الفصل العشرون

4.5K 184 18
                                    

استقلت شمس سيارة أجرة وهي تشعر بحزن شديد بعدما فشلت في تدبير ثمن العمليات التجميلية التي من المفترض أن تجريها شقيقتها حتى تستعيد شكل وجهها الطبيعي مرة أخرى.

خرجت الدموع من عيني شمس وهي تتذكر الحادث الأليم الذي تعرض له والدها الراحل عندما أخذ سمر لكي يشتري لها بعض الهدايا بمناسبة نجاحها وتفوقها في امتحانات الصف الأول الإعدادي ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان فقد انقلبت بهما السيارة واحترقت وتسببت تلك الحادثة في موت والد شمس وتشويه وجه وجسد شقيقتها التي كانت لا تزال طفلة صغيرة لا يمكنها أن تحتمل تنمر زملائها عليها.

عانت سمر كثيرا في دراستها بسبب حدوث هذا التشوه وسخرية الأولاد منها ووصفهم لها بالقبيحة المقززة وهذا الأمر دفعها للتفكير في الانتحار ولكن استطاعت شمس إنقاذها في اللحظة الأخيرة.

أخذت سمر تحاول إبعاد شمس عنها وهي تصرخ بقهر بسبب كلمات التنمر التي تتردد في أذنيها دون توقف وكأنها طنين سُلط عليها حتى يزيد من عذابها:

-"سيبيني أموت يا شمس، أنا مش عايزة أعيش تاني، كفاية عليا كل اللي شوفته في حياتي لحد دلوقتي".

احتضنت شمس شقيقتها وأخذت تبكي بشدة قائلة بإصرار:

-"أنا مش هخليكِ تتعرضي للتنمر مرة تانية؛ لأن تعليمك كله من النهاردة هيبقى منزلي ومش هتروحي غير على الامتحانات، وأنا بوعدك دلوقتي أني هشتغل أكتر من شغلانة عشان أجيب فلوس تتعالجي بيها وترجعي أحلى من الأول".

تمتمت سمر بيأس وهي تشدد من احتضان شقيقتها التي تسعى لحمايتها من قسوة بعض البشر الذين تجردوا من إنسانيتهم وصاروا يسخرون من معاناة غيرهم:

-"أنت بتضحكي عليا ولا على نفسك يا شمس، كل الدكاترة قالوا أن مفيش أمل في أني أرجع زي الأول".

وضعت شمس كفها على شفتي شقيقتها قائلة بحزم:

-''أنا مش عايزة أسمع منك الكلام ده تاني يا سمر، مفيش حاجة ملهاش علاج وأنا هدور وهلف على أحسن الدكاترة لحد ما نلاقي الدكتور الشاطر اللي هيعرف يعالجك".

وبالفعل بذلت شمس كل ما في وسعها واستطاعت بعد بضع سنوات التواصل مع طبيب ماهر أكد لها أنه بإمكانه مساعدة شقيقتها ولكن الأمر سيتطلب خضوع سمر لعدة عمليات وكل عملية سوف تحتاج إلى كثير من الأموال ولم تتمكن شمس من تدبير المبلغ الكافي لتغطية ثمن جميع العمليات التي من المفترض أن تجريها شقيقتها بدءا من الأسبوع القادم.

وصلت شمس إلى المستشفى التي يوجد بها الطبيب المسؤول عن علاج شقيقتها وذلك حتى تسدد جزءً من المصروفات بعدما وعدته أثناء اتصالها به أنها سوف تقوم بتسديد الجزء الباقي الخاص بأخر ثلاث عمليات قبل أن يحين موعد إجرائهم.

نظرت لها الموظفة باستغراب وقالت:

-"مصاريف إيه يا فندم اللي أنتِ بتسألي عليها؟! كل الفلوس اندفعت من يومين".

أوهام الحب الورديةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن