الفصل الثاني: معضلة الإختيار

10.9K 489 1.5K
                                    

"جيمين...". همس صوت مألوف ناعم في ذهن الأوميغا النائم. "جيمين استيقظ". قال الصوت ليتململ على سريره للحظات قبل أن يخرج زمجرة متذمرة عندما ظهر رنين هاتفه المزعج ويمد يده بنعاس متثاقل كي يلتقطه من فوق المنضدة الجانبية.

بنصف عينيه المغمضتين رأى بأن المتصل هو مدير أعماله لذا زفر نفساً مستاءً من ازعاج نومه الذي بالكاد قد انجرف إليه منذ بضع ساعات قليلة. "ماذا تريد؟". كان أول ما سأله عندما فتح الخط بنبرة خشنة جافة.

"ألا زلت نائماً؟". سأله سونغ هيون بالمقابل متفاجئاً. "هل تعلم كم الساعة الآن؟".

"لقد سهرت حتى الصباح وأنا أقرأ الرواية وبالكاد نمت قبل قليل".

"جيميناه". بدأ البيتا وهو يخرج تنهيدة صغيرة. "أعلم بأن هذا الدور مهم جداً بالنسبة لك، لكنك بالفعل قد قرأت الحبكة والسيناريو لألف مرة وأنت مستعد تماماً لأداء شخصيتك، ولهذا فلا يتوجب عليك أن تضغط على نفسك إلى هذا الحد، خاصة لأن الأسابيع المقبلة سوف تحمل معها جهداً ومشقة كبيرين من ساعات تصويرك الطويلة وعليك أن تعتني بصحتك وأن تنام جيداً كي تكون قادراً على تحملها".

"أتفق مع كلامك، لذا دعني أكمل نومي ولا تزعجني باتصالاتك مرة أخرى". أخبره جيمين وهو يستعد لإغلاق الخط.

"انتظر!". ظهر صوت مدير أعماله ليتوقف جيمين ويخرج زمجرة ممتعضة أخرى. "أخمن بأنك لم تتناول طعام غدائك بعد، أليس كذلك؟ أنا الآن بالخارج لتأدية بضع مهام لكني سوف أشتري لك وجبة شهية وأحضرها على الفور".

"هيونغ.. الثلاجة لدي ممتلئة بالفعل بكل أصناف الأطعمة وسوف أكل عندما استيقظ، لذا لا داعي لحضورك ودعني أنام فقط!". أخبره بنبرة نهائية قبل أن يغلق الخط غير آبه بسماع رده حيث ألقى بهاتفه جانباً وشد الغطاء بإحكام فوق رأسه لينجرف مرة أخرى إلى منامه.

بالكاد مرت بضع ثوان لكنه فتح عينيه فجأة على السواد الذي أحاط به ليرمش في عتمة المكان الغريب عنه قبل أن يبدأ المشهد بالوضوح ويدرك بأنه يقف في منتصف غابة شاسعة مترامية الأطراف من كل جانب وعلى مد النظر.

الأشجار الضخمة الشاهقة كانت تعانق السماء وأوراقها الخضراء الكبيرة تكاد تحجب أشعة الشمس من خلفها.. الأرض مفترشة تحت قدميه ومن حوله بشتى أنواع النباتات الزهية والورود الجميلة التي لم يكن قادراً على حصرها أو حتى التعرف على بعض أسمائها، لكن أكثر ما أسر كيانه هي تلك الورود الزرقاء البرية والتي أضافت رونقاً فاتناً على المشهد الساحر الذي سرق قلبه وأغرقت بعبيرها الزكي خلايا وجدانه.

كان يشعر وكأن جسده المادي لم يعد يحمل وزناً حيث خطواته الخفيفة أصبحت تحثه للسير فوق هذه السجادة الزرقاء وعلى طول الممر الخلاب العطر بينما تستمتع أذنيه بأصوات الطيور المغردة وتدفق الشلالات البعيدة حتى تكشف دربه على رمال بيضاء كالياقوت الذي عانق بلمعانه أطراف بحيرة مالت مياهها الصافية النقية للون زهري ناعم.

لازوردحيث تعيش القصص. اكتشف الآن