الفصل الرابع: المشهد الأول

9.1K 429 1.5K
                                    

"لا بد بأنك متعب". قال سونغ هيون بينما يطفئ المحرك في مواقف السيارات التابع للفندق.. كان قد أخذ جيمين منذ الصباح الباكر لتبدأ رحلتهما الطويلة من سيول والتي استغرقت ما يقرب من أربع ساعات نحو مقاطعة جيونغ سانغ نام الجنوبية حيث يقع جيريسان أشهر وأكبر منتزه جبيلي وطني في كوريا.

هذا الجبل المهيب والذي يمتد محيطه لأكثر من ثلاثمائة كيلو يُعتبر موقعاً مثالياً لتصوير الفيلم حيث الغابات الكثيفة بأشجارها الضخمة المتنوعة وألوانها الخريفية الجميلة بالإضافة إلى مجرى العديد من الوديان بمياهها الصافية النقية والأكثر من ذلك انتشار أكثر من عشرين سلسلة من التلال الشاهقة والمنخفضة.

بالطبع لم يكن من السهل الحصول على جميع التصاريح المطلوبة من الجهات الحكومية لكون هذا الجبل كنزاً وطنياً ومع ذلك، فور أن اكتملت تلك الإجراءات الروتينية بدأت شركة الإنتاج بدفع مبالغ طائلة نظير تجهيز المواقع المختلفة التي ستقع بها أحداث الرواية سواء من مقرات الحكم لملكيّ القبيلتين أو الأكواخ التي ستتضمن مشاهد العائلات أو الكهوف الذي ستقع بها مشاهد محورية مهمة لعلاقة البطلين ومجرى القصة.

كل هذا بالإضافة للمكتبة الضخمة المهيبة والغابة المقدسة الزرقاء حيث تقع مساكن عشيرة السحرة مع البحيرة الوردية الاصطناعية.
انتاج عمل ملحمي بهذا الضخامة كان يتطلب تجهيزات مسبقة وأموال جمة، لكن كل تلك المواقع الجميلة سوف تتطلب أيضاً فريقاً محترفاً بالمؤثرات البصرية السينمائية والتي سوف يكون له الدور الأكبر لاحقاً في إضافة لمساتهم الساحرة الفنية لإبراز سحر الغابة المقدسة تحديداً حين ينتهي تصوير الفيلم وتبدأ عملية المونتاج.

"ليس بقدر تعبك، هيونغ". رد جيمين دون أن يكون قادراً على إزاحة عينيه عن الجبل الممتد بشموخ وعزة وقد لون البياض قممه الثلجية بالفعل.
جبل الغرائب والحكماء.
هذا ما يعنيه اسمه لأن الرهبان في سالف الأزمان كانوا يعتكفون به طلباً للوصول إلى أعلى درجات الاتحاد مع ذواتهم العليا وسلامهم الروحي.

فكر الأوميغا في نفسه ليخرج تنهيدة صغيرة من تلك الفكرة التي بدت بعيدة عنه ومستحيلة له.. سلام روحي.. تقبل وتجاوز.. سمو وارتقاء.. تسامح وغفران.. كل ذلك سيتطلب منه التحرر من براكين الغضب والعداء والكراهية المشتعلين بقلبه تجاه والده.. تجاه مجتمعه.. تجاه ذلك الجنس اللعين للألفاز.. تجاه العالم بأكمله وربما حتى.. تجاه نفسه.

أغمض عينيه وأخذ نفساً عميقاً محاولاً طرد تلك الأفكار والمشاعر عديمة الأهمية بالوقت الحالي.. هو هنا.. هو حقاً هنا وليس بجسده فحسب بل بكامل كينونته وخلايا وجدانه وتركيزه الكامل خلال الأسابيع المقبلة يجب أن ينصب على ذلك الأوميغا التاريخي الساحر وحده.

لازوردحيث تعيش القصص. اكتشف الآن