المذكرة رقم (24) : ميلاد متكرر لشبح

67 1 0
                                    

مع بداية العام الجديد لا أخفيكم سراً عن مقدار الحيرة التي أجدني واقعة بها حيث لا أدري كيف اهنئ نفسي في عيد ميلادي هذا والذي توقفت عن احتساب عدده، ولأكون صريحه أهنئ نفسي على ماذا..!؟ بل إنها لرفاهية مبالغ فيها أن ينصب تفكيري في هذا التوقيت على تهنئة نفسي بعيد ميلادي، بدلاً من أن انصرف لما هو أهم في وجودي الطيفي على هذه الهزلية.

بدايةً دعني أطلعكم على هذه المعلومة الطريفة حيث أني سوف احتفل بعيد ميلادي هذا الأسبوع مرتين، مره بالتاريخ الهجري وأخرى بالتاريخ الميلادي على التوالي، ما يزيد الأمر غرابةً بأني سوف أكون أكبر من نفسي بواقع سنة عند الاحتفال بالتاريخ الهجري، ثم أعود لأصغرني بذات المدة ولكن بالتاريخ الميلادي.

عموماً لا شيء ذا أهمية عظمى، فقد قررت مسبقاً منذ قرابة سبع سنوات خلت بأن اعتبر نفسي مومياء، وها أنا ذا مومياء غير مرئية وبعبارة أخرى (أنا شبح).

وبماذا احتفل..؟

فكرت أن استعرض في باكورة مذكرات هذا العام، أحداث العام الماضي التي عايشتها، على طريقة S.W.A.T ولكن لم أجد في العصف الذهني السريع الذي أجريته أمراً ذا أهمية بالإمكان طرحه على محمل الجد أو حتى الهزل لا على الصعيد المهني ولا على الصعيد الشخصي، الهموم هي ذاتها والعقبات باقية لا تتزحزح، مع بعض المسرات الصغيرة التي لا تشغل بال أحد، لا شيء مهم ولا أهداف تلوح في الأفق، فقط مزيج من الأحداث العادية والخيبات المتوالية والكثير من جلد الذات مع بعض من البلادة المصحوبة بنوبات الانفصال عن الواقع مع سبق الإصرار والترصد.

وماذا الآن؟

لا شيء حرفياً.. تقريباً بت أكرر كلامي في بداية كل عام تزامناً مع عيد ميلادي، وكأنني جرامافون يصدح في زاوية متحف مهمل لا يزوره أحد.

حالياً أنا أعيش على كفاف يومي لأتجنب الهزيمة، ببساطة لا داعي للتخطيط المسبق لأي شيء فقط سأدع الأمور تسير كيفما اتفق، أعلم أني اخدع نفسي بهذا الكلام المكرر فمن اعتاد القلق محال أن يترك الأمور تأخذ مجارها بشكل طبيعي.

مبدئياً قررت منذ نهاية العام الفارط بأني سوف أعكف على قراءة 30 كتاب خلال هذا العام، وقد بدأت فعلاً كرنفال القراءة من أول أيام هذا العام، الأمر الآخر وعلى غير عاداتي إطلاقاً هو أني قررت الاحتفال بعيد ميلادي، وليس أي احتفال والسلام، بل هو احتفال تاريخي سيكون الإنتر شاهداً عليه من خلال حضوري لمباراته في كأس السوبر الإيطالي، أعلم بأنه سيخذلني ولكن هذا لا يهم صراحةً؛ فقط المباراة جاءت في التوقيت المناسب ووجدت الفرصة مواتية لحضورها و لأحتفل بنفسي في حضرة الإنتر (الذي لا يعول عليه).

عدا ذلك ليس هنالك مخططات كبرى، بل كما أسلفت في مذكرات أعياد ميلادي الثلاثينية التي خلت، بأن مجرد وضع جدول أعمال يومية بسيط والالتزام بما فيه لهو جميل وجدير ويكفي.

على أية حال وكما جرت العادة منذ عدة أعوام اختم حديث الذات هذا بالتهنئة التي اخترعتها لهذه المناسبة: كل عام وأنا مومياء قوية معتدة بذاتها تصل لما تريد.

يا عام لا تقرب مساكننا
فنحن هنا طيوف
من عالم الأشباح
يُنكرُنا البشر
ويفر منّا الليل والماضي
ويجهلنا القدر
ونعيش أشباحًا تطوفْ
نحن الذين نسير لا ذكرى لنا
لا حلم، لا أشواقُ تُشرق، لا مُنى
يا عامُ سرْ، هو ذا الطريقْ“

-من إلى العام الجديد، لـ نازك الملائكة.

مذكرات اخصائية اجتماعيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن