2

635 41 2
                                    



ألقَيتُ تحيةَ الصباحِ علىَ رجُلِ المكتبة ، هوَ رجلٌ كَبيرٌ فِي السِن يهتمُ بالمكتبةِ بِرفقةِ أحفادِه الثلاثَ

لَطالما أسنَدني دونَ حاجتي للكلام ، لطالما كشفَ ما أُخفيهِ دونَ مجهودٍ يُذكر ، فكما قالَ لِي في أِحدَ الأيام حِين كُنتُ مُكتئِبً لِكُثرةِ ما مررتُ بِه تِلكَ الفترة :

" لُغَة الأعيُنِ تكفي يابُني فـَـ هيَ كالحُبُ تماماً .. فَـالحُب لِيسَ كلِمةَ ' أُحِبُك ' فقط بل هيَ أفعالٌ تُعبِرُ عَما في قُلوبِنا مِن حُبٍ بِمُجردِ النظرِ لِمن أُصيبَ بِه ، وَ عَيناكَ تُخبِرُني الكثيرَ بِمُجردِ النظرِ إليها ، هُناكَ أُمُورٌ واحزانُ ثقيلة تَودُ الهربَ مِن داخِلك ... أِسمع كلامِ بُنيَ فبياضُ شعري لم يأت عبثَ ، حرر مابِداخِلكَ وَ أطلِق صراحة .. أُصرُخ إن أردت أبكِ بِقدرِ ماتشاء ، إياكَ وتلويثَ نقاءِ وصفاءِ قلبِك .. دعهُ نظيفً يلمع "

حينَ أخبَرني بِذلِكَ لم أبقَ طويلاً بل ركضتُ إلى المنزِل مُختبئً في ملجأِ و مأويَ ، اختبئتُ تحتَ اغطيةِ سريري أبكي بِشدةٍ وكأني لم أبكِ مِن قبل ... إلى أن اخذَ النومُ يُأرجِحُني بينَ ذِراعيهِ ، كَطِفلٍ أنهىَ بُكائهُ تواً على صدرِ أُمه

...

كعادتي أجلِسُ في طرفِ المكتبة بعيدً عن البشر ، فقط أنا وكِتابٌ و قهوةٌ ساخنة

وَلاكن ليسَ هَذِه المرة ...

ظِلٌ إمتدَ يُغطي علىَ ما أقرأُ مِن اسطُر فـ رفعتُ بصري إليه ، رأيتُ فتىً يحمِلُ حقيبةَ ظهرٍ ويحمِلُ بِأحدَ يديهِ مِعطفً ومشروبً مُثلج وبِالاُخرى كِتاب

أِبتسمَ بخِفة قائلاً " هَل يُمكِنُني الجُلوسُ هُنا ، فـ الاماكنُ الأُخرى مُمتلئة "

أومأتُ - بِنوعٍ مِن عَدمِ الاِرتياح - فَلم يلبث طويلاً حَتى جلسَ أمامي بعدَ ان انزلَ حقيبة ظهرة فـ مِعطفه

التزمتُ الصمت مُستأنِف القِراءة إلى ان وصلتُ الى اسطُرٍ جعلت عَينايَ تلمعُ لِجمالِها فـ زفرتُ تنهِيدةَ خفِيفة تُعبِر عن ارتياحِ نوعاً ما

هَل ساعيشُ قِصة كَهذه التي أقرأُها ؟
هُل سَيكونُ هُناك مَن يحتويني بينَ اضلُعِه حينَ أشعُر بالفراغ ؟
هَل هُناكَ شخصٌ قَد يتقبلُني كما أنا ؟ ، هَل سيبقى بِجانبي ؟ ، هَل سيملئ فراغات كفِ يقودُني حينَ اتوه ؟
وكعادتي أنتهي مِن قِراءةِ الكِتاب مُعجبً بِه ونادمً لِقراءته

مُعجبً بِه لجعلي أعِيشُ أحداثه مُتناسياً كُل ماحولي بِابتسامةٍ بلهاء ..!

With You | YS ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن