إن كنت تبحث عن تشكيلة متنوعة من الأقنعة غريبة المظهر، فلن تحتاج أن تكلف نفسك عناء متابعة مهرجان الأقنعة السنوي في البندقية (كرنفال دي فينيسيا) أو مهرجان (سانتو ستيفانو)، أو أن تحضر كرنفال ريو دي جانيرو الشهير..
بل كل ما تحتاجه أن تنظر حولك في محيطك، ولن تجد سوقاً أكثر نشاطاً وتنوعاً للأقنعة من محيط عملك، فإن كل يوم هو يوم مهرجان تبديل الأقنعة، كل ما عليك فقط هو أن تشاهد وتتعلم.
حديثي اليوم ليس خاص ومحدد؛ بل هو عام ومتشعب وقابل للتعميم على الحالات المماثلة أينما وجدت، حديثي اليوم عن تلك الشخصيات جامعة الطهر والعهر في آن، تفرش سجادتها وتشتم، تحمل مسبحتها وتغتاب، تصافح باليمين وتطعن باليسار، تلك الشخصيات التي يعج بها كل مجتمع ويزدحم.
حقيقةً لم أجد المصطلحات الملائمة ولا الأوصاف المناسبة لسرد المواقف المتوالية في استفزازها لكني سأطرحها حسب تسلسلها الزمني ولكم الحكم.
بدأنا..
استهل عرض الأقنعة الفريدة مع الموقف الذي عاينته وعانته إحدى الزميلات مع أحد تلك الشخصيات ممن هم محترفين في لبس الأقنعة.
عنوان هذا القناع (كولومبينا)
حيث كانت زميلتي (لين راسيل) وكما اعتادت، تحمل الكلام على وجه واحد، تعتقد الصدق فيمن يحدثها، وتحسن الظن، وكانت تلك الشخصية ذات الأقنعة المتعددة (أورورا) كما أُسميها، تملك أطناناً من الطاقة الإيجابية الزائفة، تلك الطاقة التي تأجج فيك الرغبة الكامنة لأن تقطع شرايينك أو ترمي بنفسك في وادي سحيق.
كانت على الدوام تتحدث وكأنما هي الماما تريزا، هي التي تهتم بحالة جميع مرضى المستشفى النفسية والاجتماعية والاقتصادية، بل بلغ فيها الحد أن كتبت في إحدى تقاريرها الشهرية ذات مرة أنها غطت 700 حالة خلال شهر واحد، بينما الطاقة الاستيعابية للمستشفى 700 سرير فقط..!!
بالنسبة لي فقد اكتسبت المناعة ضد هذه العينات ولم أكن أصدق كل ادعاءاتها بل لم أكن أستسيغها من الأساس؛ لكن زميلتي لين لم تأخذ العبرة من أفعى الأناكوندا سالفة الذكر وكانت تُعامِل كل شخصية على حدى، فكانت أورورا تتلوا الكذبات على لين تباعاً ودونما وجل فتارةً تدعي أنها لا يهدأ لها بال حتى توصل المريض للجهات التي تخدم حالته وتتأكد من حتمية حل مشكلته، وتارة تزعم أنها تركت ما في يديها وعادت للمستشفى عقب انتهاء دوامها فقط لأنها لا تستطيع انتظار اليوم الموالي لتحل مشكلة المريض، وتارة تحلف وتقسم أيماناً مغلظة أنه لا يهمها شيء سوى المريض ومصلحة المريض وراحة المريض، وكل ذلك حقيقةً من باب الكذب الجُزاف والادعّاء الصرف في سرد الأوصاف.
وعندما تم إعادة هيكلة القسم، تم تبديل قسم لين بقسم المدعية أورورا التي طلبت حينها من لين أن تتجاهل التوزيع الجديد وأن تبقى كلاً منهما على قسمها، وحينما أخبرتها لين بأنها لن تتصرف من تلقاء نفسها طالما أن المدير لم يسمح بإبقائهم على أقسامهم السابقة، ما كان منها إلا أن تتظاهر بالجنون، حيث أصبحت تُدخل دراسات الحالة لمرضى قسمها السابق على النظام دونما أي متابعة واستمرت على ذلك حتى اكتشفتها لين بالمصادفة، وعندما واجهتها..
قالت باستخفاف: نسيت..
وأردفت: كل الحالات ليس لديها احتياجات، وأنا أعرفها مسبقاً لذلك أدخلها دون متابعة من باب التعود، غفر الله لي..
![](https://img.wattpad.com/cover/213292479-288-k106963.jpg)
أنت تقرأ
مذكرات اخصائية اجتماعية
Fiction généraleهنا سرد لليوميات العادية لاخصائية اجتماعية بسيطة، في محاولة لاستعادة التوازن في كل يوم.. ومواجهة كل التحديات بصدر رحب.. هنا أنا: من يواسي نفسه.