حديـقة موحِشة

470 61 42
                                    

- يونجون -







إن هذه الأيام تزدادُ صعوبةً وتعقيدًا. طغى الضبابُ وصِرتُ لا أرى شيئًا واضِحًا، تأرجحتُ مئات المرات في أرجوحة القـلق والمنامات التي هرب النومُ الهانئ منها...حاولت أن أرسم جميع الاحتمالات المستقبلية وحتى الآن جميع ألواني شفافه.

أشعرُ اني انتصفتُ تمامًا...وبغض النظر عن جسـدي، فنصفُ عقلي وتفكيري في سانت كاليه، هناك في البيت. مهما حاول الجميع طمأنتي أعرف اني لن ارتاحَ حتى أذهب بنفسي، عندما يكون الموضوع يخصُ فرانس... لا استطيع أن اثق بأكثر الناس قدسيةً وصدقًا.

لا خيار امامي

لازمني سُـوبين كالظّلِ وتلاشت أوقاتُ وحـدتي بصحبته، أراهُ حقًـا... يـبذل جُهده في مُساعدتي بأفعالٍ أو حتى كلمات—تخرجُ منه خاطِّئة في بعض الأحيان، لكن شيءٌ ما لا يستقيمُ صحيحًا، لستُ أدري لِما تزورني نوباتُ المشاعر المتضاربة، إني في وقتٍ استاء حينما يُساعدني كأني مُذنب وأجهلُ ذنبي، عبءٌ يسقطُ على عاتقي ولا أعرِف كيف أُخففه. وفي وقتٍ آخر تهـيجُ روحـي برؤيته وحينها أغضبُ على نفسي كثيرًا، انا لستُ شخصًا مُتناقِضًا ولكني أكادُ أُجن بين نارين من شخصٍ واحِد ..

توقعتُ منه أن يُزعجني بصوتِ ألڤيس لكنه خرج من عادتِه وشاركني تِلك الأغنية الهادئة وكأنها تُعلن دخـول فصل الشتاء، ازدادت مُهجتـهُ عُـذوبةً عندما غنّى معها وهي بلا شكٍّ تربطـهُ بذكرى مـا...
حدّق بي طويـلًا لدرجة اني ظننتهُ في حلم يـقظة وحواسه ليست معه، من الذي حـضر في بِال سُوبين وتركهُ يسـترِق لهذه الدرجة ؟! أيكونُ ذاكَ فتى بيت الشجرة ... لكني لا أتذكر حقيقة الأمرِ، أكان الأمرُ حقيقةً أصلًا أم بالفعل مُجرّد شائعـة اشعلت غضب والِده—يعتريني الفُضول... لم أشهده أبدًا بهذه الشفافية أو حتى التسليـم المطلق. لا أدري كيف تكون محبّة شخصٍ بعُمقٍ ورّقة كالعُمق الذي كان في نـظرته والرّقة التي تركتهُ يطفو وينجرف بعيدًا عني، لقد حلّق ونسى عيناه تنامان في عيني طوال الأغنية.

لقد كانت أغنية جميـلة صافية ... لو لم يُفسدها سوبيـن

فكرتُ بإتخاذ القرار مليًّا وعلمتُ شيئًا أكيدًا واحِدًا وهو اذا كان علي تجرّع خيبةَ أملٍ جديدة فسأتجرعها وحـدي فقط. أخبرت دافني بموافقتي في رؤية الطّبيب عمها شريطة أن يبقى الأمرُ سّرًا بيننا نحنُ الثلاثة ولن أبوح بأي شيء للأصهب أو حتى رافاييل. سـأقول اني رفضتُ رؤيتـه، لن أرفع سقف توقعاتي أكثر وانتهى الأمر.

أعلم انهم سيحاولوا مواساتي وتخفيف الأمر— لو كان سيئًا عليّ ومع هذا لا ارغبُ بأن أُنعش الحادثة علينا جميعًا... إني مستعدٌ لأي خبرٍ سيء سيخبرني بِه، كما قال سُوبين؛ سأنجو من بضع اخبارٍ سيئة فقد نجوتُ من أكبرها صدمةً وألمًا ... كلّفتني النصف ولكني نجوتُ، نجوتُ.

رقصة جنية السـكرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن