كانت هدى تقود السيارة سريعاً وهي تبكي، تعلم أنه يحبها وأنها تسرعت في الحكم على الأمور، ولكنها لم تعد تستطيع ان تتحمل المزيد، دائماً تشعر أنها تظلمه بارتباطه بها، فهو مثل أي رجل له الحق في أن يكون لديه إبن يحمل اسمه ويرثه، ضغطت على الفرامل بقوة عند عبور أحد المارة الطريق أمامها، صفت السيارة على إحدى الجوانب ووضعت رأسها على عجلة القيادة تبكي وهي تضربها بقوة.
تعالت رنات هاتفها، مدت يدها تناولته من الكرسي المجاور لها، وكان إسم زوجها يضيء شاشته، أغلقت الهاتف و القته بإهمال، إستندت برأسها على المقعد وكانت دموعها تنهمر وهي تنظر أمامها، لفت انتباهها إمرأة تجلس على الرصيف وتحمل طفل صغير، بالطبع هي معتادة ان ترى الكثير من المتسولين والمشردين في الطرق، ولكن ما لفت انتباهها ان تلك المرأة لم تكن كبيرة في السن بل في عمر الشباب، وملابسها التي ترتديها ليست مثل باقي المشردين.
مسحت دموعها وضغطت على عجلة القيادة لتصدر صوتاً عالياً جعلت تلك المرأة تلتفت لها، أشارت لها بيدها لكي تأتي لها، بعد لحظات كانت تقف بجانب النافذة التي بجوارها، تفحصت ملامحها هي والطفل الصغير، كان يشبهها كثيراً، أبيض البشرة وعيونه زرقاء، ويبدو أنه لم يتعدى العام الواحد، رفعت رأسها وهي تسألها بفضول:
هدى: ابنك ده؟.
وردة: أيوة يا ست هانم.
هدى: لفي، واركبي.
وردة: ليه يا ست الكل، انا قاعدة في حالى ومعملتش حاجة، لو قعدتي هنا مضايقة حضرتك امشى خالص.
كانت هدى تنظر لها وهي تتحدث وتفكر في الأمر، يبدو من طريقتها في الكلام إنها ليست إبنة شارع، شعرت أن ورائها أمراً تخفيه، ودفعها الفضول لمعرفة هذا الأمر:
هدى (ببسمة): اركبي متخافيش انا بس عايزة اتكلم معاكي شوية.
وقفت وردة تنظر لها بخوف للحظات، فأومأت لها هدى تطمأنها، شعرت وردة إنها إمرأة طيبة ولن تؤذيها، ركبت بجوارها وبعد مرور بعض الوقت كانت تجلس أمامها في إحدى المطاعم:
هدى: بصراحة لو سألتيني أنا إيه اللى خلاني أجيبك هنا، مش هقدر أجاوبك، مش عارفة ليه حسيت اني عايزة أعرف حكايتك، حاسة انك مش شحاتة وفيكي حاجة غريبة.
وردة (بحزن): أنا فعلاً كدة، بس الظروف هي اللى بتحكم وهي اللى رمتني في الشارع.
تعالى بكاء الطفل وكأنه يشعر بأمه، كانت وردة تهزه بهدوء وهي تبكي حتى تجعله يهدأ، وهدى تتابع الموقف بحب:
هدى: ممكن تديهوني أشيله عنك، وانت اشربي العصير عشان نعرف نتكلم.
كانت وردة تنظر لها باستغراب، فكل ما تفعله هذه السيدة غريب، وبالرغم من ذلك هي تشعر بحنانها، اعطتها الصغير بقلق، وبعد لحظات من حملها له صمت الصغير واستسلم للنوم:
أنت تقرأ
بين العشق والقدر
Romanceمجموعة قصص قصيرة عن خفايا العلاقات الحب ليس دائماً اختيار، بعض الظروف تجمع بعض الأشخاص وتجعل مشاعرهم مضطربة، هل تكفي هذه الظروف لتجمع بين القلوب أم إنها عاطفة تنتهي مع انتهاء الوضع الذي يجمعهم. بين العشق والقدر، رومانسي اجتماعي