور الجميع؟!!!
احمر وجهها بعض الشيء لتقول بعيونها المرهقة:
_خبأتها في حقيبتي الخاصة دون أن يراني أحد
فضحك كريم بخفه لتبادله هي الضحك بعد لحظات ثم تحركت نحو الفراش مستسلمة لنومها بعد أن هدها التعب طوال الأيام الماضية فتركها كريم لبعض الوقت ثم تحرك واقفاً أمامها وبدأ بإزالة الحجاب الذي تدحرج اكثر للخلف فلم يعد له اهميه ليظهر له شعرها الاسود الذي يتعدى كتفيها بقليل ثم تحرك بعدها متخذاً مكانه في الفراش بسلاسة وكأنه مكانه المعتاد بجوارها وها قد مر اكثر من ساعتين وهو يتأمل ملامح وجهها عن قرب بعد أن ازال استرخاء النوم كل تفاعلات وجهها لتظهر أمامه أخيرا ً بوجهها الاخير...وجه لفتاه قد تعدت الخامسة والعشرين لكنها مازالت تحمل روح طفله تبحث عن النور في داخلها وسط كل تلك الظلمة التي تحيط بها...طفله اختارته هو ليكون مرشدها في ظلمتها دون أن تدري بتخبطه هو أيضاً في ظلامه الخاص!!!
تري كيف ستكون نهاية حكايته معها؟!!!
أوشك كريم على الاغفاء حين شعر بذبذبات غريبه ليجد وجه رؤي الذي كان مثالاً للبراءة منذ قليل متغصناً بألم شديد بينما تتسارع أنفاسها بحده وكأنها علي وشك الاختناق...اقترب كريم منها محاولا ايقاظها لتظهر همهمتها في أذنه فيما تهمس بألم:
" ارجوك...ابتعد...امي....لا تفعل....لا...امي....لا تلمسني"
حاول كريم ايقاظها لكنها بدت كالمحبوسة بين جدران عقلها الباطن ترفض الخروج من كابوسها اللعين فعاود كريم هزها حتي فتحت عيونها مره واحده لتجد وجه قريبا للغاية من وجهها فصرخت برعب وعقلها لم يستوعب بعد عودتها للواقع فهتف فيها كريم:
_اصمتِ...لماذا تصرخين الان؟!!!
ظلت رؤى تنظر له وقد أدركت بأنها تسببت لنفسها بفضيحة أبديه بسبب كوابيسها المعتادة فقالت بينما تنهض قليلا لتجلس :
_ لقد رأيت كابوس
جلس كريم بجوارها ليرد ساخراً:
_حقاً؟!!!....وانا من اعتقدت أنها رؤية؟!!!!
ضايقتها سخريته لتنهض من علي الفراش قاصده دورة المياه ثم عادت بعد لحظات وعبثت من جديد في خزينة الملابس ثم اخرجت عباءة ما و ارتدتها علي عجل ثم بدأت تصلي فيما ظل كريم يراقبها مستغربا ً ما يحدث إلي أن انتهت فقال متعجباً :
_ما الذي يحدث بالضبط؟!!!
خلعت رؤى عباءتها ثم عادت تجلس بجواره بينما تقول:
_لا شيء... لقد علمتني نوال أن أصلي ركعتين حين تهاجمني الاحلام المزعجة حتي تهدأ نفسي واطمأن.
فسألها كريم باهتزاز وهو يري طريقاً جديد من الممكن أن يسلكه حتي يتخلص هو الآخر من كوابيسه:
_ وهل يجدي الامر نفعاً؟!!!...هل تبعد عنك الكوابيس؟!!!
هزت رؤى رأسها نفياً ثم قالت بعدها:
_لا... لكنها تبدد آثارها عني
اومأ كريم متفهماً ليسأل بعدها وقد طار النوم من عينه:
_ماذا ترين في كوابيسك؟!!!
وضعت رؤي رأسها فوق الوسادة فيما تقول:
_ لا شيء مهم..... تصبح على خير
بالمقابل وضع كريم رأسه علي وسادته متفهما عدم رغبتها في الإفصاح ليذهب هو الآخر في سبات عميق بعد أن هده التعب طوال هذا اليوم.
............................................
بعد يومين
تجلس على اريكتها المفضلة في الحديقة بينما تمسك هاتفها و كأنها لن تسمعه اذا رن فيما كان عقلها مشتت للغاية….حتي انها لم تذهب الي الشركة اليوم ...لا تفهم ما حل به لكنها لم تجرؤ على الاتصال به أو ارسال رساله خاصه اليه.
ببساطه هي تخافه وفي نفس الوقت تشعر بالانجذاب نحوه!!!!
هو اختفي الفترة الماضية لكنه لم يختفي كلياً من حياتها ، فمازالت رسالته المسائية تصلها يوميا ً
"تصبحين على خير فراشتي الذهبية"
فقط!!!...لا شيء آخر بعد أن اعتادت على رسائله و اتصالاته.
تعلم انها حمقاء وغبيه لأنها سمحت لنفسها أن تنجرف تماما مع تياره لكنها لم تفهم بعد هل حقاً أحبته؟!!!...ام انها افتقدت تلك الفرحة التي كانت تشعر بها عندما يتصل بها ويبدي لهفته ناحيتها؟!!
وقفت مريم بعدها فيما تقول لنفسها بعصبية:
_لقد زاد هذا الأمر عن حده....انا لا أعرفه جيداً من الأساس حتي أتأثر بغيابه هكذا... فليذهب حيث يريد
جاءها صوت نوال التي استمعت لجملتها الأخيرة بالصدفة:
_ماذا بكِ ابنتي؟!!!...هل هناك مشكلة؟!!!..
التفتت لها مريم متفاجئة لتجيبها بعدها مبتسمه برقه:
_ لا....لا يوجد شيء
بادلتها نوال الابتسامة لتقول بحنان لمس قلب مريم:
_اذا اردتِ يوماً الحديث ستجديني بانتظارك.
تمتمت مريم من جديد:
_شكراً لكِ
ليصدر هاتفها نغمته معلناً عن وصول رسالة جديدة لها فانسحبت نوال بتفهم لتفتح مريم الرسالة بلهفة معاكسة تماماً لما كانت تردده منذ لحظات
" سأتصل بكِ الآن...اتمني أن تجيبِ هذه المرة...انا حقاً بحاجة ماسة إلى سماع صوتك"
وما أن قرأت الرسالة حتي أضاء هاتفها باسمه لتتردد قليلا ثم تستقبل بعدها المكالمة فأتاها صوته الاجش:
_كنتِ ستجرحينني حقاً إن لم تجيبي هذه المرة
لم تعرف مريم بماذا عليها أن تجيبه فصمتت قليلاً حتى جاءها صوته من جديد متنهدا بتعب:
_مريم....الن تقولي شيء؟!!!...انا اعلم انكِ متوترة من وجودي حولك بكل هذه السرعة لكن صدقيني انا لست بأفضل حال منكِ...انا ايضا ً اشعر بتلك القوة التي تجذبنا لبعضنا البعض.
لم تستطيع مريم أن تجيب بأي جمله فقال من جديد:
_دعينا نبدأ من جديد...سنكون اصدقاء أولاً حتي تطمأنِ من ناحيتي وتأخذي كل وقتك في التعرف علّي...
صمت قليلاً ثم استطرد بعدها:
_ بالمناسبة اليوم سيفتتح أحد معارفي احدي معارضة الجديدة وسيعرض بعض أعماله الأخيرة بها.....ما رأيك هل تأتين معي؟!!!
تسارعت نبضات قلبها لينطق لسانها دون أن تشعر:
_حسنا....
اتسعت ابتسامة عمار علي الاتجاه الآخر ليهتف بسعادة:
_ اعدك بأن لا يعرف الندم طريقاً إليكِ فراشتي...سأرسل إليكِ العنوان في الحال .
وفي تمام السابعة مساءاً خرجت مريم لموعدها الأول معه بقلب متلهف لتجربة جديده...ارتدت فستانها المفضل ذو اللون الاحمر ثم أطلقت شعرها بعد أن جعدته قليلا فبدت بنظر نفسها اكثر نضجاً وجمالاً.
وقف عمار منتظراً إياها أمام المعرض لتظهر اخيرا سيارتها الصغيرة التي تبدو كعلبة ثقاب ملونه بالنسبة له ثم نزلت لتجده واقفاً أمامها يتأملها بابتسامته المميزة التي جعلتها ترتبك لتشتت نظرها بعيدا عنه فتحرك هو باتجاهها ليمسك يدها مقبلا ً إياها فيما يقول بصوت اجش:
_ لم ارى يوماً من تفوقكِ حُسناً
توردت وجنتيها لتحاول سحب يدها من يده فيأبي هو ثم يقول:
_ اليوم انتى مدللتي....وسأظل ممسكاً بكِ الي نهاية السهرة حتي لا تهربين مني
وبالفعل دخل عمار ممسكا بيدها ثم تحركا سوياً يشاهدان اللوحات المعروضة وقد نجح عمار بإزالة توترها بمزاحه معها ثم لاحظت بعدها أنه يتلكئ أمام كل لوحه تحتوي على اللون الرمادي وكأنه يشاور نفسه هل يشتريها ام لا!!!!!
فقالت بحيرة حقيقية:
_فقط أتمنى أن أفهم سر حبك للون الرمادي، أنا تقريبا لم أرك ترتدي لونا آخر
أمسك بها ليقفا أمام اللوحة التي يغلب عليها اللون الرمادي ثم قال بهدوء بينهما يشير إليها:
_الرمادي هو المنطقة الآمنة، هو الوسطية، هو ما يظل على حاله مهما تطرف حوله الأبيض والأسود، وأنا ببساطة أكره التطرف لأني لست أبيض مثلك ولست بكل هذا السواد.. انا الرمادي.. أنا هما معا...
مثل الحياة، يومي يمتزج بين الأبيض والأسود فيخلق لي تلك المنطقة التي تشعرني بأني بخير،
باختصار أنا احب الرمادي لأنه يشبهني.
ابتسمت بعدها لتعقب:
_فلسفه غريبه بعض الشيء... فأنا بالنسبة لي أراه لون الرتابة والروتين...لون ال....
فيقاطعها مكملا:
_ لون الأمان...لون لحياه هادئة تمنيتها يوماً ولم اصل اليها أبداً...لون هادئ قد ترينه لا يعبر عن شيء مميز لكنه بالنسبة لي يعبر عن اهم شيء في هذه الدنيا...راحة البال... صدقيني صغيرتي إن وصلتِ يوماً لراحة البال ستكونين اكثر اهل الأرض حظاً وسعادة.
ظلت مريم تحدق في وجهه الغير مقروء بالنسبة لها لتقول بعدها:
_ انا تقريباً لا اعرف شيئاً عن حياتك بينما انت تعلم الكثير عني.
لف عمار يده حول مرفقها ثم خرج معها من المعرض ليركبها سيارته قائلاً بمشاكسه:
_هل بدأت اثير فضولك فراشتي؟!!!
توترت مريم وهي تركب سيارته ليلاحظ هو الأمر فيقول بهدوء:
_ تستطيعين اتباعي بسيارتك
فسألت بتوجس بسيط:
_ الي اين سنذهب؟!!!
تأمل وجهها من جديد بنهم لا ينضب ثم قال بحنان فاجئه هو شخصياً:
_قبل اي شيء اريدك ان تتأكدي من انني مستحيل أن اؤذيكِ بأي شكل من الأشكال...قد اكون أحمق...قد لا اكون ممن يقدرون النعمة في الوقت الصحيح لكنني حقاً اقدرك جداً... انتى نعمتي التي بعثها الله لي وسأحاول قدر المستطاع أن احافظ عليها.
التمعت عينا مريم بطريقة واضحة إليه ثم قالت برقه اهلكته:
_سأذهب معك الان ثم نعود فيما بعد حتي أخذ سيارتي
اتسعت ابتسامته وفي داخله صراع قوى بين شعورين...
أحدهما حب بدأ ينمو بخجل.....
والآخر خوف!!...خوف من فراق محقق...
هو لا يتلاعب بمشاعرها....بل هي التي تكاد تلعب به!!!
كيف يلعب بها وهو يبدو أمامها بكل هذا الضعف؟!!!
ابتسم عمار ساخراً من نفسه وهو يفكر بأنه إذا رآهما احداً ستنتهي قصته معها قبل أن تبدأ!!!
هل انتهي سكان العالم أجمع ليختار قلبه أن ينبض لأخت عدوه!!!!
واجه عمار نفسه بأنه لا يري بكريم عدو حقيقي بل هو يمقته لأنه تسبب بتدمير كل خططه السابقة...بل هو يكاد يشفق عليه بسبب زواجه بتلك الحيه التي تُسمي رؤى!!
_الن تخبرني عن وجهتنا؟!!!
انتزعه صوتها الطفولي النبرات من أفكاره فقال مبتسماً:
_سأصحبك لأجمل مطعم في هذه المدينة....سنتناول عشاءنا فيه ثم نعود بعدها لنأخذ سيارتك .
اومأت مريم مستحسنه الفكرة بينما قلبها يتقافز بين اضلعها بحب بدأ يثبت حضوره وبشده.
.......................................
مضي يومين علي زواجهما ومازالت تتوتر من وجوده حولها رغم أنه لم يتجاوز حدوده معها ولو حتي بالحروف!!!
لكن هي التي مازالت تعاني من مخاوفها بعد أن اكتشف جزء من حياتها حتي لو كان بسيط....اخافها تفهمه ، دعمه، تلك الثقة التي يزرعها بينهما وتنمو دون اي جهد منهما.
تخاف كل هذا لأنها تعلم جيدا أنهما مجرد محطة في حياة بعضهما...فهي ليست غبيه حتي لا تلاحظ ما وراء قشرة السعادة التي يظهرها السيد حسين...أجل هو يدعمها ويحميها لكن في نفس الوقت يضعها في طريق ابنه عسي أن تنسيه حبه القديم ليمضي ابنه قدماً في حياته بعد أن أوقفها طوال السنوات الماضية ، وكريم نفسه يدرك نوايا أبيه جيدا لكنه يفضل التغافل عنها حتي لا تتوتر هي بسبب أبيه وتصرفاته الواضحة للجميع.
لكن اكثر من يرعبها ..هي ...مشاعرها...
مشاعرها تتفاعل بطريقة مختلفة مع كريم...أصبحت تحفظ ردود أفعاله ، إيماءاته، طريقته عندما ينظر إليها متفحصاً بعينيه الضيقتين حينما يتحدث معها عن أمر لا تريد الإفصاح عنه حتي ابتساماته سواء المتهكمة ، الباردة ،الحنونة وحتي العابثة تحفظهم جميعاً عن ظهر قلب تشعر أنها بدأت تتهاوي فيما كانت تهرب منه دائما ً خاصة ً وهى ترى تشابهما في الكثير والكثير من الصفات...حتي الاحلام المزعجة اكتشفت انها عامل مشترك اخر يجمعهما بعد أن ايقظتها همهماته بالأمس من نومها لكنها تظاهرت بالنوم حتي لا تضايقه لأنها تعلم جيدا أن موضوع خطيبته السابقة موضوع شائك ولا يحبذ الحديث عنه.
_ الي اين وصلت ِ بأفكارك؟!!!
نظرت اليه وقد استيقظ أخيرا ً من النوم بعد أن تركته ينعم بغفوه طويله يعوض بها ارق الليل وكوابيسه لتتركه وتنزل الي مطعم الفندق الذي انتقلا اليه لقضاء شهر العسل
_لا شيء مهم...اتابع منظر البحر من بعيد
قالتها وهى تقرب له طبق البطاطس المقرمشة بعد أن جلس معها ليسألها من جديد:
_لما لم توقظيني؟!!!... ثم بالمناسبة لقد نسيتِ هاتفك في الغرفة كالعادة...لا تفعليها من جديد
اخذت رؤي الهاتف من يده لتهتف بطفوليه بعد لحظات:
_هل كنت تعبث بصوري الخاصة؟!!!
وضع بعض اصابع البطاطس بين يديه ثم عاد بظهره للخلف قائلاً بأريحية:
_ انا لم اعبث بشيء....انتى من تركتِ هاتفك مُشغل علي الصور الشخصية...كل ما في الأمر اني شاهدت المعروض امامي فقط... بالمناسبة اللون البني كان يناسب شعرك اكثر من بقية الالوان.
نظرت له رؤى بصدمه لتقول من بين أسنانها:
_انا لا افهم هدوئك المبالغ فيه هذا!!!
فيضحك قائلاً بمشاكسه:
_ وهل سأصارعك ؟!!!....كل ما في الأمر هاتف وبعض الصور
فتقول من جديد بتعجب:
_من يراك الآن لا يصدق انك نفس المدير الذي يوبخ من يقول له صباح الخير!!!
فيرفع حاجبه باستفزاز فيما يقول:
_العمل عمل عزيزتي... بمعنى لا تتوقعي التساهل حينما تخطئين
_لكنك لم تكن تسمح لأحد بإبداء رأيه من الأساس
يرد بنفس الاستفزاز:
_كاذبه...الا تذكرين" الازرق افضل"....لقد ابديتِ رأيك بكل حرية يومها
فتهتف بغضب من منطقة العجيب:
_ولم تأخذ به
فيرد ببساطه:
_ لأني لم اقتنع...انتى ابديتِ رأيك وانا سمعت اقتراحك ولم ينل اعجابي
فتقول رؤي بمكر أعجبه:
_لكن انا المصممة...انا من يفهم بهذا العمل أكثر...انت كنت تدير القسم حتي عودة مهاب
ابتسم لها كريم ابتسامته المغيظة ليقول بقمة الهدوء:
_ها انتى قولتيها ... انا المدير
كادت رؤى أن ترميه بطبق البطاطس الذي أمامها بينما كان يراقب هو ثورتها مستمتعاً...لا يعلم لما يحب إثارة حنقها أحياناً...لا بل يعلم...هو يحب تلك اللمعة التي تظهر في عينيها وقت الخجل والغضب...وهو لن يغازلها حتي يخجلها لهذا اختار الطريق الآخر
ضحك كريم بخفه حينما قالت رؤى بغضب دفين:
_انا سأتمشى علي البحر لبعض الوقت
نهض وهو يتظاهر بأنه لا يفهم ما ترمي إليه ثم قال مبتسماً بجذل:
_هيا
لتتحرك رؤى بحنق واضح وفي داخلها رغبة قوية بضربه علي رأسه المغرور.
تحركا معاً ليجدا مجموعة من الشباب يعزفون بعض الأغاني بينما يجتمع حولهم عدد لا بأس به من الشباب والسياح يرقصون كثنائيات .
كانت رؤى تراقبهم مبتسمة وقد اعجبها لحن الاغنية للغاية بإيقاعها السريع لتأتي همسة كريم المتسائلة:
_هل تجيدين تلك الرقصة؟!!!
اومأت رؤى بفخر مضحك فقال بينما يسحبها لمنطقة الرقص وسط ذهولها :
_بما اننا هنا للاستمتاع اذاً لنفعل....هيا دعيني اختبر مهاراتك.
..................................................
جلست مريم كطفلة صغيره تتعرض للتحقيق بينما تحاوطها كلا من معجزه وساندي بعد أن اجبرنها علي تلك الجلسة التي تمقتها.... ( جلسة الاستجواب)...
تكلمت ساندي اولا وهي تتحرك كمحقق ابله:
_اولاً...ما هو اسمه؟!!!
تصنعت مريم الغباء لتسأل قائله:
_من تقصدين؟!!!
ثم تصرخ متوجعه بعدما قامت معجزه بقرصها فيما تقول بنبره مضحكه:
_اجابه خاطئة!!!
دلكت مريم ذراعها بينما قالت ساندي من جديد:
_لن اعيد السؤال من جديد وهذه المرة ستقرصك معجزه بمكان آخر فأتقي شري وتكلمي
تكلمت مريم وهي تبدو كمن يتعرض للتعذيب في أحد مراكز أمن الدولة:
_عمار زيدان
فتهتف معجزه وكأنها اكتشفت مكان كنز:
_لقد رأيته من قبل مع حسام
_هل يبدو وسيم؟!!
قالتها ساندي بلهفة لتجيبها مريم بإيماءة خجولة بينما قالت معجزه:
_لا بأس به
نظرت لها مريم بطرف عينيها لتسأل ساندي من جديد وهي تتحرك ذاهباً واياباً :
_كيف تعرفتما؟!!!...والي اين وصلت ِ بعلاقتك معه؟!!!!
تكلمت مريم بصوتها الهامس:
_رأيته اول مره بالشركة بالصدفة ثم رأيته من جديد في النادي لأنه يهوي التنس مثلي
فتقول ساندي بحشرية:
_اريني رسائله التي لا تتوقف
فتهب مريم قائله بعصبية:
_ولما اريكِ إياها؟!!!...لا تتدخلِ في خصوصياتي
فتهتف ساندي بنارية:
_ايتها الخائنة!!!!.... الم تكونِ انتى نفس الفتاه التي تلح علّي حتي اريكِ رسائل مهاب لي؟!!!
_ و انتى رفضتي...اذاً لا تحلمي بالأمر حتي!!!
سألتها معجزه بابتسامة مرحة:
_وهل يحبك هو أيضا ً ام إنك ِ الغارقة الوحيدة؟!!!
اصطبغ وجه مريم باللون الاحمر لتقول هامسه برقتها التي تجعل من ساندي ومعجزه رجالاً جوارها:
_ لا اعلم...هو لم يقلها بصراحة....لكن نظراته لي مختلفة ، مميزه...حتي أنه أخبرني بأنني نعمه قد انعم الله عليه بها.
صرخت مريم بألم من جديد حينما قرصتها ساندي هذه المرة بينما تقول بطفولية:
_هكذا ولم يقولها صريحة؟!!!...بحق الله اخر غزل سمعته من اخاكِ المستفز وصفني فيه بابتلاء لا يستطيع الخلاص منه أو الابتعاد عنه.
ضحكت مريم ومعجزة علي تعابير وجه ساندي التي كانت تتأفف بحنق فيما تقول:
_لا...انا أيضاً اريد من هذا...سأقتل مهاب إذا لم يخبرني بجملة غزلية كاملة الليلة.
استغلت مريم هذر ساندي المستمر لتتحرك هاربه منهن الي داخل المنزل لتختبئ وسط أبيها ومهاب فلا يستطعن استجوابها اكثر من هذا!!!
وبعد دقائق خرج مهاب ليجد ساندي تقف أمامه وكأنها تستعد لحرب ثم قالت بعدها بصوت متحفز:
_ مهاب....انا ماذا اكون بالنسبة لك؟!!!
فيجيب ببديهيه:
_زوجتي
فتهتف ساندي مستغله انشغال الجميع في المنزل وبقائهما في الحديقة:
_لا اقصد صفتي...انا أسأل عن شيء آخر
فيسألها هو دون أن يلتقط ذبذبات الحرب التي تعلو بداخلها:
_عن ماذا تتسألين بالضبط؟!!!
فتأففت ساندي لتهتف بعصابيتها الشهيرة:
_هناك اشياء نشعر بها ولا نتكلم عنها...افهم انت بمفردك ماذا اريد
فيضحك مهاب قائلاً بممازحة:
_هذه اغنيه...انا سمعتها من قبل
ليستطرد بعدها بملامح حائره:
_لكني لم افهم المغزى بعد!!!...هل تريدين بعض الدلال كما كانت تتمني المطربة؟!!!
لم تجيب ساندي بشيء ليقترب هو قائلاً بإغواء:
_ما بكِ ساحرتي؟!!!....ماذا تتمنين؟!!
وفي لحظة استطاع ابتلاع ثورتها التي فهم مطالبها ليقول بعدها غامزاً بوقاحة:
_هنا...ام حين نعود إلى منزلنا؟!!!....انا لا يفرق معي المكان كثيراً وانتى تعلمين
ضربته ساندي قائله بغضب أنثوي مصطنع:
_توقف عن وقاحتك
فيضحك فيما يقترب منها قائلاً بهمس مشاكس:
_الليلة سأجلب لك باقة زهور التوليب واقذفها لكِ لتكوني العروس التالية ثم نعيد بعدها فقرة ذكريات ليلة العمر.
فتهمس ساندي وقد خارت قوتها من قربه :
_الليلة؟!!!!
فيهز رأسه ملاعبا ً حاجبيه بمكر فيما يقول بتوعد:
_الليلة يا عمده

.......................................

كان عمار يجلس بوجه لا ينم عن شيء بينما داخله يفور و يشتعل غضباً مما حدث
لقد خسر احدي اهم المناقصات اليوم....
لا يعلم كيف تم الأمر لكنه متأكد من وجود تلاعب!!!!
لقد علم منافسة بسعره المقترح ليضع هو سعراً اعلي بكثير وبالتالي فاز بالمناقصة!!
لكنه لن يهدأ له بال حتي يعثر على من سرب تلك المعلومات ليكبده تلك الخسارة الفادحة
بعد دقائق دخلت نهي مساعدته الجديدة لتقول بصوت عملي:
_سيدي لديك اجتماع بعد ربع ساعة من الآن و بعدها.....
_انسه نهي!!!!!
توقفت الفتاه حينما قاطعها ليقول بعدها بصوت فظ:
_حين أحتاج لمعرفة شيء سأطلبك...انتى تركتِ لي نسخة من برنامج اليوم
همست نهي بإحراج:
_عذرا سيدي....بعد اذنك
بعد مغادرتها ظل عمار يفكر بتلك الكارثة التي وقعت فوق ظهره!!!
لقد كان معتمداً اعتمادا ً كبيراً علي تلك المناقصة حتي يحل بعض مشاكل السيولة النقدية التي تواجهه لكنه الآن مضطر لتغيير بعض الخطط حتي لا يتعرض لأزمة مالية كبيرة اثر ما حدث.
لحظات و رن هاتفه المحمول برقم خاص ليستقبل المكالمة قائلاً برتابة:
_ عمار علام يتحدث
ليصله صوت لم يسمعه قبلاً :
_وانا لا اريد غيره
قطب عمار قائلاً بتوجس:
_و من تكون انت؟!!!!!
فيأتيه ذلك الهسيس المظلم وكأنه سيبتلعه عبر الأثير:
_خسارة اليوم هي البداية فقط....استعد من الان لأن نهايتك قد حانت أخيراً وستكون علي أيدينا.

نهاية الفصل الرابع عشر

قراءه ممتعه 😍😍



بقعة ضوء للكاتبة "هاجر حليم"  مكتملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن