وقف الألفا بصمت يخالف أعاصير مشاعره الهائجة التي ألقت به في دوامة من رياحها العاتية في هذه اللحظة التي حملت له هذه المعجزة المباركة أخيراً.. بصمت يخالف بركان أحاسيسه الثائرة التي تمردت على أبدية خمودها لتنطلق حممها اللاهبة وتحرق كل من يتجرأ على حرمانه من هذه الهدية المقدسة لعودته.
بصمت يخالف كل تلك الأمواج العالية التي أصبحت تتلقفه في فيضان محيط عواطفه لتغرقه في قاع ظلامها وتعيد إحيائه لأنه هنا حقاً.. بصمت يخالف الضجيج الذي استحل عقله الفارغ فجأة من كل شيء عدا فقط عن....
من تكون؟
هذا السؤال الذي طرحه الأوميغا بالكاد منذ بضع ثوان قليلة، لكن آلاف الطعنات القاتلة التي جاءت محملة بسهام تلك الكلمتين أصبحت تنزف في روحه المبعثرة.. هذا الوجع الخام الذي أحرقه مجدداً في جحيم عذابه المألوف حيث هو مع الحزن والشجن والمرارة والألم وحدهم.
كان يعلم.
هو يعلم بأنه لا يملك الحق بالبكاء أو الصراخ أو الغضب وحتى بالانتحاب.. هو لا يملك الحق بالرفض أو التمرد والعصيان.. هو لا يملك الحق بالمجادلة أو الإلحاح والإصرار.. هو لا يملك الحق بالذهول أو الصدمة والاستنكار.. هو لا يملك الحق بالأسى أو حتى بخيبة الأمل والانكسار.
هو لا يملك الحق بالشعور بأي شيء عدا الامتنان بكل ذرة من وجدانه.. عدا الشكر بكل خلية في قلبه.. عدا البهجة والسعادة والرضى لعودة من لم يكن له يوماً.
هو لم يكن بحياة الأوميغا في المقام الأول.. هو لم يكن صديقه.. لم يكن حبيبه.. لم يكن شخصه المقرب والأشد ألماً من كل ذلك بأنه لم يكن رفيقه.
هذه هي الحقيقة المجردة.. هذا هو واقعه البشع الموجع.. هذا هو قدره الذي يعرفه جيداً وقد حلت لحظة مواجهته ولا مهرب له منه.كل ما كان عليه بحياة جيمين مجرد رقم مهمش زائد في قائمته الطويلة لذلك الجنس الذي يكرهه.. كل ما كان عليه مجرد شبح مر طيفه في حياة الأوميغا ذات ليلة واحدة مؤلمة وتفاصيلها ممحية من ذاكرته.. كل ما كان عليه مجرد صفحة مهملة مغبرة قد مزقها من كتاب حياته.
ومع ذلك، فخلال كل تلك الأشهر الماضية القاسية الأبدية كان الألفا يحيا فقط على أمل واهم.. على أمنية مستحيلة.. على صلاة بعيدة بأن تكون ردة فعل الأوميغا على رؤيته مختلفة إن جاء ذلك اليوم الذي كان يتوسل إليه بيأس واستيقظ به أخيراً من سباته الطويل الأليم.
وهو قد فعل.. الأوميغا ينظر إليه الآن.. هذه المعجزة الحية التي أمضى كل تلك الليالي ودعوات قلبه المحطم لم تتوقف ولو حتى لدقيقة واحدة قد جعلت الآلهة أخيراً تتلطف بعطفها وتتنزل برحمتها وتتنعم برعايتها عليه لأن جيمين قد عاد إليه.
أنت تقرأ
لازورد
Fanfictionما بين التاريخ المبهم والحاضر المربك.. ما بين ألم الواقع وأمل الخيال.. ما بين متاهات العقل الرافض العنيد ورغبات القلب اليائس الوحيد.. ما بين صمت الوعي وصراخ اللاوعي يخوض الأوميغا فوضوية اضطرابه وعبثية تلاشي ذاته في جحيم صراعه الخاص للبحث عن الأنا ال...