الفصل الرابع والثلاثون

4K 185 17
                                    

واصل عزام الغوص في بحور ذكرياته إلى أن وصل إلى الفترة التي استغرب بها جميع المحيطين به من تبدل حاله من الفقر إلى الغنى بهذا الشكل المفاجئ.

شعرت والدته حينها بالقلق الشديد وذات يوم انتظرت عودة ابنها من الخارج ووقفت أمامه تسأله بحزم:

-"اسمع يا عزام، أنا مش هسيبك ولا هسكت غير لما أعرف أنت جيبت الفلوس دي كلها منين؟"

ارتبك عزام قليلا فهو يعلم جيدا مدى صرامة والدته بشأن الأموال وأنها يجب أن تكون من مصدر حلال لا يوجد به شبهة حرمانية:

-"أنا اشتغلت مع سلطان في فندق بيجي فيه سياح كتير وهناك بناخد بقشيش كتير من الزباين ده غير أن بيكون لينا عمولة على حاجات تانية".

شعرت والدته بعدم الراحة بعدما جلب عزام سيرة سلطان وذلك لأنها عندما رأته للمرة الأولى أخبرها قلبها أن هذا الشاب ليس محترما على الإطلاق ولكنها كانت واثقة من تربيتها لابنها وتدرك أنه لن يخالف مبادئه ويسير في طريق الحرام.

استمر حال عزام على هذا الوضع لمدة أربع سنوات إلى أن تفوق على سلطان وصار هو الذراع الأيمن لزعيم تجارة المخدرات في المحافظة التي يقطن بها.

شعر سلطان بالغيرة الشديدة بعدما رأى بعينيه أن الشاب الساذج الذي أحضره قبل أربع سنوات إلى هذا المستنقع قد تفوق عليه وأصبح المفضل لدى الزعيم، وصار الجميع يحسب له ألف حساب.

عقد سلطان العزم، وبيت النية داخل قلبه، وقرر أن يتخلص من عزام حتى يستعيد مكانته لدى الزعيم وجميع التجار الذين كانوا يخافون منه قبل أن يحل عزام محله.

استغل سلطان ذات يوم فرصة تواجده بمفرده مع عزام داخل المقر الذي يجتمعان فيه مع بقية التجار، ثم حمل عصا حديدية وسار نحو عزام الذي كان يعطيه ظهره بخطوات بطيئة لم يشعر بها الأخير وكان على وشك أن يضربه بالعصا ولكن أوقفته تلك الرصاصة التي اخترقت قلبه.

التفت عزام فوجد سلطان ينزف الدماء وفي يده عصا حديدية ومن خلفه الزعيم يمسك مسدسًا وبرفقته اثنان من رجاله.

استطاع عزام أن يدرك ما كان سيحدث له إذا لم يصل الزعيم وينقذه في اللحظة الأخيرة.

أشار الزعيم لرجليه أن يحملا جثة سلطان كي يقوما بدفنها خلف المبنى، ثم تقدم نحو عزام قائلا:

-"أنا بقالي فترة كبيرة ملاحظ غيرة سلطان منك وعشان كده أنا خليته يحس أنكم لوحدكم وزي ما توقعت هو حاول يخلص منك بس أنا اللي خلصت عليه".

أشار عزام نحو نفسه هاتفا بصدمة:

-"أنت قتلت سلطان اللي كان مُخْلص ليك عشان خاطري!!''

ضحك الزعيم وأشار بسبابته اليمنى بعلامة تنفي كلام عزام قائلا:

-"سلطان مكانش مخلص زي ما أنت مفكر، هو كان بيلعب بديله كتير أوي وأنا كنت بعمل نفسي مش شايفه بس أنت يا عزام مختلف عنه وعندك ولاء ليا والدليل على كده أنك رفضت تبيعني لبيومي النورماندي لما هو عرض عليك تعمل كده مقابل الفلوس وعشان كده أنا خليتك دراعي اليمين".

أوهام الحب الورديةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن